تجارة مستلزمات البحر..مواد مغشوشة وأسعار تستنزف المصطافين   
لجأت الكثير من المراكز التجارية و الأسواق، مع حلول موسم الإصطياف، إلى تغيير واجهاتها و ديكور محلاتها، فيما تلونت المسالك المؤدية للشواطئ، فارضة أنماطا موسمية من السلع، تصنع لوحة فنية، تمتزج فيها الألوان الزاهية، لتفرض على المواطن مصاريف جديدة ، لتغطية متطلبات النزول إلى البحر، في وقت يحذر مختصون من أخطار صحية بسبب رداءة سلع لا تراعى فيها أدنى معايير السلامة.
شمسيات، كراسي متنوعة، مسابح بلاستيكية، صدريات، ملابس السباحة، ألعاب  أطفال، ثلاجات متنقلة، زرابي ...سلع كثيرة، تدخل الأسواق الجزائرية في نفس الوقت من السنة، فمع انطلاق موسم الإصطياف، تتغير ديكورات الأسواق، و تلبس حلة جديدة، تطغى عليها ألوان البحر الزاهية، ليسيطر اللون الأزرق على ذلك، بجوار الأصفر والأحمر، على منتجات تسمى مستلزمات البحر، و التي يزيد انتشارها و إقبال المواطنين عليها من سنة إلى أخرى.
جولة واحدة، عبر الأسواق المنتشرة بالولايات الساحلية، تكفي للتأكد من ذلك، كسوق الحميز بالجزائر العاصمة، والذي حتى قبل الإعلان الرسمي عن بداية موسم الإصطياف، شن فيه التجار حملة شرسة، تشبه الاستعداد الاستباقي للترويج لمستلزمات البحر، التي تم عرضها على نطاق واسع من السوق، و بطريقة مغرية، تجعل من لم يكن يفكر في اقتناء أي غرض، أن يشتري شيئا أو حتى أشياء أخرى.
وبينما كنا نتجول في هذه السوق التي يقصدها الكثيرون، حتى من ولايات خارجية لتوفرها على منتجات كثيرة و بأسعار معقولة أحيانا، صادفتنا بعض المحلات التي تتخصص في بيع مستلزمات البحر و الصيد على مدار العام، أين أكد أحد التجار بأنه مختص في ذلك، غير أنه يحرص على تجديد سلعه من خلال حرصه على عرض كل جديد تطرحه الشركات المتخصصة في صناعة هذه المستلزمات، مضيفا بأن تجارا آخرين، يلجؤون إلى جعل منتوجاتهم تتلاءم والموسم، من خلال عرض مستلزمات البحر في موسم الإصطياف، وإن كانوا ينشطون في تجارة مختلفة، ما وقفنا عليه خلال جولتنا داخل السوق، الذي بدا فيه المواطنون في حالة استنفار قصوى، وهم يقتنون أغراضا متنوعة للنزول إلى البحر.

تجارة يحكم فيها الباعة الفوضويون قبضتهم  
بعيدا عن الأسواق، تشهد تجارة مستلزمات البحر هذه الأيام إنتشارا على نطاق واسع، حيث غزت الشوارع، الساحات العمومية وحتى الشواطئ، فمن يقصد البحر، لا بد و أن يمر عبر ممر خاص، يصنعه باعة و تجار على حواف المسالك المؤدية للشواطئ،  مما يتسبب في اختناق مروري، بسلع موسمية تغطي حواف الطرقات، وتعرض سلعا متنوعة و بأسعار مختلفة، باختلاف القطع و مصدرها، هكذا بدا المشهد في الطريق المؤدي إلى شاطئ زموري بولاية بومرداس.
تجارة مستلزمات البحر، و إن كانت حاضرة بهذا المكان، بمحل السيد مصطفى الذي يتخصص في بيعها و بيع عتاد الصيد طول العام، علما أن زبائنه من هواة الصيد و الغطس، كما قال لنا، يؤكد بأن مداها يتسع بشكل أكبر، من خلال الباعة الذين يغزون المكان، ليزاحمونه في نشاطه، من خلال عرض سلع متنوعة للمتجهين إلى البحر، مضيفا بأنه و حتى أصحاب المطاعم المنتشرة في المكان و كذا باعة الخضر و الفواكه و السمك، يدرجون مستلزمات البحر بين سلعهم، لاستثمار الفرصة و ضمان دخل إضافي، خاصة و أن هذه المواد تلقى رواجا واسعا في أوساط العائلات الجزائرية بين سنة و أخرى، مما تسبب في فوضى في تجارتها، و جعلها تعرض في غير الأماكن المخصصة لها أصلا.
و حدثنا طفل التقيناه بمنطقة زموري أيضا، على الشاطئ، كان يحمل كميات كبيرة من عوامات الأطفال و الكراسي عن تجربته، مؤكدا بأنه يتأقلم مع التجارة في كل موسم، و يغير نشاطه بتغيير الوقت، فمن بيع ألعاب الأطفال، و الفواكه الموسمية، يتحول في هذه الفترة لبيع أغراض البحر على الشاطئ، معترفا بأنها تجارة مربحة،  خاصة و أنه اختار، على حد تعبيره ، المكان المناسب لها، لكون المصطافين قد يحتاجون إلى أغراضا نسوها أو لا يمتلكونها أصلا، يوفرها هو لهم.
موسم يروج لسلع غير مطابقة
لا يختلف اثنان حول نوعية ما تعرضه الأسواق الجزائرية في ما يتعلق بمستلزمات البحر،  حيث يجمع زبائن على رداءة أغلب المنتوجات، التي يتم تسويقها بأسعار تنافسية، جعلت منها سلعا قابلة للاستعمال الواحد فقط ، بدل عدة مرات، حيث تقول حياة أم لـ3 أطفال، بأنها ترغم على اقتناء أغراض كثيرة في كل مرة تنزل فيها إلى الشاطئ، و هي نفس الأشياء كعوامات الأطفال بشكل خاص، و التي تتعرض للتلف من الاستعمال الأول، مشيرة في سياق ذي صلة إلى الروائح الكريهة التي تنبعث منها ، فور تعرضها لأشعة الشمس، مما يجعل استعمالها صعبا و منفرا. أما مريم، فحدثتنا عن مختلف المواد المتعلقة بالوقاية من أشعة الشمس الحارقة على الشاطئ، و التي تبرز في مختلف محلات مواد التجميل، و كذا على الطرقات و الشواطئ، أين تحكي قصتها مع الزيوت و الكريمات، التي تسببت لها و لطفليها في طفح جلدي استغرق علاجه وقتا طويلا، رغم اقتنائها بثمن غال و بعد ان طمأنها التاجر بكونها أصلية و غير مغشوشة.
و على الرغم من توفر البديل الأوروبي الذي يبقى خاضعا للمقاييس و مطابقا للمعايير الصحية، و يتم بيعه بأسعار مرتفعة نسبيا، إلا أن المنتوج الصيني يبقى الأكثر رواجا بسبب تدني الأسعار، على الرغم من رداءته، فضلا عن المنتوج الجزائري الذي ينتشر سريعا خلال السنتين الأخيرتين بشكل كبير، من خلال منتوجات بلاستيكية يتم صنعها من البلاستيك المسترجع، والذي يعد هو الآخر غير صحي، كما أنه يتعرض للتلف سريعا بحسب التجارب.

الدكتورة خديجة رجيمي
أغلب السلع مغشوشة و استعمالها يسبب الحساسية الجلدية ويضر بالرئتين
حذرت الطبيبة خديجة رجيمي، المستهلك الجزائري من الاستعمال العشوائي لمستلزمات البحر المنتشرة بالأسواق، مؤكدة بأن أغلبها مغشوشة وغير مطابقة، و أضافت بأنها قد تقدم نتائج عكسية، عوض الاستفادة منها.
الدكتورة قالت بأنه و بالنظر لرداءة مختلف المنتوجات، و دخول مواد كيميائية محظورة في تركيبتها، فإنها قد تتسبب في الحساسية الجلدية، كما تؤثر سلبا على الجهاز التنفسي بسبب الروائح الكريهة التي تنبعث منها، و في ما يتعلق بالكريمات و الزيوت الواقية من حروق الشمس، قالت بأن مفعولها قد يكون عكسيا، حسب حالات كثيرة صادفتها.
أما بالنسبة لألبسة السباحة المقاومة لأشعة الشمس التي يقال بأنها خاصة، فقد نفت الدكتورة صحة ذلك، خاصة تلك التي تعرض في الأسواق بأسعار منخفضة ، مؤكدة بأنها غير فعالة خاصة بالنسبة للأشخاص شديدي البياض، و الذين نصحتهم بتفادي لفحات الشمس الحارقة،  مشددة على اختيار مواقيت السباحة التي قالت بأنها يجب أن تكون خارج الفترة بين 10 صباحا والرابعة مساء، و نصحت من يتعرضون للحروق بالابتعاد عن الكريمات المغشوشة و تعويضها بزيت الضرو الذي أكدت ضرورة وضعه في البيت، بعيدا عن أشعة الشمس.      إ.ز

روبورتاج :   إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى