كشف مدير متحف هيبون بعنابة، خليل عزون، للنصر، أمس، عن وقف حفريات غير قانونية بمحيط المدينة الأثرية، على إثر العثور على آثار تعود للحقبة الرومانية.
ووفقا، لعزون، فإن عملية توقيف أشغال البناء التي كان يعتزم أحد المواطنين القيام بها، تمت بالتنسيق مع المصالح المختصة، لعدم حيازة المعني أي وثيقة ترخص له بعملية الحفر، لكون المنطقة تدخل في الحيز الجغرافي الخارجي للموقع الأثري يمنع البناء فيها.
وأضاف المتحدث، أنه وعلى إثر اكتشاف آثار، تمت دعوة فريق بحث من المركز الوطني للبحث في علم الآثار، التابع لمعهد الآثار بجامعة الجزائر 2، بقيادة، البروفيسور، سليم عنان، وبعد يومين من عملية تعرية الطبقة السطحية الناتجة عن عملية الحفر غير القانونية، تم تسجيل وتوثيق بقايا آثار مُكتشفة، حيث مازالت العملية متواصلة لتقييم طبيعة الأشياء المكتشفة والتدقيق في الحقبة التي تعود لها، حيث تشير المعطيات الأولية، إلى أنها تعود للعهد الروماني.
وفي سياق متصل، يشرف، البروفيسور، سليم عنان، أستاذ التعليم العالي والمختص في صيانة وترميم الممتلكات الثقافية، باعتباره رئيس مشروع حفرية موقع هيبون الأثري، على عدة حفريات، ضمن الدراسات العلمية التي باشرها باحثون جزائريون مختصون في الآثار من مختلف جامعات الوطن.
وحسب مدير الموقع، خليل عزون، فإن الهدف من الحفريات هو تقديم قراءات جديدة للموقع الأثري ودراسة الطبقات الستراتيغرافية للموقع ورد الاعتبار لعديد المعالم الأثرية، بالإضافة إلى استخلاص قراءة أولية انطلاقا من التساؤلات التي يطرحها الباحثون حول تاريخ المدينة التي شهدت أحداثا هامة، بهدف إعادة كتابة التاريخ بأياد جزائرية.
وستسمح الحفريات التي بدأت تظهر نتائجها، بتعزيز وتدعيم المتحف الأثري هيبون بقطع جديدة نادرة، خاصة وأن موقع عنابة دائما ما يصنع الاستثناء باكتشافات فريدة من نوعها .
وفي السياق، صدر في الجريدة الرسمية سنة 2020، مخطط لحماية وتثمين الموقع الأثري لمدينة هيبون ومنطقة حمايته، يتضمن 12 موقعا أثريا لهذا المتحف في الهواء الطلق. ويخص المرسوم الذي وقعته وزيرة الثقافة والفنون، مليكة بن دودة، المواقع الأثرية لهيبون القديمة، مثل مسرح هيبون ومعبد الآلهة الاثني عشر، الفوروم وحيه، السوق وآثار الحمامات والأحياء الساحلية أو صهاريج المدينة.وقبلها صادقت اللجنة الولائية المشتركة سنة 2018، على مخطط الحماية وحفظ الموقع الأثري هيبون، مع إجراء التحقيق العمومي اعتمادا على مخطط شغل الأراضي الخاص بالمدينة الأثرية، لضبط الحدود بشكل دقيق.وتعتبر إدارة الموقع مخطط حماية المدينة الأثرية، الأداة القانونية لحماية الموقع بشكل كامل، من الاعتداءات على الوعاء العقاري. و تكتسي المواقع الأثرية لهيبون القديمة، أهمية بالغة، حيث شهدت إنشاء متحف في عام 1968، يحتوي على مجموعة من حوالي 20000 قطعة، بالإضافة إلى كنوز محفوظة وأخرى مازالت غير مكتشفة.
وحسب إدارة المتحف، فإن الاكتشافات في المدينة الأثرية التي تتربع على مساحة 60 هكتارا، لم تتعد 30 بالمائة منذ الحقبة الاستعمارية و مازالت 70 بالمائة من خباياها غير معروفة وتعد مدخرات تاريخية للأجيال القادمة، فيما يجري الآن التوسع في نقاط الاستكشاف والبحث، إذ تتضمن المدينة الأثرية عدة مواقع، منها المعلم الديني المسيحي، الذي بُني كنسخة عن الكنسية الحقيقة الموجودة أسفل موقع هيبون وقد مست الحفريات والبحوث، رقعة تتربع على25 هكتارا فقط من الموقع.
وتعمل وزارة الثقافة، حسب المصدر، على إعادة بعث الحياة في المدينة الأثرية التي وضع حجر أساسها الملوك النوميديون وتتعلق الأنشطة بتثمين الموقع بغية تصنيفه كتراث عالمي، لما يحظى به من قيمة مهمة للإنسانية جمعاء وتراكم حضاري، حيث كانت المدينة أول محطة إغريقية بعد سرت الليبية ومحطة تجارية فينيقية قبل تأسيس قرطاج بتونس بأربعة قرون وصارت في العهد الروماني واحدة من أهم المدائن الحضارية في شمال إفريقيا وواجهة تجارية تصدر منها المنتجات نحو روما وكذا مقرا لأسقفية القديس أوغستين والتي أعطتها الصبغة العالمية وحتى خلال الفتح الإسلامي، ترك المسلمون بصمتهم بالمدينة الأثرية هيبون، ببناء أول مسجد في عنابة، على أنقاض كنيسة القديس «إتنيان».
حسين دريدح