• التسوية المالية الودية كبديل للمتابعة الجزائية في قانون الإجراءات المدنية الجديد
دعا وزير العدل حافظ الأختام، لطفي بوجمعة، المحضرين القضائيين إلى المساهمة في جلب الاستثمار وتحسين جاذبيته من خلال بسط بيئة من الأمن القانوني الإجرائي، و أوضح بأن مستحدثات قانون الإجراءات الجزائية الجديد تضمنت مقاربة جديدة لتشجيع الاستثمار ومرافقة الإقلاع الاقتصادي عبر قواعد جديدة كبديل للمتابعة الجزائية للأشخاص المعنوية من خلال التسوية المالية الودية.
أشرف وزير العدل حافظ الأختام، لطفي بوجمعة، أمس بفندق الأوراسي على انطلاق فعاليات اللقاءات الأفرو- أوروبية السابعة للمحضرين القضائيين التي جاءت هذه السنة تحت شعار « تطور دور المحضر القضائي في المجتمع» بمشاركة أعضاء من الحكومة، ورئيس الاتحاد الدولي للمحضرين القضائيين، وممثلين عن عدة دول وأساتذة وباحثين جامعيين.
وفي كلمة له بالمناسبة رافع لطفي بوجمعة من أجل مساهمة أوسع وفعالية أكبر للمحضر القضائي في الحياة الاقتصادية وجلب الاستثمارات و مرافقة الإقلاع الاقتصادي، فضلا عن دوره التقليدي في التبليغ وتنفيذ القرارات القضائية.
وقال بهذا الخصوص إن مهنة المحضر القضائي واصلة مفصلية ومحركا أساسيا في النظام القانوني و القضائي الجزائري الذي جعل منها مهنة تتميز بالتطور والإجادة باستمرار لتلبية احتياجات المجتمع وطنيا أو دوليا وبشكل أفضل، وإن اشتهر تقليديا بتبليغ القرارات وتنفيذ القرارات القضائية إلا أنه اليوم يلعب دورا أكثر تنوعا وتكيفا في التنمية بالموازاة مع التحديات المعاصرة.
كما أوضح أن دور المحضر القضائي في قطاع العدالة لا ينحصر في كونه مبلغا أو منفذا أمينا للقرارات القضائية، بل يتعداه إلى اعتباره فاعلا قانونيا هاما في مراحل متعددة من النزاع ويساهم من خلال ذلك في تحقيق الأمن الاجتماعي عبر تفعيل أطر الصلح والمصالحة والوساطة وضمان تنفيذ الأحكام بطريقة قانونية وسليمة، وكذا حماية الحقوق الفردية والجماعية ، وتعزيز الثقة بين المواطن والجهات القضائية.
إلا أن الوزير لطفي بوجمعة لفت أيضا إلى الدور الذي يمكن للمحضر القضائي أن يلعبه في الجانب الاقتصادي، حيث أبرز أنه يعد شريكا موثوقا للمتعاملين الاقتصاديين في ظل التحولات الاقتصادية والرقمية من خلال، أولا تأمين المعاملات التجارية وضمان تنفيذ العقود و الاتفاقيات، وتقديم خدمات قانونية دقيقة وفعالة، وتفعيل الوساطة المهنية التي تتيح حل النزاعات التجارية بطريقة ودية بعيدا عن التعقيدات القضائية.
وفي هذا الصدد ذكّر بأن هذه المقاربة المعتمدة تأتي مع مستحدثات صدور قانون الإجراءات الجزائية في حلته الجديدة في إطار تشجيع الاستثمار ومرافقة الإقلاع الاقتصادي المنتج ، فقد تضمن النص الجديد قواعد جديدة كبديل للمتابعة الجزائية للأشخاص المعنوية تتعلق بإرجاء المتابعة في بعض الجرائم المرتبطة بنشاطاتها الاقتصادية من خلال تسوية مالية ودية تكفل لها الموازنة بين تسديد المستحقات المالية التي تقع على عاتقها وبين ضمان مواصلة مزاولة نشاطها الاقتصادي و التجاري، مشددا على أن هذا هو التوجه الذي كرسه البرنامج الرئاسي بقيادة رئيس الجمهورية.
وفضلا عن ذلك ينخرط المحضر القضائي في التزامات الدولة المعلن عنها في المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة خصوصا بمحاربة ظاهرتي تبييض الأموال والتمويل غير الشرعي للإرهاب، من خلال إبلاغه بكل عملية تتعلق بأموال يشتبه أنها متحصلة من جريمة أو يبدو أنها موجهة لتبييض الأموال أو تمويل الإرهاب.
كما يلعب موازاة وذلك دورا مهما في الحفاظ على المال العام من أي تصرف قد يؤدي إلى تبديده أو اختلاسه، فهو ملزم بالإبلاغ عن كل حالة معروضة عليه قد تمس بالمال العام بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.وبالنتيجة فإن موجبات الشفافية والنزاهة المطلوبة في مهنة المحضر القضائي- يضيف المتحدث- هي ضمانة حقيقية للمستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين ويعكس نضج واقتدار المنظومة التشريعية التي تحمي الاقتصاد وتواكب تطوره.
واعتبارا لما سبق ذكره، توجه وزير العدل للمحضرين القضائيين بالتأكيد على أن ما سلف ذكره من تحديات هي التي يعول عليهم مجابهتها بالجاهزية المطلوبة، عبر المواظبة على تحسين مدارك التكوين القانوني والعلمي والتأهيل العلمي للقائمين على المهنة، و الانخراط في ورقة الطريق التي كرسها المشرع الجزائري في نصوصه الجديدة بشكل فعال لاسيما ما تعلق منها بتفعيل الوساطة والمصالحة في المواد المدنية والجزائية.
كما أشار أيضا إلى أن القانون الجديد للإجراءات الجزائية ينص على عصرنة و رقمنة مكتب المحضر القضائي ومنح له إمكانية التوقيع والتصديق الإلكترونيين للمحررات و السندات التي يعدها.
وفي الأخير دعا المشاركين في هذه اللقاءات إلى أن يخلصوا من خلال الورشات التي ستنظم إلى مقترحات علمية وعملية تراعي الغايات المأمولة وتركز على تكيف المحضر القضائي مع البيئة الرقمية وأخلاقيات المهنة، وإلى التعاون والتبادل المعرفي بين محضري القارات.
كما وجه أيضا بالتفكير بصوت عال ومسموع نحو جاذبية الاستثمار ومساهمة المحضر القضائي في ذلك، من حيث بسط بيئة من الأمن القانوني الإجرائي بالتحكم والفعالية في أداء المهام والانخراط في المسعى العالمي من حيث المساهمة في تأمين مناخ الأعمال عبر التكوين والأداء المهني العالي.
وقبل ذلك أشاد الوزير باحتضان هذه اللقاءات التي تعقد تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، وقال إنها ليست مصادفة أن تحتفي الجزائر بهذا الحدث الهام وهي تواصل تأكيد حضورها الإفريقي المشهود باعتبارها بوابة إفريقيا لحوض المتوسط وامتداد تأثيرها الدولي المعهود، وذلك بفضل الرؤية السديدة والحكامة الرشيدة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي برهن منذ توليه سدة الحكم أن الجزائر دوما مرفوعة الهامة، مرموقة الهمة تبسط حضورها ومكانتها الدولية في كافة الميادين. ويشارك في هذه اللقاءات 180 وافدا من 33 دولة من إفريقيا ، أوروبا أسيا وأمريكا.
إلياس –ب