انطلقت مؤخرا ، عملية تصوير أولى لقطات الفيلم الوثائقي « مقبرة المنفى الكبرى»  بشاطئ خروبة ببلدية أزفون شمال ولاية تيزي وزو،و يروي قصصا واقعية عن الهجرة السرية أو «الحرقة» التي انتشرت بكثـرة في أوساط الشباب الجزائري خلال السنوات الأخيرة ، ومعاناة عائلاتهم التي فقدت أمل الاتصال بهم بعد «الحرقة» على متن قوارب الموت.
المخرجة رزيقة مقراني، أوضحت أن الفيلم الوثائقي مدته 72 دقيقة ، وسيكون جاهزا نهاية السنة الجارية، و يروي حقائق مثيرة حول الحراقة الذين يتحدون كل الظروف ويسافرون نحو المجهول، بحثا عن فرص عمل لتحسين إطارهم المعيشي، مشيرة إلى أن هذا العمل الجديد ، ينجز بالتعاون مع وزارة الثقافة والفنون  ومختلف الهيئات الرسمية. وأضافت المتحدثة، أن  « مقبرة المنفى الكبرى»  يتضمن شهادات حية لعائلات الحراقة الذين رحلوا عن طريق البحر نحو أوروبا، وانقطعت أخبارهم عن أهاليهم، من بينها سبع عائلات من منطقة أزفون فقدت فلذات أكبادها ولم يظهر لهم أي أثر منذ ثلاث سنوات ، مشيرة إلى أن هذا الفيلم بمثابة وقفة تضامنية مع هذه العائلات التي يستحيل عليها طي صفحة أبنائها المفقودين. كما أوضحت أن تصوير الفيلم سيكون بمناطق متفرقة من الوطن، على غرار شواطئ ولايات  بومرداس و سكيكدة وعين تيموشنت و وهران و مستغانم، وهي شواطئ تنطلق منها رحلات الهجرة السرية نحو أوروبا، كما ستصور مشاهد لمجموعة من الشباب الحراقة على متن القوارب في عرض البحر، أثناء انقلابها بهم وانتشال جثثهم، وستنتقل إلى خارج الوطن لتقفي رحلة الحراقة عند وصولهم إلى الوجهات الرئيسية التي يفضلونها للهجرة ، على غرار إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، وستصور أوضاعهم المعيشية عند وصولهم إلى هذه البلدان بعدما عرّضوا أنفسهم للموت  واختاروا خوض مغامرة غير محمودة العواقب، أملا في حياة كريمة وراء البحار، وستروي العراقيل والأحداث التي يواجهونها في شوارع أوروبا والسجون في سبيل تحقيق حلم الهجرة.  و تابعت رزيقة مقراني، أنها اختارت منطقة أزفون الساحلية لتصوير أولى لقطات فيلمها الوثائقي، رغبة منها أن تكون إلى جانب العائلات التي لا تزال تبحث عن أبنائها المفقودين منذ سنوات ، كما أن منطقة أزفون تضم مناظر  طبيعية جميلة يمكن أن تكون قبلة للمخرجين لتصوير أفلامهم وأعمالهم السينمائية في المستقبل، مشيرة إلى أن السينما لها قواعد لتحقيق النجاح و التطور من بينها اختيار المناطق الجذابة.  وقالت المخرجة، أنها تأثرت كثيرا بالأوضاع المأساوية التي تعيشها عائلات الحراقة ، لاسيما وأنها تنقلت إليها وقامت باستجوابها وهناك أمهات لا يستطعن الإدلاء بشهاداتهن عن أبنائهن، بسبب الألم الذي يعصر قلوبهن بعد اختفاء فلذات أكبادهن، دون أن يعرفن مصيرهم المجهول، مضيفة أنها عاشت مشاعر الحزن والأسى مع هذه العائلات.  وتأمل المخرجة أن يكون لعملها صدى كبيرا و يحقق النجاح، لأنه وثائقي مستوحى من قصص واقعية ويسلط الضوء على تراجيديا الحراقة والمهاجرين غير الشرعيين الذين يعيشون أوضاعا مزرية في ديار الغربة، في حين لا يصل آخرون إلى حلمهم بعدما تنقلب بهم المراكب في عرض البحر أو تتلقي الشرطة عليهم القبض ، مشيرة إلى أنها أرادت من خلال هذا الفيلم الوثائقي توجيه رسالة للشباب الجزائري بأن الهجرة السرية على متن القوارب، مغامرة لا توصل إلى بر الأمان و هذه الطريقة لا تخلو من المخاطر وعليهم مراعاة مشاعر عائلاتهم، لأن هذه المأساة تؤثر في المقام الأول على أوليائهم الذين يبحثون عن أخبارهم ويريدون معرفة هل هم أحياء أم أموات..  تجدر الإشارة إلى أن المخرجة رزيقة مقراني، برصيدها العديد من الأفلام الوثائقية منها «دقيقة من الصمت» و «تاريخ النساء المناضلات» و «مسار مولود قايد» و «الطائر الأزرق»، وقد حصلت على جوائز في مهرجان وهران السينمائي ومهرجان السينما الأمازيغية عن أعمالها.                                                        سامية إخليف

الرجوع إلى الأعلى