الأدب يجمع ما تفرقه السياسة..
تحدث أمس، الكاتب الفرنسي أوليفي رولان، عن الفرق بين السياسة و الأدب، وذلك خلال تنشيطه لسادس لقاءات المقهى الأدبي لمكتبة ميديا بلوس بقسنطينة، موضحا بأن الكتابة فعل انصهار ، في حين تقوم السياسة على مبدأ التفرقة.
الكاتب الذي ناقش مع جمهوره موضوع الكتابة و العالم، على مستوى المعهد الثقافي الفرنسي بقسنطينة ، قال بأن السياسة تشمل في مفهومها التعصب للفكرة أو الجماعة أو الإيدولوجيا، بالمقابل تنصهر كل هذه المفاهيم في بوتقة الأدب الذي ينأى عن الغاية الذاتية،  إلى غرض مشاركة التجربة الإنسانية و تكريس إنتاج الإبداع انطلاقا من اللغة، بدليل أن أجمل الشخصيات الأدبية العالمية ، مثل دون كيشوت و مدام بوفراي ، هي مزيج بين السذاجة و الروعة. و أشار إلى أنه خلص إلى تأكيد هذا الطرح بناء على تجربة شخصية، باعتباره مناضلا سابق في تيار  يساري متطرف قضى في صفوفه سبع سنوات، و كشف بأنه ندم على الكثير من الممارسات التي قام بها خلالها، حتى و إن لم يكن قتل الأبرياء ضمنها، مع ذلك فإن فكرة التحول إلى آلية إيديولوجية مجردة من العاطفة الإنسانية، جعله ينفصل، كما قال، عن الجماعة ليقضي عشر سنوات كاملة في محاولة لمراجعة القناعات والتصالح مجددا مع الذات و الخروج من نفق الفراغ الداخلي الذي خلفه التزامه السياسي، لتنتهي هذه المرحلة بصدور أول كتاب له بعنوان» نمر من ورق»، وهو خلاصة لتجربة إنسانية أراد أن يلخصها في عمل أدبي جاء صدفة، باعتباره لم يكن يوما من هواة الكتابة، بقدر ما كان ذا توجه فلسفي ، حتى أن علاقته بالأدب لم تتوطد، إلا بعد ثاني إصدار له. مع ذلك أكد صاحب  كتاب « بورسودان»، بأن تجربته الروائية، فتحت عينيه على قدرة الأدب على تكوين الفرد و جعله أكثـر ذكاء ونضجا، ليس فقط لأن الأمر يتعلق بتبادل التجارب الإنسانية، على حد قوله، بل لأن فعل الكتابة هو نوع من أنواع التحرر، حتى وإن كانت الصناعة الثقافية قد فرضت قيودها عليه، كما عبر، وهو تحديدا ما جعله يسافر لعديد البلدان في أمريكا اللاتينية و أفغانستان ولبنان ويوغسلافيا سابقا، أين أعد روبورتاجات كثيرة ،في إطار نشاطه كصحفي متعاون، تحولت لاحقا ، حسبه، إلى مادة خام لعدد من كتبه، ليس الروائية فقط، بل أيضا تلك التي تصنف في خانة القصة الخبرية أو التحقيق، على غرار إصداره الأخير    « ميتيورولوجي».
هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى