يتزايد الإقبال على محلات وصالونات الحلاقة الرجالية قبيل العيد، ليصل إلى الذروة في الليلة الأخيرة، ففرحة استقبال المناسبة لا تكتمل إلا بمظهر لائق وأنيق، ومع تطور أساليب الحلاقة وزيادة اهتمام الشباب بجمال الشعر، اعتمدت صالونات على أجندة مواعيد مسبقة للتحكّم في العدد، مع اقتراح تخفيضات لبعض الخدمات ومواد العناية بالشّعر والوجه تماشيا مع الإقبال عليها.

إسلام قيدوم

وترتفع حمى العناية بالمظهر مع اقتراب الموعد، وهو ما أكّده عدد من الحلاقين الذين زرنا محلاتهم خلال اليومين الماضيين، مع الإشارة إلى أنّ الزبائن يحرصون على تأخير عملية الحلاقة حتى تبدو «جديدة»، وهو تفكير تشترك فيه الغالبية ويكون سببا في الاكتظاظ الذي يطبع آخر 48 ساعة.

وذكر عيسى، وهو حلاق بأحد أشهر الصالونات بوسط مدينة قسنطينة، أنّ دوام عمله مع بداية شهر رمضان ينطلق على الثانية زوالا، فيما يمتنع عن العمل في أول أسبوعين من رمضان خلال الفترة الليلية، بسبب الإقبال الضعيف للزبائن، قبل أن يضاعف ساعات دوامه في الأسبوعين الأخيرين، حيث يقول إنّه يظل معتكفا على عمله إلى غاية الساعة الثانية بعد منتصف الليل، لافتا أنّه كان في السابق يعمل لساعات متأخرة وقد وصل الأمر أحيانا إلى الاستمرار إلى غاية الإفطار داخل المحل، غير أنّ برنامجه تغيّر بعد أن صار متزوّجا.

وذكر حكيم وهو حلاق بذات الصالون، أنّ المحل يظل مفتوحا طيلة اليوم السابق للعيد، أين يعمل العمال وعددهم 6 على الاهتمام بالزبائن طيلة الليل ويستمر الأمر بل ويمتدّ النشاط إلى غاية منتصف نهار أول يوم من العيد، حتى يتسنى للجميع الحصول على حلاقة جيدة.
حل بسيط لتجنب الفوضى
ولتجنب الفوضى التي ترافق أوقات الذروة، اهتدى حلاقون وأصحاب صالونات رجالية إلى أخذ موعد مسبق سعيا منها لتنظيم العملية، حيث يقترح محل بعين سمارة، على زبائنه أخذ مواعيد مسبقة مع اختيار الخدمة المطلوبة، وذلك عبر التواصل عن طريق صفحة الصالون على «فيسبوك».
وأوضح الحلاق، أنّ المحل قرر اعتماد هذا الأسلوب ليسهل المهمة على الزبائن القادمين من أماكن بعيدة، حيث تتم العملية من خلال الاتصال برقم الهاتف الموجود على صفحة الصالون، لتحديد التسريحة والخدمة التي يرغب بها الزبون، وبعد ذلك يتم الاتفاق على اسم الحلاق الذي سيهتم بالمعني، خصوصا وأن الصالون يقدم خدمات متعددة ويضم عددا من العاملين يختص كل واحد منهم في مجال معين، لذلك تسمح هذه الطريقة بتنظيم النشاط، و تسجيل اسم الزبون ورقم هاتفه وكذا تاريخ الموعد وساعته بما يسهل العمل.
أما حلاق عيسى، فقال إنه عن فكرة أخذ مواعيد مسبقة وهي المنهجية التي كان الصالون يعمل وفقها، لسبب أنّ الحلاقة يتعذّر عليه في بعض الأحيان، لسبب أو لآخر الالتزام بالموعد المحدّد، فيجد الزبون نفسه مضطرا للانتظار لساعات، ما جعله يعتمد على وعي زبائنه من خلال الالتزام بالترتيب.
عروض خاصة بالعيد  
وتعرف الصالونات إقبالا ملحوظا على مواد العناية بالشّعر وتحسين المظهر على غرار «كيراتين» و «بروتين» وقناع «تنقية البشرة»، وتشجّع على ذلك التخفيضات التي تقترحها محلات الحلاقة الرجالية تماشيا مع المناسبة، حيث يلعب أصحابها على هذا الوتر لمعرفتهم أنّ استخدام هذه المواد مكلف وغير مهم في الأيام العادية.
ويقول الحلاق عيسى، إنّه أقر تخفيضا بقيمة 500 دينار عن تكلفة كل منتج للعناية بالشعر أو تحسين المظهر، إذ أنّ سعر الحلاقة العادية على مستوى المحل يقدّر بـ 400 دينار، و يرتفع كلما زادت قيمة منتج العناية فتكلف الحلاقة مع تسريح الشعر 600 دينار مثلا.
كما خفض محدثنا، تكلفة استعمال مادة «الكيراتين» إلى 1500 دينار عوضا عن 2000 دينار، أما بالنّسبة لمادة «البروتين» فأصبح سعرها 2500 دينار بعد أن كان 3000 دينار، فيما تحدّدت تسعيرة قناع تنقية البشرة بـ 500 دينار، وعند القيام بهذه العملية ومختلف الخدمات التي تشتمل عليها تصل التكلفة إلى 2000 دينار، مع بقاء سعر الحلاقة العادية على حاله وهو 400 دينار، لافتا إلى أنّ آخر تحديث للسعر تم منذ حوالي عامين نظرا لارتفاع أسعار المنتجات المصاحبة للعملية.
وأضاف الشاب، أنّ هذه الأسعار مدروسة ومعقولة تأتي تماشيا مع موجة التحسين والاعتناء بالمظهر استقبالا لعيد الفطر، وبالنّظر كذلك إلى نوعية المنتجات الأصلية المستخدمة، موضحا أنّ الصالون يحرص على خدمة الزبائن بأحسن الطرق والاهتمام بصحّتهم وهو ما يتطلّب توفير منتجات ذات جودة منشؤها الأصلي دول أوروبية، فضلا عن المنتجات التركية، مع تجنب استخدام المواد الرخيصة لأنها لها أضرارا على صحة الزبون مضيفا بأن سعر الخدمة يتحدد بسحب قيمة المنتج.
 وحذر، من أن هناك صالونات تستخدم بعض المنتجات غير المعروفة ولا المضمونة ومجهولة المصدر، ولذلك تكون رخيصة الصمن، مؤكدا بأنه يتعين على الزبون الانتباه لصحته لأن فارق السعر سيدفع لاحقا لأجل العلاج، إن لم يتعرض الشعر أو البشرة للتلف والضرر.
وتحدث كذلك، عن أهمية التكوين في المجال ومعرفة كيفية استعمال هذه المواد، لأنّ رواج هذه الحرفة في السنوات الأخيرة خلف نوعا من المنافسة حسبه، بحيث أصبح البعض يمتهنون الحلاقة دون تكوين سليم.
الحلاقة العصرية غيّرت مفاهيم المهنة
وقد تغيّرت مفاهيم مهنة الحلاقة في السنوات الأخيرة بالمقارنة مع ما كانت عليه في السابق  على حد تعليق محدثنا، إذ أصبح هناك ما يعرف بالحلاقة العصرية، و صار المصطلح مصاحبا لتطوّر الحرفة في مختلف جوانبها، كما أصبح للزّبون اهتمام بجوانب أخرى تتجاوز تسريحة الشعر البسيطة، على غرار اللحية وما يصاحبها من إبداع في كيفية رسمها، بالإضافة إلى المنتجات التي تستخدم للاعتناء بالشّعر وتحسين المظهر، وهناك محلات حسبه، استحدث «دوشا» خاصا للزبائن و هذا دليل على تطوّر مستوى الخدمات.
 وأرجع عيسى ذلك، إلى توفر المواد و الوسائل في الوقت الحالي مع ظهور السوق الإلكترونية و تطور التجارة، ناهيك عن التأثير الكبير لوسائط التواصل على ثقافة المستهلك والتاجر معا، علما أنه يتجنب في محله الانسياق خلف كل مفرزات الموضة، بما في ذلك التصفيفات الغريبة وغير المناسبة للزبون الجزائري. من جانبه، يرى الحلاق حكيم، الذي يمتهن الحلاقة منذ السبعينات        ويقول إنه من أبناء المدرسة التقليدية، أنّ الحلاقة أخذت نصيبها من التطوّر، فالشباب والمراهقون صاروا لا يكتفون بالبساطة ولا ترضيهم الحلاقة الكلاسيكية، لاقتدائهم بمشاهير العالم، واعترف محدثنا، أنّه اضطرّ في ظل التطوّر الذي تعرفه مهنة الحلاقة إلى مواكبة العصر، من خلال تعلّم ما تقتضيه وتتطلّبه الحلاقة العصرية، على غرار استعمال مواد العناية بالشّعر والبشرة، وإتقان التسريحات الحديثة بغية الاستمرار في النّشاط. ومع ذلك قال، إن الحلاقة الكلاسيكية لم تتراجع كليا ولا يزال هناك أوفياء لها، فالعديد من زبائنه موظفون في إدارات تفرض صورة معينة  تتطلّب تسريحة تتماشى مع خصوصية العمل، كما يستقبل محله الأشخاص في منتصف العمر وكبارا، يقصدونه لأجل هذا النوع من الحلاقة تحديدا، بالإضافة إلى خوفهم من الحلاقين الشباب لعدم مقدرتهم على الاعتناء بهم، على اعتبار أنّ الغالبية منهم تختص في مجال الحلاقة العصرية.

الرجوع إلى الأعلى