نجح الشاب عبد الحق مخلوفي، في تقديم تجربة جديدة في مجال صناعة المحتوى بالجزائر، وحوّل منطقته ومناظرها الطبيعية الساحرة إلى مصدر إلهام له، حيث ينقل من خلال فيديوهات عبر قناته على يوتيوب، حياة الريف البسيطة وهو محتوى أكد بأنه يستهوي الكثيرين.

الريـف مصـدر للحريـة و لصفـاء الذهـن
قال عبد الحق صاحب 21سنة، إن حياة الريف تعني له الكثير لأنها تربطه بذكريات طفولته المليئة بالاستكشاف وحب الأشجار والحيوانات، فالريف يجعله يشعر بالحرية والصفاء الذهني بعيدا عن ترف المدينة وضوضاء مزامير السيارات ودخان المصانع كما عبر، كما أنه ملاذ يلجأ إليه ليتحرر من إدمان الأجهزة الإلكترونية و المواقع و المنصات التي وصفها «بالسجن «. حيث تبدأ يومياته مع صلاة الفجر وتنتهي بعد العشاء مباشرة، وهو نمط مريح و مناسب جدا لصحته النفسية والجسدية، مؤكدا  بأن الكثير من الأشخاص يظنون أن   الحياة في الريف صعبة، بسبب غياب المرافق و بعض ضروريات العيش على غرار إمدادات الغاز و الكهرباء، لكن الوضع ليس بالسوء الذي يبدو عليه أبدا، لأن سكان الريف تعودوا على نمط حياتهم و يتدبرون أمورهم بشكل جيد.
و أضاف محدثنا، بأنه لم يفكر يوما في الانتقال للعيش في المدينة، ويرى بأنه تحول صعب خاصة و أنه تعود على نظام حياة بسيط قائم على توفير الضروريات وليس الكماليات وحسب عبد الحق، فإن العيش في المدينة سيكلفه الكثير  بداية بالحاجة إلى المال بشكل مضاعف، على عكس الريف  أين يمكن لأي كان أن يعمر منزلا على قطعة أرض صغيرة بجوار المنزل العائلي، كما يمكنه أن يستغلها لزراعة الخضراوات والفواكه، لأجل الاستهلاك الشخصي و التجارة ويكفي أيضا، أن تكون لديك دجاجتان أو ثلاث دجاجات كي تحصل على حاجتك من البيض، و أن تملك عنزة أو عنزتين للحصول على الحليب، و لذلك فإن حياة الريف أقل تكلفة من حياة المدينة.
صديقي المغترب شجعني على صناعة المحتوى
قال الشاب، إن فكرة إنشاء قناة على اليوتيوب، ولدت خلال جلسة جمعته يوما بصديق مغترب رافقه لرعي الأبقار، حينها أحب الصديق أجواء الريف واقترح على محدثنا، أن يوثق جانبا من يومياته و يشارك الفيديوهات مع المتابعين.
 في بادئ الأمر تملكه التردد لأنه شخص خجول جدا والجرأة صفة أساسية لأي صانع محتوى، كما أن أغلب الأشخاص الناجحين على مواقع التواصل الاجتماعي حياتهم مثالية و مليئة بالبهرجة والرفاهية، وهو ما قلل من حماسه تجاه طبيعة المحتوى الذي سيقدمه وعدد من سيتابعونه، لكن مع إصرار صديقه على تحقيق الفكرة، أنشأ القناة وأطلق عليها اسم «الحياة الريفية»، ونشر أول فيديو له بهاتف صديقه الذي اختار له العنوان.
20 ألـف مشاهــدة في أسبوعيــن
في أول فيديو أو « فلوغ»، حضر ملخصا عن تفاصيل يوم كامل في الريف، وهو محتوى لا يزيد عن ثلاث دقائق، قام بنشره ثم نسي أمره وأمر القناة كما أخبرنا، ليعود بعد أسبوعين لتصفحها بعدما تلقى مجموعة من الإشعارات وكانت المفاجأة قوية جدا، حين وقف على الكم الكبير من التعليقات الإيجابية من أشخاص أحبوا الفكرة و أعجبوا بحياة الريف وبساطتها كما لقي الفيديو تفاعلا قياسيا و وصل عدد مشاهداته إلى أكثر من 20 ألف مشاهدة. حينها أدرك مدى إعجاب الناس بهذا النوع من المحتوى، الذي يعنى  بالطبيعة وبالحياة البسيطة، و انتبه إلى أنه يتوجب عليه الاستمرار في نشر يومياته و بدأ بالتفكير في مواضيع جديدة  رسالتها بسيطة وإيجابية.
وسائـل بسيطـة ومؤثـرات طبيعيـــة
حسب المتحدث، فإن فكرة قناة «الحياة الريفية» تتمحور حول نقل تفاصيل الواقع في القرية كما هي، قائلا : « بعدما حققت نجاحا لا بأس به  في أول فيديو، بدأت أفكر في محتوى متنوع أظهر من خلاله حياة الريف بشكل أشمل، حينها بدأت بمشاهدة فيديوهات مماثلة على قنوات أجنبية خاصة القنوات السويسرية لأن الطبيعة  الريفية هناك تُشبه ريف الجزائر، و ذلك لكي أحصل على  أفكار إخراجية جديدة، و أتعلم كيفية التصوير و التركيب والدمج».
أخبرنا بأنه لا يستعمل التعليق الصوتي و لا يُضيف مؤثرات و موسيقى لفيديوهاته، بل يعتمد على أصوات الطبيعة المحيطة به مثل أصوات العصافير و حفيف الأشجار و صوت المطر وغيرها، و ذلك حتى  يأخذ المُشاهد في رحلة بصرية وحسية بين ثنايا الريف والطبيعة.
 وعند سؤاله عن طريقة التصوير، أوضح بأنه يُصور بهاتف محمول من الفئة المتوسطة،  يضعه بالقرب من برميل من البلاستيك  أو الحجارة أو الطوب حسب المكان الذي يتواجد فيه، أما بخصوص التركيب، فيستخدم عادة تطبيقات يُحملها من المتاجر الإلكترونية.
اختلاف الأذواق أكسبني جمهورا و هذا رأي عائلتي
محدثنا قال، إن لديه جمهورا متنوعا فالبعض يحبون محتواه ويدعمونه وهناك بالمقابل من لا يشاركونه نفس الاهتمامات إذ يقرأ العديد من الانتقادات حول بساطة الديكور والطريقة العفوية في التصوير و التركيب، لكنه لا يُعيرها اهتماما خاصة وأنه على يقين أن تفكير الفرد وذوقه هو ناتج البيئة التي يعيش فيها، حتى وإن كانت فيديوهاته قد بينت مدى حب الكثيرين للريف. و لا تجد أم عبد الحق و زوجة أخيه، حرجا في المشاركة في عملية صناعة المحتوى،  و ذلك من خلال الظهور في فيديوهات قصيرة لا تبرز ملامحهما، حيث تساهمان في تسليط الضوء على جانب من حياة المرأة الريفية البسيطة و مختلف أنشطتها داخل المنزل وخارجه، و يرى الشاب أن إبراز المرأة الريفية من خلال محتواه ضروري جدا، لكونها عنصرا فعالا في الحياة اليومية و دعامة من دعائم المستقبل   فحينما يواجه العالم تحديات اقتصادية غير مفاجئة تكون المرأة الريفية سباقة حسبه، إلى المساهمة في توفير الدعم وهو أمر يدركه الرجل الريفي بشكل عميق.
أمينة لشهب

الرجوع إلى الأعلى