تتصدى فرقة شرطة العمران وحماية البيئة بقسنطينة، لكل الأيادي التي تطال العمران وتمتد للمحيط البيئي وتخل بنظامه، وتعمل عناصرها على الحد من المظاهر التي تشوه النسق العمراني وتمس بالتراث الحضري والأمن الغذائي كذلك، حيث تسهر الفرقة المكونة من ثلاثة مجمعات حسب التخصص،  على ضمان بيئة آمنة وغذاء صحي، بالتنسيق مع قطاعات ذات صلة، مشكلة سلسلة وظيفية تعمل على تحسين صورة الفضاء العام والحد من المخاطر التي تهدد الصحة والمحيط.

روبورتاج أسماء بوقرن
 للفرقة مهام صعبة في الميدان، أبرزها منع زحف الاسمنت على الاراضي الزراعية وهدم البناءات الفوضوية عند الترحيلات، وردع التجار الفوضويين، ما يستدعي التعامل بحكمة مع المواطنين لتفادي حدوث تجاوزات والحفاظ على النظام العام، ناهيك عن التحسيس والتوعية و رفع مستوى الوعي المجتمعي.
ثلاث رؤوس لفرقة واحدة
وقفت ميدانيا النصر، على نشاط الفرقة وتحدثت إلى المسؤول الأول عنها محافظ الشرطة محمد عوار، الذي أثنى على مجهودات عناصره الموزعة على ثلاث فرق تختص في العمران والبيئة و التطهير، ودور الجميع في محاربة البناءات الفوضوية و الحفاظ على جمال المحيط والمساحات الخضراء، وهو العمل الذي تختص به الفرقة الأولى بتشخيص دقيق، فيما تعكف فرقة التطهير على تخليص الشوارع والفضاءات العمومية من كل المظاهر التي تشوهها و تحارب رمي الخبز واحتلال الرصيف والطريق، ووضع عوائق أمام مستخدميه من المواطنين، مقابل ذلك تتصدى فرقة البيئة لمحاولات تلويث المحيط ناهيك عن وقف نشاط المذابح غير الشرعية، وقد اكتشفت مؤخرا كما أوضح المتحدث، مذبحا غير شرعي ومصنعا لإنتاج المخللات.
فرقة شرطة العمران وحماية البيئة التابعة للأمن العمومي، هي جهاز تنفيذي يسهر على تطبيق التشريعات والتنظيمات في مجال التطور العمراني، وحماية المحيط والبيئة والتراث المعماري، أنشئت بموجب قرار رقم 5078/أو/أع المؤرخ في 09 ماي 1983 في الجزائر العاصمة ميدانيا، ثم في ولايات أخرى كسطيف و بجاية و البليدة والنعامة و عنابة و وهران و قسنطينة و تبسة وبشار، لكن تم تجميدها بداية من سنة 1991 بسبب العشرية السوداء وحتمية إدماج كل رجال الأمن في محاربة بؤر الإرهاب، ومع انتشار البناءات الفوضوية وتجاوز المبادئ التنظيمية للبناء والعمران، أعيد تنشيط مهامها على مستوى الجزائر العاصمة، كأول خطوة في 8 مارس 1997،  لتنشط على مستوى المدن الكبرى عنابة وهران وقسنطينة في أفريل 2000، وفي شهر جوان من نفس السنة تأسست وحدات العمران والبيئة على مستوى 20 ولاية، لتعم كل ولايات ودوائر القطر الوطني في 14 أوت 2000.   

 
معركة متعددة الجبهات و غياب الوعي صعب المهام
تتميز مهام الفرقة، بأنها مفتوحة على مختلف القطاعات و تتم بالتنسيق معها، حيث تتحرك العناصر بعد إخطار من والي الولاية ورؤساء المجالس الشعبية البلدية والمصالح التقنية المتخصصة، و أوضح المسؤول الأول عنها بقسنطينة، بأن ضباط وأعوان شرطة العمران وحماية البيئة، مؤهلون بمقتضى القانون  للبحث ومعاينة المخالفات التي تمس العمران و البيئة ضمن إقليم الاختصاص، وفي حالة تسجيل مخالفات تقتضي معارف تقنية، وخبراء ميدان تقنيين، تلجأ الفرقة إلى موظفين من ذوي الاختصاص، لتأكيد المخالفة ومنه القيام بإجراءات المعاينة وتحرير المحضر، أما في حالة وجود مخالفات لا تقتضي تدخل موظف متخصص، فيجب على شرطة العمران وحماية البيئة تسجيل الأمر في محضر، يوجه لرئيس المجلس الشعبي البلدي ووالي الولاية، لأن لهما سلطة اتخاذ قرارات فيما يخص الإجراءات التنظيمية.   
ومن المهام التي يراها محافظ الشرطة محمد عوار صعبة، مهمة مراقبة البناء والتوسع العمراني  ووضع حد للمخالفات المتعلقة بانتشار الأحياء القصديرية، والاحتلال الفوضوي للطرقات العمومية، وهنا تجد الفرقة نوعا من الصعوبة حسبه، بسبب غياب الوعي العمراني لدى بعض المواطنين، كما ذكر أسبابا أخرى ترتبط أساسا بالنزوح الريفي المتواصل والمتزايد نحو المدن، وفصل في ما تقوم به الفرقة في هذا المجال، كمراقبة رخص البناء والأشغال ومخططات البناء بكل أنواعها، ومنع كل البناءات غير القانونية، والسهر على احترام التنظيمات المتعلقة بالمساحات الخضراء و تنظيم الملصقات الخاصة بالبناء وورشات البناء، مع الحد من كل أشكال البناء الفوضوي والاحتلال غير الشرعي للأراضي وتغيير النسيج العمراني، سواء كان استعمال البناية للسكن أو للتجارة.
وإضافة إلى مهمة الحد من التلوث  تحدث المصدر عن المحافظة على التراث الحضاري، وقال بأنه من المجالات التي تختص فيها الفرقة أيضا، حيث تحرص عناصرها على المحافظة وحماية مواقع المنشآت الأثرية وتحديد أسباب تدهورها مع إخطار الجهات المعنية قصد صيانتها دوريا، ناهيك عن منع توسع العمران على حساب مواقع أثرية والسهر على المحافظة عليها، فضلا عن مراقبة صيانة شبكة المياه والصرف في مناطق التراث الحضري، ولا تتوقف طرق  حماية الإرث عند هذه الإجراءات، وإنما تتعداها إلى الحد من حركة المركبات ذات المحرك لحمايتها من التلوث، كما تحرص على إقامة مناطق محمية وإصلاح النظم الإيكولوجية المتدهورة.
تنسيق دائم مع مصلحة قمع الغش لحماية صحة المواطن
 ويعد التنسيق مع قطاعات عدة مهما في العمليات التي تقوم بها الفرقة، ولعل مديرية التجارة من الجهات التي يتم العمل معها بشكل دائم حسبه، وتحديدا مصلحة قمع الغش التي تعد شريكا أساسيا في مسعى حماية صحة المواطن، وذلك عن طريق محاربة كل أشكال التلوث الغذائي الذي يؤثر على سلامة الثروة الغذائية، و منع بيع الأطعمة والمشروبات المكشوفة و إجراء فحص طبي مخبري دوري للعاملين في مجال تصنيع الأغذية والمطاعم، مع الحرص على مراعاة الشروط اللازمة لاستخدام المواد المستخلفة التي تضاف إلى الأغذية لحفظها وتلوينها وفحصها مخبريا للتأكد من عدم تأثيرها الضار على الصحة. كما تشمل المهام كذلك، الحرص على ذبح الحيوانات في الأماكن المخصصة تحت إشراف طبيب بيطري، بالتنسيق مع مصالح البلدية، و منع بيع المياه بواسطة الصهاريج غير المعالجة، ناهيك عن منع بيع اللحوم  غير المحفوظة في المبردات والمعرضة لأشعة الشمس والغبار على مستوى الأسواق                ومراقبة بيع السمك والمنتجات البحرية ومنع الباعة المتجولين في الأحياء، مع التركيز على مراقبة وتفتيش المنتجات ذات المصدر الحيواني، وردع عمليات بيع الخبز على حواف الطرقات والأرصفة، ومراقبة المطاعم بمختلف أنواعها، و متابعة معالجة المياه القذرة، ناهيك عن التصدي لاستعمال المبيدات عشوائيا حفاظا على الصحة والبيئة، والحد من استعمال المبيدات الحشرية  والأسمدة الكيماوية إلا عند الحالات القصوى، و منع استعمال المياه الملوثة في ري الأراضي المزروعة بالخضروات.
تدخلات في الأماكن العمومية
و فيما يتعلق بمجهودات الفرقة في الأماكن العمومية كالأسواق مثلا، أوضح المسؤول بأنها تعمل على المحافظة على النظام العام، إلى جانب الحفاظ على الصحة كإقرار مواعيد الغلق والتنظيف ومراعاة تطبيق لوائح الأسعار ومحاربة الغش، وتقوم العناصر بالتدخل على مستوى المقاهي لغرض فرض احترام اللوائح المنظمة للمقاهي وساعات العمل، وكذا التدخل في حالة المساس بالنظام العام، على مستوى الساحات العمومية والحدائق .
و تعد المحافظة على البيئة من المهام المنوطة بالفرقة كذلك كما تشير إليه تسميتها، إذ يتوجب على عناصر شرطة العمران الحد من التلوث حفاظا على المحيط وصحة المجتمع، عبر جملة من الإجراءات التي تتمثل في تطبيق القوانين الخاصة بمنع الضجيج الصادر عن السيارات ومحلات بيع وتسجيل الأشرطة وقاعات الأفراح والحفلات، مع إلزام أصحاب الصناعات التي يصدر عنها الضجيج بتوفير أرضية عازلة أو مواد عازلة للصوت، بحيث تمنع انتشار الموجات الصوتية إلى الخارج، إضافة إلى توعية عمال هذه المؤسسات حول ضرورة استعمال أجهزة واقية، وتوجيه المسؤولين ومصالح البلدية لإنشاء مناطق صناعية خاصة خارج المجمعات السكنية، لتوفير أمن وسلامة وصحة المواطن وحماية البيئة من التلوث، والسهر على التنظيمات المتعلقة بالمساحات الخضراء.
إجراءات ردعية لأجل الصالح العام
وتتخذ الفرقة إجراءات قمعية تتمثل في إنذار المخالفين وأمرهم بتوقيف الأشغال، وإخطار السلطات المحلية قصد اتخاد التدابير اللازمة، ومساعدة المصالح التقنية عند القيام بمعاينات ميدانية صعبة   أو عمليات هدم، فضلا عن اتخاذ إجراءات قانونية بإعداد محاضر معاينة المخالفات وتحرير ملفات ترسل إلى العدالة و للسلطات المحلية كذلك، منوها بالدور الفعال لجهات محلية في التنسيق مع الفرقة لأجل محاربة ظاهرة البناء غير الشرعي، كما يعتبر محدثنا، دور وسائل الإعلام كبيرا في التوعية، كذلك دور العدالة الذي يتجلى من خلال السرعة في الفصل في قضايا المساس بالبيئة والعمران، معتبرا التنسيق مع المجتمع المدني من العوامل المساعدة أيضا، لما يلعبه في تشجيع تكوين الحركات الجمعوية قانونيا لحماية المحيط العمراني والبيئي .
ويعتبر الدور التوعوي والتحسيسي، حسب محافظ الشرطة ضروريا في مختلف مجالات النشاط، ويرتكز التحسيس على إبراز أهمية المحافظة على التراث الحضاري وتشجيع المواطنين على المشاركة في أعمال الصيانة وترميم وحماية المناطق الأثرية مثلا، لغرس وتعزيز روح الانتماء للمكان والحفاظ عليه ونشر ثقافة التبليغ عن التجاوزات التي تمس بالفضاء العام وتشوه الوجه الجمالي للمدينة.                     أ ب

الرجوع إلى الأعلى