وفاة السيدة حمدي عائشة أقدم صيادة سمك في الجزائر
توفيت أول أمس السيدة حمدي عائشة أقدم صيادة سمك بالجزائر عن عمر يناهز 74 سنة في منطقة بن عبد المالك رمضان بمستغانم، وهذا بعد 30 سنة من إحترافها مهنة الصيد البحري.
قالت السيدة عائشة وهي إبنة المرحومة وتحمل إسمها الذي منحتها إياه والدتها كي تواصل مشوارها، أن والدتها كانت تعشق البحر مثل معظم سكان المناطق الساحلية، وأن والدها كان صيادا أيضا و كان عليه التكفل ب 7 بنات بما يجود به عليه البحر، وحين فكر في توسيع نشاطه لتلبية طلبات أسرته، فضل أن ترافقه زوجته حتى لا يضطر لدفع أجرة لعامل آخر خاصة أمام محدودية الإمكانيات آنذاك وحاجة الأسرة للإعالة، من هنا بدأت مغامرة المرحومة حمدي عائشة مع الصيد،و تضيف إبنتها في إتصال مع النصر، أن والدتها قدمت دعما كبيرا للوالد بفضل صرامتها في العمل ونشاطها من فرط حبها للبحر لغاية أنه تم توسيع النشاط مما ساهم في إنتعاش المداخيل، ولكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل أن الوالدة المكافحة نقلت الحرفة لبناتها فقد كانت وفق محدتثنا، كل يوم تأخذ واحدة معها للصيد وتلقنها كل ما يتعلق بالمهنة، ولكن لم تبقى سوى إثنثان تواصلان المسار والأخريات تزوجن وأسسن حياتهن بعيدا عن البحر، ولكن كفاح الوالدة جعل ل7 بنات مكانة مرموقة في المجتمع فكلهن تعلمن وتوظفن وأسسن أسرا.
هذا الكفاح الذي قادته المرحومة في البحر من أجل لقمة العيش، إعتبره رئيس الجمهورية «جهادا» مثل جهاد المرأة الجزائرية أثناء الثورة، وكرم أقدم صيادة في الجزائر سنة 2011، وهذا بعد إحتلال المرحومة حمدي عائشة المرتبة الأولى في ترتيب «النساء المكافحات».
عائشة الابنة أول امرأة تقتحم التكوين المتخصص
 وتقول محدتثنا السيدة عائشة، أنها من شدة تعلقها بحرفة الصيد أرادت تطوير مهاراتها والإلتحاق بمراكز التكوين، لكن تم منعها في البداية من طرف بعض مسؤولي تلك المراكز لأنها المرأة الوحيدة في مستغانم التي طلبت هذا التكوين وسط الرجال وهو الإنشغال الذي نقلته لرئيس الجمهورية عند مرافقتها لوالدتها من أجل التكريم، وبعد إصرارها وتحديها مثل والدتها فتحت لها الأبواب لاحقا و إلتحقت بغرفة الصيد البحري بمستغانم ودرست وتحصلت على المرتبة الأولى في شهادة بحري مؤهل أثناء التطبيق، ثم واصلت دراستها وتكوينها في بوسماعيل بتيبازة وتحصلت عل شهادة قائد باخرة صيد 12 متر و30 متر. من هنا إنطلقت محدتثنا نحو تسطير مستقبل بحري عوض الوظيفة الإدارية التي كانت تشغلها، وبفضل قبول ملفها في «أونساج» تمكنت من إقتناء باخرة صيد 12 مترا لصيد السردين وسمك أوسيف «ايسبادون» وفق ما أشارت، حيث توظف حاليا 14 شخصا أغلبهم أرباب عائلات إلى جانب أحدى أخواتها التي تساعدها بينما زوجها المحامي والأستاذ الجامعي يرافقها من حين لآخر وهو متحصل أيضا على شهادة صياد،  وبعد حوالي ثلاث  سنوات تمكنت عائشة من تسديد قسط كبير من ديونها وضمان أجرة الصيــادين الذين يعملــون معها، وأبــرزت خلــــال حديثها مع النصر، أنه رغم إستعمالها لوسائل متطورة والتكنولوجيات الحديثــــــــــة لممارسة مهنة الصيد، إلا أن وصايا وخبرة والدتها هما أساس نجاحها وتطوير مهاراتها البحرية، حيث أصبحت عائشة البنت تعرف الساحل الغربي للوطن جيدا لأنها تغير أمكنة الصيد حسب الظروف المناخية والجوية وكونها أصبحت تعرف أماكن تواجد الأسماك وفترة تكاثرها وغيرها من المعطيات التي تعلمت أغلبها من والدتها، واليوم عائشة تصطاد في سواحل الغزوات وبني صاف، في وهران وفي مستغانم وحتى في عرض البحر المتوسط، وتردف السيدة عائشة بخصوص سفينتها التي أطلقت عليها إسم «أحلام»، أنها من شدة تعلقها بالبحر وبهذه السفينة أصبحت تشعر بعلاقة خاصة بينهما، فلا تترك أحدا يشتغل على ظهر سفينتها التي أسمتها أحلام على إسم إبنتها، وكذا لأنها كلما تخرج ليلا في عرض البحر تنطلق أحلامها وسط الهدوء ترقص على أنغام أمواج المتوسط.
   بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى