اخترعت جهاز التشويش على الطائرات دون طيار لأنني أؤمن بالخصوصيّة
اقتحمت بجرأة مسارا مهنيا يسيطر عليه الرجال، لقد اخترعت جهازا للتشويش على طائرات الدرونز، ما مكنها من بلوغ نهائي الطبعة العاشرة من برنامج «نجوم العلوم»، إنها المهندسة الشابة، ابنة ولاية تيزي وزو سيليا خشني، التي تألقت في البرنامج، و تمكنت من ترك بصمة الخبرة الجزائرية عبر مراحله، و أكدت في حوار للنصر، بأن الجهاز المبتكر يعتبر خبرة جزائرية مئة بالمئة، و هو ثمرة دراستها بالجامعة الجزائرية و عملها باتصالات الجزائر، عكس باقي المتسابقين الذين درسوا بجامعات أجنبية و يشتغلون في دول غير بلدانهم.
حاورتهــا / أسماء بوقرن
النصر: حدثينا عن بداياتك في مجال الاختراع و الابتكار..
سيليا خشني :  أنا أحب مجال الإلكترونيك، و اخترته كتخصص في جامعة مولود معمري بتيزي وزو، و بعد نيل شهادة ليسانس،  فضلت مواصلة دراسة الماستر  في تخصص شبكات و اتصالات، و في نهاية مشواري الجامعي، التقيت بالمهندس عبد الرحيم بورويس الذي سبق و أن نال لقب «نجوم العلوم»، و هو من خلق لدي الرغبة في الابتكار. أعتبر لقائي به بداية ولوجي لميدان الابتكارات و تمهيدا لقصة نجاحي. لقد دعمني كثيرا و عبد الطريق أمامي لولوج هذا المجال، و أخذت منه دروسا مهمة جدا، أفادتني كثيرا في تجربتي، حيث لقنني الطريقة الأصح التي يجب أن يفكر بها المخترع، و كذا البحث التطبيقي.
نجم العلوم بورويس و راء ولوجي ميدان الاختراع
هل الرغبة في الابتكار ولدت لديك بالجامعة أم هي حلم الطفولة ؟
كنت أحب التكنولوجيا و أهتم بكل ما يتعلق بهذا العلم و أتابع كل مستجداته، لكنني لم أفكر يوما في اختراع أو ابتكار جهاز، و لم أكن أضع ذلك صوب عيني إطلاقا، لكن بعد أن حفزني عبد الرحيم بورويس ولدت رغبة بداخلي ، و بدأت أسعى لتجسيدها في بداية مشواري المهني بوحدة البحث و التطوير بمؤسسة اتصالات الجزائر بولاية الجزائر في 2013. حينها سطرت هدفا لابتكار جهاز، لكوني أحب رؤية ثمار جهدي المهني و أمارس كل ما هو تطبيقي،  كما وضعت مبدأ في حياتي و هو أن النجاح ليس أمرا مستحيلا، و أتيحت لي بعد ذلك فرصة المشاركة ببرنامج نجوم العلوم.
شاركت في برنامج نجوم العلوم في النسخة الأخيرة ، حدثينا عن التجربة؟
شاركت في برنامج نجوم العلوم ، الذي يعتبر أول برنامج أو مسابقة علمية في العالم العربي، ليس لها نسخة مشابهة في الغرب، و خضت تجربة رائعة و مهمة في حياتي مكنتني من ترك بصمة على الخبرة الجزائرية، فما أريد التنويه به أنني المتسابقة الوحيدة التي درست ببلدها و تشتعل بإحدى مؤسساته، عكس باقي المشاركين الذين درس جلهم بجامعات أجنبية، سواء في بريطانيا أو أمريكا و يزاولون نشاطهم بمؤسسات أجنبية أيضا.

كنت خلال المنافسة أنام ثلاث ساعات ليلا كأقصى حد، و بالرغم  من ذلك لم أكن أشعر بالتعب، فقد كنت المشاركة الأكثر تلقيا للانتقادات، و سمعت كثيرا عبارة «مشروعك لم ينجح» ،  فكان كل خبير يتحدث إلي يقول بأن الفكرة ممتازة، لكن تجسيدها صعب، حيث قال لي أحد الخبراء، بأنه اشتغل ضمن فريق على مشروع مماثل لما أقوم به ، إلا أنهم لم يتمكنوا من تجسيده، غير أنني لم أفشل  و كنت أستغل نقاشي مع الخبراء، و أسجل كل فكرة ألتقطها من خلال حديثي إليهم، لم أكن أضيع وقتي إطلاقا لبلوغ هدفي، فالنجاح ليس سهلا، لكن ليس بالأمر المستحيل، فأنا لم أستسلم للفشل.
كنت على وشك الظفر باللقب ، هل كنت تتوقعين الفوز بالمرتبة الثالثة في ظل المنافسة القوية؟  
صراحة نعم، عند مشاركتي في برنامج نجوم العلوم، لم يكن هدفي المشاركة فقط،  و إنما وضعت صوب عيني النجاح، لأمثل بلدي أحسن تمثيل و أبلغ المرحلة النهائية ، و ما حفزني أكثر و زاد من ثقتي في نفسي و جعلني أصمم على الفوز المهندس عبد الرحيم بورويس الذي غذى طموحي لبلوغ النهائي ، كما أن الجمهور الذي ساندني ضاعف من عزيمتي الجمهور و جعلني أعمل جاهدة لأرد له الجميل. الحمد لله بفضل توفيق الله عز وجل و العمل المتواصل و الدعم الذي تلقيته تمكنت من الفوز بالمرتبة الثالثة و كنت على مقربة من افتكاك اللقب.
الجمهور الجزائري أجمل هدية قدمها لي البرنامج
ماذا أضاف لك برنامج نجوم العلوم؟
نجوم العلوم أهداني جمهورا رائعا هو الجمهور الجزائري، فقد ساندي منذ بداية مشاركتي في البرنامج. شيء مشرف جدا أن ترى أن الجمهور الجزائري هو أكثر جمهور في العالم اهتماما ببرنامج نجوم العلوم هذا الموسم، حسب الإحصائيات المقدمة عبر موقع البرنامج. و أستغل هذه الفرصة لأشكر الجمهور الجزائري الرائع الفريد من نوعه، و اعتبره أحسن هدية قدمها لي «نجوم العلوم»، كما كان حافزا قويا بالنسبة إلي في المنافسة، فكلما كنت أشعر بالفشل أتذكر مساندته و دعمه لي فأتشجع أكثر.
ماهي الأهداف التي كنت تسعين لتحقيقها بمشاركتك في هذه المسابقة العلمية؟
هدفي من المشاركة  هو تحفيز النساء بصفة خاصة، لولوج الميدان التقني، فهذا الميدان يسيطر عليه الذكور، كما أريد تمرير رسالة للشباب مفادها «إذا أردت النجاح صديقك أنت و عدوك أنت». لقد استخلصت من مشاركتي في برنامج نجوم العلوم ضرورة تحدي النفس، و لا يمكن للإنسان أن يعرف قيمته ، إلا عندما يتحدي شيئا أكبر منه . و أعتبر مشاركتي و بلوغي المرحلة النهائية، خطوة نحو الأفضل في مجال الاختراع.
«سكاي كروك» .. اسم جهازي لرصد و تشويش طائرات درونز
 اخترت اختراع جهاز لرصد طائرات الدرونز ، لماذا ؟
أنا أنتمي لمجتمع جزائري محافظ ، فقد اخترعت هذا الجهاز للحفاظ على خصوصية الأفراد، و حماية الطائرات دون طيار في نفس الوقت، فابتكرت جهازا أطلقت عليه اسم   « سكاي كروك « حجمه صغير 30 / 30 سنتيمترا و معناه «يستر سماءك من طائرات دون طيار»، هذا الجهاز يحمي المنشآت و المنازل و الأماكن العمومية و الجامعات، من اعتداء الطائرات دون طيار ذات الاستعمال الهاوي، فالإحصائيات المقدمة في هذا الخصوص،  كشفت بأن 80 بالمئة من الطائرات دون طيار، تحتوي على كاميرات عالية الدقة، أي يمكن لشخص من مسافة بعيدة أن يأخذ صورا أو مقاطع فيديو بجودة عالية. في البداية بحثت في الأسواق عن جهاز يحمي الأفراد من انتهاك خصوصيتهم ، فوجدت أجهزة ، لكن بكمية جد محدودة و لا تقوم بالدور المنوط بها .
ما الفرق إذا بين جهازك « سكاي كروك» و باقي الأجهزة المخترعة لذات الغرض؟

الأجهزة التي وجدتها لا تستهدف طائرات دون طيار فقط، كما أنه من الصعب الحصول عليها، و المشكل أنه عند تشغيلها تتسبب في توقف كل الأجهزة، لكونها تشوش على مختلف الموجات، و المثير للانتباه أنها تشوش على كل الموجات ما عدا موجات الدرونز، عكس جهاز «سكاي كروك»الذي  يقوم برصد طائرات دون طيار ، كما أنه يفرق بينها و باقي الأجهزة، و يشوش فقط على طائرات دون طيار، و لا  يؤثر بشكل سلبي على الأجهزة المحيطة. يقوم أيضا بحجب التصوير و يقطع إرسال الفيديو ، كما يمكن  للمستعمل أن يحدد مدى تشويش الجهاز و باستعمال تطبيق موبايل يبقى على اتصال بالجهاز ، و إن وجدت طائرة دون طيار يخبره .
كامرة باحثة هل تلقيت صعوبات في الميدان التقني الذي يعد حكرا على الرجل؟  
لا يوجد ميدان يخلو من الصعوبات، فالمجال التقني مجال منطقي، نصادف حقيقة سواء كنا نساء أو رجال صعوبات، لكن في النهاية نجد لها حلولا، و أعتبرها فرصة للإبداع، فبعض النساء يؤمنّ بأن الميدان التقني حكرا على الرجال، لكن ما أراه هو أنه يمكن لأي شخص ، سواء كان رجلا أو امرأة أن يبدع في الميدان الذي يحبه، كما أن ذكاء المرأة يمكنها من رؤية أشياء لا يراها الرجل، فأنا أؤمن بمبدأ  التكامل بين الجنسين، خاصة في الميدان التقني، و كل له وجهة نظره، عموما ليس الذكر كالأنثى ، فالتفكير يختلف بين الجنسين.
أطمح لتسويق المنتوج في الجزائر
هل تتوقعين مشاكل في تسويق الجهاز في الجزائر؟
لدي أمل كبير في تسويق المنتوج في الجزائر، إن شاء الله سيتحقق ذلك ببلدي ، و أنا أعمل على ذلك و متأكدة من النجاح .  سأستقطب المهتمين و أنا واثقة بأن فرص التسويق ستمنح لي، لكون استعمالات الجهاز لا تقتصر على المنازل، بل تشمل المنشآت الصناعية و المؤسسات.
ما رأيك في البحث العلمي في الجزائر؟
ليس لي الخبرة الكافية للإجابة على هذا السؤال، ما يمكن أن أقوله أن البحث العلمي في الجزائر في تطور مستمر، كما أنني أؤمن بالقدرات الجزائرية التي لا يوجد مثيلا لها في العالم.
قطاع الاتصالات ساندي
بعد فوزك في نجوم العلوم كرمتك وزيرة البريد و تكنولوجيات الإعلام و الاتصال، حدثينا عن انطباعك؟
تأثرت كثيرا لحظة تكريمي، فتهنئتي من قبل الوزيرة إيمان هدى فرعون، أثر في كثيرا و حفزني على مواصلة جهودي في هذا المجال. كنت سعيدة جدا لحظة التكريم،  خاصة بحضور مدير اتصالات الجزائر ، و ما زاد من سعادتي هو أن القطاع الذي أنتمي إليه قدم لي كل الدعم المعنوي و الإعلامي، لا أنسى هذا الجميل، و أشكر في الختام زملائي.            
أ / ب

الرجوع إلى الأعلى