الإعلاميون الجدد  غير مؤطرين  و رفضت عروض عمل  في فضائيات عربية


ترى الإعلامية منى لعواد مقدمة برنامج «لمّة رمضان» الذي يبث خلال الشهر الفضيل عبر التلفزيون الجزائري، بأن الصحفيين الجدد في مجال السمعي البصري لا يخضعون للتكوين اللازم، و ينتقلون من مقاعد الجامعة إلى شاشة التلفزيون، دون تمرن و تدريب في الميدان والمرور على التحرير، كما تحدثت في حوار خصت به النصر، عن مشوارها المهني و سر نجاحها و كذا سبب رفضها لعروض العمل في قنوات فضائية عربية و أجنبية.
• حاورتها: أسماء بوقرن
. النصر: حدثينا عن بداياتك قبل ظهورك على الشاشة؟
ـ منى لعواد: بداية مشواري المهني في الإعلام، كانت في التلفزيون الجزائري طبعا، حيث تمرنت في البداية على يد أكفاء في المجال، و تنقلت معهم إلى الميدان، لأبدأ بعدها رحلتي مع مهنة المتاعب، حيث عملت مطولا كصحفية مختصة في إعداد الربورتاجات والتقارير، لأنتقل بعدها إلى التقديم و التنشيط، و أنا حاليا مشرفة على البرامج الثقافية ذات الطابع الفني التراثي، و أرى أن صحفي الميدان بإمكانه النجاح و التألق و تقديم برامج راقية كبيرة.
. ما هو سر نجاح منى لعواد في مجال التنشيط؟
ـ سر نجاحي يعود إلى البساطة و التلقائية و العفوية في التقديم، ومجتمعنا  يحب السلاسة في التعامل، كما أنني أتواصل مباشرة مع الجمهور من مختلف الفئات و المستويات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وأجيب على كل رسائلهم ، فالتأقلم مع مختلف الفئات ضروري لنجاح مقدم البرامج، خاصة في هذا النوع من الحصص، بالإضافة إلى الاستعمال الجيد للغة، و التي يشترط أن تكون مفهومة و واضحة ،ليستطيع أي شخص أن يفهمها مهما كان مستواه التعليمي.. على مقدم البرنامج أن يلعب على وتر الضيف، فأنا أحرص دائما على استدعائه قبل ساعة من بداية البث لأهيّئه، لكي يكون غير مرتبك .
«محلى ذي العشية» مصيدة لاقتناص أمهر مصممي الأزياء وصانعي الحلويات
 باعتباري المشرفة على الحصة، أحرص دائما على الحفاظ على اللهجة، خاصة و  أن هذا النوع من البرامج يلقى نسبة مشاهدة عالية من قبل الجالية الجزائرية، كما أن توقيت إعادة بثه على القناة الثالثة يتزامن مع إفطار جاليتنا في المهجر، و لهذا أطلب من الزملاء الإعلاميين بالمحطات الجهوية الذي يشرفون على التقديم عبر البث المباشر من ولاياتهم، بأن يحافظوا على لهجتهم المحلية من أجل التعريف بها عالميا، كما أن التركيز على اللباس التقليدي الذي يعتبر من موروثنا الثقافي، يهدف إلى الترويج له و التعريف بما تتميز به كل ولاية، بالإضافة إلى الفأل و الألغاز التي تعتبر من أساسيات السهرة الرمضانية الجزائرية، كما تستقبل الحصة ضيوفا من الساحة الفنية، خاصة الممثلين الذين برزوا في الإنتاج الرمضاني، لاسيما من فئة الشباب، للتعريف بهم و تشجيعهم.
. يُعاب على التلفزيون الجزائري أنه لم يغير الديكور رغم توفره على الوسائل والإمكانيات، ما رأيك؟
ـ لا أوافقك الرأي، بخصوص حصة «لمّة رمضان «التي تعرض على قنوات التلفزيون الجزائري، للموسم الرابع على التوالي، تضع كل عام حلة جديدة، دون تغيير أساسيات القعدة العربية الجزائرية و لمة البيت الإسلامي، فطبيعة الحصة تتطلب بيتا عربيا مسلما، ونحاول كل موسم إضافة لمسة عصرية، دون المساس بأساسيات اللمة العربية من «سينية النحاس» الحلويات و الألبسة التقليدية، و كذا هندسة البلاطو الإسلامية، فالديكور تخصص له مديرية الإنتاج كل سنة ميزانية خاصة، وأختار باعتباري المشرفة على إعداد الحصة و تقديمها مختصين في المجال أقدم لهم تصورا معينا للديكور و بعد الاتفاق معهم بشأنه، يتم عرضه على مسؤولي الإنتاج للموافقة عليه، لتعود كلمة الفصل النهائية لمدير الإنتاج، فديكور حصة «لمة رمضان «، لا يمكن أن يتغير و يظهر في صورة عصرية،لأن ذلك سيفقده طبيعته و هويته الإسلامية.
. أثارت الألبسة التي ترتدينها في البرنامج إعجاب الكثير من المشاهدين لتميزها بتصاميم تقليدية في قالب عصري...هل تعتمدين على مصمم خاص؟
ـ اللباس يعتبر من عناصر الحصة الأساسية و عامل دعم رئيسي مكمل للديكور، إذ أن تجهيزه يكون على مدار العام ، يشرف عليه مختصون في الخياطة، يتم اختيارهم أثناء استضافتهم في حصة « محلى ذي العشية» التي تبث على مدار العام، و أتفق مع المحترفين منهم على تصميم بذلات تقليدية، خصيصا لشهر رمضان، إذ أفضل التنويع في البذلات و استعمال كل الألبسة التي تتميز بها ولايات الوطن.
أعتبر نفسي سفيرة للثقافة الجزائرية عبر شاشة التلفزيون
. لماذا اختارت منى لعواد هذا النوع من البرامج؟ و هل ترغبين في تقديم حصص ذات طابع مختلف؟
ـ قبل أن أحط الرحال في هذا النوع من البرامج الثقافية الفنية التراثية، مررت بعديد المراحل و قدمت حصصا ذات طابع مختلف كحصة «السلامة المرورية»، لكن وجدت نفسي في البرامج الثقافية التراثية الفنية، لأنني أسعى من خلالها إلى الحفاظ على هويتنا و الترويج لموروثنا الثقافي و عاداتنا وتقاليدنا خارج حدود الوطن، كما وجدت نفسي فيها لتلاؤمها و شخصيتي، ولا أنوي تغيير وجهتي و الخروج عن هذا التخصص، إذ اعتبر نفسي سفيرة للثقافة الجزائرية عبر شاشة التلفزيون.
. ما رأيك في الجيل الصاعد من الإعلاميين و مقدمي البرامج على وجه الخصوص ؟
ـ أرى أن جل الإعلاميين الجدد ينقصهم التكوين، فغالبية مقدمي نشرات الأخبار و الحصص، انتقلوا مباشرة من مقاعد الجامعة إلى كرسي التقديم، دون الخضوع للتأطير أو العمل في الميدان، و هذا النوع من الإعلاميين في رأيي، لا يصلح أن يطلق عليه مصطلح «صحفي»، بإعتباره لم يتدرج في مهنته و لم يعمل في الميدان، فالصحفي يجب أن يخضع أولا للتمرّن و يعمل في الميدان، قبل أن يحمل الميكروفون، و ذلك لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، يُرافق خلالها صحفيين ذوي خبرة في مهامهم الميدانية، ليتعلم طريقة العمل، ثم إلى قاعات التركيب، إذ على صحفي التلفزيون أن يكون ملمّا بكل جوانب العمل حتى الجانب التقني، من عملية التركيب و تقنيات الصوت و وضعيات الكاميرا و غيرها من التقنيات، و خلال هذه المدة يصبح بإمكان الصحفي التنقل إلى الميدان و ترؤس فريق العمل، حيث يكون في منأى عن الأخطاء الفادحة التي يمكن أن يرتكبها صحفي مبتدئ لا يعرف خبايا المهنة، والتي قد تتسبب في كوارث .
. في خضم المنافسة الشرسة للفضائيات العربية و حتى القنوات الخاصة الجزائرية، كيف تعملون كمذيعين على إبراز مكانتكم في هذا الزخم؟
ـ نبرز مكانتنا من خلال الجهد الشخصي المتواصل و التكوين المستمر، و أنا كمنشطة حصص ثقافية، إلى جانب زملائي وزميلاتي في التلفزيون الجزائري، نخضع لدورات تكوينية دورية في معهد محمد الخامس و نتلقى دروسا في فنون التقديم، بتأطير من كبار الإعلاميين الجزائريين و حتى العالميين، إلى جانب دورات تكوين خارج الوطن، بالإضافة إلى متابعة القنوات الفضائية الناجحة، بهدف مواكبة التطورات الحاصلة في المجال الإعلامي.
. جل الصحفيين الجزائريين تألقوا في قنوات فضائية عربية أو أجنبية...ما سر ذلك في رأيك؟
ـ كفاءة الصحفي الجزائري و تكوينه الجيد، جعلاه يتألق حتى خارج وطنه، و احتضانه من قبل مختلف القنوات الفضائية، و استقطابها خصيصا لإعلاميي الجزائر أكبر دليل على ذلك، كما أنه يتميز عن باقي صحفيي الوطن العربي، بإلمامه بكل مقتضيات المهنة من تقنيات التحرير إلى التركيب و التصوير، و هذا يعود لتلقيهم تكوينا جيدا، حيث أن جلهم تمرن بالتلفزيون الجزائري.

صحفيو التلفزيون الجزائري يتميزون بالإلمام بالجوانب التحريرية والتقنية للمهنة
. لما لم تلتحقِ بالقنوات الفضائية الأجنبية على غرار ما فعله زملاؤك؟
ـ تلقيت عروضا من قنوات فضائية عربية و أجنبية و رفضت، لأن التلفزيون الجزائري أعطاني الكثير و لا أود نكران الجميل و تركه و أنا في أوج عطائي.
. برأيك، ما هي مواصفات المذيعة الناجحة؟
ـ المذيعة الناجحة، هي التي تمتلك قدرة على تسيير البلاطو، خاصة في المباشر و تتمتع بحضور و كاريزما و فصاحة اللسان.. عليها أن تكون ملمة بكل جوانب الموضوع، لبقة في التعامل مع الجمهور و المدعوين، و الأهم أن يكون لها هدف تود تحقيقه.
. في منظورك...هل الجمال يعتبر معيارا رئيسيا في اختيار مقدمة البرامج؟
ـ لا أعتقد ذلك، فالأهم هو توفر عنصر القبول- بإعتبارها سفيرة بلادها- بالإضافة إلى معايير أخرى تُؤخذ بعين الاعتبار كسلاسة اللسان و خفة الروح و الثقافة العامة، و كذا الحضور و غيرها من المعايير، و كل هذا يتم اختباره عند إخضاع الصحفي إلى الكاستينغ، قبل ولوجه مجال التنشيط أو التقديم.
. كيف تتعاملين مع الانتقادات التي يوجهها لك جمهورك؟
ـ صراحة، منذ ظهوري على الشاشة لم أتعرض للنقد، و هذا يفرحني كثيرا.
. لماذا لم تتمكن الثقافة الجزائرية برأيك، من الترويج لنفسها بالرغم من الانفتاح الإعلامي الذي نشهده؟
ـ حقيقة، لدينا نقص كبير في الترويج للثقافة الجزائرية، ربما العشرية السوداء أحد الأسباب،  كما أن المجتمع لا يعرف كيفية الترويج لها، إذ نجده مهتما بثقافة الآخرين و الترويج لها أكثر من ثقافة بلاده، و أنا شخصيا من خلال برامجي أحرص على الترويج لها و لفت اهتمام الجمهور إليها، لكن مؤخرا لاحظت أنه بدأ الحرص على ذلك، مثلا، من خلال الإنتاج الرمضاني لهذه السنة، حيث تم إبراز الجانب السياحي الذي تزخر به بلادنا و خصيصا قسنطينة، وذلك في «حكايات زمان»، و كذا التراث والعادات و التقاليد  من خلال سيت كوم «الكرايين» .
. عادة ما تنسحب مقدمات البرامج في العقد الرابع من العمر..هل تفكر منى لعواد في ذلك؟
ـ تقديم البرامج ليس له عمر، و كلما يتقدم المنشط في السن، كلما ينجح و يقدم الأفضل و الأجود، و يصبح محبوبا لدى الجمهور، فالإعلام و الفن ليس لهما عمر في منظوري، لأنه كلما كبرنا تمرّنا و تمكنا أكثر، لكن هذا لا يعني أنني أحتكر المجال و إنما أستغل خبرتي في تكوين الأجيال الصاعدة، فالتنشيط هدفي منذ الصغر و لا تزال لدي طموحات كبيرة للارتقاء و التقدم أكثر فأكثر.
الجمال ليس معيارا لنجاح المذيعة
. مقدم البرامج في نظر الجمهور لا يتعب كثيرا بحكم قضائه ساعة أو ساعتين فقط في مهنته...هل هذا صحيح؟
ـ هذا ما هو ظاهر، لكن مقدم البرامج كغيره من الإعلاميين، يقضي يوما كاملا في مقر عمله، بالإضافة إلى ساعات عرض البرنامج، فأنا باعتباري رئيسة ركن و مشرفة على البرنامج الذي أقدمه، ألتحق صباحا بمقر عملي و أجري اجتماعا مصغرا مع الصحفيين المكلفين بالربورتاجات و بالتقديم، من المحطات الجهوية لاقتراح المادة و تبادل الآراء، و  كذا مشاهدة المادة الجاهزة قبل عرضها، و بعد إتمام عملي مع الفريق الإعلامي و كذا مخرج الحصة، أعد ورقة طريق و أقدمها للمسؤول و مدير الإنتاج، و أنا أعكف دائما على تحضير موضوعين إضافيين للنجدة في الحالات الطارئة.
. كونك متزوجة، هل تواجهين صعوبات في التوفيق بين الحياة الخاصة و المهنية؟
ـ أجد صعوبة في التوفيق بين مهنتي و عائلتي، خاصة في أيام الشهر الفضيل الذي أقضي فيه معظم وقتي في العمل، تقريبا يوما كاملا، حيث أبدأ صباحا في حدود الحادية عشرة و أنتهي في حدود الثالثة أو الرابعة بعد الزوال، و أعود بعد الإفطار إلى غاية منتصف الليل،  لكنني محظوظة، لأن زوجي متفهم جدا، و هو من ساعدني و منحني الراحة النفسية التي تعتبر من أهم أسباب نجاحي، و كذا عائلتي التي ساعدتني كثيرا منذ ولوجي مهنة المتاعب.
. كيف تقضي منى لعواد أيام الشهر الفضيل؟
ـ حقيقة أكرس معظم وقتي لمهنتي كما سبق و أن ذكرت، حيث أفطر في كثير من الأحيان عند عائلتي أو عائلة زوجي، و أقوم بالأشغال المنزلية في الليل.
الجزائري يروج لثقافة الآخرين أكثر من ثقافته
. ما هي الأطباق التي تحبينها؟
ـ الكباب، بوزلوف، الدوارة والشخشوخة.
. كلمة ختام
ـ شكر كبير للتلفزيون الجزائري و لمسؤوليه، على إعطائنا الحرية المطلقة في العمل و دون قيود، و بالأخص المدير العام و مدير الإنتاج، و كذا إلى زوجي الذي هو مرآتي في الحياة، و إلى عائلتي سندي الكبير ، و جمهوري الذي دعمني كثيرا.

الرجوع إلى الأعلى