توفر مدارس وجمعيات مختصة في صناعة الحلويات مع نهاية رمضان، دورات و ورشات تكوينية مختلفة، يقبل عليها متربصون من الجنسين لتعلم إعداد الحلويات التقليدية والعصرية، و لإتقان أسرار هذا الفن الذي تمتزج فيه النكهات بالألوان الزاهية، والأشكال الإبداعية المتقنة كما يتوجهون إليها لاكتساب خبرة تساعدهم على إنشاء مشاريع توفر طلبيات متنوعة للزبائن لإحياء مناسباتهم.

إيناس كبير

وتنشد نساء على وجه الخصوص، الإبداع في تحضير حلويات «سينية العيد» راغبات في رسم لوحة إبداعية بأشكال متناسقة تأسر العين، بدءا بالحلويات التقليدية على غرار «البقلاوة، الغريبية، والطمينة بأنواعها» وصولا إلى الحلويات العصرية و المربى بمختلف نكهاته، وهو تكوين يتم استغلاله لاحقا في ولوج عالم الحرف و لما لا المشاريع المصغرة عن طريق افتتاح محلات أو رشات لصناعة وبيع الحلويات.
البحث عن الخبرة والتميز بهدف التوفير الاقتصادي

تقول رئيسة جمعية الفردوس للصناعات التقليدية، والمدربة في مجال صناعة الحلويات، آسيا بن شيخ، إن جمعيتها تحرص على برمجة ورشات في آخر أيام رمضان، يطلقون عليها «سينية العيد» لإعطاء فرصة للنساء لتعلم مهارات جديدة، خصوصا وأن بعضهن موظفات أو طالبات لا يجدن متسعا من الوقت لاكتساب خبرة في هذا المجال، وأضافت بأن المتقاعدات أيضا وربات البيوت يجدنها مناسبة لقضاء الوقت في نشاط مفيد.
وتختلف دوافع النسوة في الالتحاق بمدارس وجمعيات تعلم الحلويات وفقا لما أعلمتنا به بن شيخ، فكل فئة تبحث عن غاية معينة و لذلك تبرمج دوراتها بحسب المستوى و الخبرة وعلى هذا الأساس أيضا تحدد مدة التكوين، وذكرت بأن بعض النساء يسجلن في قوائم التدريب لتجاوز مشاكل يعانين منها خصوصا ما تعلق بعدم معرفتهن بأسرار تساعد على تحقيق نتائج ناجحة، على سبيل المثال «طلاء المخبز» أو تحضير «المقروض والغريبية»، وبحسب المدربة فإن مدة تدريبهن تمتد من يومين إلى ثلاثة أيام، أما اللواتي لا يملكن تجربة سابقة في صناعة الحلويات فيتدربن لمدة ستة أشهر، وأردفت بأنها تجمع في الورشة بين التقليدي والعصري تماشيا مع متطلبات السوق.
من جانبها تقول مكونة وصانعة الحلويات، ريم لعيدلي، بأن هناك نساء يفضلن إعداد حلوياتهن بأيديهن ويبحثن عن نتائج مرضية في ذلك، وعلقت «بدل أن تشتري أنواعا جاهزة وتكون باهظة الثمن نوعا ما، توفر المبلغ وتسجل في مدرسة متخصصة لتعلم حرفة تساعدها مستقبلا في إنشاء مشروع مربح».
وأضافت لعيدلي « العيد بمثابة فرصة لهن للتعلم خصوصا وأن هذه الفترة تتميز بظهور أنواع حلويات جديدة، وهذا ما يدفع حرفيات أيضا للتسجيل مرة أخرى في الورشات لإتقان طريقة صنعها».
الحلويات التقليدية أساس التكوين والتنويع تماشيا مع السوق
وقالت صانعة الحلويات، بأن برامج الورشات في المدارس تختلف حسب مراد كل امرأة، كما أن تنوع صينية العيد التي توضع فيها ثلاث أنواع عصرية وثلاثة أخرى تقليدية، يفرض أيضا توفر عدة مساقات في الورشة، وذكرت تعليم المتربصات الأنواع الأساسية وتكون تقليدية، فضلا عن برمجة ورشة للحلويات العصرية فقط، وأخرى تجمع بينهما فيما تخصص ورشة  كاملة لصناعة حلوى البقلاوة.
وتعتبر المتحدثة ، تعلم صناعة الحلويات التقليدية قاعدة لإتقان الأصناف العصرية، وتابعت بأن الاهتمام بتعلم صناعة الحلويات التقليدية تضاعف في السنوات الأخيرة قائلة «عندما أشرف على ورشات في مدارس خارج ولاية قسنطينة، أضطر لرفع العدد في قائمة التسجيل فوق المتفق عليه» وعبرت بأن الحلويات التقليدية ما تزال تتربع على العرش بفضل نكهتها اللذيذة وبساطة مكوناتها خصوصا في العيد حيث يزيد الطلب عليها، من جهة أخرى، قالت صانعة الحلويات، بأن الأنواع القسنطينية تعرف شهرة واسعة ويميل إليها الناس وأرجعت ذلك إلى جمال شكلها في الصينية ولذتها.
من جانبها، أشارت صاحبة جمعية الفردوس للصناعات التقليدية وصانعة الحلويات آسيا بن شيخ، إلى أن زبائنها ما يزالون يفضلون الحلويات التقليدية في عيد الفطر على غرار «المقروض، الغريبية البيضاء أو غريبية الكاوكاو، البقلاوة وطمينة اللوز، وصابلي»، بالإضافة إلى المربى.
متدربات تحولن إلى صاحبات مشاريع
وبحسب ريم لعيدلي، فإن مدارس وجمعيات تعلم الحلويات كان لها الفضل في تكوين فئات مختلفة، فضلا عن تخريج صاحبات مشاريع، موضحة بأنها تبقى على تواصل مع متدرباتها بعد الورشة و تتابعهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يرسلن لها الحلويات التي يصنعنها فتجدهن أتقن الحرفة بعد أن كن لا يملكن أية خبرة سابقة.
وتابعت، بأن سر التعلم السريع يكمن في التركيز مع المكونة أثناء الحصة وتطبيق نصائحها، خصوصا ما تعلق بتقنيات صناعة الحلوى حتى يتمكن الفرد من إنجاح الوصفة، كما تنصح لعيدلي اللواتي يردن إتقان هذه المهارة بالتجريب وعدم الاستسلام في حالة لم تنجح الوصفة من أول مرة.
وأضافت آسيا بن شيخ، بأنها تحرص على زيادة الشغف بالمجال لدى متربصيها، فتبسط لهم طرق إعداد الحلويات مانحة إياهم أساليب لتوفير الوقت، وإعداد نوعين في آن واحد، فضلا عن أسرار أخرى تحقق لهم نتائج مضمونة من ناحية الذوق والشكل، فضلا عن تحبيبهم في الحلويات التقليدية التي وصفتها بأنها تاريخ يجب أن يحافظوا عليه، ولأجل تعريفهم بقيمته تسرد عليهم قصة كل حلوى وكيف كانت تُصنع في المطابخ القديمة، كما نصحت الأشخاص الذين يعتزمون تعلم صناعة الحلويات بالتوجه إلى مدارس معتمدة.
تعلمت أسرار صناعة الحلويات وطبقتها في مشروعي
أخبرتنا كوثر حرفية وصاحبة مشروع، تخصصت في صناعة الحلويات العصرية والتقليدية بعدما تلقت تكوينا في مدرسة خاصة، بأن التسعة أشهر التي قضتها هناك مكنتها من اكتساب خبرة، وتطوير هوايتها حيث كانت شغوفة بالحلويات منذ صغرها وكانت تبادر لإعدادها مع والدتها، وتجد محدثتنا، في الحلويات عالما خاصا كما عبرت، لذلك سجلت في مدرسة حتى تبحر أعمق في هذا المحيط الواسع الذي تشعر فيه بالسعادة خصوصا عندما تعد طلبية تنال إعجاب أقربائها وزبائنها.
وأردفت الحرفية، بأنها تعلمت الكثير من التقنيات في مدرسة الحلويات واستطاعت اكتساب خبرة من ورشات متنوعة كانت تحضرها، أين تعلمت الحلويات التقليدية مثل «المقروض، البقلاوة»، وأصبحت ملمة بأسرارها مضيفة بأنها أصبحت متمكنة لدرجة معرفة سبب نجاح أو فشل أية وصفة وكيفية التحكم في الفرن بدقة.
فضلا عن تعلمها لإعداد الحلويات العصرية، وأعلمتنا كوثر بأنها بمجرد أن ترى قطعة الحلوى تعرف مكوناتها وطريقة صنعها، ناهيك عن المهارات التي اكتسبتها في صناعة جميع أنواع المربى، وعن تقسيم الورشات أفادت، بأنها كانت تتدرب مرة في الأسبوع وفي كل حصة تتعلم  طريقة إعداد حلوى تقليدية ومربى.
وقد ساعدت هذه الورشات وفقا للحرفية في إطلاق مشروعها في مدة وجيزة والنجاح في تقديم نفسها كصانعة حلويات ماهرة، تقول بأنها تحاول دائما إسعاد من يتربصون لديها، من خلال مواكبتها لكل جديد في مجال صناعة الحلويات، وفي الوقت نفسه لا تستغني عن نصائح والدتها التي توجهها، وعبرت كوثر بأنها تحلم بتوسيع مشروعها وفتح محل خاص حيث يستطيع الزبائن زيارته والاطلاع بأنفسهم على مختلف الأنواع التي تحضرها.

الرجوع إلى الأعلى