لقد حظي العلم في الإسلام باهتمام كبير؛ على مستوى النصوص الشرعية واجتهادات الفقهاء المسلمين، سواء من خلال الأوامر المباشرة بتعلم العلم أو بالتأكيد على فضل العلم والعلماء على غيرهم، كما حظي العلماء في الحضارة الإسلامية بذات العناية والاهتمام، ولذلك ظهر في تاريخها علماء كبار في شتى العلوم والفنون الدينية و  الطبيعية و الإنسانية و الأدبية والطبية، وأسسوا عواصم مدارس وعواصم علمية شكلت مراكز استقطاب لطلاب العلم من الشرق والغرب.
فقد ابتدأ نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بآية تأمر بالقراءة فقال الله تعالى: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ"[ العلق: 1]، على خلاف باقي الكتب السماوية التي جاء الأمر فيها أول مرة بقوله تعالى "إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي" [طه: 14]] وهو تأكيد على الموقع المركزي للعلم في الإسلام حاضرا ومستقبلا، ولهذا جاءت الآيات بعد ذلك لتؤكد على هذه المكانة المركزية؛ قال الله تعالى: "شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" [آل عمران: 18].، فقال الله تعالى: ((يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ))[المجادلة: 11].وقال تعالى ((قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ))[الزمر: 9]، وقال الله تعالى: ((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ))[فاطر: 28]، وغيرها من الآيات الدالة على فضل العلم والعلماء.وقد أمر الله تعالى بالتعلم فقال الله تعالى في كتابه: (فلولا نَفَرَ من كلِّ فرقةٍ منهم طائفةٌ ليتفقهوا في الدينِ وليُنذروا قومَهم إذا رَجَعوا إليهم لعلهم يحذرون) (التوبة: 122)، وأمر بسؤال أهل العلم لتعلم ما خفي من العلوم والمعارف؛ وقال: ((فاسألوا أهلَ الذكرِ إنْ كنتم لا تعلمون)) [النحل: 43].
كما وردت آثار مروية عن الرسول صلى الله عليه وسلم تدل على هذه المكانة؛ منها: ما روي عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما أنه قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن يُرِد اللهُ به خيرًا يُفقِّهه في الدِّين، وإنما أنا قاسِمٌ واللهُ يُعْطي، ولن تزال هذه الأمةُ قائمةً على أمر اللهِ، لا يضُرُّهم مَن خالفهم، حتى يأتي أمرُ الله))؛ [البخاري]، عن أبي هريرةرضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفَع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له)[رواه مسلم]،.عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن سلَك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له طريقًا إلى الجنَّة، وإنَّ الملائكة لَتضعُ أجنحتها رضًا لطالب العلم، وإنَّ طالب العلم يستغفرُ له مَن في السماء والأرض، حتى الحيتان في الماء، وإنَّ فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إنَّ العُلماء هم ورثةُ الأنبياء، إنَّ الأنبياء لم يُورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنَّما ورَّثوا العلم، فمَن أخذه أخذ بحظٍّ وافرٍ))؛ (ابن ماجه]، كما روي عنه قوله صلى الله عليه وسلم، قال: أما جئتَ لحاجةٍ؟ قال: لا، قال: أما قدِمتَ لتجارةٍ؟ قال: لا، قال: ما جئتَ إلا في طلب هذا الحديث؟ قال: فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سلك الله به طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاءً لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له مَن في السموات ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء، وفضلُ العالم على العابد، كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورَّثوا العلم، فمَن أخذ به أخذ بحظ وافرٍ) رواه الترمذي وأبو داود. وغيرها من الآثار،كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بطلب العلم فقد روى ابن ماجة وغيره عن أنسب ن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(طلبُ العلم فريضةٌ على كل مسلمٍ)
والعلم المطلوب في الإسلام ليس العلم الشرعي فقط المتعلق بأحكام الشريعة العقدية والعملية والأخلاقية، بل يشمل أيضا كل العلوم والمعارف التي تنفع الإنسان في الدنيا وتنفعه في الاخرة، وهذا ما فهمه الفقهاء من نصوص الشريعة ولذلك فسح المجال في تاريخ الحضارة الإسلامية لتعلم كل العلوم وترجمتها على غرار الفلسفة والمنطق والفلك والطب والحساب ولم يكتف العلماء المسلمون بترديد ما ترجموه عن الأمم بل أثروها وتركوا بصماتهم في تاريخها، وقد كان العلم من أهم عوامل نهضة المسلمين وتمكنهم من تأسيس حضارة إنسانية عالمية عمرت قرونا وأشعت بنورها على كل الأمم، ولا مناص من تملك العلم في هذا العصر للنهوض الحضاري ومسايرة ركب الأمم، فالاستثمار في العلم والعلماء طريق الأمم المعاصرة نحو الريادة والحضارة.
وبقدر ما يحتاج المسلمون لفقهاءيفتون ويجتهدون ليبينوا للناس أحكام دينهم عبادة ومعاملة، عقيدة وأخلاقا فهم في حاجة أيضا إلى علماء في سائر العلوم الرياضية والمعلوماتية والطبية والعسكرية والأمنية والنووية والعلوم الإنسانية والاجتماعية، وغيرها، وهي من فروض الكفاية التي ينبغي أن يتخصص فيها علماء مسلمون ويخدمون بها أمتهم.  
ع/خ

آداب المتعلم ووظائفه عند أبي حامد الغزالي
حدد أبو حامد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين عشرة آداب لطالب العلم سماها آدابا، وهي:
-(الوظيفة الأولى) تقديم طهارة النفس عن رذائل الأخلاق ومذموم الأوصاف إذ العلم عبادة القلب وصلاة السر وقربة الباطن إلى الله تعالى وكما لا تصح الصلاة التي هي وظيفة الجوارح الظاهرة إلا بتطهير الظاهر عن الأحداث والأخباث فكذلك لا تصح عبادة الباطن وعمارة القلب بالعلم إلا بعد طهارته عن خبائث الأخلاق وأنجاس.
-(الوظيفة الثانية) أن يقلل علائقه من الاشتغال بالدنيا ويبعد عن الأهل والوطن فإن العلائق شاغلة وصارفة ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ومهما توزعت الفكرة قصرت عن درك الحقائق ولذلك قيل العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيك كلك فإذا أعطيته كلك فأنت من إعطائه إياك بعضه على خطر والفكرة المتوزعة على أمور متفرقة كجدول تفرق ماؤه فنشفت الأرض بعضه واختطف الهواء بعضه فلا يبقى منه ما يجتمع ويبلغ المزدرع.
-(الوظيفة الثالثة)أن لا يتكبر على العلم ولا يتأمر على معلم بل يلقي إليه زمام أمره بالكلية في كل تفصيل ويذعن لنصيحته إذعان المريض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق.
-(الوظيفة الرابعة) ينبغي أن يتواضع لمعلمه ويطلب الثواب والشرف بخدمته فلا ينال العلم إلا بالتواضع وإلقاء السمع، ومهما أشار عليه المعلم بطريق في التعلم فليقلده وليدع رأيه فإن خطأ مرشده أنفع له من صوابه في نفسه إذ التجربة تطلع على دقائق يستغرب سماعها مع أنه يعظم نفعها، وبالجملة كل متعلم استبقى لنفسه رأياً واختياراً
(الوظيفة الخامسة)أن لا يدع طالب العلم فناً من العلوم المحمودة ولا نوعاً من أنواعه إلا وينظر فيه نظراً يطلع به على مقصده وغايته ثم إن ساعده العمر طلب التبحر فيه وإلا اشتغل بالأهم منه واستوفاه وتطرف من البقية فإن العلوم متعاونة وبعضها مرتبط ببعض ويستفيد منه في الحال الانفكاك عن عداوة ذلك العلم بسببجهله فإن الناس أعداء ما جهلوا.
-(الوظيفة السادسة)أن لا يخوض في فن من فنون العلم دفعة بل يراعي الترتيب ويبتدئ بالأهم فإن العمر إذا كان لا يتسع لجميع العلوم غالباً فالحزم أن يأخذ من كل شيء أحسنه ويكتفي منه بشمه ويصرف جمام قوته في الميسور من علمه إلى استكمال العلم الذي هو أشرف العلوم وهو علم الآخرة أعني قسمي المعاملة والمكاشفة فغاية المعاملة المكاشفة.
-(الوظيفة السابعة)أن لا يخوض في فن حتى يستوفي الفن الذي قبله فإن العلوم مرتبة ترتيباً ضرورياً وبعضها طريق إلى بعض والموفق من راعى ذلك الترتيب والتدريج.
-(الوظيفة الثامنة) أن يعرف السبب الذي به يدرك أشرف العلوم وأن ذلك يراد به شيئان أحدهما شرف الثمرة والثاني وثاقة الدليل وقوته وذلك كعلم الدين وعلم الطب فإن ثمرة أحدهما الحياة الأبدية وثمرة الآخر الحياة الفانية فيكون علم الدين أشرف، ومثل علم الحساب وعلم النجوم فإن علم الحساب أشرف لوثاقة أدلته وقوتها وإن نسب الحساب إلى الطب كان الطب أشرف باعتبار ثمرته والحساب أشرف باعتبار أدلته وملاحظة الثمرة أولى ولذلك كان الطب أشرف وإن كان أكثره بالتخمين، وبهذا تبين أن أشرف العلوم العلم بالله عز وجل وملائكته وكتبه ورسله والعلم بالطريق الموصل إلى هذه العلوم فإياك أن ترغب إلا فيه وأن تحرص إلا عليه.
-(الوظيفة التاسعة) أن يكون قصد المتعلم في الحال تحلية باطنه وتجميله بالفضيلة وفي المآل القرب من الله سبحانه والترقي إلى جوار الملأ الأعلى من الملائكة والمقربين ولا يقصد به الرياسة والمال والجاه ومماراة السفهاء ومباهاة الأقران وإن كان هذا مقصده طلب لا محالة الأقرب إلى مقصوده وهو علم الآخرة. ومع هذا فلا ينبغي له أن ينظر بعين الحقارة إلى سائر العلوم.
-(الوظيفة العاشرة) أن يعلم نسبة العلوم إلى المقصد كيما يؤثر الرفيع القريب على البعيد والمهم على غيره ومعنى المهم ما يهمك ولا يهمك إلا شأنك في الدنيا والآخرة.

انطلاق دورات تكوين المتوجهين لأداء فريضة الحج
انطلقت منذ أمس عبر مختلف مساجد الجزائر ومرافق مديريات الشؤون الدينية الدورات التكوينية الخاصة بالمتوجهين قريبا لأداء فريضة الحج؛ حيث ينتظر كما جرت العادة كل عام أن يتلقى هؤلاء دروسا نظرية وتطبيقية في كيفية أداء أركان هذه الفريضة وشروطها وآدابها وسننها، من قبل مشايخ وأئمة ومرشدين، حتى يكون حجهم صحيحا مبرورا، وينتظر أن تتم الاستعانة بالوسائل التكنولوجية المعاصرة لعرض أشرطة سمعية بصرية لتوضيح معالم وأماكن وطريقة أداء الأركان وبعض المجسمات، كما ينتظر أن تنضم في وقت لاحق مصالح الحماية المنية ومصالح الصحة لتقديم الإرشادات الضرورية.
ع/خ

تكريم المتوج بالمرتبة الثانية في مسابقة تاج القرآن الكريم


كرمت مصالح ولاية سكيكدة القارئ معاذ مخناش الفائز بالمرتبة الثانية في مسابقة تاج القرآن الوطنية في طبعتها 14 وقد تلقى المتوج التكريم من طرف السيدة الوالي ضمن المكرمين بالمراتب الاولى في الامتحانات الرسمية لقطاع التربية والتعليم.بقصر الثقافة والفنون لولاية سكيكدة، وذلك بمناسبة الاحتفال الرسمي بيوم العلم بحضور السلطات المحلية وتنظيمات مدنية.

استقبـــــــــــال رئيس أساقفة الجزائر بالمجلس الإسلامي الأعلى


استقبل رئيس أساقفة الجزائر جان-بول فيسكو من قبل رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الدكتور بوعبد الله غلام الله بمقر المجلس، حيث أدى الأسقف زيارة مجاملة وقدم تهانيه لرئيس المجلس بمناسبة عيد الفطر المبارك. من جهته رئيس المجلس شكر سماحة جان-بول فيسكو ى مثمنا مبادرته، وقد أكد سماحة رئيس الاساقفة على أن الجزائر تمثل نموذجا رائدا في التعايش بين الديانات والثقافات كما كشف عنه المجلس الإسلامي.

الرجوع إلى الأعلى