مقاعد البرلمان المقبل ستتوزّع بشكل متقارب بين الأحزاب و الأحرار
* نسب القوائم الحرة ستكون مرتفعة مقارنة مع استحقاقات الماضي
يرى الباحث و المحلل السياسي الدكتور علي ربيج، أن الأحزاب السياسية ستواصل السيطرة على البرلمان القادم دون أن تكون هناك أغلبية مطلقة لأي حزب كان، حيث ستتوزع المقاعد بشكل متساوي أو متقارب إلى حد ما بين الأحزاب السياسية، مع وصول كتلة جديدة هي  كتلة الأحرار والتي سيكون لها موقع ضمن الخارطة السياسية في المستقبل، مضيفا أن نسب القوائم الحرة ستكون مرتفعة، مقارنة مع أي استحقاق انتخابي حدث في الماضي،  كما اعتبر أن الخارطة السياسية القادمة ستعطي فرصة للأحزاب السياسية، بأن تشكل أغلبية رئاسية وليس برلمانية،  وهذا ما يفتح الباب أمام  تشكيل حكومة تحالف  وتوافق وتفاهم بين الكتل الحزبية أو بين الأحزاب السياسية التي ستخرج من رحم الانتخابات القادمة، كما يمكن توسيع دائرة التشاور والتحالف مع كتلة الأحرار.
* النصر : كيف تقرؤون الأرقام التي أعلن عنها رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي، أول أمس، والمتعلقة بالقوائم المقبولة لخوض غمار الاستحقاق المقبل ؟
 علي ربيج :  كقراءة أولية للأرقام التي تم الكشف عنها من طرف رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي، فإن العدد الكبير من القوائم الحرة  المقبولة ، مقارنة بالأحزاب السياسية ، كان متوقعا لعدة اعتبارات، أولا من الناحية العملية ، حيث أن عدد الأحزاب ليس كبيرا حتى يغطي كامل التراب الوطني، وثانيا التسهيلات التي جاءت في القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، فيما يتعلق بالمضي نحو تشكيل قوائم حرة،  هي التي شجعت وسهلت من  عملية تشكيل هذه القوائم و أيضا الشيء الذي شجع النخب والأكاديميين والأساتذة الجامعيين على ولوج العملية السياسية عبر الترشح لانتخابات المجلس الشعبي الوطني، من خلال القوائم الحرة، بعيدا عن القوائم الحزبية، هو أن الظروف والبيئة التي نشأت بعد الحراك الشعبي المبارك، والضمانات السياسية للسيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لتنظيم انتخابات تشريعية شفافة تعطي الفرصة للجميع، بالإضافة إلى أن خوض معركة الانتخابات التشريعية كانت دائما محط استقطاب وجذب للعديد من المترشحين من النخب،  من جهة أخرى، فإن الممارسات السياسية في الماضي كانت تقصي الإطارات وتقصي النخب وتعتمد على المال الفاسد، لذلك جعلت هذه النخب تتوجس خوفا من هذه  الأحزاب و لا تشارك عبرها .
النصر : كيف تتوقّعون الخارطة السياسية وتشكيلة البرلمان القادم على ضوء  هذه الأرقام  ؟
 علي ربيج : أتوقع أنه بالنسبة للأحزاب السياسية ، سيكون لها مكان داخل  هذا البرلمان، لأنه غير ممكن أن نتوقع غياب تام للأحزاب السياسية، ونشير هنا إلى  نقطة مهمة جدا وهي عامل 5 بالمئة من الأصوات المعبر عنها ، فكل قائمة حرة لا تستطيع أن تتعدى  عتبة 5 بالمئة من الأصوات المعبر عنها  ومن خلال عملية حسابية ستتحول أصوات تلك القوائم إلى قوائم الأحزاب، لأن العملية هي تقنية نوعا ما  وحسابية ، و الأحزاب السياسية في العادة لديها تمثيل واسع على مستوى الوطن، أما بالنسبة للقوائم الحرة، فلا نجد قوائم حرة تمثل أكثر من ولاية، بل بالعكس هي مقتصرة على ولاية واحدة فقط، ولهذا أي قائمة تدخل في المنافسة مع أحزاب سياسية على مستوى الولاية، المطلوب منها أنها تتعدى نسبة 5 بالمئة وهذا شرط مهم جدا حتى تحسب لها الأصوات، وإذا اجتازت هذه النسبة ما هو مصير قوتها وتنافسها مع الأحزاب؟، دون أن ننسى أن الأحزاب التقليدية، كالأرندي ، الأفلان ، حمس ، جبهة المستقبل ، حركة البناء ، النهضة وغيرها  متواجدة ومنتشرة ولديها قوة التعبئة  و الحشد الشعبي في هكذا مناسبات ، فهذه الأحزاب لديها التكوين والتواجد السياسي والانتشار الجغرافي العروشي الذي يلعب دورا كذلك في هذه الأحزاب، ومع هذا نتمنى أن تكون لهذه القوائم الحرة الفرصة بأن تصل للبرلمان وتشكل هي كذلك كتل برلمانية لقوائم حرة تستطيع أن تدخل في مشاورات أو تفاهمات أو تحالفات في المستقبل ، وعلى العموم كقراءة خاصة لمستقبل الخريطة السياسية داخل البرلمان، أتوقع استمرار سيطرة الأحزاب السياسية و نتوقع أن لا تكون هناك أغلبية مطلقة لأي حزب كان، مثل ما كان يحدث في الماضي بالنسبة للأرندي والأفلان،  بل سيكون هناك توزيع للمقاعد بشكل متساوي أو متقارب إلى حد ما بين الأحزاب السياسية مع وصول كتلة جديدة هي قائمة كتلة الأحرار والتي أكيد سيكون لها موقع ضمن الخارطة السياسية في المستقبل،  وكقراءة ثانية أتوقع أن الخارطة السياسية القادمة ستعطي فرصة للأحزاب السياسية بأن تشكل  أغلبية رئاسية وليس برلمانية، وهذا ما يفتح الباب أمام  تشكيل حكومة تحالف  وتوافق وتفاهم بين الكتل الحزبية أو بين الأحزاب السياسية التي ستخرج من رحم الانتخابات القادمة ويمكن توسيع دائرة التشاور والتحالف مع كتلة الأحرار .
النصر: كيف تنظرون إلى الموعد الانتخابي المقبل وهل يمكن اعتباره محطة مهمة لتحقيق التغيير المنشود ؟
 علي ربيج :  هذه الانتخابات جاءت استثنائية بعد قرار حل البرلمان من طرف رئيس الجمهورية ، فالبرلمان السابق وجهت له الكثير من الاتهامات من طرف الحراك الشعبي المبارك وكذلك من طرف بعض الأحزاب السياسية التي كانت من داخل البرلمان تنادي أنه يجب حله ، إذن كان هناك إجماع بين النخب السياسية والجامعية والرأي العام، الإعلاميين، أن هذا البرلمان يجب أن يذهب و هنا تجاوب الرئيس مع هذه المطالب بأنه حل البرلمان ، وكذلك هذه الانتخابات تأتي بعد تغييرات في دستور 2020 وقانون الانتخابات الجديد وتنصيب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات ودسترها ، حيث أصبحت هذه السلطة مستقلة تعمل على تسيير وتنظيم الانتخابات  وهو رهان وتحدي بالنسبة إليها وكذلك بالنسبة للأحزاب السياسية ، و ستكون هناك خارطة سياسية جديدة بعد انتخابات 12 جوان،  لأننا سنكتشف الثقة  والوزن لكل حزب سياسي ولكل تكتل  داخل الحياة السياسية، ونتطلع إلى مرحلة جديدة على الأقل بالنسبة للبرلمان كهيئة تشريعية، لأنه يجب أن يعاد تصحيح الصورة اتجاه  هذه  السلطة التشريعية التي  شابها الكثير من التشويه ولهذا نتوقع أن تلعب دورها، خاصة فيما يتعلق بالتوازن بين السلطات وتلعب دور  المراقب والمساءلة اتجاه الحكومة التي ستخرج وتنبثق من البرلمان وأتوقع أن هذه الانتخابات ستسمح لنا أن نشهد حكومة منبثقة من البرلمان بعد انتخابه من طرف الشعب في 12 جوان ، إذن هناك عدة عوامل  تجعلنا نقول إننا أمام انتخابات بنكهة مختلفة، بآليات ومعايير مختلفة  وبشروط مختلفة وحتى بظروف داخلية وإقليمية مختلفة تماما، لأن الانتخابات والذهاب إلى مؤسسة سياسية مهمة جدا والمتمثلة في البرلمان هو أصبح مطلب  وضرورة ملحة، لأنه لا نتوقع أن تبقى الجزائر دون أن تمضي إلى انتخاب مجلس شعبي وطني  جديد.
حاوره: مراد - ح

الرجوع إلى الأعلى