الاثنين 22 سبتمبر 2025 الموافق لـ 29 ربيع الأول 1447
Accueil Top Pub

نجوم الرياضة والفن ينضمون إليها بقوة: المقاطعة الثقافية والاقتصادية تحاصر المحتل الصهيوني


نجحت حركة مقاطعة المحتل الصهيوني، وسحب الاستثمارات منه ، وفرض العقوبات عليه ، في إحداث تحولات بارزة على الصعيدين الدولي والمحلي، بعدما تمكنت تقريبا من عزله أكاديميا وثقافيا وسياسيا، والتأثير على الشركات الداعمة له اقتصاديا، وهو ما جعلها تصنف اليوم ضمن «أخطر التهديدات الاستراتيجية» التي تواجه الكيان الذي لجأ لاستحداث وزارة خاصة لملاحقة أنشطة الحركة في محاولة للتقليل من تداعياتها المتصاعدة.

خسائر اقتصادية متصاعدة
لم يعد أثر المقاطعة مجرد حملات رمزية، بل باتت شركات كبرى تعترف صراحة بخسائرها المرتبطة بوعي المستهلكين العالميين، حيث أشارت تقارير إعلامية إلى أن عمالقة الاقتصاد مثل «ستاربكس» و»كوكاكولا» تضررتا بشكل مباشر من المقاطعة.
ووفقا لخبير الاقتصاد والإدارة بوراك دوان، من جامعة بهتشه التركية فإن كلمة «المقاطعة» وردت ست مرات في التقرير المالي الأخير لستاربكس، ومرة واحدة في تقرير كوكاكولا، وهو ما يعد مؤشرا على إدراك هذه الشركات لقوة الحركة في تشويه سمعتها العالمية، وربطها بالمشاركة غير المباشرة في سفك دماء الأبرياء من الأطفال والنساء في غزة.

وأوضح دوان، الذي شارك في دراسة حول الآثار الاقتصادية للمقاطعة، أن أسهم العديد من الشركات الداعمة للكيان تراجعت بين 10 و15 بالمئة خلال الفترات الأولى من العدوان الصهيوني المستمر على غزة. وأكد، أن التأثير الحقيقي للمقاطعة يكمن في الاستمرارية، لأن الضغط الشعبي طويل المدى، إما سيدفع هذه الشركات إلى وقف دعمها للمحتل أو سيتسبب في خسائر كبيرة لها.
أزمة تصدير صهيونية
من جهة أخرى، كشفت تقارير إعلامية صهيونية عن أن الصادرات الخاصة بالمحتل تعيش أزمة خانقة نتيجة تنامي المقاطعة، حيث بات ملايين المستهلكين في مختلف أنحاء العالم يرفضون اقتناء منتجاته .
وصرحت نيلي جولدفان، نائبة المدير العام لشركة NGG للاستشارات الإدارية، أن ما كان يسمى بـالمقاطعة الهادئة لم يعد كذلك، بل أصبح صوتها عاليا وصاخبا، لدرجة أن الشركات الكبرى باتت تتجنب اقتناء منتجات الكيان الصهيوني خشية ردود فعل المستهلكين.
وأضافت جولدفان، أن حقول الفواكه والخضروات أصبحت مليئة بالمحاصيل غير المصدرة، لأن المشترين في الخارج لم يعودوا معنيين بمنتجات تحمل وسم صنع هذا الكيان المحتل. مؤكدة أن المقاطعة توسعت لتشمل عدة مجالات وصناعات، ما جعل كثيرا من الشركات تعجز عن تسويق منتجاتها.
وفي السياق ذاته، اعترف مدير عام إحدى الشركات الصهيونية المتخصصة في المنتجات الصحية، أن جميع الموزعين الذين كانوا يتعاملون معه توقفوا عن شراء منتجاته، مشيرا إلى أن أي سلعة تحمل الرمز التجاري «باركود» الذي يبدأ بالرقم 729، يتم تجاهلها على نطاق واسع من طرف المستهلكين حول العالم.
كما أكد محللون سياسيون أن المقاطعة الاقتصادية تحولت إلى سلاح فعال بيد الشعوب، بعد أن فشلت الدعاية الصهيونية ومليارات الدولارات التي أنفقت على الحملات الإعلامية في وقف نزيف الخسائر.
وأكد المحللون كذلك، أن قوة المقاطعة لا تكمن فقط في حجمها الحالي، بل في رسالتها الأخلاقية والإنسانية التي تدين الاحتلال وتفضح جرائمه أمام الرأي العام العالمي.
وبينما يحاول الكيان الصهيوني عبر وزاراته ولوبياته الالتفاف على المقاطعة واتهامها بـمعاداة السامية، فإن توسعها المتواصل وتبنيها من قبل اتحادات طلابية، جامعات، فنانين، وشركات، يجعلها اليوم أحد أبرز أشكال المقاومة المدنية العالمية، وأداة ضاغطة قد تسهم في النهاية في تغيير موازين القوى لصالح الشعب الفلسطيني.
جوائز «إيمي» تتحول إلى منصة سياسية
يذكر كذلك، أن الأيام الأخيرة شهدت تصاعدا لافتا في المقاطعة الثقافية لإسرائيل، حيث تحولت إلى حديث مواقع التواصل الاجتماعي وأشعلت الرأي العام العالمي، بعدما أعلن أكثر من 1500 فنان سينمائي عالمي مقاطعة المؤسسات السينمائية للمحتل، احتجاجا على الحرب على غزة. ومن بين الأسماء البارزة التي وقعت على البيان أوليفيا كولمان، خافيير بارديم، ومارك رافالو.
الحملة التي أطلقتها مجموعة «عمال السينما من أجل فلسطين» شبهها الموقعون بحملة المقاطعة الثقافية التي استهدفت نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، حيث تركز بشكل خاص على المهرجانات، دور العرض، وشركات الإنتاج والتوزيع التي تتعاون مع المحتل.
وقد كان أحد أبرز محطات هذا الحراك، حفل توزيع جوائز إيمي في هوليوود، الذي تحول إلى منصة سياسية بامتياز، حيث استغل عدد من أبرز نجوم التلفزيون المناسبة للتعبير عن رفضهم للحرب الصهيونية على غزة.وأثارت الممثلة الأمريكية هانا إينبيندر، الفائزة بجائزة أفضل ممثلة مساعدة في مسلسل كوميدي، جدلا كبيرا وذلك بعدما أنهت خطابها على المسرح بعبارة «فلسطين حرة» قبل أن تقاطعها الموسيقى. وفي توضيح لاحق، أكدت أنها أرادت التفريق بين اليهودية كدين وثقافة تنتمي إليهما، وبين السياسات الصهيونية، مشيرة إلى تواصلها مع أصدقاء يعملون في غزة لتقديم الدعم الطبي للنساء والأطفال المتضررين.كما ظهرت إينبيندر، وهي ترتدي دبوس حملة «فنانون من أجل وقف إطلاق النار»، وهو الشعار الذي رفعه عدد من الفنانين الآخرين مثل إيمي لو وول، ناتاشا روثويل، روث نيجا، وكريس بيرفيتي، وكلهم حملوا نفس الرسالة المطالبة بوقف فوري للقتال وتحرك عاجل من الحكومة الأمريكية لوقف المجازر في غزة.
الكوفية الفلسطينية على السجادة الحمراء

وفي لفتة بارزة، ارتدى الممثل الإسباني خافيير بارديم، الكوفية الفلسطينية خلال ظهوره على السجادة الحمراء، مؤكدا رفضه القاطع للعمل مع أي جهة تبرر أو تدعم ما وصفه بالإبادة الجماعية.
وأضاف، أن خسارة بعض الفرص المهنية لا تساوي شيئا أمام المأساة الإنسانية في غزة.
أما الممثلة ميجان ستالتر، فقد لفتت الأنظار بحقيبة يد كتب عليها بخط عريض وقف إطلاق النار، في رسالة واضحة لدعمها للسلام وإنهاء الصراع.
وعلى الصعيد الرياضي، هددت إسبانيا بالانسحاب من المونديال القادم في حال عدم مقاطعة دولة الكيان، كما دعا نجم الكرة الفرنسي إيريك كانتونا، إلى مقاطعة إسرائيل رياضيا ومعاقبة الكرة الصهيونية.
* أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية نبيل ديب
المقاطعة سلاح فتاك
اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية نبيل ديب، أن حركة المقاطعة ضد الكيان الصهيوني، تعد سلاحا يشبه إلى حد بعيد ما جرى في زمن نظام الفصل العنصري بجنوب إفريقيا، موضحا أن نظام الأبارتهايد لم يسقط بالقوة العسكرية، وإنما بفعل المقاطعة التي اتسعت أفقيا وعموديا حتى مست جميع القطاعات، بما فيها الأكاديمي والإعلامي.
وقال ديب، إن المقاطعة الحالية ضد الكيان الصهيوني تتخذ مسارا متسلسلا وتكسب زخما متزايدا، خصوصا بعد أحداث طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، والفضائح المستمرة التي وصفها بـالهولوكوست المصور، فضلا عن دور مواقع التواصل الاجتماعي التي كسرت هيمنة النخب الإعلامية العالمية، ما جعل الصورة الحقيقية تصل إلى شرائح واسعة من الرأي العام خاصة الشباب.وأضاف، أن المقاطعة تبدو في ظاهرها ضعيفة، لكنها في الحقيقة سلاح فتاك لأنها تستهدف الجوانب الاقتصادية والمالية والإعلامية، كما كشفت للعالم حجم المحتل للشركات والقطاعات المختلفة، اذ أن العديد من الشركات الداعمة له بدأت تتكبد خسائر فعلية، وأغلقت فروعا لها بسبب الضغط الشعبي، مما جعل دعم الكيان عبئا اقتصاديا وأخلاقيا وقانونيا.
وأشار، إلى أن المقاطعة توسعت من المجالين الاقتصادي والسياسي لتشمل أيضا الثقافة والرياضة، وهو ما شكل خطرا رمزيا كبيرا لأنه يعزل المحتل ويجعله كيانا منبوذا، يتعامل معه كما لو كان مرضا معديا.
كما لفت إلى أن العالم العربي يعد من أكثر الشعوب استهلاكا لمنتجات الشركات الداعمة للكيان، بما يفوق 4 آلاف مليار دولار سنويا، وهو رقم مهول يعكس حجم التأثير الممكن تحقيقه عبر الاستمرار في المقاطعة. وضرب مثالا بما حدث في إسبانيا مؤخرا من انسحاب صناعات وشركات من الشراكة مع مراكز البحوث التابعة للكيان الصهيوني، إضافة إلى الضغوط الشعبية التي تدفع حكومات مثل بريطانيا وغيرها إلى إعادة النظر في علاقاتها معه.
وتطرق الباحث في العلوم السياسية، إلى أن المقاطعة مست قطاع الصناعة العسكرية ، إذ تعتمد هذه الأخيرة على المواد الأولية القادمة من تركيا التي أعلنت قبل أسبوعين وقف إمداداتها، معتبرا هذه الخطوة مؤشرا مهما على إمكانية تغيير موازين القوى العالمية إذا استمرت المقاطعة بثبات وانتظام.
وأوضح ديب، أن المقاطعة في الغرب أكثر تأثيرا، لأن المجتمعات هناك أكثر وعيا بالقضية الفلسطينية، وبمجرد اطلاعها على الحقائق تبنتها بقوة، بما في ذلك قطاع من اليهود، وذلك من منطلق إنساني وهو ما جعلهم يتحولون إلى فاعلين أساسيين ومناضلين من أجل القضية.
وفي السياق الثقافي، أكد أن للمقاطعة بعدا رمزيا عميقا لأنها تسقط الخرافات الصهيونية، مثل الادعاء بأن المحتل هو الديمقراطية الوحيدة في محيط من الدكتاتوريات، أو أسطورة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض. وقال إن الرأي العام العالمي اليوم بات يعرف حقيقة أصحاب الأرض الشرعيين ومن هم المستعمرون، كما بات يميز بين الهولوكوست التاريخي، والهولوكوست الحقيقي في الواقع الحالي.
كما أكد، أن المقاطعة تكشف أيضا زيف الادعاءات الثقافية التي تروج لصورة اليهود كـشعب مثقف وإنساني وعلمي، مبرزا أن المقاطعة تفضح هذه الصورة وتعيد القضية الفلسطينية إلى بعدها الأخلاقي والإنساني العالمي.
* خبير الاقتصاد أبو بكر سلامي
هذه شروط نجـاح المقاطعة الاقتصادية
من جهته، أوضح خبير الاقتصاد أبو بكر سلامي أن مقاطعة المواد التي تنتجها شركات صهيونية أو تلك المدعمة لإسرائيل يمكن أن يكون لها تأثير اقتصادي كبير، شرط أن تلقى استجابة واسعة، فالمقاطعة حسبه لا توتي ثمارها إلا إذا أدت إلى انخفاض ملموس في معدل الاستهلاك، لأن قوة تأثيرها تقاس بحجم السوق المستهدفة.
متابعا بالقول، بأنه إذا مثلت الدول الداعمة لفلسطين 20 بالمئة من حجم الاستهلاك العالمي للسلع والخدمات، فإن ذلك سيؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الصهيوني، أما إذا كانت الاستجابة محدودة ومعدل استهلاك هذه المواد ضعيفا، فلن ينعكس الأمر بوضوح على الاقتصاد.
وأضاف المتحدث، أن الاستهلاك في الوقت الراهن كبير، والمعدل معتبر، وبالتالي فإن استجابة الأفراد والدول والمؤسسات لمقاطعة السلع والخدمات كفيلة بالتأثير على الاقتصاد، ما سيؤدي إلى تراجع أرباح الشركات الموالية للمحتل، وتسريح العمال، وانخفاض رؤوس الأموال، وتراجع الحركية الاقتصادية. وأكد أن ترابط اقتصاد الشركات العالمية يجعل الخسائر تمتد إلى مجالات مختلفة. وأشار سلامي، إلى أن المقاطعة يجب ألا تبقى محصورة في الأفراد، بل من الضروري أن تنخرط فيها الشركات والحكومات حتى تكون ذات أثر واسع وملموس.
كما لفت، إلى أن الخسائر التي تتكبدها الشركات العالمية الكبرى جراء المقاطعة يمكن أن تتحول إلى عامل ضغط على الحكومات الغربية لتغيير سياساتها تجاه المحتل ، خاصة مع تدخل السياسيين المتأثرين بمصالح تلك الشركات.
كما قال، بأن تكامل الأشكال الثلاثة للمقاطعة سواء الاقتصادية، الثقافية والأكاديمية، هو سر قوتها، إذ بحسبه لا توجد مقاطعة أقوى من أخرى، بل إن قوتها تكمن في تآزرها. كما شدد على أن الضغط العسكري يظل عاملا مكملا ومهما في هذا المسار.
لينة دلول

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com