الأحد 20 جويلية 2025 الموافق لـ 24 محرم 1447
Accueil Top Pub

الكائن مرسكلا

تبتسم الحشود للمصورين، وبين المستهدفين بضوء العدسات من يرفعون أصابع النصر لأنهم صاروا، بعد أن عبروا ظلمات البحار، ألمانا.
يبتسم السوريُّ الذي صار ألمانيّا. وكذلك يفعل الأفغانيّ. يبتسم لأنه بدأ يحلم. يبتسم الخارج من وطن لم يعد وطنا إلى بلاد تستقبله بالورد ويقول وزير العمل فيها للشعب: هذا اللاجئ سيصير جارك وزميلك! وتدعو زعيمة البلد غير المفداة  الشعب ذاته لصناعة تاريخ جديد.
يحسدُ اللاجئون في أوطانهم اللاجئين إلى بلاد الآخرين لأنهم يركبون قطارات سريعة تنطلق في وقتها و لأنهم لم يعودوا أرقاما كاذبة في أفواه وزراء العمل، ولأنهم سيعيشون دون خوف.
يحسدُ اللاجئ في الوطن الذي لم يعد وطنا اللاجئ الذي بلغ وطنا يجدّد بنيانه، ويفكر في وطن قبل أن يأتي الشتاء وتهيج البحار.
نعم، ثمة تاريخ جديد يكتب يعبّر عنه صنّاع القرار بلغة لمّاحة وقد يلتقطه كتّاب الافتتاحيات كذاك الألماني الذي كتب البارحة: «شئنا أم أبينا، نحن أمريكان أوروبا». ثمة اقتصاديات شرهة تحتاج إلى دماء ولا بأس من دماء لاجئة  تلوّن الحاجة الاقتصادية  بلون إنسانيّ، أما المستعبد في الوطن السابق فلا يحتاج سوى إلى قليل من المال ومزيد من الاحترام في الوطن البديل، والماكينة الألمانية قادرة على رسكلة القادمين وإدخالهم في دورتها في ثلاثة أشهر، حيث يجري إيواء الكائن وإطعامه وتدريبه على الحياة الجديدة. ولا بأس أن تغار فرنسا الهولندية من الجار المتأمرك وهي التي لم تنجح في عمليات الرسكلة.
لكي تُبنى أوطان تُدمر أوطان. نحن ندمر وطنك ونبنيك. نهديك القنابل هناك والورد هنا.. شعارات غير مرئية للاستعمار الذكي الذي جعل مثقفين عرب يهتفون بحياة المستشارة الألمانية التي أثبتت أنها أكثر إنسانية من أمراء ممالكهم وجمهورياتهم.
من حق ألمانيا أن تبني نفسها وتمسح الصفحات القاتمة من تاريخها ومن حق أوروبا أن تقدم نفسها بوجه إنساني، لكن علينا الانتباه إلى أن أوروبا  ذاتها هي التي تبيع الأوطان للصوص، وهي التي تأخذ “الجزية” من الأنظمة الفاسدة في جنوب لم يعد صالحا للإقامة.
نعم، الاستعمار الجديد صار يختلق الحروب   و يهدد العصاة بالثورات و ينصب وكلاء معتمدين، وبلغ من الذكاء إلى حد أنه قد يجعلك تتبنى خطاباته دون أن تدري! 

سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

لا يصدأ !

تعبّر النّخب "الحقيقيّة" عن عبقريّة أممها وتتحوّل إلى رصيدٍ رمزي ووسيطٍ في الحوار مع الشعوب...

  • 14 جويلية 2025
سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في...

  • 30 جوان 2025
لُقــــاح

سليم بوفنداسةتحوّل تغليفُ الباطل برداء الحقّ إلى صِناعة مضمونة الرّواج، بسبب فوضى فكريّة ناجمة عن...

  • 24 جوان 2025
حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com