أسعار النفط ستبلغ 65 دولارا للبرميل هذا العام
• ارتفاع الأسعار يجعلنا نفكر بأسلوب منهجي بعيدا عن الضغوطات  • علينا الاستمرار في خفض فاتورة الواردات  و تفعيل جهاز الجباية
أكد الخبير الطاقوي الدكتور مهماه بوزيان، أن ارتفاع أسعار النفط يجعلنا في أريحية ونفكر بأسلوب منهجي ، بعيدا عن الضغوطات والإكراهات، مؤكدا في هذا السياق، على ضرورة الاستمرار في ضبط التجارة الخارجية والتفكير بجدية في تفعيل جهاز الجباية وقال إنه لكي نستفيد من الزيادات في أسعار النفط، لابد من التحكم في المصاريف الداخلية ، وتفادي التبذير وأن يتم ضبط التجارة الخارجية  واجتثاث ظاهرة تضخيم الفواتير، واعتبر أن الاتفاق التاريخي «لأوبك+» و التزام وانضباط وبقاء التوافق داخل «أوبك» مع شركائها، عزز من المنحى الإيجابي لأسعار برميل النفط وأضاف أن هذا الاتفاق جاء في ضوء رئاسة الجزائر لمنظمة أوبك السنة الماضية .
النصر :  تشهد أسعار النفط تحسنا في  المدة الأخيرة ، ما هي الأسباب التي أدت إلى تواصل ارتفاع الأسعار ؟
مهماه بوزيان: الشيء الذي أصبح من الثوابت في تحليل الأسواق النفطية، أنه من المغامرة حقيقة التوقع حتى على مدى أسبوع وهذا رأي كل الخبراء والمتتبعين، لأن تعقيدات السوق وأيضا العوامل الهيكلية للسوق مازالت قائمة، كما كانت في فترة الكوفيد، لكن على الأقل دعنا نستحضر بعض العناصر حتى نستطيع حقيقة أن نتلمس أوجه وجوانب الرؤية لأفق الأسواق النفطية ، أولا  دعنا نقول أن تضرر سعر النفط على العموم في 2020 ، أنه كان تضافر وتزاوج أربعة عناصر أساسية.  أولا، نحن نعلم أنه في بداية 2020 ، كانت هناك تخمة من النفط  وكانت كميات كبيرة من النفط طافية على الأسواق ومعلوم أن «أوبك» كانت تقوم بجهد كبير بغية موازنة السوق ، والعنصر الثاني هو أن سنة 2020 الآن تصنف على أنها سنة دافئة وهي أسخن عام منذ بداية قياس درجة الحرارة على وجه  المعمورة ولما تكون السنة دافئة فإنه يقل الطلب على وقود التدفئة على الخصوص، معنى ذلك يقل الطلب على النفط، بالإضافة إلى ذلك جائحة كورونا،  نتيجة للإغلاق وتوقف النقل في المعمورة و مع بدايات أفريل 2020 وصلنا إلى فائض 28 مليون برميل  يومي من النفط وكذلك كان أيضا فائض في الغاز الطبيعي، وأيضا كذلك طوفان الخام الأمريكي الذي شكل تهديدا لتوازن الأسواق النفطية العالمية ، ولما جاءت كورونا كانت الأجواء مهيأة للإطاحة بسعر برميل النفط  ولكن بعد ها ومع شهر أفريل وقع هناك اتفاق تاريخي «لأوبك+» ، لأن الاتفاق خرج من «أوبك»، واتفاق القيام بتخفيضات تاريخية وقياسية وعندما نتحدث عن هذا التوافق ينبغي أن نذكر أن الجزائر هي التي كانت ترأس في السنة الماضية مجموعة أوبك،  لذلك نقول أن هذا الجهد التاريخي والاستثنائي  كان تحت رئاسة الجزائر لمجموعة أوبك ،  وحتى في الفترة التي وقع فيها الصراع وما عرف بحرب برميل النفط بين السعودية  وروسيا، فإن الجزائر لم تفقد الأمل وكانت دعواتها متكررة للعودة إلى طاولة  التوافق وبالفعل عاد الفرقاء إلى  طاولة  التوافق وتم التوافق بين أوبك وشركائها من خارجها ، ال10 دول التي تقودهم روسيا وتم التوافق على تخفيض الإنتاج على ثلاث مراحل ، لذلك عندما نستحضر هذا الجهد  التاريخي وهذا الاتفاق التاريخي، فإنه هو الذي انقذ وانتشل سعر برميل النفط وانطلق تزايد سعر برميل النفط من نقطة 22 دولارا للبرميل ولذلك لما نقرأ منحى التزايد، أنه جاء بدءا من نهاية شهر أفريل بعد إقرار هذا الاتفاق التاريخي، ولذلك نجد أنه منذ نهاية أفريل وحتى نهاية أوت 2020 ، كانت هناك زيادة سلسة لسعر برميل النفط  خام برنت القياسي العالمي  انطلق من نقطة 22 دولارا وتجاوز عتبة 45 دولارا للبرميل ومنذ بداية سبتمبر حتى بداية شهر نوفمبر 2020 نزلت الأسعار قليلا، لكنها بقيت تتذبذب، حول نقطة مركزية  هي 40 دولارا للبرميل ، أحيانا وصلت 46 دولارا وأحيانا نزلت حتى 38 دولارا ، لكنها في المتوسط بقيت تتذبذب لمدة شهرين حول نقطة 40 دولارا ثم بدءا من نوفمبر الماضي وعلى مدى 10 أسابيع كاملة، إلى غاية أول أمس كانت هناك زيادة سلسة بقيمة 18 دولار ا على مدى 10 أسابيع ، وأنه تجاوز حتى نقطة 57 دولارا للبرميل ولذلك  هناك عناصر مهمة جدا أولا  أثر الاتفاق التاريخي «لأوبك+» وثانيا أنه منذ شهر أفريل 2020 ، منظمة أوبك وشركاؤها من خارجها أثبتوا التزامهم وانضباطهم ، وهذا الالتزام والانضباط وبقاء التوافق داخل أوبك مع شركائها هو الذي عزز من المنحى الإيجابي لأسعار برميل النفط  بكل خاماته ، وبدءا من نهاية شهر نوفمبر مع بداية ظهور تباشير حول توصل  المجموعة الطبية العالمية إلى مجموعة من اللقاحات تتجاوز فعاليتها 95 بالمئة، هذا عزز الدعم الذي قدمته مجموعة  «أوبك+» لأسعار خامات برميل النفط والعنصر الثالث الذي قفز بسعر برميل النفط فوق 55 دولار ا هو مباشرة المجموعة الدولية خاصة على مستوى العديد من الدول، عملية التلقيح  ، إذن هذه الآمال التي تعقدها المجموعة الاقتصادية الدولية على نتائج اللقاحات  هي التي عززت أسعار برميل النفط على أساس  أنه سوف يتم رفع الحجر ورفع الإغلاق وعودة النشاط الاقتصادي وعودة الطلب على النفط  والعنصر الرابع في هذا المجال نعود أيضا إلى أوبك في حد ذاتها ، فينبغي أن نتحدث عن شيء جوهري  في هذه العملية و هو تضحيات مجموعة أوبك على المستوى العالمي لصالح الاقتصاد العالمي ولصالح
 النفط.
النصر : كيف تتوقعون أسعار النفط في الأشهر المقبل؟
مهماه بوزيان: سعر برميل النفط سيواصل تزايده بسلاسة وبطء، لا ننتظر أن تكون قفزات كبيرة، لأن  هناك معيقات للأسعار،  هناك رئيس أمريكي جديد ،  سوف يراجع السياسة الأمريكية تجاه إيران، معنى ذلك أنه سيعود  النفط الإيراني إلى السوق  والذي سيمتص الكثير من السحب الذي قامت  به أوبك ، معنى ذلك انه ستكون إضافة معتبرة من النفط الإيراني .
والأسعار ممكن أن تتجاوز 65 دولارا للبرميل خلال العام الجاري، لكنها تنزل من جديد ، وبذلك فإن متوسط الأسعار خلال السنة الحالية، سيكون  50 - 55 دولارا والأكثر ترجيحا أتوقع إنهاء سنة 2021 بمتوسط 50 دولارا للبرميل .
 النصر : ماهي انعكاسات التعافي في أسعار النفط على الميزانية العمومية وتنفيذ خطة الإنعاش الاقتصادي ؟
مهماه بوزيان: الميزانية، سواء السنة الماضية أو هذه السنة مبنية على العجز، لأنه مهما تكن الزيادات في أسعار برميل النفط وفي مداخيلنا ، فإنها لا تغطي العجز الموجود في الميزانية ، والشيء الثاني،  فاتورة الواردات مازالت مرتفعة ولعل الشيء المهم جدا الذي تم تحقيقه وهو بدء اجتثاث ظاهرة تضخيم فواتير الاستيراد  و بدء التحكم في فوترة الواردات وهذه نقطة إيجابية، لذلك لابد أن تتضافر ثلاثة جهود حتى نستفيد من هذه الزيادات،  أولا لابد من التحكم في المصاريف الداخلية ، ونتفادى التبذير وأن يتم ضبط التجارة الخارجية  واجتثاث ظاهرة تضخيم الفواتير ولما تتضافر كل هذه الجهود نستطيع أن نقول أن كل دولار يضاف فوق السعر المرجعي ينبغي أن يذهب إلى الاستثمارات  وأن يذهب إلى  مخططات التطوير والتنويع الاقتصادي ولابد أن نعلم أن التنويع الاقتصادي لا يظهر في 2021 أو 2022 ، بل هو  عمل ينبغي أن تخصص له سنوات ولذلك فإن ارتفاع أسعار النفط هو شيء مهم جدا لنا وللحكومة ويجعلنا في أريحية ونفكر بأسلوب منهجي  وبعيدا عن الضغوطات والإكراهات ولكن علينا مسؤولية الاستمرار في ضبط التجارة الخارجية والتفكير بجدية في تفعيل جهاز الجباية.   
النصر : ما هي الأولويات في رأيكم لتحقيق انطلاقة اقتصادية في 2021 في ظل إمكانية تحسن مداخيل الخزينة ؟
 مهماه بوزيان: الأولويات هي الرقمنة ، ومراجعة قانون الاستثمار  وتحرير المبادرة واعتماد منطق المؤسسة ،  وأيضا لا ينبغي وضع المؤسسات، خاصة العمومية في سلة واحدة ، المؤسسات الناجحة   والتي تغذي الاقتصاد الوطني ينبغي  إطلاق مبادراتها في توسيع استثماراتها حتى بالعملة الصعبة.      
حاوره:  مراد - ح

الرجوع إلى الأعلى