قالت الفنانة نوال زعتر إن بلاتوهات التصوير بالجزائر تحوّلت مؤخرا إلى منصات للقاء و التباهي و التفاخر، في ظل مستوى فني وصفته بالمتدني، معلنة عن تغيير استراتيجيتها في العمل مستقبلا، و التركيز على التعاون مع أشخاص في المستوى، كما تتحدث عن واقع الفن و الفنان الجزائري في هذا الحوار مع النصر، مؤكدة أن المعايير المعتمدة في توزيع الأدوار لم تعد فنية إنما يحكمها المال والمحسوبية والجمال، معتبرة أن التمثيل أصبح مهنة من لا مهنة لهم، وترى الممثلة المخضرمة أن مسؤولية تدهور الأعمال مشتركة،  وأن جيل العمالقة ظلم لأنه بعد سنوات من التهميش تم اللجوء إليه في أدوار ثانوية لدعم أسماء دون خبرة ولا تكوين مشددة على وجوب إنقاذ الوضع وخلق لجان لانتقاء الممثلين.

حاورتها :  إيمان زياري
النصر: نوال زعتر عدت مجددا لتطلي على جمهورك من خلال سلسلة «مانسكنش مع يماك» في كنال ألجيري خلال شهر رمضان، هلا تحدثت عن تجربتك في هذا العمل؟
لعبت دور العجوز في هذه السلسة الفكاهية المكونة من 15 حلقة، دوري كان مغايرا نوعا ما، إلا أنه حافظ على خصوصية نوال زعتر التي تعود عليها المشاهد الجزائري، فدوري عبارة عن شخصية قوية تفرض نفسها و هي حادة  الطباع «قبيحة» نوعا ما مع شيء من الكوميديا،  ما جعلني أحافظ على تلك الصورة التي عرفني بها الجمهور،  المهم هو يبقى عمل جديد رضيت عن جزء منه و لست راضية عن الجزء الآخر بحسب تقييمي له.
النصر: قوبلت  الأعمال الرمضانية لهذا العام بانتقادات كبيرة ، فيما فسر ذلك فنانون وقائمون على الأعمال بالظروف التي فرضها الحجر الصحي وتأثيرها السلبي على سير الإنتاج.
حقا انتشار فيروس كورونا أثر على عملنا بشكل مباشر، فأنا مثلا أمضيت أكثر من 15 يوما من شهر رمضان بعيدا عن بيتي، فقد كنت مرتبطة بإتمام تصوير حلقات سلسلة «مانسكنش مع يماك»، مما اضطرني للبقاء في مكان التصوير، و لم أستقر في بيتي إلا خلال الأيام الأخيرة، ما جعلني أفوت متابعة باقي الأعمال، و لم أتابع سوى جزء لا يكاد يذكر منها، و ركزت على متابعة عملي لتقييم نفسي و تحديد نقاط القوة و الإخفاق.
النصر: وما كان انطباعك عن الأعمال التي تمكنت من مشاهدتها؟
أعتذر، لم أعد أحب الحديث كثيرا عن أعمال غيري، لأن حديثي قد يجرح آخرين، أفضل أن أترك الكلام للنقاد، بينما يمكنني الحديث عن مستوى الفن في الجزائر بشكل عام دون ذكر الأسماء، نحن نعود للوراء و لا نتقدم أبدا، و المسؤولية في ذلك جماعية، نحن بحاجة إلى أشخاص يحبون الفن لأجل الفن، لا لأجل المال أو الشهرة، فمن لا يملك اليوم عملا يتوجه للفن، عليهم بوضع طاولات لبيع الخضر و الفواكه في «المرشيات» أفضل لهم من التمثيل في هذا الوقت، الفن أصبح مهنة و مهنة من لا مهنة له.
النصر: الجمهور لا يرى إلا الصورة النهائية للعمل، هل لك أن تحدثينا قليلا عن الكواليس التي أثرت سلبا على المستوى العام للتمثيل في الجزائر؟
الفن أصبح كارثة، و ما يجري في بلاتوهات التصوير أخطر بكثير، فالبعض حولها إلى منصات للقاء و التباهي و التفاخر بالماديات أو الجمال، الواقع مؤسف للغاية، فحتى المخرجين و المنتجين لا يتحدثون، كل يغني على ليلاه، و النتيجة أعمال دون المستوى، على القائمين على كل ذلك بانتهاج الجدية و الصرامة في العمل مثلما كان يعمل لخضر حمينة و جمال فزاز و آخرون، فعندما نقف في البلاتو حتى الذبابة يسمع صوتها و لا حديث خارج العمل، للأسف المستوى بات في الحضيض و يجب إنقاذ الموقف قبل فوات الأوان.
النصر: نوال زعتر و  أسماء كثيرة معروفة  غابت عن الشاشة لسنوات،  لكن نلاحظ اليوم أنه يتم الاستنجاد بكم بأدوار ثانوية كنوع من الدعم لأسماء غير معروفة و ربما دون تكوين تحظى بأدوار البطولة، لماذا برأيك؟
حقا ،  لقد همشنا و ضاعت سنوات من العمل، لأن الكل يبحث عن مصلحته الخاصة و المصلحة العامة لم تعد  تهم أحدا، تجاوزونا لكنهم عادوا للاستنجاد بنا، لأجل مصلحتهم طبعا ، و ذلك لإعطاء وزن لأعمالهم و ضمان متابعة أوسع من مشاهد ما يزال متمسكا بالأسماء المعروفة و يرفض الجديدة دون المستوى، وكل ذلك أنقص من قيمة الفنانين المعروفين خاصة في ظل النقص الفادح في مجال التصوير و المونتاج و حتى التمثيل،.
الكثيرون  ممن اقتحموا مجال الفن دون تكوين أو خبرة أو حتى حب لمجال لا يمكن العطاء فيه دون أن تحبه، كل هذا يدفعني لإعادة مراجعة حسابي، فلن أعمل مجددا مع أي كان، و لو اضطررت لتقديم مونولوغ أكتبه، أخرجه و أمثله بنفسي.
النصر: يتحدث البعض من الفنانين عن تغيّر معايير توزيع الأدوار، هل ذلك صحيح؟
نعم، صحيح 100 بالمائة، كل شيءانقلب و لم يعد الفنان الكفؤ الأحق بدور البطولة، فالتمثيل اليوم تحكمه معايير أخرى منها  الجمال و المحسوبية، والمال، و حتى بعض التنازلات تمنح الأدوار، لم يبق من يقيم الفنان اليوم، المهم بالنسبة لهم هو تصوير العمل بأي طريقة و مع أي كان، و لا يحسبون سوى الأرباح المادية، و لذلك سعوا للتخلص منا كجيل قديم محاولين خلق جيل جديد لم ينجح، و عادوا للاستنجاد بنا، للأسف نحن نعود للوراء، يجب خلق لجان متخصصة تعمل على انتقاء الفنانين و توزيع الأدوار، هنالك أياد لا علاقة لها بالفن تعمل على تهديمه خاصة تلك الأعمال النظيفة التي يبحث عنها المشاهد الجزائري.
النصر: في النهاية، هل لنا أن نعرف ماذا تحضر نوال زعتر مستقبلا؟
حاليا أنا في الحجر الصحي كحال كل الجزائريين، لا أقوم سوى بالتسوق أحيانا للضرورة، بينما أمضي كل وقتي في بيتي، أما عن الجديد، فقد تلقيت عروضا لأعمال جديدة، ما زلت أدرسها، و كل شيء ستتضح ملامحه بعد انتهاء أمر الوباء، لكن أقول شيئا واحدا، عملي سيتغير مستقبلا و أكررها، فلن أعمل مجددا مع أي كان، و المهم أن يكون من نتعامل معهم أشخاص في المستوى في مختلف المجالات سواء التمثيل، الإخراج، التصوير و حتى المونتاج.              إ/ ز

الرجوع إلى الأعلى