«أحوال الناس» تفوق على أضخم الأعمال بالواقعية والبساطة
ترى الممثلة نضال الجزائري في حوار للنصر أن الجزء الثاني لمسلسل «أحوال الناس» بالرغم من بساطة إنتاجه،  نجح و تفوق  على أضخم المسلسلات الدرامية، و حصد نحو 3 ملايين مشاهدة للحلقة الواحدة،  وذلك لانتقاء مواضيع تعكس واقع المجتمع الجزائري ، و كذا لنجاح المخرج الشاب أمين بومدين الذي صنع المفاجأة في أول تجربة إخراجية له، كما تطرقت لسبب غيابها عن المشاركة في السلسلات الكوميدية، و رفضها عرضين للعمل في مسلسلين دراميين.
حاورتها / أسماء بوقرن
.عدت هذا الموسم للشاشة الرمضانية من خلال حلقات من مسلسل «أحوال الناس 2» الذي حقق نجاحا كبيرا، و أديت فيه دور المرأة المتسلطة التي تعاني من عقدة الفقر؟
مشاركتي في الجزء الثاني من أحوال الناس، كانت باقتراح من منتج العمل الفنان رضا سيتي 16، الذي حرص   هذا الموسم على ضم وجوه فنية بارزة، و قد وافقت على المشاركة فيه بعد أن أعجبتني الفكرة التي تتطرق لمواضيع مختلفة أراد من خلالها الفنان رضا أن يمرر رسائل مجتمعية من الواقع الجزائري، و شعرت بارتياح كبير خلال التصوير لكوني عملت ضمن فريق رائع و مع الممثل الشاب أمين بومدين الذي خاض لأول مرة تجربة الإخراج من خلال هذا العمل.  
كره الجمهور لأدواري الشريرة يسعدني
فقد ظهرت في بعض الحلقات من العمل و المعنونة بـ «مكاتيب» و « الأخوة من الرضاعة»، و أديت دور سيدة متسلطة و شريرة، لها عقدة من الفقر الذي عانت منه لعقود، فيظل هاجس الماضي يلاحقها رغم تحسن وضعها المادي، إلا أنها ترفض الخوض في كل ما يذكرها به، لدرجة أنها ترفض زواج ابنها من بنت فقيرة، تقطن البيوت الهشة،  فالشخصية تتسم بكثير من السوء و قد طعمتها بملامح تبرز ذلك أكثر، كما أضفت لها بعض الإيماءات الكوميدية لإبراز عنصر غياب التوافق الفكري مع زوجي المتعلم الذي غالبا ما يتحدث بالفرنسية و لا أفهمه، فالشخصية كرهها الجمهور كثيرا من خلال التعليقات التي قرأتها، و هذا أسعدني لأنه دليل على أن الرسالة وصلت.   
.هل نجاح دورك في «أحوال الناس» بإبرازك عقدة العيش في البيوت الهشة راجع لمعاناتك في الواقع من مشكلة مشابهة ؟
لا بالعكس، معاناتي من مشكلة السكن و الظروف الصعبة التي مررت بها لا تؤثر على طبيعة الأداء، و كل المشاهد التي أديتها لا تشبه تفاصيل الواقع الذي عشته، ما عدا مشهد واحد فقط أبدي فيه خوفي على مستقبل أبنائي، فقد أديت في أدوار سابقة شخصية المرأة الأرستقراطية التي تعيش في قصر فخم، لدرجة أن الكثير اعتقد بأني سيدة ثرية، و فوجئوا عندما كشفت عن حالتي الاجتماعية ،سواء جمهوري و حتى زملاء لي، فالممثل المتمكن هو الذي يستطيع أن يتقمص كل الأدوار بعيدا عن مشاكله.
.العمل استطاع أن ينافس أضخم الإنتاجات الرمضانية، و شهد تفاعلا كبيرا من رواد مواقع التواصل، بالرغم من كونه عملا بسيطا من الناحية التقنية وحتى الشكلية، ما سر نجاحه؟   
بقدر ما يكون العمل بسيطا و يحاكي الواقع  المجتمعي و  يقدم بصدق و إخلاص و بلمسة جمالية غير مبالغ فيها،  بقدر ما يحقق نجاحا باهرا، فعدم توفر إمكانات مادية للعمل لإبراز الجانب الشكلي، جعلنا نركز بشكل كبير على الآداء، كما وفق الفنان رضا سيتي 16 الذي أعمل معه لأول مرة في انتقاء المواضيع التي كانت هادفة و تحاكي مجتمعنا، و قد لمست لديه حب الفن و التمثيل كما يمتلك إحساسا عاليا و يجيد الإنصات للآخر و بالأخص للممثلين الكبار، فقد استطاع أن يستميل الجمهور، في الوقت الذي لم تتمكن أعمال ضخمة من تحقيق ذلك، بسبب إبراز شخصيات لا تمثل الواقع المعاش و التي تقابل بالرفض، لأن الطبقة الغالبة في مجتمعنا هي طبقة البسطاء و الفقراء، كما صنع المخرج الشاب أمين بومدين المفاجأة بنجاحه في أول تجربة إخراجية.
تخوفت من العمل مع أمين بومدين لكنه فاجأني
.و هل كنت متخوفة من العمل مع مخرج شاب لم يسبق و أن خاض تجربة الإخراج؟
للأمانة، بعد أن اقترح الفنان رضا علي العمل و قال لي بأن المخرج هو الممثل أمين بومدين، أبديت تخوفي و قلت له بأن لي سنوات عدة و أنا غائبة كيف لي أن أعود من خلال عمل مع مخرج لم يسبق و أن خاض التجربة، كما أبديت تحفظي عن المشاركة و أوضحت له بأنني أعرفه كممثل شاب و ليس كمخرج و لا يليق بي أن أطل بعد غياب طويل على الجمهور مع «الأولاد»، بعدها اتفقنا على تصوير المشهد الأول إن اقتنعت سأواصل لكن إن لم يعجبني  العمل سأتوقف لأنه لا يمكنني المغامرة باسمي.
 فبعد العمل معه لمست لديه خصال المخرج الطموح الذي يتمتع بصفات جيدة، منها الأخلاق و الإنصات للآخر و تقديره للفنانين الكبار كما يمتلك رؤية واقعية و يتمتع بالبساطة، فهذا المخرج إن وجد فرصا كثيرة للعمل لصقل موهبته و إن وضعت فيه الثقة سيكون حاتم علي الدراما الجزائرية، و يستحق التشجيع، فنحن بحاجة لإنتاج سنوي ليتمكن المخرج و كذا الممثل من تطوير أدواته من خلال العمل المستمر.
.لماذا لم نشاهد نضال الجزائري في أحد الأعمال الدرامية المقدمة هذا الموسم، خاصة و أنك من الوجوه التي كانت بارزة في الدراما الرمضانية؟
 نعم غبت، لكوني أرفض الظهور من أجل الظهور، فقد رفضت عرضين في الدراما، بعد أن وجدت بأنهما لن يضيفا لي الجديد، حيث اقترح علي دور المرأة الارستقراطية في مسلسل درامي يبث حاليا، و وجدت بأنه جامد لا يؤثر على مجريات العمل، فهو دور يمكن لأي ممثلة حتى وإن كانت دخيلة على عالم التمثيل أن تؤديه.   
.تشاركين في الغالب بشخصية المرأة المتسلطة و الثـرية، لدرجة أن الكثير اعتبر بأنها تعكس شخصيتك الحقيقية..
رفضت عرضين في الدراما  الرمضانية لهذا السبب
أنا أحب الأدوار التي فيها نوع من التحدي و تستدعي التحلي بالجرأة و الشجاعة، لأظهر فيها أكثر أدواتي الأدائية، و هذه الأدوار غالبا ما أؤديها أنا و الممثلتين فريدة صابونجي و نوال زعتر، فشخصية المرأة المتسلطة التي غالبا ما أؤديها لا تعكس شخصيتنا الحقيقية كما يعتقد الكثير، فحقيقة هناك شريحة واسعة من الجمهور لا تفرق بين الشخصية الحقيقية للفنان و الدور الذي يلعبه، و  يعتقدون أن انتقاءنا للعب هذه الأدوار مبني على أساس طبيعة شخصيتنا الحقيقية، مع أن المتعارف عليه في عالم الفن أن متقمصي الشخصيات الشريرة هم من أطيب الناس، و مثال ذلك نوال زعتر و فريدة صابونجي.
و أشير إلى أنني أديت أدوارا مختلفة كدور  المرأة الفقيرة خلال سلسلة «فقر مونتال»  رفقة الفنان صالح أوقروت شفاه الله، كما لعبت دور المعلمة البسيطة و التي تعاني تبعيات التعليم، و تقمصت شخصية منظفة  في المنازل   تتعرض للحقرة في سلسلة «لالة زينب»، لكن هذه أعمال لم تنل حظها من البرمجة المناسبة.
.أديت في فترة ما أدوارا كوميدية إلى جانب قامات فنية كصالح أوقروت، غير أنك انقطعت لسنوات ما السبب؟
أنا أحب أداء الأدوار الكوميدية، لكن انقطعت لأننا نواجه مشكلة كتابة نصوص السيناريو المتعلقة بالأعمال الكوميدية، و كذا إشكالية إيجاد مخرج متمكن يجيد إخراجها، و ممثل يمتلك أدوات كوميدية، فلا أستطيع أن أغامر بالمشاركة في أعمال كوميدية يطبعها الصراخ و البهرجة.
 فالمشاهد اليوم أصبح يحن للأعمال القديمة رغم بساطتها، و التي برع ممثلون في تقديمها كوردية و المفتش الطاهر و رويشد، الذين قدموا الكوميديا السوداء و لحسن حظي أنني أديت أدوارا فكاهية مع صالح أوقروت و علاوة زرماني، لكن لا ننكر بأن هناك مواهب شابة، و هي تستحق التأطير من قبل مخرجين يمتلكون أدوات لتفجيرها، إضافة إلى وجود ممثلين أكفاء كحميد عاشوري الذي يتعرض للتهميش ما دفعه للتمثيل في الإعلانات لضمان قوت عائلته، و كذلك كمال بوعكاز الذي توجه للتنشيط .  
.الكثير انتقد غالبية الأعمال  الرمضانية، و قال بأنها لم تكن في المستوى المطلوب ما رأيك؟
تقدمنا خطوة هذا الموسم لأن هناك إنتاج كثير، و هذه نقطة إيجابية، حيث نجد على الأقل عملا أو اثنين في المستوى، و سيتم غربلتها مستقبلا لأن هناك جمهور و نقاد يبدون رأيهم و سيساهمون بذلك في تحسين نوعية الأعمال، كما يجب أن يتم وضع  ترسانة قانونية لتأطير الساحة الفنية و تطهيرها و وضع نقابة تسهر على الدفاع على الفنان و حقوقه ليتفرغ للإبداع الفني فقط، فالدراما في الجزائر لا تزال حديثة و لا نزال نتخبط، لأن هناك منتجين يستعبدون الممثلين و يمارسون عليهم الحقرة، فإن لم تغربل الساحة الفنية سنبقى في نفس الحلقة، كما أتمنى أن يضع الممثلون اليد في اليد و نحب بعضنا.  
تأطير الساحة الفنية  بحاجة لترسانة قانونية
نضال معروفة بتصريحاتها القوية في بلاتوهات التلفزيون، التي تصنع ضجة!
نحن نعيش في واقع مزيف، أصبحنا نرى الأشياء غير العادية و الدخلية على مجتمعنا بالعادية لهذا يعتبرون تصرحاتي غير عادية، في الوقت الذي هي تصريحات عادية جدا .                                                              أ ب

الرجوع إلى الأعلى