قال مختصون في مجال الفن و المسرح بالجزائر، أن النصوص الموجهة للطفل، من أصعب و أخطر النصوص التي تتم كتابتها، فيما وصف آخرون هذا المسرح بالضعيف جدا ببلادنا، مشيرين إلى عدم وجود ضوابط يتبعها الكتاب لتقديم أعمال لشريحة يعد النزول إلى مستواها أصعب مهمة، كما حذروا من انتشار ما أطلقوا عليه الكتابة العشوائية التي سمحت لكل من هب و دب بالكتابة في تخصص مسرحي، يتطلب تكوينا أكاديميا و الاستعانة بنفسانيين من أجل تقديم مسرح في المستوى للأطفال ويستقطب جميع فئات الجمهور، و بالمقابل نسجل تفاؤلا وسط أبناء الجيل الجديد ممن يحلمون بغد أفضل.

الممثلة و الكاتبة المسرحية فتيحة وراد: علينا الابتعاد عن النصوص الكبيرة التي يهرب منها الطفل


وصفت الممثلة و الكاتبة و المخرجة، فتيحة وراد، مسرح الطفل بالجزائر بالضعيف جدا، قائلة بأن القليل جدا من الأعمال يمكن أن نقول أنها في المستوى، و دعت إلى ضرورة العمل و الاجتهاد عبر تنظيم ورشات و وضع الطفل تحديدا تحت المجهر، لمعرفة ما يريد و ما يحب أن نقدم له، خاصة في ظل الثورة التكنولوجية التي همشت المسرح، بعد أن سمح بعض الكتاب بذلك، من خلال تقديم أعمال لا ترقى لمستوى أفراد ينسون ما يقدم لهم، بمجرد مغادرتهم لأماكن العروض.
و شددت المتحدثة بأن الطفل يجب أن يرى نفسه في الأعمال التي تقدم له، داعية إلى الابتعاد عما أسمته بالتهريج، مشيرة إلى إهمال البعض لمضمون و فائدة المسرح، و التركيز على المهرج الذي حولوه من شخصية مهمة للطفل، إلى مجرد "رجل ألوان" للتسلية فقط، ووجهت الفنانة أصابع الاتهام إلى مسيري مختلف المؤسسات الثقافية ، لأنهم لا يهتمون بما يقدم، ما جعل الجميع يحضر للتهريج فوق الركح ثم المغادرة، دون ترك أثر في المتفرج.
و دعت فتيحة وراد من جهة أخرى ، إلى الابتعاد عن النصوص الكبيرة الفارغة، و الاكتفاء بنصوص تكون فعالة في إيصال رسائل،  قالت بأنها يجب أن تكون بسيطة بقدر ما تكون قوية.
و أضافت بأن كل ذلك لن يتأتى في ظل سيطرة من هب و دب على كتابة نصوص وصفتها بالفارغة، و شددت على ضرورة عدم إغفال الجانب النفسي الذي قالت بأنه غائب كليا، مما جعل الطفل يحضر للمسرح ليتعب فقط، قبل أن يغادر مكانا لا يزوره سوى في العطل الأسبوعية أو المدرسية، و هي كلها عوامل تجعل الطفل يحضر للمسرح، لأن والديه يريدان ذلك، ليقرر عندما يصبح كبيرا هجرانه لأنه لا يوفر له المتعة و التشويق و الفائدة.

المستشار الثقافي و المخرج و الممثل المسرحي منير بومرداس: التكوين هو الحل..


وصف منير بومرداس ، الكاتب و المخرج و الممثل المسرحي الذي يشغل منصب مستشار ثقافي بمديرية الثقافة لولاية سطيف، منير بومرداس ، و أيضا عضو لجنة تحكيم الأيام الوطنية الأولى لمسرح الطفل ببومرداس، واقع مسرح الطفل في الجزائر بغير المنظم، و قال بأنه لا يزال يستقطب جميع فئات الجمهور، لمتابعة أعمال يفترض بأنها تقدم لشريحة معينة، مضيفا بأنه لا يتم مراعاة ما يقدم، خاصة و أن هناك فرقا بين الأعمال التي تقدم للطفل الصغير و تلك التي تقدم للأطفال المتمدرسين.
و أضاف المتحدث بأن هذا النوع من المسرح لم يرق بعد للمستوى المطلوب في الجزائر، مشيرا إلى أنه تحول إلى مجال يكتب فيه كل من هب ودب، مؤكدا بأن المختصين يجدون أنفسهم أمام معضلة كبيرة عندما يتعلق الأمر بمسرح الطفل، لأن نصوصه، حسبه، من  أخطر النصوص ويجب عدم الاقتراب منها دون تكوين، داعيا إلى فتح تخصصات في هذا المجال عبر المعاهد و الجامعات، خاصة لفائدة المؤطرين و الكتاب الذين يسهرون على صناعة هذا المسرح.
كما أشار المختص إلى أن المدرسة الجزائرية أيضا مطالبة بإدماج هذا التخصص ضمن برامجها التعليمية، منتقدا عدم توفر المدارس على قاعات خاصة بالعروض و المسرح، في حين من المفروض استثمار ما يقدمه المسرح للطفل من جرأة، ثقة في النفس و إبداع ، و هي عناصر من شأنها أن تنعكس على مستواه التعليمي، كما قال، مضيفا بأنه من الضروري إشراك النفساني في إعداد النص المسرحي الخاص بالطفل، و يجب عدم الاستهانة بالمصطلحات و المواضيع التي تقدم للبراعم، فعلى كل كاتب العودة للمختص النفساني في النهاية لتحديد ما يجب اعتماده، و ما يجب تفاديه لإخراج عمل مسرحي متكامل، لأن أصعب شيء،  في نظره ، هو النزول إلى مستوى الطفل.

الكاتب و المخرج المسرحي علي بودارين : علينا الاستثمار في الطفل دون أن نخطئ  في ما نقدمه له


يرى الكاتب و المخرج المسرحي ابن مدينة تيزي وزو، علي بودارين ، بأن الطفل في الجزائر عانى لفترة زمنية من فراغ في مجال المسرح، و بالتالي يجب على الناشطين في هذا الحقل اليوم تكثيف أعمالهم و انتقائها بما يتناسب مع هذه الشريحة، و بما أن الطفل هو مستقبل الجزائر، فإن السيد بودارين يرى ضرورة الاستثمار فيه منذ الصغر.
الفنان الذي وصف الطفل بأنه غير صبور و لا ينسى بسهولة، أوضح بأنه على الكاتب المسرحي أن ينتقي بدقة ما يقدمه له، معتبرا بأن الخطأ ممنوع مع هذه الشريحة ، مضيفا بأنه رغم العراقيل التي يواجهها الكتاب و المخرجون و حتى الممثلين، لا بد من العمل بجد و جدية من أجل النهوض بمسرح الطفل في الجزائر، و يرى بأنه يسير في الطريق الصحيح، خاصة خلال السنوات الأخيرة بفضل الانفتاح على مختلف المجالات، و بروز جيل جديد من المسرحيين يساهم في ذلك، كل بلمسته الخاصة.

الممثلة المسرحية سارة بلعربي : نحاول تقديم أعمال هادفة


قالت الممثلة المسرحية الشابة سارة بلعربي بأن نظرتها إيجابية لواقع مسرح الطفل في الجزائر، بحكم تجربتها و إن كانت بسيطة، كما أشارت، مضيفة أنها لم تشاهد يوما عرضا مسرحيا يركز على الترفيه دون الفائدة، فكل كاتب أو مخرج و حتى الممثل يركز على توجيه رسائل تربوية، أخلاقية أو تعليمية من خلال كل عمل يقدمه للجمهور.
و أضافت عضوة جمعية الستار الذهبي لمستغانم، بأن الناشطين في هذا المجال بحاجة كبيرة للدعم، خاصة خلال العطل المدرسية، و ذلك لخلق جمهور مسرحي يسعى لمتابعة كل جديد و يستفيد بشكل أكبر، فالطفل يحتاج لأن يكون قريبا من هذا العالم الذي يحرره من الكثير من القيود، خاصة الانطوائية و يفتح له المجال للإبداع و تفجير طاقات قد لا يجد غير المسرح مكانا لتفجيرها.                                                             
إ-ز

 

الرجوع إلى الأعلى