تشهد حواف الطريق السيار شرق غرب في الآونة الأخيرة، توسعا كبيرا للتجارة الفوضوية، تتقدمها أكشاك «الفاست فود»، و باعة ينتشرون كالفطريات بجوار ديكور تصنعه دلاء البيض المغلى و أكوام من «المطلوع»، فيما سعى آخرون لاستمالة السائقين بالشاي و القهوة، ما يراه الأطباء أمرا غير صحي، يشكل عاملا مساعدا على تفشي فيروس كورونا.
يبدو أن المشهد قد تغير على مستوى الطريق السيار شرق غرب، خاصة في شقه الرابط بين ولايتي البويرة و برج بوعريريج، ديكور جديد تصنعه تلك الأكشاك المغطاة بالقصب، القماش أو القصدير، حيث تكاد تتلاصق، فقد تحولت إلى مغناطيس تجلب عددا هائلا من السائقين، يصنعون يوميا طوابير طويلة على حواف الطريق، ترغمك على التقليل من السرعة بمحاور خطيرة للغاية تكثر بها المنعرجات.
باعة يحدثون حالة طوارئ على  السيار
لم نفهم في البداية تفسير المشهد، لكن بمجرد اقترابنا من المكان أدركنا أن الأمر يتعلق بالطعام، فقد كانت عقارب الساعة تشير إلى الـ6 مساء، غير أن الكثير من السائقين ركنوا مركباتهم على حافة الطريق السيار في النقطة الرابطة بين ولايتي البويرة و برج بوعريريج  في حدود  منتصف النهار، لنجد أن الجميع قد توقف كي يأكل أو لأخذ مشروب بارد كان أم ساخن.
و لم يقتصر التوقف على سائقي شاحنات الوزن الثقيل التي كانت ما تمثل في الغالب زبائن القلة القليلة من الأكشاك التي اعتدنا وجودها على حواف الطريق السيار، فقد امتد الأمر لسائقي مختلف أنواع المركبات الذين ترجلوا من سياراتهم و تجمعوا أمام الباعة لشراء ما يرغبون في تناوله، في مشاهد تتكرر يوميا و تستمر إلى ساعات جد متأخرة من الليل.
اقتربنا من أحد الزبائن و الذي كان سائق شاحنة للوزن الثقيل، فأوضح أنه و منذ بداية فرض نظام الحجر الصحي و غلق المطاعم المتواجدة عبر الولايات أو بمحطات الراحة التابعة للطريق السيار، استغل هؤلاء الباعة الموقف و راحوا لعرض خدماتهم على أشخاص لم يجدوا بدائل إلا لديهم.
نشاط يفتح جبهة أخرى للخطر
و يؤكد خالد الذي وجدناه واقفا بجانب دلو مملوء بالبيض المسلوق، مع كمية من «المطلوع» و كذا قنينات الحليب، أنه و بعد أن لاحظ إقبالا من طرف السائقين على ما يعرضه الباعة بالطريق، قرر العمل في نفس المجال، ما يراه باب رزق ساهم في توفير مدخول لمساعدة أفراد عائلته، خاصة و أنه يعاني من شبح البطالة منذ سنوات، حاله حال الكثير من أبناء المنطقة الذين يقول أنهم قرروا التخصص في البيع على حواف الطريق خاصة و أنهم يعملون على توفير أغذية من إنتاج المنطقة مثل حليب البقر، اللبن، و كذا البيض.
شاب آخر قال « الحمد لله، فكورونا نعمة بالنسبة لنا»، في تعبيره عن واقعه و واقع أبناء جيله بهذه المناطق النائية ببرج بوعريريج، إذ يؤكد أنه لم يعمل مسبقا إلابعد أن جاءت الجائحة، فهي التي وفرت له فرصة للعمل، دون أن يأبه أن الوضع من شأنه أن يكون خطيرا على صحته و صحة من يتعاملون معه بسبب خطر انتقال العدوى و انتشار الفيروس.
منتوجات المناطق النائية تستهوي المارة
و بعيدا عن «الفاست فود» أو «الساندويتشات» التي تشكل ركيزة هذه التجارة، يعرف بيع القهوة و الشاي رواجا كبيرا، حيث قرر بعض الباعة التخصص فيها لتلبية حاجيات عابري الطريق، خاصة خلال الفترة التي أغلقت فيها المقاهي، هذه الأخيرة التي و على الرغم من إعادة فتحها، إلا أن ما يباع منها بالطريق السيار يسيل لعاب الكثيرين ممن تعودوا عليها مثلما يقول أحد السائقين.
من جانب آخرـ تشكل منتوجات المناطق النائية من حليب البقر، الماعز، اللبن، البيض و المطلوع و منتوجات أخرى، العامل الذي ساعد على تزايد أعداد الزائن بحسب الباعة، حيث أكدوا أن الغالبية ابتعدت عن السندويتشات و باتت تفضل أكل المنطقة، خاصة ما يعد منه بالبيت مثل اللبن و المطلوع.
أما بالنسبة للأسعار، فيرى البعض  أنها معقولة، فيما يقول آخرون أنها مرتفعة نسبيا مقارنة بنوعية و حجم الوجبات التي تقدم، ما يرجعه الباعة للظروف التي يعملون فيها، و التعب الذي يتكبدونه لأجل إيصال اللقمة إلى فم الزبون مثلما يقولون.
و إن كان  باعة المأكولات قد سيطروا على المكان، فإنه ما تزال هناك مساحة و لو صغيرة لأولئك الباعة الذين يزينون كل منطقة بحسب تخصصها الفلاحي، فما تزال تلك البراميل بجوار الطريق تعرض خيرتات كل ولاية من بطيخ، تين، عنب و حتى البطاطا و إن كانت بكميات أقل مع تجارة تكاد تسيطر على الطريق السيار من الشرق إلى الغرب، خاصة و أنها ذات المظاهر مررنا بها في الجزء المؤدي إلى الولايات الغربية من الوطن.
الدكتورة لعيور سراح
عرض المأكولات على الطريق قد يؤدي لانتشار عدوى كورونا
و تحذر الطبيبة العامة لعيور سراح، من خطورة تناول الأطعمة التي تعرض في الشارع خاصة على حواف الطرقات التي تشهد حركة سير كثيفة، ما يجعلها عرضة للتلف و الفساد بسبب الغبار و أشعة الشمس، و كذا التلوث نتيجة دخان المركبات، سواء كان الأمر بالنسبة للطعام أو المشروبات الغازية التي يكثر استهلاكها في هذه الفترة بسبب الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة.
الدكتورة تقول أن تناول هذه الأطعمة يعرض الشخص للتسممات الغذائية التي تتزايد في فصل الصيف، بينما قد يشكل هؤلاء الباعة ناقلا مهما للفيروسات خاصة في هذه الفترة التي يمر بها العالم، فقد يمكن أن يكون معد هذا الطعام أو الباعة حاملين لفيروس كورونا المستجد، و التعامل المباشر معهم دون اعتماد أساليب الوقاية قد يعرضهم للعدوى، ما يؤدي بالضرورة لانتشار الفيروس بشكل أكبر، فضلا عن التجمعات بين الباعة أو الزبائن، و تنصح بالابتعاد عن هذه الأطعمة و الاعتماد على بدائل صحية مثل الفواكه.
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى