* علاج فعال لمرضى سرطانات الدم وغير مكلف  
نجح فريق طبي من مستشفى أول نوفمبر بوهران، في إجراء أول تجربة سريرية عالمية، لتفكيك الخلايا الدموية الجذعية المتصلبة، من أجل إعادة زرعها للمرضى المصابين بسرطانات الدم اللمفاوية و «الميلوم»، أثناء عمليات زراعة النخاع العظمي، وتم نشر التجربة في المجلة العلمية الطبية العالمية «علوم نقل و استخلاص الدم» و تعرف باسم «Elsevier» وهي مصنفة في صنف «أ».
وبخصوص هذا الإنجاز، أوضح الأستاذ الدكتور منصور بلقاسم المختص في أمراض الدم وأحد أعضاء الفريق الطبي المشرف على التجربة والمتكون من 12 طبيبا مختصا، بإشراف البروفيسور بيكادجة محمد الأمين، أنه بعد نجاح التجربة و الاعتراف العالمي بها، يمكن للدولة الجزائرية أن تقتني الدواء الجنيس المستعمل و اسمه العلمي « موزيفور» و ثمنه منخفض كثيرا، مقارنة بالدواء الأصلي «موزيبيل» الذي يتجاوز سعره 7 آلاف دولار للعلبة الواحدة، من أجل تسهيل عمليات زرع النخاع العظمي ل 99 بالمئة من المصابين بأمراض الدم، و منحهم الأمل في الشفاء في بلدهم، وعدم حرمانهم من عمليات الزرع، بدل لجوئهم للمستشفيات الأجنبية و صرف مبالغ مالية كبيرة والنتائج غير مضمونة دائما، و بالتالي توفير مبالغ بالعملة الصعبة للخزينة العمومية.
وأبرز الدكتور منصور في حديث خص به النصر، أن التجربة السريرية شملت 11 مريضا كانوا يصارعون عدة أنواع من سرطانات الدم مثل «الميلوم» والسرطانات اللمفاوية، التي تتطلب القيام بعملية زراعة النخاع العظمي، وكانت هذه العمليات تتم سابقا، وفق محدثنا، عن طريق استخلاص الخلايا الجذعية الأم من دم المريض، وإخضاعه للعلاج الكيميائي من أجل تنقية دمه من الخلايا السرطانية، ثم يعاد زرع تلك الخلايا المستخرجة سابقا حتى تتكاثر ويعود الجسم لوضعه الطبيعي بفضل خلايا سليمة، وهذا وفق مراحل علمية تقنية دقيقة.
حسب الدكتور منصور دائما، هذه العمليات لم تكن ناجحة دائما لعدة أسباب، وأبرزها أنه من الصعب بالنسبة لبعض المرضى، استخلاص الخلايا الأم الجذعية من دمهم، خاصة إذا كانوا قد خضعوا لحصص كثيرة من العلاج الكيميائي، و في هذه الظروف كان الأطباء يلجأون للبحث بين أفراد عائلة المريض عن خلايا تكون مطابقة لخلايا المريض، ونادرا ما تنجح هذه العمليات وقد تكون ناجحة، لكن تنجم عنها مضاعفات صحية.
وعليه، كما أردف الدكتور منصور، فالدولة كانت تجلب دواء «موزوبيل» بثمن باهظ،  من أجل مساعدة المرضى أثناء العلاج، و تتم عملية شرائه بطلب خاص لكل حالة مرضية، وترافقها تدابير وإجراءات إدارية وغيرها.
و يوجد على المستوى العالمي أيضا دواء جنيس اسمه «موزيفور» لا يتم الاعتماد عليه في عمليات زرع النخاع العظمي في المستشفيات العالمية، و لم تجر أية دراسة بهذا الشأن، وفي ظل هذه الوضعية بدأ فريق طبي من مصلحة أمراض الدم وزراعة النخاع بمستشفى أول نوفمبر بوهران، في بلورة فكرة تجربة الدواء الجنيس على المرضى الذين تكون حالاتهم مستعصية وتقريبا يكونون فاقدي الأمل في العلاج للأسباب التي سبق ذكرها، وتم اختيار 11 مريضا و قدمت لهم معلومات حول التجربة، فتقبلوها، و قدم لهم  الدواء الذي يساعد على تحفيز وتفكيك الخلايا الجذعية الأم ، وبالتالي تمت عملية الزرع بطريقة عادية سمحت بشفاء هؤلاء المرضى، ومن بينهم، كما قال محدثنا، مريض من ولاية سطيف تم نقله إلى فرنسا للعلاج، لكن تعذر علاجه، فعاد إلى أرض الوطن وتم توجيهه إلى مستشفى أول نوفمبر بوهران، و كان ضمن مجموعة المرضى الذين خضعوا للتجربة وتم إنقاذه من مضاعفات خطيرة.
وأضاف محدثنا أن الفكرة طرحت منذ 2013 ، لكن التجربة السريرية تمت بين جانفي و جوان المنصرمين، وساهمت أيضا في نجاحها التسهيلات التي قدمتها إدارة المستشفى للفريق الطبي، بتخصيص فضاءات عالية التعقيم، حتى لا يؤثر أي عامل خارجي على السير الحسن لعملية الزرع، و لحد الآن المرضى يتماثلون للشفاء، وبالتالي تم إثبات فعالية الدواء الجنيس، بعد مقارنة نتائجه مع فعالية الدواء الأصلي.
وأكد الدكتور منصور أن الإنجاز الطبي الذي قام به الفريق الطبي، تم تحرير بشأنه مقال علمي يتضمن كل التفاصيل، وقام مختصون بمناقشته و الاستفسار والمراقبة منذ أوت الماضي إلى غاية 2 فيفري الماضي،  و تم قبول البحث وإدراجه في منشورات المجلة العلمية الصادرة يوم 12 فيفري الفارط، وبهذا تم الاعتراف بأن الفريق الطبي الجزائري هو أول من نجح في التجارب السريرية لعلاج سرطانات الدم بدواء جنيس.
  بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى