سجلت شعبة زراعة عباد الشمس بولاية ميلة، تطورا ملحوظا، من خلال توسع المساحات المزروعة خلال السنة الجارية، مقارنة مع الموسم الماضي، بمساحة إضافية تقدر بـ 164 هكتارا، ما سيسمح في زيادة المنتوج وتطور هذه الزراعة الزيتية بالمنطقة، التي تعلق عليها السلطات العليا آمالا كبيرة للمساهمة في توفير المادة الأولية لإنتاج زيت المائدة وتقليص فاتورة الاستيراد.
وتعد ولاية ميلة، من بين الولايات الفلاحية بامتياز على المستوى الوطني، في إنتاج العديد من المحاصيل الفلاحية، على غرار القمح والثوم اللذين احتلت بهما الموسم الماضي المراتب الأولى وطنيا، لاسيما بعد توسيع المساحات المسقية بالمنطقة، فضلا عن الامتيازات والتسهيلات التي تقدمها السلطات المحلية، منها التسهيلات المقدمة لحفر الآبار ومنح البذور وهو ما حفز العديد من الفلاحين للتوجه نحو توسيع المساحات وتطوير الزراعة.
مساع لتطوير زراعة دوار الشمس
يسعى القائمون على الشأن الفلاحي بميلة، إلى تطوير شعبة زراعة دوار الشمس، بالنظر لتوفر كل الظروف الملائمة لنجاح العملية، خاصة بعد نجاح أولى التجارب الموسم الماضي وكانت حصيلة مرضية مبدئيا، وفق ما عبر به رئيس مصلحة تنظيم الإنتاج والدعم التقني بمديرية المصالح الفلاحية المحلية، للنصر، أين تم زراعة مساحة إجمالية قدرت بـ 100 هكتار، حققت منها كميات جيدة في أولى التجارب، قائلا إن زراعة دوار الشمس تدخل ضمن برنامج السلطات العليا في البلاد لتطوير الزراعات الزيتية بهدف المساهمة في توفير المواد الأولية لإنتاج زيت المائدة وتقليص فاتورة الاستيراد.
وأوضح ذات المصدر، أن زراعة دوار الشمس من الشعب الفلاحية الواعدة التي تعمل المصالح الفلاحية على الترويج لها بالمنطقة وسط الأسرة الفلاحية لما لها من فوائد اقتصادية وغذائية، مؤكدا أن مصالحه تسعى بالتنسيق مع مختلف الفاعلين في المجال إلى استقطاب أكبر عدد من الفلاحين وتوسيع المساحات المسقية مستقبلا.
وحققت هذه التجربة نجاحا ملحوظا بالمنطقة، حسب محدثنا، بالرغم من تخوف العديد من الفلاحين للانخراط في هذه الزراعة الواعدة التي تعلق عليها السلطات العليا في البلاد أمالا كبيرة للمساهمة في توفير المادة الأولية بالوطن لإنتاج زيت المائدة وتقليص فاتورة الاستيراد، في انتظار انخراط عدد أكبر من الفلاحين وتوسيع المساحات أكثر مستقبلا.
زراعة إجمالية على مساحة 264 هكتارا
وأكد رئيس مصلحة تنظيم الإنتاج والدعم التقني بمديرية المصالح الفلاحية المحلية، أن الموسم الفلاحي الجاري 2024/2025، شهد زراعة 264 هكتارا من نبتة عباد الشمس بالولاية موزعة على الوحدات الإنتاجية عبر الإقليم، بمساحة تقدر بـ 130 هكتارا بكل من بلديات وادي النجاء، وادي سقان ووادي العثمانية، بالإضافة إلى 134 هكتارا بأراضي الفلاحين الخواص.
وتحصي المصالح الفلاحية، وفق ذات المصدر، ما مجموعه 63 فلاحا منخرطا في برنامج زراعة دوار الشمس بالولاية جلهم يتمركزون بالمنطقة الجنوبية، وهذا راجع حسبه، لتوفر المورد المائي، خصوصا وأن هذه النبتة تتطلب كميات معتبرة من المياه.
وسطرت مديرية المصالح الفلاحية المحلية برنامجا لمرافقة الفلاحين المنخرطين في العملية، من بداية غرس المنتوج إلى غاية حصاده، حيث جندت ذات المصالح إطارات من المديرية ومختلف الفاعلين في القطاع بالولاية، أين تم تحسيس ومتابعة ومرافقة الفلاحين تقنيا وإرشاديا من أول يوم، وذلك للتطبيق السليم للنبتة، فضلا عن توفير البذور المعتمدة وربط المنتجين بالمحولين الصناعيين لبيع المحصول، كما سيستفيد المنخرطون في البرنامج من منح تحفيزية رصدتها السلطات العليا في البلاد، وفق ما أفاد به محدثنا.
وفي ظل التحفيزات المقدمة من طرف الدولة للراغبين في هذا النوع من الزراعات الزيتية، وتحقيق نجاح ملحوظ في أولى التجارب عبر الإقليم، يسعى القائمون على الشأن الفلاحي المحلي إلى توسيع المساحات المزروعة وتطوير الشعبة، خصوصا مع توفر جنوب الولاية على محيط السقي، كون هذه النبتة تتطلب كميات معتبرة، فضلا عن دخول هذه الزراعة في الدورة الزراعية لعدة محاصيل على غرار مادة الثوم، باعتبار أن هذه الزراعة تكون متأخرة بداية من شهر أفريل إلى غاية شهر ماي ما يسمح بزراعتها بعد جني محصول الثوم الذي أصبح علامة مسجلة باسم بلديات جنوب الولاية.
نماذج أولية ناجحة
وزارت النصر بعض الحقول المزروعة بهذه النبة الزيتية عبر الإقليم، أين وقفنا بالمزرعة النموذجية «عميرة أحمد» بمشتة العرصة بلدية وادي النجاء على مدى تأقلم ونجاح زراعة دوار الشمس على مساحة إجمالية تقدر بـ 50 هكتارا، حيث يعمل القائمون على المزرعة جاهدين للعناية والاهتمام بهذه الزراعة.
وببلدية سيدي مروان، وقفنا على نجاح إحدى تجارب زراعة عباد الشمس، بالمستثمرة الفلاحية، بن صالح بن سليمان، حيث أوضح صاحب المستثمرة ،عناني محمد، أنه لم يكن يعرف خبايا زراعة هذه النبتة إلى غاية تواصل مديرية المصالح الفلاحية المحلية مع شخصه، أين عرض عليه القيام بهذه التجربة وزراعة دوار الشمس بمزرعته، قائلا إن هذه التجربة لم يكن ملما بخباياها وآليات زراعة ومتابعة نمو هذه النبتة وسقيها، لكن متابعة ومرافقة القائمين على الشأن الفلاحي وتوفير البذور سهلت العملية.
وأضاف صاحب المستثمرة التي تحتوي إلى جانب عباد الشمس على محاصيل من القمح الصلب والقمح اللين، أنه مستعد لتوسيع هذه الزراعة في حالة ما إذا تم توفير المياه بالشكل المطلوب، لاسيما وأن هذه الزراعة تتطلب موردا مائيا معتبرا، وتوفير البذور في الآجال المحددة، مؤكدا أن المنطقة تتوفر على مقومات نجاح أي زراعة إذا تم توفير حاجيات الفلاح على غرار المورد المائي الذي يعد من العناصر المهمة في العملية الزراعية، خاصة بعد تراجع كمية التساقطات المطرية خلال السنوات الأخيرة .
وتعد هذه التجربة، حسب ذات الفلاح، ناجحة مبدئيا، خاصة أنها تدخل ضمن الدورة الزراعية لعدة محاصيل زراعية وهو ما يساعد على زراعتها بعد حصاد بعض المنتجات.
نحو توسيع المساحات المسقية
وفي ظل الطلبات المتكررة لفلاحي ولاية ميلة على توفير المورد المائي والسماح لهم بسقي المنتجات الفلاحية من السدود المتواجدة بالمنطقة لتنويع وتطوير المحاصيل، وقد أكدت السلطات العليا في البلاد، مؤخرا، على السعي لتوسيع محيطات السقي عبر إقليم ولاية ميلة، لتطوير مختلف المنتجات الفلاحية بالمنطقة التي تعد أحد أهم المناطق الفلاحية إنتاجا بالوطن وخلق ظروف ملائمة للفلاحين، حيث أعطى وزير الري، طه دربال، خلال زيارته الأخيرة للولاية لتفقد قطاعه، الموافقة على توسعة محيط السقي عبر إقليم الولاية، انطلاقا من سد بني هارون.
وذكر الوزير في تصريح للصحافة، أن مصالحه توصلت إلى اتفاق مع القائمين على وزارة الفلاحة للشروع في الدراسة الخاصة بتوسيع محيط السقي عبر ولاية ميلة، خصوصا مع توفر المورد المائي، مؤكدا أن الدراسة ستمول من طرف الصندوق الوطني للمياه لإنجازها في قادم الأيام.
م.ب