أوقفت، مساء أمس الأول، مصالح الأمن بولاية سطيف، شابا بعدما قام بالاعتداء وتخريب تمثال عين الفوارة الشهير، الذي يتوسط ساحة الاستقلال في قلب مدينة سطيف، متسببا في تحطيم جزء من وجه تمثال المرأة الذي يعتلي القاعدة المثبتة لمنابع هذا المعلم التاريخي .
وقام المعتدي بتحطيم جزء من التمثال، قبل أن يتدخل رجال الأمن لمنعه من مواصلة تحطيم باقي الأجزاء، وتوقيفه بمكان الحادث، وسط ذهول وفضول من المارة الذين قاموا بتوثيق الحادثة، حيث أظهرت صور ومقاطع فيديو متداولة على منصات التواصل الاجتماعي، الشاب وهو يعتلي التمثال ويقوم بتهشيم أجزاء من وجه المرأة.
وسرعان ما تدخلت قوات الشرطة التي كانت في الجوار، وتمكنت من توقيف المعتدي، الذي تبين أنه كان في «حالة متقدمة من السكر» حسب تصريحات لمدير الثقافة لولاية سطيف، وقد لحقت أضرار بوجه التمثال، الذي سبق وأن تعرض لأعمال تخريب مماثلة في السابق.
وتعد هذه الحادثة حلقة جديدة في مسلسل الاعتداءات المتكررة التي طالت هذا المعلم التاريخي والفني على مر السنين، دون إيلاء أهمية لقيمته إذ يعد من بين أبرز المعالم التي تؤرخ لفترة تاريخية للمدينة، وترسم معالم التراث الثقافي لها.
وقد أثارت الحادثة استياء واسعا في الأوساط الشعبية والثقافية في الولاية وعبر الوطن، معتبرين تكرار مثل هذه الحوادث، تطرفا فكريا وجهلا بقيمة التراث، أين عبر العديد من المواطنين والمثقفين عن غضبهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبين بتعزيز الإجراءات الأمنية لحماية المعالم التاريخية وتشديد العقوبات ضد المتورطين في أعمال التخريب، كما دعا نشطاء إلى تكثيف الحملات التوعوية لتسليط الضوء على القيمة الفنية والتاريخية للتمثال، بعيدا عن التأويلات الأيديولوجية المتشددة.
و تجدر الإشارة إلى أن هذه الحادثة، لم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها تمثال عين الفوارة للتخريب، بل سبق وأن تعرض لسلسلة من الاعتداءات.
فقد تعرض هذا التمثال شهر أفريل من سنة 1997 وخلال فترة العشرية السوداء لتفجير بقنبلة ما تسبب في تحطمه بشكل كبير، ليتم ترميمه في أقل من 24 ساعة، لتتوالى بعدها الاعتداءات أغلبها من قبل شبان تحت تأثير المخدرات، ولعل أبرزها كانت الحادثة التي وقعت خلال شهر ديسمبر من عام 2017، أين هاجم رجل وصف بـ «المتشدد» التمثال بمطرقة، محطما وجهه وأجزاء أخرى منه، في مشهد أثار صدمة واسعة، ليتم تخصيص مبلغ مالي معتبر لترميمه.
ويعتبر تمثال عين الفوارة، الذي أنجزه النحات الفرنسي فرانسيس دو سانتفيدال عام 1898، أكثر من مجرد معلم فني، فهو جزء لا يتجزأ من هوية مدينة سطيف وذاكرتها الجماعية، وقد نقل من متحف اللوفر بباريس ليوضع فوق نبع عين الفوارة في قلب المدينة، ليصبح مع مرور الزمن أحد أبرز رموزها، حيث تحول إلى مزار ومحج للزوار من مختلف ولايات الوطن ومن الخارج، إذ يعد أبرز معلم بالمدينة، وعادة ما يقترن اسم مدينة سطيف بهذا المعلم الأثري.
و قد تم في الثالث من نوفمبر سنة 1999، تصنيفه كتراث وطني، مما يؤكد على قيمته التاريخية والثقافية.
عثمان.ب