أرجع أول أمس مختصون في فلسفة الجمال و الفنون التشكيلية و الإشهار، في ندوة وطنية حول «الفن و الإشهار» نظمت بكلية الفنون و الثقافة بجامعة صالح بوبنيدر في قسنطينة، عدم استخدام الفنون التشكيلية في الإشهار، إلى غياب الثقافة التشكيلية في المجتمع، خاصة في المنظومة التعليمية، مؤكدين بأن غياب الفن عن الإشهار تسبب في تدني الذوق العام، و أشاروا في سياق متصل إلى أن الفنان يحتاج للإشهار للترويج لإنجازاته الفنية ، فيما يحتاج المعلن  للفن للرفع من قيمة سلعته، داعين إلى ضرورة استغلال هذا التكامل للارتقاء بالذوق الفني العام.
قال  الدكتور جمال مفرج، مختص في فلسفة الجمال بجامعة قسنطينة 3 صالح بوبنيدر، بأن الملصقات الإشهارية تكتسب قيمة كبيرة عند استعمال الأعمال الفنية المشهورة و المطبوعة في ذهن الإنسان من ثقافته، و ذلك بربط المنتوج بلوحة فنية ما، و بالتالي تصبح هذه السلعة مرتبطة بالمخيال الثقافي و الفني للشخص، فيتذكر السلعة بسهولة لكونها مرتبطة باللوحة، و تصبح السلعة تمتلك، حسبه، قيمة لكونها وضعت بجانبها.
محدثنا شدد بأن الفن و الإشهار يكملان بعضهما البعض، فالإشهار يحتاج للفن للرفع من قيمة السلعة ، كما أن الفنان يحتاج للإشهار للترويج لإنجازاته الفنية مع السلعة، داعيا إلى ضرورة استغلال هذا التكامل الموجود بينهما، للارتقاء بالذوق الفني العام.
و في رد الأستاذ جمال مفرج عن سؤال النصر بخصوص سبب غياب الفن في الإشهار الجزائري، و عدم اعتماد المعلنين على أعمال الفنانين الجزائريين ، قال بأننا لا نملك ثقافة تشكيلية في المجتمع، خاصة في المنظومة التعليمية، فالفن يغرس في الفرد بواسطة التربية الفنية، مشيرا إلى أن هناك أعمالا فنية كثيرة من رسومات و منحوتات و غيرها من المفروض أن تستغل في هذا المجال، إلى أنها غير مستغلة.
و في مداخلته الموسومة الفنون التشكيلية في الإشهار، قال الأستاذ مفرج أنه من المفروض أن يشرف على تصميم الإعلانات الإشهارية، مختصون في الفنون لهم خلفية حول تاريخ الفنون، لكن في الواقع ، حسب المتحدث، نجد صاحب السلعة هو من يملي شروطه على الفنان، و المؤسف، أن الإشهار ، إلى جانب إهماله لكل ما هو فن ، يتسبب أيضا في هبوط الذوق العام، مبرزا الجانب السلبي في عديد الملصقات الإشهارية، و منها التي تخدش الحياء .
من جهته تطرق الدكتور قاسم بوزيد في مداخلته الموسومة « الإشهار و تضميناته الثقافية» ، إلى صناعة الصورة الاشهارية، و تأثيراتها على الفرد، مشيرا إلى أن الإشهار روج لقيم غير قيمنا و صنع لنا واقعا يتنافى و مبادئنا، بهدف الربح و تغير نمط التفكير لدى الإنسان، و هذا ما يشكل، حسبه، خطرا في الخطاب الإشهاري، خاصة مع اتساع استخدام وسائل الاتصال الحديثة ، و التي  أسفرت عن إنتاج مشترك لرسائل و منتجات ثقافية، و أظهرت ما يسمى الثقافة الجماهيرية، التي تعطي الأولوية لإبراز النجوم على حساب كل ما هو ثقافي فني، مؤكدا بأن تركيز المعلنين أصبح على النجوم فقط، فثقافة الصورة تلغي دور الفرد  و تحل محله منظومة لها طابع النجومية، معتبرا ذلك تحولا في الخطاب الإشهاري ، مضيفا بأن هذا الأخير أصبح إيديولوجية جديدة صنعتها الصورة و بديلا عن الواقع الحقيقي.
من جهتها دعت البروفيسور نوال مامي عبد اللطيف من جامعة سطيف 2 ، إلى ضرورة إعادة النظر في المناهج التربوية التي نضعها بين أيادي أبنائنا ، لكون الحس الفني موجود في الإنسان بالفطرة، و يتطور بدعم المواهب و صقلها عبر مختلف البرامج التربوية، كما تساهم في بناء الشخصية بتدريب الفرد على الوعي المستقل و تطور فيه حرية التفكير و التعبير و الحس الفني، و بالتالي الارتقاء بالذوق العام.
و تم على هامش الندوة تكريم فرقة « فنون قسنطينة» التابعة لكلية الفنون، التي حققت نجاحا معتبرا و نالت عدة جوائز، افتكت بعضها في المهرجان الوطني الجامعي للمونولوغ بواد سوف في طبعته السادسة خلال فيفري الفارط.
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى