يرى المدير الأكاديمي للمدرسة البريطانية للإدارة و الأعمال بالجزائر، سيد علي يوسفي، أن العديد من المعاهد و المدارس الخاصة أصبحت تستغل حاجة الشباب لتحصيل شهادات جديدة تثري سيرهم الذاتية، من أجل ربح الأموال، و ذلك من خلال «اللعب على المشاعر» عبر التسويق الالكتروني المكثف و المميز بغرض استقطابهم، لكنه يؤكد للنصر أن ضحايا مثل هذه الهيئات قد يتحملون جزءا من المسؤولية بسبب عدم التحقق و البحث قبل التسجيل فيها، كما يتطرق المختص في إدارة الأعمال، إلى أهمية اللغة الانجليزية في سوق العمل والتخصصات المطلوبة أكثر، إضافة إلى مواضيع أخرى تطالعونها في هذا الحوار.

- حاورته: ياسمين بوالجدري

- تُوفر المدرسة البريطانية للإدارة والأعمال شهادات من جامعات بريطانية وعالمية باللغة الإنجليزية. هل لمستم إقبالا من الجزائريين على هذا النوع من الشهادات منذ تأسيس مدرستكم؟
تم تأسيس المدرسة البريطانية للإدارة والأعمال سنة 2016 في الجزائر وتعتبر أول مدرسة جزائرية حائزة على اعتماد من الدولة البريطانية، لتوفر لعملائها من طلبة ومهنيين مؤهلات متنوعة من شهادات أكاديمية جامعية في أعرق وأكبر وأوثق الجامعات البريطانية والعالمية والمتمثلة في الإدارة والأعمال، السياحة و الفندقة، الإعلام الآلي، المحاسبة و المالية، التعليم والتدريب، إدارة المشاريع، والرعاية الصحية والاجتماعية، مع ضمان الاستمرارية في أكبر الجامعات البريطانية والعالمية لنيل شهادات متعددة والمتمثلة في الليسانس، شهادات ما بعد التدرج، و الماستر، وفي الأخير شهادة الدكتوراه وذلك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتحديد في الجزائر، بهدف توفير التعليم البريطاني باللغة الإنجليزية.
من أجل ذلك قمنا بدراسة السوق الجزائرية و الإقبال على اقتناء شهادات عالمية و خاصة باللغة الحية و هي الإنجليزية، من طرف الطلبة الجزائريين من كل الأطوار الجامعية وخاصة المهنيين منهم، لتطوير أنفسهم بالحصول على تعليم أكاديمي في المستوى، كما نُبرم اتفاقيات مع مؤسسات الدولة و أيضا تلك الخاصة.
- أخبرنا عن التخصصات الأكثر طلبا
أكثر التخصصات المطلوبة لاقتناء شهادات الليسانس و الماستر هي الإدارة و الأعمال، الرعاية الصحية و الاجتماعية، الإعلام الآلي و تخصص السفر والسياحة.
- ما هي الفئات التي تقبل بصورة أكبر على الدراسة لنيل هذه الشهادات؟
كل الفئات العمرية مقبلة و مهتمة بالتسجيل، ابتداء من تلاميذ الثالثة ثانوي الناجحين في امتحان البكالوريا إلى أصحاب الماجستير الذين يودون إعادة دراستهم بأرقى و أفضل الجامعات العالمية.
- يُلاحظ خلال الأعوام الأخيرة ظهور عشرات المدارس والأكاديميات التي يقول أصحابها إنهم يحوزون على اعتمادات، لكن المتخرجين منها كثيرا ما يصطدمون بكون هذه الشهادات التي دفعوا لأجلها مبالغ باهظة، غير معترف بها في الحياة العمليّة. كيف يمكن التحقق من مصداقية مثل هذه المؤسسات قبل التسجيل فيها؟
هذا هو الواقع للأسف و سؤالك فيه جوانب عديدة و هي: هل هذه المدارس والأكاديميات لها اعتمادات حقيقية أم اعتمادات وهمية؟ الإجابة عن هذا السؤال هو أنه على الدولة و خصوصا وزارة التعليم العالي، أن تلعب دور المنظم و المراقب للحد من هذه التلاعبات التي تعتبر لا أخلاقية في مجال التعليم، فهو قبل أن يكون مجال أعمال يجب أن يكون مسؤولية اجتماعية و أكاديمية للحفاظ على قيمة التعليم.
أصبحنا نرى كل يوم على الأنترنت، إنشاء جامعات وهمية بمبالغ بسيطة بعد استحداث موقع إلكتروني مميز و القيام بالتسويق الإلكتروني المركز الذي يغري الطلبة للتسجيل، ليجدوا أنفسهم بعد ذلك أمام مشكلتين، إما الحصول على شهادة غير معتمدة و ليس لها أصل لأنها مطبوعة بطابعة عادية و ليس لها أي توثيق خاص أو عام، أو التخرج من جامعات خاصة ذات اعتمادات من هيئات خاصة كذلك، و بعد مدة ليست بالطويلة تأتي الطالب رسالة بأن الاعتماد قد سحب من المدرسة و بأن شهادته صارت غير معترف بها و ليس لها أي قيمة حقيقية.
هذه المدارس لا تلعب أيضا دورا توعويا و همها الوحيد تسجيل الطلبة و تحصيل أرباح على أساس ذلك، كما أن الطلاب لا يسألون عن الاعتمادات أو حتى المجالات المرجو دراستها، في غياب التوجيه الصحيح الذي يعود عليهم بالنفع، فالتعليم العالي استثمار في الذات للوصول إلى هدف يجب أن يكون مدروسا بدقة.
- بعض هذه الأكاديميات والمدارس تقدم شهادات بعد فترة تكوين قصيرة جدا قد لا تزيد عن أسبوع، ما يغري الكثير من الطلاب. هل هذا أمر منطقي من وجهة نظرك؟
التعليم الأكاديمي يكون في الغالب طويل الأجل، أما الشهادات القصيرة المدى فأرى أنها ليست موثوقة على غرار الشهادات المهنية التي يمكن للطالب أن يدرس فيها 5 أيام فقط و مراجعة الأسئلة و التقديم على الامتحان. التعليم الأكاديمي هو عبارة عن استثمار كما قلت سابقا في الجهد، الوقت و المال، و بالنسبة للطلاب الذين يفضلون شهادات قصيرة المدة الزمنية، يجب عليهم التأكد من صحة الشهادات وأن لا ينجرّوا وراء التسويق و الإعلانات التي تلعب على المشاعر أكثر من أن تكون حقيقية، فيصطدمون بهذا الواقع بعد بذل مبالغ من المال و الجهد البدني والفكري.
كمثال عملي في التعليم العالي الحكومي، كل الشهادات تكون مدتها ابتداء من سنتين لتحقيق شهادة معترف فيها عالميا، و هذا دليل على أن الأنظمة الجامعية مدروسة من الناحية الزمنية لبناء ذهنية أكاديمية يتم استخدامها في المجال المهني و البحث العلمي، و هنا أنصح الطلاب ألا يفكروا في النهايات و ما هي الوظائف التي يجب أن يعملوا فيها وهم لم يبدأوا الدراسة بعد. من الجميل القيام ببحث من أجل اختيار التخصص الملائم  ولكن التركيز في التعليم و التعلم أهم من إكمال السنة من أجل الشهادات.
في المدرسة البريطانية للإدارة والأعمال مثلا، لدينا شهادات كثيرة و بمستويات متفاوتة و في الغالب الشهادات الأكاديمية لا تكون قصيرة الأمد، أما المهنية فتكون قصيرة المدى لكنها مقتصرة على مجالات تطبيقية محدودة، و لمدة لا تقل عن شهرين.
- بحكم خبرتك في المجال، ما هي الثغرات القانونية و التنظيمية أو الاختلالات التي قد تعتقد أنها ساعدت على زيادة انتشار مثل هذه المدارس؟
في اعتقادي أنه لا توجد ثغرات قانونية لأن الذي يكون غير قانوني لا يستطيع أن يخلق ثغرات قانونية بالأساس، و إنما يتلاعب بالمفردات و يستغل نقص علم و ثقافة الطلبة. أظن أن الثغرة موجودة في ثقافة طلابنا و النقص الفادح في البحث و التأكد من اعتمادات المعاهد و المدارس، إذ يمكن التحقق بالتواصل مع الجامعات الرئيسة بالبلدان الأصلية لهذه المؤسسات، لهذا السبب تتيح مدرستنا للطلبة، إمكانية التأكد من أية معلومة حول أية جامعة بالعالم و الحصول على استشارات في هذا المجال مجانا، كما سنقيم ورشات عمل تطبيقية و عبر الأنترنت لتوعية الطلاب حول كيفية تقديم و اختيار التخصص المناسب من الجامعة المراد الحصول على شهاداتها، مجانا كذلك.
- يتجه العديد من الجزائريين، وخصوصا الشباب إلى تعلم اللغة الانجليزية لتوظيفها في مجالات تخصصهم، كيف تقرأ هذا الميل للانجليزية؟
هناك مثل يقول: العربية للكتابة، الفرنسية للكلام، والإنجليزية للعلم، وينطبق هذا خاصة على علم الإدارة و الأعمال و المجال التقني لسهولة الانجليزية وتوفر المراجع التي لا توجد تحت غطاء أي لغة أخرى. الإنجليزية هي مفتاح العالم حاليا لأن كل الدول وكل الأسفار والسياح ينطقون بها على تفاوت في المستويات.
- برأيك، ما هي الفوائد التي يمكن أن تجنيها الجزائر من خلال تعميم الدراسة باللغة الانجليزية؟
شخصيا أنصح بتعلم هذه اللغة و أنصح الدولة الجزائرية و القطاع التعليمي على وجه الخصوص بفرضها بأي شكل من الأشكال، لأنها المفتاح التعليمي مع العالم الخارجي.
تعميم اللغة الانجليزية سيعطي فرصا أكبر في تطوير المجتمع، بقابلية التواصل مع المجتمعات الخارجية عبر الأسفار أو مواقع التواصل الاجتماعي، أيضا في البحث العلمي و ذلك لقدرة الطلبة على مراجعة عدد أكبر من المراجع العالمية، إضافة إلى فوائد أخرى سيتم جنيها بعد أخذ القرار والسير في التدابير التطبيقية.
هل سيشجع دعم الدولة للمؤسسات الناشئة، الشباب على عدم الاكتفاء بالتحصيل الجامعي، و الدراسة لنيل شهادات إضافية من معاهد خاصة؟
الدولة بارك الله فيها تقوم بمجهودات جبارة في دعم الشباب في كل المجالات، وخاصة بإنشاء صندوق تمويل المؤسسات الناشئة و غيرها من المبادرات التي يجب أن يتم تنظيمها بإحكام أكثر و مراقبة صارمة، مع دعم مستمر و توجيه بطرق احترافية، بهذا الخصوص تقوم مدرستنا بالمساهمة في التدريس، التعليم، التوجيه و غير ذلك. و للعلم فإن وزارة التعليم العالي أعطت مؤخرا العديد من الاعتمادات لمراكز ومدارس خاصة وذلك بهدف المساهمة في تطوير المجتمع المهني.
- ما هي النصائح التي توجهها إلى الأشخاص الراغبين في تطوير سيرهم الذاتية بمهارات جديدة و مطلوبة في سوق العمل؟
انطلاقا من خبرتي المهنية الممتدة لأكثر من 14 سنة في مجال التعليم، التدريب، الإدارة والأعمال والاستشارات في قطاع الأعمال و التكنولوجيا، أهم مهارة يجب أن يتعلمها الطلاب  والمهنيون، هي التواصل المباشر و غير المباشر مع تعلم اللغات الحية و خاصة الإنجليزية التي تفتح آفاقا لكل مجتهد.
   ي.ب

الرجوع إلى الأعلى