طبانة.. المسجد المريني الذي قاوم الحملات الصليبية لمدة ثمانية قرون
لحظة وقوفك أمام مسجد طبانة بمستغانم، تشعر بعظمة  و هيبة هذه المؤسسة  الدينية التي كان لها دور في صد الحملات الصليبية المتكررة على الساحل الغربي للبلاد، منذ العهد المريني، و ما تزال تحافظ على شكلها وهندستها، رغم مرور ثمانية قرون على إنجازها.
من يريد التعرف على تاريخ توسع ونشأة مدينة مستغانم ،عليه بزيارة  حي الطبانة العتيق الذي لا يزال يضم شواهد قائمة، رغم مرور ثمانية قرون على إنجازها، من بينها دار القضاء و سور يعود إلى العهد المريني، كما قال مرافقنا مراد م ،  أستاذ بالتعليم الثانوي، و هو يتذكر محطات من التوسع العمراني الكبير الذي شهدته لؤلؤة البحر الأبيض المتوسط.
اشتق اسمه من مدفعية عثمانية
  هذه الشواهد المعمارية مصنفة ومحفوظة ضمن التراث الوطني منذ 1979 ، و تعتبر رمزا من رموز الهوية لأنها ، كما أكد المتحدث ، تمكنت من نشر الوعي وبث روح الجماعة والدفاع عن شرف الأمة الإسلامية، إبان الحملات الصليبية المتكررة على الساحل الغربي للبلاد،  من بينها الحملات الإسبانية و الفرنسية ،  وقد اشتقت تسمية الحي بعد ذلك بما فيه المسجد ، من الاسم التركي «طب هانة « نسبة إلى المدفعية العثمانية ، وبجوار المسجد يقع نزل مصطفى قايد المسراتي، أو ما يسمى دار القايد أ، حد الشخصيات التي كان لها  نفوذ وسلطة  في تلك الفترة ، و يتكون المنزل من واجهة أمامية و يضم طابقين ، طابق أرضي وآخر علوي يحتويان على سقيفة وصحن وعقود متصلة بأعمدة وغرف الدار وإيوان ، ليحول بقرار ولائي الى  متحف للفنون الشعبية وفق اللوح الإشهاري سنة 1998 ليسجل في قائمة الجرد الإضافي بتاريخ 24 فيفري 2009 .
المسجد العتيق الذي شيده السلطان  الحسن بن سعد المريني الملقب بأبي العنان  سنة 740 هجري،  الموافق لعام 1340 ميلادي ،  خضع لعملية ترميم بداية الألفية الجديدة ،  و لا بد أنك ستشعر لحظة دخولك إليه بعظمته  ودوره الريادي في تعبئة أطياف المجتمع آنذاك ضد الغزاة ، كما يحمل بين ثناياه رسالة السلم والتسامح و التماسك بين أفراده ، فكلما طفا  إلى السطح  نزاع أو ظهرت مشكلة احتكم الجميع إلى إمام المسجد أو الجماعة، يضيف عمر. ر، 55 سنة ، أحد أبناء الحي ، وهي عادة متأصلة و قلما يلجأ البعض إلى القضاء لحلها .
حوله المستعمر إلى إسطبل
و استنادا إلى محدثنا و وفقا للروايات المتواترة، حوله الفرنسيون في الحقبة الاستعمارية كإسطبل ومربط للخيول وجزء منه كمراقد للحرس ومئذنته كبرج للمراقبة ، و ما يدل على اهتمام الناس بهذا المعلم الأثري، حرصهم الشديد على إعادة ترميمه وفتحه من جديد لأداء مختلف الشعائر الدينية، ردا على الممارسات الاستعمارية، حيث تمت تغطية سقفه بالخشب الأحمر، و تعلوه ثمانية نوافذ تطل على منحدر صخري، و يضم 45 عمودا مضلعا ، أما المئذنة فتتخذ شكلا حلزونيا بحوالي 80 عتبة.
هشام ج

الرجوع إلى الأعلى