جاءت تصاميم ملابس العيد الموجهة للأطفال هذه السنة، بتصاميم مخيبة لآمال الأولياء الذين عبر غالبيتهم عن تذمرهم من أشكالها و ألوانها المستوحاة من تصاميم الكبار، و التي تفقد الطفولة براءتها و معناها، خصوصا و أن بعضها لا يمت بصلة للاحتشام وهو أقرب إلى ملابس الراقصات، الأمر الذي دفع بالأولياء للبحث عن البديل في المنتوج الجزائري، في ظل غياب شبه تام للملابس الفرنسية و الإيطالية و سيطرة منتجات الصين و تركيا على الأسواق.
روبورتاج :  نور الهدى طابي      
بوسط مدينة قسنطينة و رغم الحركية الكبيرة التي تشهدها المحلات، إلا أن أسعار قطع الملابس صدمت الكثير من الزبائن، لسببين الأول تصاميمها الغريبة و العجيبة و أسعارها التي شهدت ارتفاعا محسوسا هذه السنة، مقارنة بالعام الماضي قدره تجار بما يعادل 1800 إلى 3000 دج عن كل قطعة، مرجعين ذلك إلى تراجع قيمة الدينار مقابل ارتفاع سعر الأورو، و حسب ما علمنا من عدد من الباعة و أصحاب المحلات، فإن غالبية الألبسة المعروضة هذه السنة من إنتاج تركي و صيني، سواء تعلق الأمر بما يباع في المجمعات التجارية الكبرى بعلي منجلي و سيدي مبروك، أو تلك المنتشرة عبر المحلات و حتى طاولات البيع بوسط المدينة.
اختفاء الملابس الفرنسية والإيطالية بسبب كلفة الاستيراد
 وحسب صاحب محل بشارع عبان رمضان، فإن تكاليف الشحن و التعريف الجمركي على مستوى الموانئ، تضاعفت هذه السنة، بسبب تبعات الأزمة الاقتصادية و تراجع قيمة الدينار الجزائري، وهو ما رفع بالمقابل أسعار الملابس في سوق الجملة و بالتالي بالنسبة للتجزئة ، أما بالنسبة للملابس الفرنسية و الإيطالية، فهي مفقودة في الأسواق بسبب تكلفة استيرادها العالية، لذلك فإن غالبية التجار فضلوا التركيز على المنتجين الصيني و التركي متوسط الجودة.
بشارع العربي بن مهيدي بوسط المدينة، أخبرنا صاحب محل لبيع ألبسة الأطفال، بأن الكثير من الزبائن باتوا يبحثون عن المنتجات جزائرية الصنع، لأن أسعارها ملائمة ، حيث تضاعف السؤال عنها هذه السنة، مقارنة بالعام الماضي، مشيرا الى أن المشكل يكمن في كونها قليلة جدا و لا تغطي حجم الطلب، مضيفا بأن غالبيتها مصنعة في ورشات بمدينتي العلمة و برج بوعريريج، و أسعارها لا تختلف كثيرا عن أسعار الملابس الصينية، بالرغم من أن جودتها مماثلة لها و تكون أحيانا أفضل.  
 خلال جولتنا بين عدد من المحلات المتخصصة في بيع ملابس الأطفال، لاحظنا بأن الأسعار قفزت بشكل غير معقول، إذ أن مليون سنتيم لا يعد كافيا لكسوة طفل في السابعة أو الثامنة من العمر، حيث تجاوزت  أسعار ملابس الأطفال أسعار ملابس الكبار، فسعر بعض البذلات الرائجة كموضة  هذه السنة، و  غالبيتها تركية الصنع تراوحت بين 8000دج و 9800 دج، بينما تخطت أسعار السراويل الملونة عتبة 3700دج، أما أسعار ملابس البنات على اختلافها، فتنطلق من 5000 دج إلى مليون سنتيم.
هذا مع تسجيل فارق بسيط لا يتعدى 500 إلى 1000دج ، بالنسبة للألبسة الصينية، التي  تنتشر بشكل أكبر في محلات شارع 19 جوان، و طاولات البيع على مستوى السوق المفتوحة بساحة دنيا الطرائف.
3000 دج سعر حذاء رضيع

أما بالنسبة للأحذية و التي جاءت هذه السنة بموديلات لا تختلف كثيرا عما هو موجه للكبار، فتنطلق أسعارها من 1800 إلى 3000دج بالنسبة للرضع، بينما تصل أسعار أحذية الأطفال بين 4 إلى 11 سنة 5000دج، وهو أمر أثار امتعاض العائلات التي عبرت عن استيائها من المبالغة في تضخيم الأسعار متهمة التجار بالبحث عن الكسب السريع.
وحسب العديد من المتسوقين الذين قابلناهم بمحلات المدينة الجديدة، فإن كسوة طفل واحد تكلف حوالي مليون و 200 سنتيم، وهو مبلغ جد مرهق يعادل  ربع دخل عائلة متوسطة، خصوصا بالنسبة لرب أسرة تتكون من ثلاثة أطفال، كما  علق السيد عبد الله الذي قال بأن لهيب الأسعار أحرجه أمام أبنائه، لأن تكلفة كسوة أول طفلين تخطت المليوني سنتيم، وهو مطالب باستكمال كسوة ابنه الثالث و زوجته، مشيرا إلى أن مبلغ 4 ملايين سنتيم الذي ادخره من أجل مصاريف العيد تبخر قبل أن يكمل باقي مستلزمات المناسبة.
سيدة أخرى قابلناها بالمجمع التجاري ريتاج مول، وصفت الأسعار بالجنونية، مشيرة إلى أن المشكل الأساسي يكمن في شح الخيارات، فما هو معروض، حسبها، لا يلبي رغبات الجميع، فالتصاميم، كما قالت، غير لائقة و ألوانها براقة و غير عملية، كما أن الأقمشة قليلة الجودة وهو إشكال يطرح بالنسبة لملابس الذكور و الإناث على حد سواء، أما ملابس الذكور فهي أكثر رداءة، على حد تعبيرها، لأن تصاميمها خارجة عن المألوف، فالسراويل ضيقة جدا و ممزقة و متعددة الألوان بشكل يثير الحيرة، لأن ما هو معروض يتعارض مع ثقافتنا و طبيعة مجتمعنا المحافظ حتى و إن تعلق الأمر بملابس الأطفال.
و يشاطرها الرأي  عدد من الباعة، الذين قالوا بأن الخيارات جد محدودة، بالنسبة لبضاعة الجملة، فحتى التجار أنفسهم وجدوا أنفسهم أمام معضلة تشابه المنتوج و غياب التنوع، و السبب، حسبهم، هو أن الصين و تركيا سيطرتا على السوق هذا العام، لذلك فقد اقتصرت المنتجات على نوع أو نوعين عكس السنوات الماضية التي شهدت تنوعا كبيرا بفضل البضاعة الفرنسية و الإسبانية و الإيطالية.

الرجوع إلى الأعلى