حذف مشاهد من فيلم “المهاجران” لأسباب دينية أخلّ بالعمل
اعتبر مترجم و مخرج مسرحية «المهاجران»السوري سامر عمران، بأن تحويل هذا العمل المسرحي إلى سينمائي، رهان صعب شجع الصدى الكبير الذي حققته المسرحية المأخوذة من النص الأصلي لمؤلفه البولندي المعاصر سوافومير مروجيتش، على خوض التجربة مع المخرج محمد عبد العزيز الذي اختار سينما «الدوغما» كرهان إضافي لتجسيد مشروعهما الحائز على الجائزة الذهبية لأفضل فيلم طويل، في مهرجان روتردام للفيلم العربي في هولندا عند أول عرض له، و كانت قسنطينة ثاني محطة يبث بها في إطار الأيام السينمائية للفيلم المتوّج.

حاورته مريم بحشاشي

الفنان الذي لعب دور البطولة في فيلم  «المهاجران» تحدث للنصر، عن تجربته في مجال المسرح و السينما و عن دوره الجديد في فيلم»قبة الحرب» مع المخرج المعروف عبد اللطيف عبد الحميد.
• النصر: قليلة هي الأعمال المسرحية المحوّلة إلى أفلام سينمائية، فكيف غامرتم في هذا المجال؟
- سامر عمران: بالفعل كان الرهان صعبا، لكنه استحق المغامرة و الفضل يعود للمخرج محمد عبد العزيز، لأنه هو من رفع التحدي.
• لماذا اخترتم سينما «الدوغما»كخيار لتجسيد هذا العمل سينمائيا؟
- أعتقد أن تقنية الدوغما تبقى أفضل آلية للتعبير، وهو ما أظن أن المخرج وجده فيها لإيصال العمل و شخصياته، دون التأثير على المناخ الذي كتب لأجله...و كخيار أعتقد بأنه الأنسب في رأيي.
• هل نجاح المسرحية كان وراء التفكير في تحويلها إلى فيلم سينمائي، أم أن الظروف السورية و ما نجم عنها من تراجع في الفن عموما و المسرح خصوصا، اضطركم لفعل ذلك؟
- ظروف سوريا ليست لها علاقة على الإطلاق بالتحويل الذي طرأ على عملنا...فنحن لم نفكر في البداية في  فعل ذلك، لكن الصدى الذي حققته المسرحية في الوطن العربي دفعنا لذلك، فقد قدمناها نحو 100 مرة رغم أن جمهورها في كل مرة لم يكن يتجاوز 40 شخصا، و أحيانا يتدافع ما بين 50 و  60 شخصا لمشاهدتها لأنها تجري في مكان ضيّق و تحت الأرض، في قبو.. في  2011 فكرنا في تقديم عمل سينمائي و كان المخرج محمد عبد العزيز قد اقترح علينا تحويله إلى فيلم، فوافقنا على خوض التجربةرغم التخوّفات التي انتابتنا بخصوص مدى تمكن المخرج من الحفاظ على جوهر المسرحية، و لما توافقت رغبتنا في تقديم شيء جديد مع رغبة المخرج في التنقيب في المجال المسرحي الذي لم تكن له ميولات مسرحية، قررنا رفع التحدي.
• هل واجهتم صعوبات في تجسيد ذلك؟
- العملية كانت معقدة بالنسبة للمخرج، لأنه يدور في مكان واحد توجد به شخصيتان..من الصعب إيصال ذلك للناس من خلال فيلم سينمائي لاعتبارات تقنية عديدة، لكن هنا يكمن الرهان، و كان لابد من تحقيق المعادلة.
• هل تتوقعون للفيلم النجاح الذي حققه العرض المسرحي؟
- لست أدري، فالفيلم جديد و لم يتم عرضه بعد على الجمهور، لأنه عرض مرة واحدة في مهرجان روتردام، أين تحصل على الجائزة الأولى، و بعدها مباشرة عرض بمهرجان قسنطينة، لذا لا يمكننا أن نستبق الأحداث ونقول أنه ناجح من خلال مهرجان واحد. لكننا متفائلون، لأن رد فعل الجمهور، حسب المخرج الذي كان حاضرا في مهرجان روتردام، كان إيجابيا و محفزا، في حين أننا شعرنا بعد العرض التجريبي الذي قدمناه بدمشق أمام جمهور خاص من النقاد و الإعلاميين و المسرحيين، بوجود تباين في الآراء، فمنهم من أعجبه المشروع و منهم من انتقده و لم يتمكن من رؤية العمل إلا من وجهة نظر مسرحية، و هي المقارنة التي قام بها بعض محبي الفن الرابع.
• و ما رأي سامر عمران المسرحي أولا  ثم السينمائي ثانيا؟
- بغض النظر عن كوني مسرحي أو سينمائي، فهناك أمور تعد من المسلمات، ما يستطيع المسرح تحقيقه، تفشل السينما فيه و العكس صحيح. و عليه فقد كانت ثمة نقائص بالعرض المسرحي نجح الفيلم في تحقيقها بفضل الكاميرا، كما كانت هناك مشاهد عجزت الكاميرا عن نقلها.
النص بدا و كأنه اقتباس من العمل الأصلي لمؤلفه البولندي المعاصر سوافومير مروجيتش و الذي يعود إلى زمن الحرب الباردة، هل اضطررتم إلى القيام بتعديلات أخرى على السيناريو؟
-لا لم أقم أبدا بالاقتباس، بل ترجمت المسرحية كما هي، و بطبيعة الحال فإن عملية الإخراج تكون قراءة في نص، ما عدا بعض التغييرات البسيطة جدا و المرتبطة بالثقافة البولندية التي لا تعني كثيرا المتابع العربي لأنه لا يفهمها، لكن الأمر تغيّر في الفيلم، لأن العمل السينمائي لا يحتمل المونولوغات التي يحتملها المسرح، و كذا السرد الطويل، فصار نوع من الاقتباس أو بالأحرى المعالجة لتكييف النص مع السينما، و طبعا في التركيب كذلك حدث بعض التغيير.
• و ماذا كان رد فعلك اتجاه المشاهد التي تم حذفها؟
- صراحة ثمة أشياء تمنيت لو أنها لم تحذف لأنها كانت ستؤدي الغرض أكثر، و هناك أمور رأيتها تضررت دراميا في بناء الشخصية، و إن لم ينتبه إليها المشاهد، كبعض الانتقادات الدينية التي كان من الأفضل من وجهة نظري الحفاظ عليها، كما في النص الأصلي.
• هل كان ذلك من باب المراقبة الذاتية و الخوف من مواجهة المتشددين في أمور الدين؟
- في الواقع لست أدري لأن القرار كان قرار المخرج و أنا في الواقع لم أناقش معه هذا الأمر، و إن كنت أرى في المشاهد المحذوفة العلاقة المتطرّفة و غير السوية مع رجل الدين و تأثيرها على الرجل المثقف و يمكن لم يكن يراها غيري كذلك، أو تمت قراءتها على نحو مغاير.
• هل أنتم مستعدون لتكرار التجربة مع مسرحية أخرى؟
- ليست كل المسرحيات قابلة لأن تحوّل لعمل سينمائي، و عبد العزيز كمخرج سينمائي لديه توجهات بصرية تختلف كثيرا عن عالم الفن الرابع، و لأن مسرحية «المهاجران» كانت في الأصل مغايرة عما هو معهود على الركح، حمسته على خوض الرهان، و تجسيد فيلم مغاير عما هو  موجود..و صراحة  ليس لدينا مشروع في الأفق بهذا الخصوص.
• ماذا عن مشاريعك الأخرى؟
- أنهيت مؤخرا تصوير دوري في عمل سينمائي مع المخرج عبد اللطيف عبد الحميد يحمل عنوان «قبة الحرب» و سمعت أنه تم تغيير العنوان، و سأتقمص دور أستاذ جامعي تتغيّر معاملته مع أفراد أسرته جرّاء مشاكل عديدة.  
م/ب

الرجوع إلى الأعلى