إقبال قياسي على كراء المركبات و العرض أصبح لا يُلبي الطلب!

تعيش وكالات تأجير السيارات حيوية كبيرة في فصل الصيف، جعلت العرض أقل من الطلب مع تزايد الحاجة إلى خدماتها، و ذلك لتفضيل المواطنين الاستئجار عوض شراء المركبات، أمام ما تشهده السوق من الضبابية و ارتفاع للأسعار، حيث يلجأ العديد منهم إلى هذا الحل المؤقت من أجل التنقل في رحلات الاستجمام و حتى في مواكب الأعراس.
و يجد العديد من المواطنين الجزائريين، صعوبة كبيرة في شراء السيارات لعدم اتضاح الرؤية حول الأسعار المتداولة، و هو وضع وجدت وكالات كراء المركبات نفسها الرابح الأكبر فيه، حيث أصبحت الطلبات عليها كبيرة جدا، بتفضيل المواطنين الكراء لقضاء مصالحهم، و في هذا الخصوص قال أحد الزبائن “لا يمكن شراء سيارة حاليا، فالبعض يجزمون بأن أسعارها سترتفع والآخرون يؤكدون أن السوق في انهيار وسينهار أكثر في الأشهر القادمة، وهو ما يجعل كل مواطن يتردد حاليا في شراء مركبة».
“المعريفة” كلمة السر!
و قد وجد أصحاب وكالات كراء السيارات أنفسهم أمام طلبيات قياسية في الصيف الحالي، حيث أكد أحدهم للنصر أنه يتلقى أكثر من 50 اتصالا يوميا من الراغبين في استئجار مركبة، ولكنه بالطبع لا يمكنه تلبية كل تلك الطلبات، و يضطر، مثلما يضيف، إلى تفضيل من تربطه به علاقة صداقة أو قرابة، قائلا في هذا الشأن «أتلقى يوميا عشرات الاتصالات من الراغبين في كراء السيارة، ولكن لا يمكن أن ألبي كل تلك الطلبيات، فأضطر لاختيار أقرب المقربين، وهو ما يضعني في حرج كبير مع الزبائن”.
و تزامنت الضبابية التي يتسم بها سوق السيارات، مع موسم العطل والأعراس، حيث يرغب الجميع في كراء مركبة من أجل قضاء العطل والتنقل بين الولايات أو حتى إلى الجارة تونس، عوض التقيّد بالمواصلات، كما ساهمت الأعراس التي غالبا ما تقام في فصل الصيف، في زيادة الطلبات، حيث يفضل البعض استئجار مركبة من أجل نقل العائلة إلى قاعات الحفلات والمشاركة في موكب الزفاف، عوض استعمال سيارة أجرة قد يكون ثمنها معادلا لثمن الكراء.
وكالات تُفضل التعامل مع المغتربين
و يلعب المغتربون دورا هاما في زيادة الطلب على وكالات كراء السيارات، فمعظمهم يسافرون على متن الطائرة عوض نقل سياراتهم، ما يجعلهم مجبرين على استئجار مركبة يصلون بها إلى ولاياتهم، كما أن العديد منهم يفضلون قضاء العطلة الصيفية في تونس، ما يجعل توفر السيارة أمرا أساسيا من أجل قضاء عطلة مريحة.
و أكد أحد أصحاب الوكالات أن المغتربين يقومون باستئجار السيارات قبل 3 إلى 4 أشهر من فصل الصيف، ويكلفون أقاربهم في الجزائر بدفع تسبيق لضمان العملية، كما أن مدة الكراء ترجح كفة المغتربين على بقية الزبائن، خاصة وأنها تستمر من شهر إلى ثلاثة، ما يجعل مسيري الوكالات يفضلون التعامل معهم، عوض تأجير السيارة عن اليوم للزبائن الآخرين.
ملجأ لمحدودي الدخل و أسعار لا تقل عن 4500 دينار
أكد العديد من المواطنين ممن استفسرناهم عن سبب كراء سيارة عوض التنقل في الحافلة أو مركبات الأجرة، أن هذا الحل يبقى أفضل بكثير من مشقة السفر على متن الحافلة، إذ تتيح السيارة حرية تنقلهم من مكان لآخر، حيث قال أحد الزبائن “أفضِّل كراء سيارة لـ 24 ساعة عوض التنقل في الحافلة أو سيارة الأجرة، حتى أنه وبعملية حسابية بسيطة، ستجد أن تكلفة الكراء أفضل بكثير من الطاكسي، فقد استفسرت أحد سائقي الأجرة عن سعر النقل إلى ولاية جيجل ذهابا وإيابا، فأخبرني أنه يقدر بـ 6000 دج، لذلك فأنا أفضل كراء سيارة بـ 4500 دج وأكون حرّا في تنقلاتي لمدة 24 ساعة”.
و يشتكي العديد من زبائن الوكالات من غلاء ثمن كراء السيارات، حيث أكد لنا أحدهم أنه مبالغ فيه، ووجب تخفيضه لتكون السيارة متاحة أمام أصحاب الدخل المحدود، حيث يبلغ سعر كراء مركبة من نوع «سيات ليون» مثلا، 7000 دج لليوم الواحد، أما «داسيا دوستر» فثمنها 6000 دج، و سامبول 5000 دج، في حين تؤجر سيارة “أكسنت» بـ 4500 دج، و في هذا الشأن ذكر أحد المواطنين “نضطر لكراء مركبة بدفع مبلغا كبيرا قد يصل إلى 5000 دج مقابل يوم واحد، فمن أجل جمع هذا المبلغ يضطر البعض للعمل لمدة أسبوع، ولكن لا يوجد بديل.. العديد من الأشخاص يفضلون ستر عائلاتهم في سيارة عوض التنقل بهم في الحافلات».
التأمين و الصيانة يرفعان الكلفة
أما في الجهة المقابلة، فيرى صاحب وكالة لكراء السيارات بقسنطينة، أن المبالغ عادية وفي متناول الجميع، حيث أوضح أن أسعار قطاع الغيار والصيانة ارتفعت كثيرا، مضيفا أن الكثير من الزبائن يعيدون السيارات في حالة كارثية، ما يضطره لإعادة إصلاحها، زيادة، حسبه، على ارتفاع تكاليف التأمين على السيارات.
و قد أصبحت العديد من العائلات الجزائرية، تدّخر الأموال طيلة السنة من أجل جمع المبلغ المطلوب لاستئجار مركبة، حيث قال أحد المواطنين في حديثه للنصر «أصبحنا ندخر الأموال لكراء السيارة مثلما نفعل مع مصاريف العطلة من إقامة و أكل و ترفيه، فأنا شخصيا أقضي العطلة في تونس وقبل أن أحجز في الفندق، يجب علي أن أضمن ثمن استئجار وسيلة النقل أولا، و الذي يكون أحيانا أكبر من كلفة الفندق».
و ذكر زبون آخر أنه يحجز السيارة قبل الفندق الذي سينتقل إليه رفقة عائلته، معلقا في هذا الشأن “أول ما أقوم به دائما هو حجز السيارة ثم الفندق، وعلى سبيل المثال، سأتنقل لمدينة مستغانم لقضاء العطلة، و قد قمت بكراء سيارة ستيبواي بمبلغ 6 ملايين لمدة 10 أيام وهو مبلغ يفوق ثمن الفندق الذي سنقضي فيه العطلة”.
و يقول أصحاب وكالات كراء السيارات، إن الطلبات عليهم عادة ما تنخفض بمجرد انتهاء فصل الصيف، لكن مع عدم استقرار الأسعار على مستوى سوق السيارات المستعملة وحتى الجديدة، قد يتواصل الطلب الكبير، في انتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة.
حاتم بن كحول

الرجوع إلى الأعلى