تم بعد ظهر أمس بمقر وزارة التربية الوطنية بالجزائر العاصمة، التوقيع على البرنامج التنفيذي الجديد للتعاون بين الجزائر و المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى و إيرلندا الشمالية في مجال التربية والتعليم للفترة 2025-2027، بهدف توسيع آفاق التكوين وتحسين جودة التعليم.
وجاء التوقيع على هذا البرنامج عقب الاستقبال الذي خصّ به وزير التربية الوطنية، محمد صغير سعداوي، سفير المملكة المتحدة بالجزائر، جيمس روبرت ستيفان داونر، حيث جرى التأكيد خلال اللقاء، على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين واستعراض حصيلة التعاون القائم في قطاع التربية والتعليم، لاسيما ما تحقق خلال السنوات الأخيرة في مجال التكوين وتطوير تعليم اللغة الإنجليزية. وتنص بنود الاتفاق الجديد على تكوين ألف (1000) أستاذ للغة الإنجليزية عن طريق التكوين عن بعد خلال السنة الدراسية 2025-2026، فضلا عن تكوين حضوري لـ 145 مفتشا في المرحلة الابتدائية، إلى جانب العمل على تعميم هذه العملية تدريجيا لتشمل جميع الأساتذة خلال مدة سريان البرنامج.
ولا تقتصر مضامين الاتفاق على جانب التكوين البشري فقط، بل تمتد أيضا إلى ترقية تعليم اللغة الإنجليزية في مختلف المراحل التعليمية وتعزيز إدماج التكنولوجيات الحديثة في المؤسسات التربوية، بما يسهم في تحسين جودة التعليم ومواكبته للتحولات الرقمية المتسارعة.
ويمثل هذا الاتفاق محطة جديدة في مسار التعاون بين البلدين، ويترجم الإرادة المشتركة لتعزيز تعليم اللغة الإنجليزية وتوسيع فرص التكوين في الوسط المدرسي في بلادنا، انسجاما مع التوجهات الاستراتيجية للدولة الرامية إلى ترقية جودة التعليم وتكييفه مع المتغيرات العلمية والتكنولوجية العالمية.
تجدر الإشارة إلى أن التعاون الجزائري–البريطاني قد شهد خلال السنوات الأخيرة عدة مبادرات ناجحة في مجال تطوير تعليم اللغة الإنجليزية، أبرزها برامج التكوين لفائدة الأساتذة، والدورات التربوية الموجهة للمفتشين، فضلا عن ورشات لإدماج الوسائل الرقمية في التعليم، وهي الجهود التي سمحت بخلق أرضية صلبة للبناء عليها في الاتفاق الجديد، الذي يأتي ليعزز المكتسبات ويوسع نطاقها إلى فئات أوسع من الأسرة التربوية.
كما يمثل هذا التعاون جزءا من سياسة أشمل تنتهجها الجزائر في السنوات الأخيرة، تقوم على تدعيم مكانة اللغة الإنجليزية داخل المنظومة التربوية والجامعية، وفي هذا الصدد، شرعت وزارة التربية الوطنية في تعميم تدريس الإنجليزية ابتداء من الطور الابتدائي، باعتبارها لغة علمية عالمية تفتح أمام الأجيال الجديدة آفاقا أوسع للاطلاع على المعرفة والتواصل مع مختلف الثقافات.
ويعكس هذا التوجه وعي الدولة بضرورة تكييف المدرسة الجزائرية مع متطلبات العصر، حيث أصبحت الإنجليزية لغة رئيسية في البحث العلمي، والتكنولوجيات الحديثة، والاقتصاد الرقمي، ومن هنا، تندرج المبادرات التكوينية الموجهة للأساتذة والمفتشين ضمن استراتيجية شاملة تهدف إلى ضمان تدريس هذه اللغة بكفاءة عالية، عبر موارد بشرية مؤهلة وبمقاربات بيداغوجية حديثة.
ويبدو جليا من خلال البرنامج التنفيذي الجديد، أنه إلى جانب الاهتمام بالجانب اللغوي، يولي الاتفاق الجديد أهمية خاصة لإدماج التكنولوجيات الحديثة في المؤسسات التعليمية، وهو بعد يتماشى مع الإصلاحات الجارية في القطاع، والتي تسعى إلى تحديث طرق التدريس وتوظيف الوسائل الرقمية لتعزيز التفاعل داخل الأقسام، وتسهيل متابعة التلاميذ، وتطوير أدوات التقييم.
وفي ذات السياق يمثل الاتفاق الجديد جزءا من مسار متكامل تتبناه الجزائر لتجديد المدرسة الوطنية وجعلها أكثر انفتاحا على العالم، فإلى جانب برامج إدماج الإنجليزية والتكنولوجيا، تعمل الوزارة على تحديث المناهج، وإرساء ثقافة الجودة، وتعزيز مكانة البحث البيداغوجي.
ومن شأن هذا التوجه أن يمكن التلاميذ من امتلاك كفاءات متعددة اللغات، ويهيئهم للاندماج بفاعلية في فضاءات العلم والاقتصاد العالمي، مع الحفاظ على الهوية الوطنية التي تبقى مرجعًا ثابتًا في جميع الإصلاحات.
إن توقيع البرنامج التنفيذي للتعاون التربوي بين الجزائر والمملكة المتحدة للفترة 2025-2027 يعكس إرادة سياسية مشتركة لتعميق الشراكة في قطاع استراتيجي هو التعليم، كما يجسد خيار الجزائر الحاسم في تعميم تعليم اللغة الإنجليزية وتوظيف التكنولوجيا الحديثة كأدوات رئيسية للارتقاء بالمدرسة الوطنية.
وبينما يُنتظر أن يبدأ تنفيذ البرنامج عمليا ابتداء من السنة الدراسية الداخلة، فإن نتائجه سترسم ملامح مدرسة جزائرية جديدة، أكثر انفتاحا على العالم وأكثر قدرة على إعداد أجيال الغد.
عبد الحكيم أسابع