أعراض الموجة الثانية لكورونا تختلف نوعا ما عن الموجة الأولى
يؤكد الدكتور عبد الحفيظ قايدي الأخصائي في الفيروسات بمستشفى بوفاريك بولاية البليدة بأن الموجة الثانية من فيروس كورونا أعراضها تختلف نوعا ما عن الموجهة الأولى، وأشار إلى تسجيل حالات عديدة لمصابين يتوافدون على المستشفى يعانون من صعوبة في التنفس عكس الموجة الأولى حيث لم تكن حالات ضيق التنفس بهذا الشكل، كما تحدث في هذا الحوار الذي خص به النصر عن سرعة الانتشار التي يمتاز بها الفيروس في الموجة الثانية مما أدى إلى ارتفاع حالات الإصابة بشكل كبير.
حاوره: نورالدين عراب
* النصر: شهدت الجزائر ومختلف دول العالم ارتفاعا في حالات الإصابة بفيروس كورونا خلال الأسابيع الماضية، كيف تبرر هذه الزيادات في الإصابات؟
قايدي:حقيقة الارتفاع الذي لاحظناه في الأسابيع الماضية يندرج ضمن الموجة الثانية لفيروس كورونا كما صرح  به وزير الصحة، وأكده الخبراء في العالم، لأن كل دولة في العالم تعيش حاليا موجة ثانية، وهذه الموجة الثانية ناتجة عن تغيرات جينية للفيروس، وهذه التغيرات انعكست سلبا لأن هذا الفيروس اكتسب سرعة في الانتشار، وهذه السرعة هي التي أدت إلى ارتفاع حالات الإصابة بأعداد كبيرة، وحتى الأعراض لدى المصابين تختلف نوعا ما عن الحالات التي كنا نشاهدها في الأشهر الماضية من مارس حتى نهاية فصل الصيف، بحيث كانت هناك حالات مختلفة منها حالات معتدلة، حالات خطيرة، حالات متفاوتة الخطورة، لكن ما نلاحظه اليوم وجود الكثير من الحالات الخطيرة،و كثير من الناس الذين يقصدون المستشفيات يعانون من صعوبة في التنفس، وهذه الصور لم نكن نشاهدها بهذا الحجم في الموجة الأولى.
* النصر: إذن أنت تؤكد وجود بعض الاختلاف في الأعراض بين الموجة الأولى والثانية ؟
قايدي: نعم هناك اختلاف نوعا ما، بحيث ميزة الفيروس في الموجة الثانية سرعة الانتشار، مما أدى إلى ارتفاع حالات الإصابة بشكل كبير، والأرقام فاقت خلال الأيام الأخيرة الألف حالة يوميا، حتى مصالحنا ببعض المستشفيات في الولايات ومنها الجزائر العاصمة، البليدة، وبعض الولايات  الكبرى، كوهران، قسنطينة، تيزي وزو.
الوضعية الوبائية الحالية لا تقتضي غلق المدارس
* النصر: يشهد العالم في الأسابيع الأخيرة تنافسا بين عدة دول لإنتاج لقاح مضاد لفيروس  كورونا، هل تعتقد أن توفير اللقاح سيخلص البشرية من هذا الوباء بشكل نهائي؟
قايدي: هذا ما نتمناه  طبعا، ولحد الآن لدينا سلاح واحد هو العلاج والوقاية بمقاومة هذا  الوباء، ودائما نؤكد على الوقاية، لأنها أساس التقليل من الإصابات بالفيروس،   أما فيما يخص التلقيح، نعم فيه مخابر كثيرة ومختلفة تتنافس على إنتاجه بدول عدة  منها الولايات المتحدة الأمريكية، ألمانيا، بريطانيا، روسيا، الصين، وكل مخبر يدعي أنه  يملك اللقاح الأفضل، ولكن فيما يخص الجزائر كان وزير الصحة قد صرح عدة مرات  أنهم لن يستوردوا أي لقاح من أي مخبر إلا بعد إجراء بحوث واجتماع اللجنة العلمية  لدراسة بدقة وجدية ما هو متوفر من اللقاحات الموجودة عبر العالم.
نحن طبعا نتمنى أن يكون هناك لقاح في أقرب وقت، والحديث جار عن توفره خلال الثلاثي الأول من السنة القادمة، وما نتمناه أيضا أن ينعكس اللقاح إيجابيا على الفيروس لأننا  وصلنا إلى الشهر العاشر ونحن نعاني والعالم كله يعاني، ولا نري غير التلقيح كحل نهائي  لننتهي من هذا الوباء، وطبعا نحن كأطباء وخبراء هناك بعض الأسئلة نطرحها حول  اللقاح، منها مدى وجود انعكاسات له، وهل يقضى على وباء كورونا بصفة نهائية؟   أو هو لقاح يشبه لقاح فيروس الأنفلونزا الموسمية الذي يقلل من الحالات لكن  لا يقضي على الفيروس، ولا يخفى عليك أن فيروس الأنفلونزا يتغير كل سنة، وكل سنة  يكون هناك لقاح جديد، وهذه أسئلة كلها تطرح اليوم، ونتمنى أن يكون هناك لقاح يخلصنا  نهائيا من كوفيد19، وطبعا النتائج لا تكون بطريقة راديكالية وخلال أيام قليلة، و التلقيح لا يعمم على كل الأشخاص في وقت واحد، بل تكون هناك فئات من المجتمع يمسها التلقيح، ونتحدث هنا عن السلك الطبي، وبعض الفئات من المجتمع مثل المسنين  وأصحاب الأمراض المزمنة، وهذه الفئات كلها لها الأولوية في التلقيح، وبعدها  تتم عملية التلقيح حسب النتائج المتحصل عليها في الأسابيع القليلة الأولى، ونرى إذا  كانت هناك ضرورة لتوسيع اللقاح لباقي فئات المجتمع أم نكتفي بفئات معينة فقط، والتلقيح  في بعض الأحيان إذا كان يمس 50 إلى 60 بالمالئة من المجتمع، قد يكون يكون كاف، لكن ليس كل اللقاحات ينطبق عليها ذلك، وكل هذه الأمور والتساؤلات نراها فيما بعد مع مرور الوقت، وتكون لدينا نتائج أولية، وهناك يمكن أن نتخذ قرارات أخرى مفيدة للشعب الجزائري.
نستقبل عدة حالات لمصابين يعانون من صعوبة في التنفس
* النصر: العديد من الأطباء يعتمدون على جهاز السكانير لتشخيص وباء كورونا، كما دخلت بعض المخابر الخاصة على الخط لإجراء تحاليل الكشف عن الفيروس، باعتبارك  أحد الأطباء المختصين في الفيروسات وواجهت الوباء منذ البداية، هل يمكن تشخيص الوباء بالاعتماد على أشعة السكانير ؟
قايدي:حتى نتأكد من وجود فيروس في جسم الإنسان، هناك بعض التحاليل التي  نقوم بها ومنها «بي سي أر»، أما فيما يخص الأشعة الصدرية فإنها لا تعطي نتيجة، ولا تؤكد غياب أو وجود فيروس كورونا، والأشعة الصدرية تقدم لنا نظرة على مدى انعكاسات  الفيروس على الجهاز التنفسي للإنسان، أي تقدم لنا بعض الصور التي من خلالها يمكن  القول إذا كان الإنسان مصابا بفيروس كورونا، لكن الأشعة وحدها لا تكفي بل نعتمد  أيضا على مدى وجود أعراض ، وفي هذه الحالة مع صور الأشعة  والأعراض الموجودة يمكن الاحتمال بأن الشخص مصاب بالفيروس، كما أن الأشعة  تثبت لنا شيئا آخر، وهو مدى خطورة وتأثير الفيروس على الجهاز التنفسي، وهذا  التأثير يشاهد بالأشعة وليس بتحاليل « بي سي أر» وعلى العكس هذا الأخير يعطي  نتيجة مؤكدة على وجود فيروس من عدمه.  ونشير هنا أيضا إلى تحليل آخر للكشف عن كورونا وهو تحليل «سيرولوجي» لمعرفة  كمية المضادات في دم الإنسان، وهناك نوعين من التحليل «سيرولوجي» الأول يعطينا  حجم وجود هذه المضادات، لكن لا يعطينا نوعية المضادات، وبتقديم الحجم يمكن أن  نقول بأن هذا الشخص أصيب أم لم يصب بفيروس كورونا، أما التحليل الثاني «السيرولوجي» يعطينا نوعية المضادات، والطبيب عندما تقدم له نوعية المضادات  يستطيع أن يثبت إذا كان هذا الشخص مصاب منذ أيام قليلة وهو الآن في حالة شفاء،  والنوع الثاني من هذه التحاليل يفيدنا كثيرا، بحيث بعد أن يصاب الإنسان ويتماثل للشفاء  نطلب منه إجراء هذه التحاليل لمعرفة ما إذا كان قد شفي أو في طريق تماثله للشفاء.
وفي الأيام الأخيرة وزير الصحة وبعض أعضاء اللجنة العلمية  تحدثوا عن تحليل جديد يسمى «أونتيجان» يشبه كثيرا تحليل «بي سي أر» ويعمل بنفس التقنية ونتائجه مؤكدة  بنسبة 90 بالمائة، ومن ميزات هذا التحليل الجديد أن نتائجه يمكن أن تظهر بعد نصف  ساعة، على عكس تحليل «بي سي أر» الذي يستغرق في بعض الحالات أكثر من 10  أيام للحصول على النتائج.
أشعة السكانير لا تقدم نتائج دقيقة والاعتماد عليها لمعرفة تأثير الفيروس على الجهاز التنفسي
* النصر: ارتفعت في الأيام الأخيرة بعض الأصوات المطالبة بغلق المدارس، واعتبرت  المدرسة مصدرا لانتقال الوباء خاصة بعد ارتفاع حالات الإصابة، هل الوضعية الوبائية  الحالية تتطلب اللجوء إلى غلق المدارس؟
قايدي: يجب التفريق بين المؤسسات التعليمية، هناك مدارس ابتدائية، ومتوسطات وثانويات  وجامعات، فيما يخص مدارس الابتدائي الأمر مختلف جدا عن الثانويات والجامعات،  وهذا راجع إلى سن الأطفال في الابتدائي الذين لا يؤثر فيهم الفيروس، على عكس  التلاميذ في الثانوي أو طلبة الجامعات يمكن أن يصابوا بالفيروس، أما الأطفال في  الابتدائي كما ذكرت لم تسجل حالات إلا نادرا، وتتعلق بأطفال مصابين بأمراض مزمنة،  وتكون لديهم مناعة ضعيفة لمقاومة الوباء، لكن ينبغي الإشارة هنا أيضا إلى أن الأطفال  الذين لا يصابون ولا يحملون الأعراض ممكن أن يكونوا حاملين للفيروس، مما قد يؤدي  إلى نقل العدوى للوالدين، إذا كانت لديهم أمراض مزمنة أو المسنين، إذن المشكل أيضا  يطرح من هذه الناحية.  ولنكون صرحاء  فيه أولويات، نعم الأمر يتعلق بالصحة العمومية ولا يوجد في ذلك  نقاش ولا يوجد ثمن لها، لكن من جهة أخرى الأطفال لا يمكن أن يبقوا لوقت أطول بدون  دراسة، وهم قد قضوا فترة 09 أشهر بدون تعليم والمدارس مغلقة، ولهذا إلى متى يبقى  الأطفال بدون تعليم؟ وهذا شيء خطير أيضا، لأن الأمر يتعلق بمستقبل أولادنا والأجيال  القادمة.  والمطلوب اليوم أننا كلنا نتخذ الإجراءات الوقائية والمواطن يجب أن يكون واعيا،  والمشكل ليس في المدارس، وإذا سجلت زيادات في حالات الإصابة قد نعود إلى الحجر  الكلي كما كنا من قبل، لكن كل شيء سواء تعلق بالمدارس أو الحجر الكلي يتطلب حوارا  ونقاشا، ولا بد للمواطن أن يعرف أن الإجراءات تتخذ حسب الوضعية في الميدان، أنا  أقول اليوم إن الحالة التي نعيشها حالة مخيفة طبعا، ولكن نحن كأطباء أخصائيين  في الميدان وفي المستشفيات، فمثلا أتحدث عن مستشفى بوفاريك بولاية البليدة، على  الرغم من العدد الكبير والضخم جدا للمصابين الذين يترددون يوميا على مصلحة  الاستعجالات بالمستشفى والحالات الموجودة في مصالحنا، وهذا ما تسبب في ضغط كبير على  المستشفى والممرضين والأطباء، ولهذا نحن ننصح دائما المواطن بأن يكون مسؤولا   ويحترم الإجراءات الصحية والوقائية، خاصة احترام مسافة الآمان، تنظيف الأيدي،  استعمال القناع، وهذا هو السلاح الأكبر لمقاومة هذا الوباء، وإذا تم احترام هذه  الإرشادات لن يكون هناك غلق لا للمدارس و لا للثانويات، وبالعكس نستطيع التعايش مع  الفيروس حتى تمر هذه الفترة الصعبة والمتمثلة في الموجة الثانية. وأعتقد أن عدد حالات الإصابة ستواصل منحى النزول، وأتوقع أن  تشهد انخفاضا في عدد المصابين خلال الأيام القادمة، وينقص الضغط على عمال الصحة  والمواطنين، وترجع الأمور نوعا ما إلى مجراها، ونتمنى أن تكون للقاح المنتظر نتائجه  ونتخلص من الوباء، لكن الوقت لا يزال طويلا والإصابات والوفيات لا تزال تسجل ولهذا يجب على المواطن أن يلتزم بإجراءات الوقاية ويكون واع ومسؤولا حتى نستطيع التعايش مع هذا الفيروس لأنه لا يوجد حل آخر حتى نصل إلى اللقاح الذي أعتقد أنه يكون الحل النهائي لهذا الفيروس.
ن ع

الرجوع إلى الأعلى