تمت مؤخرا بمنطقى الرقيبة الريفية ببلدية العقلة المالحة بولاية تبسة، جلسة صلح بين أهل ضحايا حادث المرور المروع الذي وقع قبل أسبوع وأودى بحياة 3 أشخاص من عائلة واحدة، وأهل سائق الشاحنة المتسبب في الحادث من مدينة أرّيس بولاية باتنة.
 الجلسة، حضرها عدد معتبر من أعيان الولاية ومدير الشؤون الدينية والأوقاف لولاية تبسة « بختي سحوان» وثلة من الأئمة والشخصيات المعروفة و مدعوين، أين تناول المتحدثون من الجانبين في كلماتهم أهمية الصلح بين الناس، باعتباره خلقا من الأخلاق التي دعا إليها الدين وحث عليها لرأب الصدع بين الناس وغرس فضائل العفو.
الحضور، اعتبروا الصلح  «اتفاق شرف»، انتهى بجلسة جمعت جميع الأطراف، في أجواء ودية و أخوية، عكست طيبة أهل الضحايا الثلاث ، الذين تجمّلوا بالصبر رغم الفاجعة الأليمة التي ألمّت بهم، وتجاوز حالة الاحتقان التي عاشوها أثناء وقوع الحادث المؤلم، وجاء اتفاق الصلح للم الشمل، في حين تبقى الإجراءات القانونية جارية لتأخذ العدالة مجراها طبقا للقانون.
وعملا بفحوى الاتفاقيّة التي تمت مناقشتها والمصادقة عليها، والالتزام بتطبيقها،  بناء على الجمعيّة العامة التي انعقدت سنة 2011 بمدينة تبسة، وهي الأولى من نوعها منذ سنة 1964، والتي ضمّت العديد من شيوخ وإطارات وأعيان العروش بالولاية، فقد التزمت عائلتا الضحايا و  الفاعل،  بما اتفق عليه أهل الوجاهة والعقلاء بالولاية من خلال ضبط عمليّة الصّلح وأحكامه التي وردت في هذه الوثيقة لتكون مرجعا لهم لا يختلفون حولها فيما بينهم وبين غيرهم من أهل الولايات الأخرى، ويشمل مجال الاتفاقيّة أساسا الصّلح بين أهل الضحيّة وأهل القاتل عند وقوع جرائم القتل بنوعيه وهما القتل العمدي والقتل الخطأ.
الاتفاقيّة المتّفق عليها في لقاء الأعيان، حدّدت مبلغ الديّة الذي يدفع إلى أهل الضحيّة ويقدر بـ40 مليون سنتيم ما لم يتفق الطّرفان على خلاف ذلك، ويعدّ هذا المبلغ مساعدة مقدّمة لهم لتطييب خاطرهم، ويسلّم هذا المبلغ إلى الشّخص الذي يعيّنه أهل الضحيّة ممثّلا عنهم وخلال انعقاد مجلس الصّلح.
أمّا في حالة القتل الخطأ الذي هو فعل غير مقصود يصدر عن الفاعل ويفضي إلى حالة وفاة الضحيّة بغضّ النّظر عن الوسيلة المستعملة، فالصّلح فيه يتمّ بين العائلات والعروش، وأهل القاتل مطالبون بتعظيم الأجر لأهل الضحيّة والوقوف إلى جانبهم في البداية ، وقد حدّدت الاتفاقيّة في هذا الشّأن مبلغ 20 مليون يدفعه أهل القاتل إلى أهل الضحيّة، إذا وقع القتل بطريق الخطأ نتيجة حادث مرور تسبّبت فيه مركبة أو درّاجة أو درّاجة ناريّة مؤمّن عليها لدى شركات التّأمين، أمّا الحالات الأخرى للقتل الخطأ كحالة عدم وجود تأمين على السيّارة المتسبّبة في حادث المرور، أو حالة القتل الخطأ بوسائل أخرى، فهنا يدفع أهل القاتل إلى أهل الضحيّة مبلغ 40 مليون سنتيم إلاّ إذا اتفق الطّرفان على خلاف ذلك.
 الوثيقة، توضّح أنه لا يشكّل الصّلح الواقع أو السّعي فيه عرقلة لعمل السّلطات الأمنيّة والقضائيّة المكلّفة بالقضيّة أو تدخّلا فيه، وليس بديلا عنه و لا يقوم مقامه، فالسّلطة القضائيّة تصدر حكمها على القاتل بصفة مستقلّة، ويمكن لأهل الضحيّة المتضرّرين من وفاته أن يتأسّسوا أمام المحكمة المختصّة لمطالبة القاتل بالتّعويض، ولا يمنعهم من ذلك الصّلح الواقع، ويقع التّعويض على عاتقه وحده إلاّ إذا التزم أهله بالوفاء به بدلا عنه في عقد الصّلح، غير أنه يمكن لأهل الضحيّة وبمحض إرادتهم أن يتنازلوا عن طلب التّعويض.
 وفيما يتعلّق بالتّعامل مع الولايات الأخرى فلم تهمل الاتفاقيّة ذلك، أين أشارت إلى أنه إذا كان الضحيّة مقيما بولاية تبسة وكان القاتل مقيما بولاية أخرى، فإذا وقع الصّلح بين الطّرفين فإنّ بنود هذه الاتفاقيّة هي التي تطبّق إلاّ إذا اتّفق الطّرفان على شروط أخرى، كما تطبّق هذه الاتفاقيّة أيضا إذا كان القاتل مقيما بولاية تبسة وكان الضحيّة مقيما بولاية أخرى، ولم توجد اتفاقيّة مماثلة يتمسّك بها أهل الضحية وما لم يتّفق الطّرفان على شروط أخرى، ويمكن إجراء الصّلح في الحالات الأخرى سيما تلك المتعلّقة بالمشاجرات والاعتداءات الجماعيّة التي لم تفض إلى القتل، وبالشّروط التي يتم الاتّفاق عليها حالة بحالة مع مراعاة حصر الوقائع في نطاقها الضيّق، ومواساة الأطراف المتضرّرة .                                        
    ع.نصيب

الرجوع إلى الأعلى