بات حي الدقسي بمدينة قسنطينة، سوقا مفتوحا على الهواء الطلق والوجهة المفضلة لاقتناء الحاجيات بامتياز، نظرا للأسعار المعقولة خاصة الخضر والفواكه، إلى جانب بقية المشتريات المتنوعة، غير أنَّ المظاهر السلبية تطغى على سوق «ليبودروم» كما يعرف، وكذا السوق الموازية بمنطقة الأقواس، وهو ما أثار استياء السكان.
فاتــح خـرفـوشــي
كل شيء في هذا الحي سواء بالأقواس أو «ليبودروم»، يباع بأسعار تنافسية تجعل هذين السوقين محجًّا للقسنطينيين من كل الأحياء الأخرى، و يمسُّ ذلك الخضار والفواكه واللحوم البيضاء والحمراء، وحتى الألبسة وجهاز العرائس ومستلزمات البيت، والألعاب، بل وحتى الألبسة المستعملة أو «الشيفون»، لكنَّ تهافُت الآلاف على الدقسي جعل النقاط السلبية تتكاثر به، وهو ما رصدته النصر في استطلاعها، بدءا بزحمة السير والفوضى والأوساخ والتجارة الفوضوية، مع ما سببه كل هذا من كسر لسكينة حي يفترض أن يكون قطبا حضريا هادئا وليس «بازارا» على الهواء.
ولم يحترم التُّجار غير النظاميين أماكن البيع المخصصة من طرف البلدية داخل سوق «ليبودروم»، حيث انتشرت الطاولات على حافَّة الطريق خلف الملعب البلدي حسان بورطل، رغم شساعة هذا السوق المغطى و الكبير، ما جعل حركة المرور معطَّلة، وأدى إلى نشوب  شجارات، وهي ذاتُ الحال بالنسبة للمدخل الآخر من المرفق، حيث يركن التجار والزبائن السيارات والشاحنات ويصبح من الصعب مرور الحافلات العاملة على خط بن شيكو وبومرزوق والقماص، فيما زاد الناقلون غير القانونيين الأمور تعقيدا، وباتت الفوضى ديكورا يوميا في الحي المشيَّد سنوات السبعينات.
ويشتكي الساكنة بالدقسي من التدفق الهائل للمشترين والزبائن والشاحنات التي تكسِرُ هدوء الحيِّ في الصباح الباكر، لجلب البضائع، إلى جانب الشجارات التي تنْشب بين الباعة أنفسهم وحتى الزبائن، وانتشار الأوساخ بشكل ملحوظ من مخلَّفات بيع الخضر والدَّواجن، ما جعل الكثير من السكان يقرَّرون تغيير أماكن إقامتهم، بسبب المظاهر غير الحضرية التي ريفت هذا الحي، فلم يعد الهدوء ميزته، وصارت مساحات التنزه والممرات بين العمارات أسواقا فوضوية تحاصر المواطنين، حيث علَّق أحدهم بالقول أن التجار يقتاتون على حساب سكينة وراحة قاطني الجهة.
«لسنا ضد الأسواق لكن الفوضى تعمُّ المكان»
سألنا سكان الدقسي عن رأيهم في وجود هذا العدد الهائل للأسواق، سواء النظامية أو الفوضوية، فلم يعترض الغالبية على كثرة المساحات التجارية، لكنهم انتقدوا انتشار الفوضى والأوساخ والمشاكل وطاولات البيع الفوضوية، وما ينجرُّ عنها من سلبيات جعلت حيهم يشبه إلى حدٍّ كبير وضعية الأحياء المتخلفة والواقعة خارج القطاع الحضري، حيث يستغل الباعة اقتراب أيام المناسبات و العطل، التي يكثر معها الطلب على الخضر والفواكه والألبسة، لخلق أسواق موازية.

وعلى غرار الطاولات المنتشرة خارج السوق المغطى «ليبودروم»، فإن كل الباعة العارضين لسلعهم بالأقواس، فوضويون، بل إنهم أعاقوا عمل أصحاب المحلات النظامية المتواجدة على طول المكان، وسدُّوا المنافذ المؤدية إلى المتاجر، وكذا إلى السوق الصغير بالداخل، والذي لم يعُدْ ينشط به سوى عشرة تجار على أقصى تقدير، بسبب الفوضى العارمة وانتشار الباعة خارج أسواره، كما انتشرت طاولات الخضر والفواكه على طول الطريق الجانبية للرئيسي المؤدي إلى حي الدقسي 2، بذات المنطقة، ووصلت إلى غاية حي واد الحدّ، حيث أغلق المحور بالكامل وصار سوقا مفتوحًا على الهواء الطلق هو الآخر.
الأسعار التنافسية وراء الإقبال الكبير
و تبقى أسواق الدقسي سواء «ليبودروم» أو غيرها، منافسا شرسا لبقية نقاط التجارة الأخرى عبر المدينة، نظرا للأسعار المنخفضة للخضر والفواكه وبقية المنتجات، ما جعلها مقصدا لا غنى عنه لذوي الدخلين الضعيف والمتوسط، أمام غلاء الأسعار في المساحات التجارية الكبرى والأسواق، حتى الأسبوعية، فسعر الجزر على سبيل المثال، لا يتجاوز 40 دج خلال الشهر الفضيل، وكذلك البطاطا، أما الموز فدون الـ 280 دج، فيما تنخفض أسعار اللحوم البيضاء والحمراء بشكل واضح، وهي في حدود 900 دج للخروف و280 إلى 350 دج للدجاج، حسب النوع والطلب.
ويعدُّ السوق مقصدا للأولياء لكسوة الأبناء خاصَّة قبيل العيد وفصل الصيف والارتفاع الجنوني للأسعار، حيث تعتبر منخفضة بشكل كبير مقارنة بمحلات وسط المدينة، فلا تتجاوز أثمان الأحذية 1200 دج، للصغار، بينما تتراوح بالنسبة للقمصان بين 700 و 1000 دج، ناهيك عن وجود الألبسة المستعملة والموجهة أساسا للكبار.
كما تنتشر بالسوق منظفات محليّة الصنع سعرها يكاد يصل إلى نصف سعر المعروضة على رفوف المحلات والمساحات التجاريَّة، وهو ما يجعل التهافت على اقتنائها كبيرا من ربات البيوت، زيادة على السكر والزيت والأواني المنزلية، وحتى الفواكه المجففة التي يكثر استهلاكها على الموائد في رمضان، تباع بأسعار تنافسية، عكس المحلات التي رفعت أثمانها إلى الضعف تقريبا، لانتهاز الفرصة و تحقيق الرِّبح السريع.
وعن الحلول الفعَّالة لوقف هذا الزحف السلبي للتجار والطاولات الفوضوية بالدقسي، وتحوله إلى تجمع سكني فوضوي، طالب سكان الحي مديرية التجارة بتكثيف دوريات المراقبة ومعاقبة التجار الذين لا يحترمون شروط البيع والعرض، وكذا حفظ السلع، خاصة منهم الجزارين وباعة اللحوم بطريقة غير شرعية، إلى جانب تفعيل دور المصالح البلدية.

مندوب سيدي مبروك، حكيم لفوالة
برمجنا عمليات للقضاء على التجارة الفوضوية
من جهة أخرى سألنا المسؤول الأول بمندوبية سيدي مبروك، حكيم لفوالة، عن الإجراءات المنتظر اتخاذها في حق أصحاب طاولات البيع الفوضوي على مستوى كل من سوق «ليبودروم» والأقواس بالدقسي، فردَّ بهذا الخصوص قائلا «يعرف الجميع أننا قمنا بتطهير نقطة الدوران بمحاذاة مقهى برازيليا بالدقسي منذ مدة ليست بالبعيدة، من التجار الفوضويين، ولدينا برنامج مكثف للعمل على هذا الموضوع مستقبلا، حتى يتسنى للساكنة العيش في هدوء». وأضاف ذات المسؤول أن مصالحه برمجت عمليات مماثلة، قصد القضاء على مظاهر التجارة السلبية للحفاظ على نظافة المحيط وسلامة الزبون.                  
ف.خ

الرجوع إلى الأعلى