المرأة تواجه عراقيل في مجال الإخراج ببلادنا
تحلم المخرجة الجزائرية الشابة لويزة قادري، المقيمة حاليا بجمهورية جورجيا، بالفوز بإحدى جوائز الأوسكار، بعد أن شاركت بأفلامها القصيرة و الوثائقية، بعشرات المهرجانات عبر العالم، و نالت عديد الجوائز.
* حاورتها: هيبة عزيون
ابنة بسكرة التي جمعت بين حب و ممارسة الإعلام و الإخراج السينمائي، تشق خطاها بثبات في مجال الصحافة، كمنتجة برامج بعدة قنوات تلفزيونية في دبي و اسطنبول و جورجيا، إلى جانب إخراج الأفلام الوثائقية و القصيرة، فبرصيدها اليوم أزيد من 15 عملا، نجحت من خلالها في صنع اسم محترم بالساحة الفنية.
و تربط عودتها إلى الجزائر بتوفر المناخ الملائم للعمل و الإبداع، الذي لن يتحسن، حسب رأيها، إلا بتوفير الدعم المادي و المعنوي للكفاءات الشابة في مجال الصناعة السينمائية، من أجل إعطاء دفع قوي للقطاع و إثرائه بأفكار و أنواع سينمائية جديدة، للتحرر من العباءة التاريخية.  
. النصر:  كيف تعرف لويزة  قادري نفسها للجمهور؟
ـ لويزة قادري: أنا شابة جزائرية من ولاية بسكرة خريجة  إعلام و اتصال ، مقيمة بجورجيا،  أتابع دراساتي في مجال الإعلام و أمارس مهنة الإخراج السينمائي، و كذلك كتابة السيناريوهات ، في رصيدي  أزيد من  15 فيلما على غرار «طائر بلا وطن» ، «فوق الألم» و «الجدران»، بعض أعمالي عبارة عن أفلام قصيرة و أخرى وثائقية ،  شاركت بها في أزيد من 50 مهرجانا و تحصلت على عديد الجوائز،آخرها باليابان في تظاهرة سينمائية نظمتها أكاديمية بكين للأفلام في الصين.
نجاحي بدأ من الجزائر والهجرة فتحت لي الأبواب
. لماذا اخترت تخصص الإخراج السينمائي؟
ـ  منذ الصغر كانت لي ميولات في التصوير و المونتاج، و أحببت كثيرا المسرح و التمثيل، و رغم اختياري دراسة  الإعلام الذي أحبه أيضا، و اشتغلت بعدة  مؤسسات إعلامية بالجزائر من الصحافة المكتوبة إلى الإذاعة، و وكالة الأنباء الجزائرية، لكنني كنت دائما مقيدة  في نقل رسالتي ، فمنحتني السينما مساحة أوسع للتعبير عن القضايا و الآراء.
. قليلة هي الأسماء النسوية المتخصصة في الإخراج السينمائي بالجزائر ، هل كان ذلك بمثابة تحد بالنسبة إليك؟
ـ هناك الكثير من العراقيل في هذا المجال، خاصة بالنسبة للمرأة، حقيقة هناك عدة مخرجات جزائريات، لكن للأسف أغلبهن متواجدات في المهجر،  و هناك أسماء ناجحة و مميزة عربيا و عالميا.
. نفهم من حديثك أن سفرك إلى الخارج وراء ما تحققينه اليوم من نجاحات..
ـ لا ، الهجرة ساهمت في نجاحي، و ليست السبب الحقيقي وراء ما حققته،   أعتبر الهجرة إضافة للكثير في مساري الشخصي و المهني، و قد ساعدتني في تطوير ذاتي  و التعرف و الاحتكاك بعدة جنسيات،  لكن نجاحي بدأ في الواقع بمسقط رأسي ببسكرة،  لكن شح الإمكانيات المادية في الجزائر، همش الكثير من الطاقات، و هو من أهم أسباب هجرتي.
. ما هي العراقيل التي واجهتك في الضفة الأخرى؟
ـ خلال إقامتي بعدة دول في إسطنبول بتركيا، و دبي بالإمارات العربية، و كذا الولايات المتحدة ، و حاليا في جمهورية جورجيا ، لم تواجهني أية عقبات، بالعكس حظيت هناك بالكثير من التسهيلات، مع توفر كل الإمكانيات، خاصة المادية، المشكل الوحيد الذي واجهني، هو ضيق الوقت، و عدم القدرة على التوفيق بين الدراسة و العمل.

. هل نجحت في صنع اسم مميز لك في مجال السينما؟
ـ نعم، الحمد لله أفلامي اليوم جميعها ناجحة و شاركت في العديد من المهرجانات العالمية، و حصدت عدة ألقاب و لي اسم محترم .
الصحافة عشق الطفولة و مصدر عيش
. أي الأنواع السينمائية تفضل المخرجة لويزة قادري ؟
ـ أميل إلى سينما الدراما و  الأفلام الوثائقية بمختلف أنواعها، التشاركية، الواقعية و  التسجيلية. أما في الميدان، فالسيناريو هو الذي يفرض على المخرج قالبا سينمائيا معينا.
. ماذا ينقص السينما الجزائرية اليوم لتصبح رائدة؟
ـ أولا التنوع ، فالمشكل أن السينما الجزائرية في الخارج تعرف على أنها سينما ثورية  أو تاريخية،  تحكي إما عن الثورة الجزائرية أو العشرية السوداء.
شاركت في 50 مهرجانا وتحصلت على جوائز دولية
  أما الأنواع الأخرى فهي مغيبة تماما ، و حسب اعتقادي لو اهتمت وزارة الثقافة بالكفاءات الشبانية الموجودة، لتطوير السيناريوهات و دعم الأفكار السينمائية ماديا، مهما كانت طبيعتها، سيعطي هذا دفعا كبيرا للصناعة السينمائية الجزائرية.
. من بسكرة إلى  جورجيا ، كيف تصفين هذه التجربة؟
ـ هو مشوار مليء بالتحديات الاجتماعية و المادية ، و صعوبات كثيرة، لكن دعم الأهل، خاصة الأم، و الإرادة دفعاني للتمسك بأحلامي و أهدافي، و رغم ما حققته اليوم، فالمشوار أمامي لا يزال طويلا للنجاح و تعلم المزيد
. ما هي طموحاتك في مجال السينما؟
ـ أطمح لإخراج فيلم سينمائي طويل بعد سنوات من العمل في إخراج الأفلام القصيرة، و لما لا المشاركة به في سباق الأوسكار، و الترشح في خانة أحسن فيلم أجنبي، إنه حلم مشروع، لكنه يتطلب الكثير من الجهد و الاحتكاك أكثر بالمبدعين في هذا المجال ، كما أتمنى أن أصبح  في المستقبل مرجعا في مجالي للأجيال القادمة..
. هل تمارسين الصحافة  في المهجر؟ و ماذا تفضلين الإعلام أم السينما؟
ـ نعم أعمل في مجال الصحافة ، و هي وسيلة لكسب قوتي لأعيش، حاليا أعمل كمنتجة لبعض البرامج الإخبارية مع بعض القنوات، مثل قناة «الآن» بدبي ،  تلفزيون «الحوار» في أسطنبول و وكالة بث للأنباء بالسعودية.
و بخصوص سؤالك أي الاختصاصين أقرب إلي، أقول لك ، السينما هي الأقرب إلي كممارسة و كحب و عشق، فهي  تمنحني مجالا أوسع للتعبير عن أفكاري، أما الإعلام فهو عشق من نوع خاص.
السينما الجزائرية ينقصها التنوع والتمويل
. كيف تروج لويزة قادري لتراث و تقاليد وطنها في البلدان التي تتنقل إليها؟
ـ كل بلد كنت أستقر به، أنقل إليه  جانبا من تقاليد مدينتي،  فأستمتع بطبخ الأطباق الشعبية و إعداد الحلويات التقليدية،  و تحضير ولائم لأصدقائي الأجانب في مختلف المناسبات،  كما أحرص على ارتداء اللباس التقليدي كلما أتيحت لي الفرصة.
. هل تحافظين على روح الفتاة الصحراوية ؟
 ـ لكل شخص روحه  الخاصة، يأخذها معه أينما ارتحل ، و أنا   أقدم نفسي دوما   كفتاة صحراوية،  و أتحدث بحماس عن منطقتي و عائلتي ، و أحن دائما إلى موطني و مسقط رأسي الذي ترعرعت فيه، و نشأت بين أحضانه، و قد ساهمت كثيرا طبيعة الصحراء في تكوين و صقل شخصيتي.
. هل ستعود لويزة في يوم ما، إلى أرض الوطن، للاستقرار  و العمل في مجال السينما؟
ـ أعتقد أن ذلك لن يكون على المدى القريب،  رغم أنني أقوم بزيارات متقطعة إلى العائلة، لكن فكرة العودة حاليا و الاستقرار، غير واردة، و هي مرتبطة أساسا بتحسن الوضع و إعادة الاعتبار لقطاع السينما، و دعم الكفاءات ، و أقول باختصار، عودتي مرهونة بالتغيير.
تسكنني روح الفتاة القادمة من  الصحراء
. أنت شغوفة بالسفر و حب الطبيعة،  حدثينا عن هذا الجانب من شخصيتك؟
ـ أحب السفر كثيرا ، و كلما سنحت لي الفرصة أذهب في رحلات ، كما أحب التخييم و استكشاف الطبيعة، و قد زرت الكثير من المناطق،  و  لدي الكثير من المغامرات مع أصدقائي.
. ما هي مشاريعك المستقبلية؟
ـ أستعد  حاليا  لإنتاج فيلمين وثائقيين في جورجيا ، إلى جانب عملي في حقل الإعلام كمنتجة برامج إخبارية لعدد من القنوات.
هـ/ع

الرجوع إلى الأعلى