أثارت «أجوبةُ» النّاخب الوطني جمال بلماضي في الندوات الصحفيّة استهجان بعض الصحافيين الذين فسّروا «طريقته» بالافتقار إلى الدبلوماسية.
 غير أنّ الأجواء التي تجري فيها هذه الندوات، قد تمنح الأعذار للرّجل خصوصا وأنّ كرة القدم باتت تحمّل فوق ما تطيقه رياضة في مجتمعات تعاني من فقر دمٍ  وفراغٍ في الحياة، ويركضُ فيها جميع النّاس خلف الكرة لأنّهم لا يجدون سبباً آخر للرّكض!
كلّ الصحافيين الذين تلاسن معهم بلماضي أو ردّ عليهم بأسلوبٍ صادمٍ من الضفّة الجنوبيّة للمتوسّط، حيث لا يحصل الصحافيّ في هذه البلدان على فرصةٍ لطرح أسئلةٍ على صانعِ قرارٍ، لذلك يسرف في استغلال الفرصة حين يُتاح له راسم تكتيكات، وربما عانى وهو يُمارس المهنة من ارتفاعِ منسوبِ الوطنيّةِ الذي يدفعه إلى طرحِ الأسئلةِ بحماسةٍ زائدةٍ قد لا يتقبلها تقنيٌّ عقلانيٌّ، فيعيد السائل إلى أصولِ مهنته، كأن يقول له: أنت هنا لتسأل فاسأل ودعني أجيب، أو أجيب كما أريد وليس كما تريد أنت. وربما أجابه: اسأل كأنك تسأل ولا تسأل كأنك تُحارب!
ثمة مأساة حقيقيّة في ممارسة مهنة الصّحافة في البلدان التي تفتقر إلى ثقافةٍ ديمقراطيّةٍ، حيث يتأرجح «المُمارسُ» بين التأييد والمعارضة ويضيّع قواعد العمل والسير، فهو شارحٌ تعيسٌ ومروّجٌ للسياسات أو مناهضٌ شرسٌ ، لأن المهنة  «مُستخدمةٌ» عادةً من طرفين وهو لا يستطيع عبور الوادي، وقد يندمج في الحكاية حتى ينسى أنّه ناقلٌ للحدثِ وليس صانعاً له، لذلك قد يتعارك وقد يركض خلف لاعبٍ ليقبّله، أو يبكي بحرقةٍ عند الفوز أو الخسارة، وهذا ليس عيباً، لكن العيْب أن يحوّل بكاءه إلى «مادة إعلامية» للبرهان على شيءٍ ما، دون أن يقول له أحدٌ: أنت هنا لتعمل أما دموعك فأجلّها حتى يصل مُحبّك بمنديله وأشكر خالتك «عليا».
والذّنب ( في الحالة الجزائرية القابلة للتعميم على الأشقاء والجيران) ليس ذنب الباكي ولا ذنب السائل بحدّةٍ  المندفع بخوذة  غير مرئيّةٍ كمحاربٍ ولا ذنب الصّحفي الذي يقول إنّه خير من تسعى به  قدم، و لكنّ الأمر يتعلّق بمشكلة منظومةٍ متخلّفةٍ تدفع بشبّان «أبرياء»  إلى مهنةٍ يفترض أن تمارسها نخبةٌ على درجةٍ عاليّةٍ من التكوين، وفق قواعد و أخلاقيات مكرّسة في المؤسسات التي ينتسبون إليها.
ملاحظـــــة
أثبت بلماضي أنّه مدربٌّ جيّدٌ، فلماذا لا نتدرّب على  إتقان مهنتنا عوض أن نطالبه بتغيير طبعه؟
سليم بوفنداسة

    • صعلكة

        أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي بالقوانين ولا بالمبادئ التي راكمتها الإنسانيّة في خروجها الفاشل من الصّراعات الدموية. بل إن "التصعلك" تحوّل إلى ما يشبه العرف في العلاقات الدولية،...

    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى