مشروع تعديل الدستور يُعزز دولة القانون و يرسي حكامة جديدة
أكد أستاذ القانون  العام بجامعة الجزائر الدكتور أحمد دخينيسة ، أمس، أن مشروع تعديل الدستور يُعزز دولة القانون و يرسي حكامة جديدة ديمقراطية وفعالة، مضيفا أن هذا المشروع يُعزز الحقوق والحريات ويكرس حقوقا جديدة وضمانات قضائية وإجرائية وحماية الثوابت الوطنية، معتبرا  أن التعديلات المتعلقة بتشكيلة المجلس الأعلى للقضاء و أيضا استحداث المحكمة الدستورية يُعزز استقلالية القضاء،  وقال إن  مشروع تعديل الدستور نقلنا إلى تفعيل دولة القانون في بعدها الحقيقي كما أنه أدى بنا إلى شفافية الحياة العامة في جميع أوجهها والتي ستؤدي إلى حكامة جديدة  في الشق السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
* حــــاوره: مراد-ح
* النصر : كيف تقرأون المواد  المتعلقة بالحريات والحقوق التي جاء بها مشروع تعديل الدستور المعروض على الاستفتاء في الفاتح نوفمبر المقبل ؟
أحمد دخينيسة:  مشروع تعديل الدستور يعزز الحقوق والحريات  ويقر حقوقا جديدة  وأيضا هناك  ضمانات  أخرى جديدة قضائية أو إجرائية ، فهناك  توسيع لقائمة الحقوق والحريات في مشروع تعديل الدستور، ومنها ما يتعلق بالحق في الحياة و بحماية المرأة من العنف سواء في الوسط العام أو الخاص أو في الوسط المهني وأيضا ما تعلق بالأشخاص ذوي الوضعيات الهشة وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة ،  وأيضا بحماية الحياة الخاصة للمواطنين في حالة المعالجة الأوتوماتيكية للمعطيات الموجودة، وأيضا الحماية القانونية على المستوى الدستوري بواسطة المحكمة الدستورية كضامنة للحقوق والحريات ، والدعامة الثانية ما تعلق بالقضاء عموما وخاصة هناك ضمانات أخرى إجرائية وهي ما تتعلق بإخضاع مجموعة من الحريات العامة إلى مجرد   التصريح البسيط كإنشاء الجمعيات ، الاجتماعات وتأسيس الصحف،  التي أصبحت لا تخضع للترخيص بل لمجرد التصريح البسيط وبالتالي هذه دعامة كبرى، إضافة إلى كل ما هو حقوق وحريات وخاصة ما جاء  في المادة 34 والجديد في النص أن هذه الحقوق والحريات يجب أن تتوافق مع حماية الثوابت الوطنية خاصة ما تعلق بالإسلام والعربية ،  فهناك نوع من الضمانات وحماية الثوابت الوطنية في مواجهة أي حريات وخاصة حرية التفكير والديانة والاجتماع وحرية الصحافة ، فالثوابت الوطنية محمية دستوريا .
استحداث المحكمة الدستورية تعزيز لاستقلالية القضاء
* النصر : أي أثر سيكون برأيكم لاستحداث محكمة دستورية بدل المجلس الدستوري و إقرار تعديلات تخص المجلس الأعلى للقضاء ؟
أحمد دخينيسة:   بالنسبة للقضاء عموما أي العدالة في النص الجديد تعززت الاستقلالية العضوية عبر الأغلبية الموجودة لصالح القضاة في تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء، وهذا يعزز استقلالية القاضي، سواء الدستوري أو القاضي العادي والإداري، لأنه كلهم  في نص الدستور لهم وظيفة أساسية وهي حماية  الحقوق والحريات، وبالتالي كل التعديلات تصب خاصة في دعم الاستقلالية العضوية لهذه الهيئات خاصة أن المحكمة الدستورية ، ستتكون من 12 عضوا ، 4 أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية من بينهم رئيس المحكمة ، عضو واحد تنتخبه المحكمة العليا من بين أعضائها وعضو واحد ينتخبه مجلس الدولة من بين أعضائه و6 أعضاء ينتخبون بالاقتراع العام من أستاذة القانون الدستوري، وهذه سابقة لم تحدث في نظم مقارنة  أخرى ، بمعنى أن هناك دعم كبير لفكرة استقلاليتهم، فاستحداث المحكمة الدستورية في مشروع تعديل الدستور هو تعزيز لاستقلالية القضاء، سواء من حيث تشكيلتها  أو من حيث وظائفها  واختصاصها،  فقد توسعت أدوار المحكمة الدستورية على ضوء أن هناك تحول في طبيعتها من مجلس إلى هيئة قضائية تعمل وفق المسار والمنطق القضائي الذي يعطي أكثر ضمانات، لأنه  أولا أصبحت المحكمة الدستورية بتشكيلتها واسعة تعكس المجتمع  أكثر مما تعكس السلطة وثانيا من حيث الصلاحيات أنها أصبحت مكلفة بضبط النشاطات القانونية لمختلف السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، والعمل على ضبط هذه العلاقات، كما أنه يمكن لها تفسير أي حكم أو مادة دستورية اعتراها  تفسير ضيق أو الغموض أو تفاسير متناقضة ، إضافة إلى وظائفها الأخرى المتعلقة برقابة المعاهدات، القوانين وتوسيعها إلى الأوامر وكذلك التنظيمات وبالتالي هناك توسعة كاملة في صلاحياتها  تغطي كل النظام القانوني وتفعل كل  الأطراف القانونية من سلطات وأفراد، بما يخدم فكرة دولة الحق والقانون والتي مضمونها حماية وضمان الحقوق والحريات .
* النصر : مشروع تعديل الدستور تضمن العديد من المواد والتي اعتبرت استجابة لمطالب الحراك الشعبي وأنها خطوة في مسار تجسيد الجمهورية الجديدة مارأيكم ؟
أحمد دخينيسة:  فيما يخص الفصل بين السلطات، أصبح هناك فصل جدي بين السلطات ، خاصة أن هناك إقرار وإلزام أن تنبثق الحكومة من الأغلبية السياسية، سواء الرئاسية أو البرلمانية، بمعنى احترام السيادة الشعبية، لأن الحراك الشعبي هو الذي أعاد السكة إلى فكرة السيادة الشعبية ، والمادة  7 و8  تتجسد في أن الانتخابات التشريعية تؤدي بالضرورة إلى أغلبية سياسية ، وبالتالي هناك استجابة للمطلب الأساسي للحراك هو العودة إلى السيادة الشعبية  التي تتجسد  في رئيس منتخب وبرلمان منتخب يفرز حكومة منبثقة عن هذا البرلمان وبالتالي العودة إلى  الشرعية الشعبية  بأن تنبثق الدولة بسلطاتها الثلاث من السيادة الشعبية  والتي تتم سواء عن طريق الاستفتاء أو عن طريق الانتخابات والتي ستفرز هيئات سياسية،  سواء البرلمانية أو حتى اللامركزية .
مكافحة الفساد أخذت مكانة مركزية في مشروع تعديل الدستور
ويمكن القول أننا  بصدد خطوات وأحكام جديدة كثيرة تنقلنا من طور الجمود  السياسي و اللامسؤولية إلى الحركية السياسية واحترام السيادة الشعبية و الذهاب إلى إعادة الحياة  السياسية و الاجتماعية إلى مسارها الطبيعي الذي يحمي  الحقوق ويحمي الصالح العام في جميع أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فمطالب الحراك تجسدت في مشروع تعديل الدستور والحراك له وظيفة تاريخية هو أنه حرك الجمود وهو الذي قطع مسار انهيار الدولة، فنحن بصدد إعادة بعث الدولة ومازال هذا المسار متواصل،  ثم أن الحراك يطالب بإسقاط الفساد والآن أصبحت قاعدة الحكم قائمة على الشفافية في تسيير  الشؤون العمومية والتي تقتضي محاربة الفساد ، فمكافحة الفساد أخذت مكانة مركزية في مشروع تعديل الدستور لأنها هي التي تؤدي إلى شفافية الحياة السياسية، سواء في الشق السياسي ، الانتخابات أو تمويل الأحزاب وفي الشق الاقتصادي ، المنافسة، الشفافية في التسيير العمومي وفي تسيير المالية  العمومية،  فهناك استجابة لمطالب الحراك الأساسية .فمشروع تعديل الدستور، نقلنا إلى تفعيل دولة القانون في بعدها الحقيقي و ثانيا أدى بنا إلى شفافية الحياة العامة في جميع أوجهها التي ستؤدي إلى حكامة جديدة  في الشق السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بدل الغموض والفساد والرشوة التي كانت هي قواعد التسيير العمومي، فهناك تحول في قواعد التسيير العمومي، سواء السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي من قواعد الفساد والرشوة وتبديد الأموال العمومية إلى الحوكمة الديموقراطية والحوكمة الاجتماعية الشفافة التي تسمح لكل فرد والجماعات أن يسيطروا على مستقبلهم ويعود مصير الشعب إليه  وهذا الذي كان غائبا حيث كان المجتمع مبتورا عن السلطة وقد عادت اللحمة بين المجتمع والسلطة، بحيث تبرز السلطة مطالب المجتمع وتمثلها.
مراد - ح

الرجوع إلى الأعلى