عز الدين مجوبي يعود عبر مواقع التواصل و - حافلة تسير 2 -
عاد الممثل و المخرج و الكاتب المسرحي الكبير عز الدين مجوبي، إلى واجهة الفن المسرحي و الحياة الثقافية في الجزائر، نهاية الأسبوع، في ذكرى اِغتياله 25 ( اغتيل يوم 13 فيفري 1995)، عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي امتلأت بصور الفقيد و فيديوهات لمشاهد من أعماله الخالدة و عبارات الترحم و العرفان و التقدير التي خصه بها زملاؤه في أبي الفنون و جمهوره و الكثير من الفنانين و المثقفين، كما بادرت عديد المسارح إلى إعادة عرض أعماله.
شهدت بعض المسارح الجهوية إعادة عرض بعض مسرحيات مؤسس المسرح الجزائري مجوبي، وكذا بعض الوقفات الاِستذكارية لفنه وأعماله و لحضوره الّذي كان ومازال لافتا ومتألقا حتى الآن. كما اِحتضن المسرح الوطني الجزائري محيي الدين بشطارزي، أمسية أوّل أمس الخميس، عرضًا مسرحيًا بعنوان «حافلة تسير 2»، من أداء وإخراج طارق ناصري، وإنتاج جمعية الفنانين الأحرار لمسرح عزابة بسكيكدة.
و قال مخرج العرض و ممثله طارق ناصري، أنّ العرض بمثابة تتمة و تكملة ل"حافلة تسير" للفقيد عز الدين مجوبي، بشخصية جديدة، هي شخصية الشاب أشرف، اِبن الشريف الزوالي، و زوجته وفاء، إذ يُعيد تجربة أبيه، فيسرق الحافلة ليلحق بزوجته بالمستشفى. فبعد 25 سنة، يعيش نفس معاناة والده، لكن بُطرق و ظروف مُختلفة، مع سؤال محوري هو «هل ستكون نهايته نفسها أم زمن الأب ليس زمن الاِبن؟». العرض يحمل الفكرة ذاتها، لكن بكتابة مختلفة للنص وسينوغرافيا مغايرة و إخراجٍ جديد، هو عرض يستحضر بقوة روح مجوبي، و أهم المشاهد التي قدمها في «حافلة تسير».
كما احتفى المسرح الجهوي عز الدين مجوبي بعنابة، بفقيد المسرح الجزائري الشهيد مجوبي، من خلال جلسات و وقفات استعادوا فيها عملاق المسرح الجزائري، و استحضروا ذكريات الراحل و أعماله وانجازاته.
مجوبي كان أيضا الحاضر الكبير عبر مواقع التواصل الاِجتماعي، من خلال بعض مقاطع ومقتطفات الفيديوهات من مختلف مسرحياته و صوره و أكثر أدواره تألقا في المسرح و السينما، تشاركها ونشرها عُشاق فنه و بعض الزملاء والأصدقاء من عائلته الكبيرة، عائلة المسرح والفن في الجزائر، فبعد 25 سنة
 من الغياب، لا يزال مجوبي حاضرا بقوة موهبته وتميزه وسيرته النضالية و الفنية.
الراحل، من مواليد 30 أكتوبر 1945، بمدينة عزابة، ولاية سكيكدة، بدأ نشاطه كممثل مع مطلع الستينات بتشجيع من الفنان الراحل علي عبدون، بعد ذلك و تحديدا في عام 1963، اِلتحقَ بالمعهد البلدي «كونسرفاتوار» بالعاصمة، وكانت بدايته الفنيّة بالإذاعة الوطنية بين 1965 و1968، بعد تجربة ناجحة و مُميزة في المسرح، بأعمال كلاسيكية، قدم عِدة أعمال تلفزيونية منها «يوميات شاب عامل» لمحمد اِفتيسان و فيلم «خريف 1988» لمالك الأخضر حامينا الّذي يُصور أحداث أكتوبر 1988.
ساهم مجوبي أيضا في إنتاج عدة أعمال مسرحية مع مسارح جهوية، منها مسرح بجاية الّذي قَدم به سنة 1994 مسرحية «لحوينتة «عن نص لبوجادي علاوة، ونال عنها جائزة أحسن إخراج. وكان له أيضا إسهامات كثيرة في التكوين، حيث كان أستاذا في الإلقاء والنُطق بالمعهد الوطني العالي للفنون الدرامية، إلى جانب الأداء والتمثيل.
لاقت مسرحيته "حافلة تسير" التي أُنتجتْ سنة 1985 نجاحا باهرا، إلى درجة أنها أصبحت علامة مميزة في المسرح الجزائري، ليس فقط في تلك الفترة، لكن في تاريخ المسرح الجزائري ككلّ.
كما شارك مجوبي في العديد من الأعمال الناجحة، وأخرج عدة مسرحيات، من بينها "غابوا الأفكار" و"عالم البعوش" التي نالت هي الأخرى نجاحا كبيرا و توجت بجائزة أحسن إخراج في مهرجان قرطاج للمسرح بتونس.
و شارك أيضا في المسرحية الشهيرة "بابور غرق" لسليمان بن عيسى وخاض مع زياني شريف عياد ومحمّد بن قطاف وصونيا وآخرين، تجربة المسرح المستقل في الجزائر بإنشاء "مسرح القلعة" في عام 1990، ومن خلاله تمّ إنجاز مسرحية "العيطة" و"حافلة تسير2".
تقلد الراحل عِدة مناصب إدارية، إذ عتم تعيينه كمدير للمسرح الجهوي لباتنة، ثمّ للمسرح الجهوي لبجاية. كما عُين في 1995 على رأس مؤسسة المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي. وكان هدف الفقيد هو النهوض بالمسرح في فترة عصيبة من خلال مشروعٍ طموح، لم يُمهلُهُ الموت المفاجئ لتجسيده. إذ اِنطفأ و انطفأت حياته وأحلامه ومشاريعه في يوم 13 فبراير1995، برصاص الإرهاب، وكان هذا أمام أكثر مكان اِرتبط به مجوبي، و هو مبنى المسرح الوطني بالجزائر العاصمة، المكان الّذي كان شاهدا على حضوره المسرحي وإبداعاته و نضالاته. وكان قد عُين في بداية تلك السنة مديرا له،  فشاء القدر أن يكون مسرحا ومكانا لاِغتياله.
نوّارة/ ل

الرجوع إلى الأعلى