ينبغي على المسلمين بعد انقضاء شهر رمضان واستقبالهم لسائر الشهور،  ضرورة المحافظة على أخلاقيات الصائم وما تعلموه ووطّنوا أنفسهم عليه من دروس وصفات في مدرسة الصيام؛ والإبقاء على تلك الأخلاق في سلوكهم اليومي خلال أشهر السنة المقبلة؛ سواء ما تعلق منها بالعلاقة مع الله تعالى تعبدا أو مع الناس معاملة، لأن ذلك من ثمرات الصيام ومقاصده التي تتجلى في سلوك المسلم وتنعكس في أخلاقه
والأخلاق والقربات التي  كان عليها المسلمون خلال شهر الصيام؛ كثيرة، في جوانبها التعبدية والمعاملاتية؛ فقد ظلت المساجد عامرة بهم يؤدون الفرائض والنوافل، و تلهج ألسنتهم بذكر الله تعالى وتلاوة كتابه الكريم، وهو المظهر الذي ينبغي أن يظل حاضرا في مشهدهم بعد انقضاء شهر رمضان؛ فلا يليق أن يترك المسلم الصلاة بعده ولا أن يغفل عن ذكر الله تعالى في سائر الشهور؛ فعبادة الله تعالى فريضة دائمة مادامت الحياة الدنيا؛ قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162]
و الأعمال الحسنة والصفات التي ميزت المسلمين خلال شهر رمضان وتعززت هذا العام أكثر كثيرة؛ منها خصوصا: التضامن والتكافل الاجتماعي الذي تجلى في مظاهر كثيرة منها كثرة الصدقات النقدية والعينية سواء لموائد الإفطار أو لعموم الجيران والأقارب والمعارف، وكذا تنامي الشعور بمعاناة المحرومين والمعوزين الذين يتضورون جوعا وحرمانا على مدار العام، فهؤلاء وإن سد رمقهم خلال رمضان إلا أن حالهم بعده يحتاج دوما لتضامن إخوانهم المسلمين لاسيما الأرامل منهم واليتامى ومن لا كافل لهم، فحري بالمسلم تفقدهم بالهبات والصدقات بين الفينة والأخرى، ولا يجعل تضامنه معهم قاصرا على شهر الصيام؛ لأن رمضان قد ربى فيه صفات الجود والبذل والكرم والإيثار وطهّر نفسه من البخل والشح والأنانية، فحري به المحافظة على طهارة النفس بما ترسخ فيها من نبل الأخلاق وكريم الصفات، ليظل المسلم صائما عن كل هذه الصفات في رمضان وسائر الشهور.
كما أن هذا التكافل تجلى في معاملة التجار لزبائنهم وما أظهره بعضهم من سماحة ورفق وصدق ووفاء ويسر، وهي الأخلاق والصفات التي ينبغي أن تتواصل بعد رمضان حتى تغدو خلقا أصيلا لهم بعيدا عن الجشع والكذب والتدليس والغش والتطفيف في الكيل والميزان والاحتكار وغيرها من ذميم الصفات التي لا تليق بالتاجر المسلم الذي جاء وصفه في الحديث النبوي الشريف (رحم الله رجلاً سمحـًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى) (رواه البخاري)، فالتاجر الذي لم يطن نفسه على هذه الصفات أثناء وبعد رمضان لم يستفد من مدرسة الصيام.
علاوة على مظاهر وسلوكيات معاملة المسلم لغيره؛ لاسيما ما تعلق منها بكف الأذى عنهم بيديه ولسانه، استجابة لما روي في الحديث النبوي الشريف: (قَالَ اللَّهُ -تعالى-كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ). (رواه البخاري)، فقد تربى المسلم خلال رمضان على العفو والصفح والتسامح وكظم الغيظ وعدم رد الإساءة بمثلها، وعلى كف اللسان على سب الآخرين وشتمهم والطعن فيهم باللمز والسخرية منهم، وهي الصفات التي نهى عنها الإسلام في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات: 11]. وغير ذلك مما تعلمه المسلم في مدرسة الصيام من الإحسان والإقبال على التفقه والمحافظة على حرمة العبادات، وصلة الأرحام واحترام الوقت والانضباط في العمل واستحضار رقابة الله تعالى في السر وفي العلن، وأوامره تعالى ونواهيه وقصصه وعبرها وعظاتها التي ظلوا يستمعون إليها في صلاة التراويح وفي أورادهم اليومية خلال ذاك الشهر.
ع/خ

رغم صدور فتاوى تجيز لهم عدم أدائها بسبب مخاطر الحرب
أهل غزة يؤدون صلاة العيد بين الركام


 أبى أهل غزة إلا أداء صلاة العيد في الفضاءات العامة بين الركام مصرين على الصدع بالتكبير لله تعالى في هذا اليوم وأداء حق الشكر والثناء عليه سبحانه وتعالى رغم صدور فتاوى من كبار العلماء تجيز لهم ترك الصلاة سدا لذريعة قتلهم وحفظا لأنفسهم
فقد صدرت فتوى عن الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين من قبل العضو وصفي عاشور أبو زيد أكدت على أنه وفي هذه الظروف التي يحياها أهل غزة إذا كانت الظروف ظروف حرب وقتل وتقتيل واستهداف لأي تجمع من التجمعات فلا يجوز لهم الاجتماع لصلاة العيد إيثارا لحفظ المهج والأرواح؛ وتقديما للفرض على السنة، كيف لا والفرائض يتسامح فيها عند العذر فلا تؤدى، والمحرمات يتسامح فيها عند الضرورة فيقارفها المسلم بقدر يزيل وصف الضرورة «الضرر يزال»، «الضرورات تبيح المحظورات»، ويسع كل مسلم أن يصلي في بيته. وإن كان هناك مكان آمن يمكن التلاقي عنده، والصلاة فيه، فهنا ينبغي أن تقام الصلاة، ويلتقي المسلمون، ويقيمون شعائر دينهم، بحسب المتاح لهم: «فاتقوا الله ما استطعتم».
أما إذا انقشعت الحرب، وتوقف الرصاص والقتل، وأمن المسلمون جانب الصهاينة لهدنة أو اتفاق أو نحو ذلك، فهنا يشرع أن يتجمع المسلمون بأعداد ضخمة في كل محلة؛ إغاظة للعدو، وإظهارا للبهحة، وإقامة للشعيرة، وقياما بحق الله وحمده وشكره، وعرفانا لفضله، وانتصارا بما حققه المجاهدون، في الوقت الذي لم يحقق فيه العدو أي هدف من أهدافه!
ورغم أن الاحتلال لم يوقف عدوانه يوم العيد ولم يلتزم باحترام أماكن العبادة وحياة المدنيين إلا أن الغزاويين أبوا إلا أن يظهروا بصلاتهم في الفضاء العام معتبرين ذلك نوعا من المقاومة والثبات والصمود.

ll ما حكم من مات وعليه صيام؟
اختلفت المذاهب فيه، فمالك رحمه الله ذهب إلى أنه لا يصام عنه ولا يطعم عنه إلا أن يوصي بذلك. وذهب الشافعي رحمه الله إلى أن وليه يطعم عنه ولا يصوم، وذهبت الحنفية إلى أن وليه يصوم عنه فإن لم يستطع انتقل إلى الإطعام. وفرق قوم بين صوم رمضان والنذر، فرأوا صوم وليه عنه في النذر دون رمضان. وسبب اختلافهم هذا تعارض القياس مع الآثار، وذلك أن الأثر ثبت فيه صوم الولي عن الميت، فمن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قال:«من مات وعليه الصيام صام عنه وليه» [متفق عليه]، وثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهرٍ أفقضيه عنها؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها؟ قال: نعم. قال صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق بالقضاء»، وجاء أيضا «أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأصوم عنها؟ قال صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو كان عليها دين أكنت تقضينه؟ قالت: نعم. قال صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق بالقضاء». ونقل الشوكاني عن البيهقي أنه قال: والجمهور على أن صوم الولي ليس بواجب، وذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي في الجديد إلى أنه لا يصام عن الميت مطلقا، وقال الليث وأحمد وإسحاق وأبو عبيد: إنه لا يصام عن الميت إلا النذر، وتمسكوا بالمنع بما روي عن ابن عباس أنه قال: ((لا يصلي أحد عن أحد ولا يصم أحد عن أحد)).فهذا ما جاء في الآثار، وأما القياس فالصوم من الأصول التي لا ينوب فيها أحد عن أحد، فكما أنه لا يصلي أحد عن أحد، ولا يتوضأ أحد عن أحد، فكذلك لا يصوم أحد عن أحد، فمن رجّح القياس قال: لا صيام على الولي، ومن أخذ بالنص في ذلك قال بإيجاب الصيام عنه. ومنهم من صرف النص إلى صيام النذر حتى لا يصدم بالقياس، ومنهم من خير بين الصيام والإطعام محاولا التوفيق بين الآية وهي: «وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين»، والأثر. أورده ابن رشد في بداية المجتهد. قلت: من المعلوم لدى الأصوليين أنه إذا تعارض النص والقياس قدم النص، إذ لا معدل عنه وخصوصا إذا كان صحيحا قد توفرت فيه شروط الصحة التي اشترطها الأصوليون، وعليه فالنص يقضي بالصيام ولم يخص نذرا من غيره، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن مطلق الصيام الفرض فقضى بأداء الولي عن ميته، وسئل عن صوم النذر فلم يختلف الحال عن الأول، فلم يدخل في باب المطلق والمقيد.
  llهل يجوز للمرأة أن تصوم ستة أيام من شوال تطوعًا قبل قضاء الأيام التي أفطرتها من رمضان؟
إن الأصل أن تبادر المرأة إلى قضاء ما عليها من صيام قبل التطوع إذ ذمّتهـا مشغولة به، والنـبي صلى الله عليه وسلم قال:» … فدين الله أحق أن يقضى». لكن إن تعذّر عليها الجمع بين القضاء والتطوع في شهر شوال، ورغبت في صيام ستة أيام من هذا الشهر الفضيل مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم:» من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر» رواه مسلم. كان لها ذلك ولا حرج عليها حيث ثبت أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تقضي ما عليها من صيام في شهر شعبان، فلا حرج في ذلك والله عز وجل يقول في كتابه العزيز:« يريـد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» البقرة 185. موقع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف.

عموم المسلمين يتوحدون
 في تحديد يوم عيد الفطر
تمكنت الغالبية العظمى من الدول المسلمة العربية منها وغير العربية من التوحد في تحديد يوم عيد الفطر لهذا العام المتزامن مع بداية شوال 1445هـ حيث أعلنت كل الدول المسلمة سواء تلك التي اعتمدت الرؤية بالعين المجردة أو تلك التي ركنت إلى الحسابات الفلكية أن موعد عيد الفطر هو يوم الأربعاء 10 أفريل 2024 م باستثناء بنغلاديش وبروناي. والهند، وتوحد الغالبية العظمى من الدول المسلمة على تحديد يوم عيد الفطر بما في ذلك السنة والشيعة يعد من الحالات التي ينبغي التنويه بها، لقلة حالات الاتفاق، ولا أدل على ذلك من اختلافهم في تحديد موعد بداية شهر رمضان لهذا العام حيث لم يقتصر الاختلاف على الدول المسلمة بل أيضا اختلفت الدول العربية فيما بينها بما فيها التي تتلاصق حدودها ولم تعتد الاختلاف، ولعل الاختلاف في بداية شهر رمضان هو الذي سبب وحدة نهايته [ن من سبق بالصيام أكمل عدة شعبان ثلاثين يوميا.
ع/خ

الرجوع إلى الأعلى