لو أحصل على ربع ميزانية المجمع البترولي سأتسيّد الجزائر

وسط زخم عشق رياضة كرة القدم، الذي يصل في قسنطينة حد الجنون، خاصة بعد تمكن السنافر من نيل بطولة النسخة الماضية، يزين في صمت نادي فتيات ديدوش مراد لكرة اليد، وجه عاصمة الشرق على طريقته، بعد أن تحدى ظروفه وأوصل مهارات وتضحيات فتيات منطقة محافظة لأعلى مستوى، وصرن ينافسن حتى «كبار» هذه اللعبة، التي حتى وإن كان منبعها قسنطينيا، غير أن ظروف خاصة جعلتها تضمحل بمدينة الجسور. وكان للنصر حديث مع الأب الروحي لهذا النادي، جليل بن حميدة الذي لم تمنعه ظروفه الصحية من تجسيد أحلام عجز الكثير من الأصحاء عن حتى التفكير فيها.
حاوره: مروان. ب
عُرفت في بلدية ديدوش مراد بالعمل في مجال كرة القدم، كيف تحوّلت بين ليلة وضحاها إلى عالم كرة اليد ؟
ككل الجزائريين كنت مهووسا بعالم كرة القدم، بدليل أنني عملت مع فريق مدينتي ديدوش مراد لقرابة 25 سنة كاملة، وحققت معه نتائج أكثر من ممتازة، وقد شغلت طيلة تلك الفترة عدة مناصب، والبداية بعضو ضمن المكتب المسير، إلى نائب رئيس، قبل أن أتشرف في آخر المطاف برئاسة فرع كرة القدم، غير أن الأمور لم تظل على ما هي عليه وانقلبت رأسا على عقب، بعد إقدام مسؤولي بلدية ديدوش مراد، على توقيف اختصاص كرة اليد النسوية، بحجة قلة الموارد المالية، وهو ما لم أتقبله على الإطلاق، بسبب التضحيات الجسام لفتيات المنطقة، اللائي تدرجن في مختلف الأصناف، ليسير على منوالي الرئيس الأسبق لفريق كرة القدم مراد مخلوف، الذي نصحني بتأسيس جمعية مستقلة للفتيات، عرفت النور موسم 2000، حيث كنت رئيسها ولا أزال، رغم كافة العقبات التي صادفتني إلى حد الآن.
وظفت خبرة 25 عاما في عالم المستديرة لبعث فريق في كرة اليد
إذن تشرف على فريق فتيات ديدوش مراد لكرة اليد، منذ أكثـر من 18 سنة، هل لك أن تحدثنا عن هذا التحدي الذي وصفه الكثيرون بالصعب، في ظل شح الإعانات ؟
لكي أكون أكثر وضوحا، هناك عدة محطات في مشوار هذا الفريق الفتي، الذي تم تأسيسه عام 2000، فقد انطلقنا من نقطة الصفر، وقمنا بعمل جبار على مدار عدة سنوات، قبل أن ننجح في تحقيق الصعود إلى القسم الوطني الأول موسم 2009، غير أننا غادرناه بعد موسم واحد فقط، في ظل الصعوبات والمشاكل التي صادفتنا، ولكن هذا لم يحد من عزيمتنا، إذ جددنا العهد مع التضحيات، ونجحنا في ظرف وجيز في إعادة الاعتبار للجمعية، التي حققت الصعود مجددا إلى الوطني الأول موسم 2013، وظلت به لموسمين متتاليين، قبل أن تقع الكارثة، واضطررنا لتعليق النشاط سنة 2015، بسبب دخولنا في صراع مع اتحادية كرة اليد، رفقة جمعيات أخرى، ووصل بنا الحد للجوء إلى المحكمة الرياضية (الطاس) لاسترجاع حقوقنا، والحمد لله عانقنا المبتغى، خاصة بعد تدخل وزير الرياضة السابق الهادي ولد علي، الذي أعادنا إلى مكاننا الطبيعي، وكان وراء مضاعفتنا للعمل، من أجل الوصول إلى أحلامنا، والمتمثلة في الصعود إلى القسم الممتاز، لأول مرة في تاريخ فريق فتيات ديدوش مراد.
شرفنا مدينة ديدوش مراد والبلدية كافأتنا بـ 10 ملايين!
حققتم إنجازا استثنائيا الموسم الماضي بالصعود إلى القسم الممتاز، ما تعليقك ؟
لن ننسى ما حققناه السنة الماضية، خصوصا وأننا تحدينا كافة الصعاب والعراقيل، وقدنا فريقنا المحبوب للوصول إلى القسم الوطني الممتاز، والفضل في هذا يعود إلى الفتيات، اللائي قدمنا موسما استثنائيا على كافة الأصعدة، دون أن ننسى الخدمات والتضحيات المستمرة للمدرب ياسين بونعاس، الذي يتواجد بجانبي منذ سنة 2008، حيث كانت لمسته واضحة جدا، وقادنا نحو المجد الذي بحثنا عنه منذ تأسيس هذه الجمعية، التي ورغم عدم استفادتها من الإعانات المطلوبة، إلا أنها تمكنت من ضمان مكانة لها مع الكبار، وهنا أود أن أحيي من يعملون معي، وفي مقدمتهم الفتيات اللائي كسرن كافة الطابوهات، وضحين كثيرا في سبيل التواجد في قسم النخبة.
هل وجدتم الدعم اللازم، وماذا عن وقفة السلطات المحلية إلى جانبكم ؟
لكي نعطي كل ذي حق حقه، فريقي حظي بالدعم المطلوب من قبل مدير الشبيبة والرياضة لولاية قسنطينة، إذ خصنا بإعانات في المستوى، شأنه في ذلك شأن والي الولاية عبد السميع سعيدون، الذي لولاه ما تنقلنا إلى سعيدة لخوض آخر مباراة، في ظل عدم امتلاكنا أي فلس، ولكن الشيء المؤسف عدم تلقينا أي مساندة من قبل بلدية ديدوش مراد، رغم نتائجنا الباهرة، والتشريف الذي جلبناه لهذه المدينة الصغيرة، ويكفي التأكيد بأنهم منحوني 10 ملايين سنتيم طيلة موسمين كاملين، وهو ما اعتبره بمثابة قلة اهتمام بهذه الرياضة، التي تعتبر متنفسا هاما لفتيات ديدوش مراد، ورغم كل هذا، فإنني لن أخوض في هذا الإشكال كثيرا، كوني على دراية تامة، بأن غالبية الفرق النسوية في الجزائر تتخبط في الأزمات المادية، التي تهدد مستقبلها، ولو أنني سأعمل المستحيل لكي لا يندثر فريقي، الذي أنا فخور بالإشراف عليه، وبالمكانة التي وصلها.
المحكمة الرياضية بعثت فينا الروح وفريقي كاد يٌحل
كيف تواجهون مشاكلكم المالية وهل أنتم قادرون على تأمين مصاريف موسم كامل ؟
نواجه الكثير من العراقيل في سبيل توفير مصاريف الموسم الطويل، ولكن هذا لن يحد من عزيمتنا، بل سيكون عاملا محفزا لنا، من أجل الوصول إلى كافة أهدافنا المنشودة، ولو أنني كنت آمل في الحصول على نفس الإعانات، التي تتلقاها الفرق الكبيرة، على غرار المجمع البترولي، الذي تفوق ميزانيته الثلاث ملايير سنتيم كل موسم، ما مكنه من السيطرة على كافة الألقاب المحلية، وهنا أؤكد لكم بأنه لو يمنح لفريقي 800 مليون سنتيم كل موسم، فلن ينافسنا أحد على التتويجات، خاصة إذا ما علمتم بأننا ضمنا لنا مكانة مع الكبار بميزانية محدودة للغاية، وفي هذا الشأن وجب علي تجديد عبارات الشكر للوالي، الذي أكرمنا في بداية موسم 2017/2018 ، بإعانة في حدود 200 مليون سنتيم، وهي نفس القيمة الممنوحة من طرف مديرية الشبيبة والرياضة.
هل صحيح أنكم تعاقدتم مع لاعبات أجنبيات، تحسبا للموسم الكروي الحالي ؟

على مدار السنوات الماضية، كنا نعتمد على خزان الفريق، ولكن مع صعودنا إلى القسم الممتاز، وجدنا أنفسنا مضطرين للتعاقد مع لاعبات محترفات، بإمكانهن تقديم الإضافة المطلوبة، حيث جلبنا لاعبتين من تونس، في وقت أبقينا على ثماني  لاعبات من خريجات مدرستنا، كما تعاقدنا مع البقية من بجاية والجزائر العاصمة، وكلهن يتقاضين راتبا رمزيا في حدود الأربع إلى خمسة ملايين سنتيم، وهي أجور زهيدة مقارنة بما يتقاضاه نظرائهن الرجال في هذه الرياضة، وهنا أود أن أشيد بفتيات فريقي، كون غالبيتهن لم يفرطن في الدراسة، بدليل أننا نمتلك عديد الجامعيات، مع التأكيد على مستواهن الراقي، ويكفي أننا قدمنا لاعبتين للمنتخب، كما نملك أفضل حارسة على مستوى التراب الوطني، وأعني بالذكر بلميلي مريم المصابة، والتي ستخضع لعملية جراحية مستعجلة بتاريخ 25 ديسمبر الجاري.
سيدات الخضر لم يخيبن في الكان ومتفائل بحبيب لعبان
ما هي الأهداف التي سطرتموها وهل حققتم جزءا  منها ؟
بالعودة إلى كيفية تأسيس نادي فتيات ديدوش مراد، والمحطات التي وصلنا إليها، يمكن القول بأننا راضون بشكل كبير، رغم أننا كنا نأمل في أن نكون أفضل، ولكن غياب الدعم المالي وحتى المعنوي، جعلنا نكتفي بلعب الأدوار الثانوية في بطولة القسم الممتاز، نحن نرغب في أن تلتفت إلينا السلطات المحلية لبلدية ديدوش مراد، ومن منبركم هذا نوجه لهم الدعوة لحضور مباراتنا المهمة أمام المجمع البترولي بتاريخ 22 ديسمبر الجاري بقسنطينة، باعتبار أن البطولة متوقفة منذ عدة أيام، بسبب مشاركة منتخبنا النسوي، في نهائيات كأس الأمم الإفريقية المقامة بالكونغو برازفيل.
بالحديث عن المنتخب النسوي لكرة اليد، كيف تقيّم المشاركة في «كان» الكونغو برازافيل ؟
أعتقد بأن الوصول إلى الدور ربع النهائي، يعد نتيجة إيجابية للغاية، ولو أننا كنا نأمل في الوصول إلى أبعد محطة ممكنة، ولكن ليس سهلا مقارعة منتخب أنغولا، الذي يعد بطل القارة، ويمتلك نتائج ممتازة سواء على المستوى القاري وحتى العالمي، من وجهة نظري الأمور تسير بشكل جيد، خاصة منذ قدوم الناخب الوطني الجديد عبد الكريم بن جميل، الذي لا يزال بحاجة إلى الوقت من أجل تطوير مستوى الفتيات أكثر، على أمل مقارعة كبار القارة قريبا.
كيف ترى حال كرة اليد الجزائرية ؟
كرة اليد الجزائرية، بحاجة إلى الوقت لاستعادة بريقها المفقود، وكلي أمل في رئيس الاتحادية حبيب لعبان، الذي نجح منذ استلامه زمام التسيير في تحسين الكثير من الأشياء، في انتظار معانقة النتائج التي نبحث عنها، سواء مع منتخب الذكور وحتى المنتخب النسوي، الذي شهد قفزة نوعية في آخر السنوات.
وصولنا للمستوى العالي دفعني للاستعانة بلاعبات أجنبيات
ألا تعتقد بأن وضعيتك الصحية (من ذوي الاحتياجات الخاصة) حرمتك من تقديم نتائج أفضل مع فتيات ديدوش مراد ؟
تود الصراحة، أنا لا أشعر بأنني مختلف، واعتبر نفسي أفضل حتى من أولئك الذين يمتعون بكامل صحتهم، ويكفيني فخرا أنه يحسب لي ألف حساب، عند مواجهة كبار الفرق بالبطولة، إذ يحذرون دوما من فريقي الطموح، الذي لو حظي بالدعم المطلوب لكان في الريادة دوما، أنا رجل تحديات، وسأظل كذلك، على أن أنجح في الوصول إلى كافة الأهداف، التي من أجلها أسست هذا الفريق الذي يعد فخرا لمدينة ديدوش مراد.
م. ب

الرجوع إلى الأعلى