الأفلام الجزائرية كانت تُدرس في  معاهد  المشرق العربي
• على وزارة الثقافة الجزائرية  إنشاء هيئة لصناعة النجوم
أكد الدكتور نصر سليم سعيد، أستاذ سابق بالمعهد العالي للفنون الدرامية، في حوار للنصر، أن اهتمام القائمين على قطاع الثقافة و ميدان السينما بالجزائر، لطالما انصب في بعث الروح من جديد في الصناعة السينمائية، ما جعلها تشهد تحولا إيجابيا بعد أن أصابها المرض خلال العشرية السوداء، و ينصح المتحدث بضرورة الرقي بالمهرجانات السينمائية التي ابتعدت عن أهدافها، و تحولت إلى مواعيد لتكثيف الورشات التكوينية من حين لآخر و الاحتكاك بالضيوف الأجانب، وحرص الدكتور نصر سليم الذي التقيناه مؤخرا في مهرجان أيام السينما بالمسيلة، على ضرورة إعطاء أهمية أكبر لصناعة النجم على غرار ما يحدث في المشرق، أين توجد منظومة كاملة تعمل على تفريخ مؤسسات صناعة النجم والإنفاق عليه و تلميع صورته.
. النصر:  تعيش السينما الجزائرية منذ سنوات طويلة حالة ركود طال أمدها، كيف تفسر هذا الواقع؟
ـ الأستاذ نصر سليم سعيد: تقتضي العلة دائما لمعالجتها البحث عن أسبابها، حيث أن السينما الجزائرية بلغت بعد الاستقلال الذروة واحتلت مساحة هامة على المستوى العالمي، بفضل رواد مشهود لهم بالكفاءة و أصبحوا أعلاما، على غرار محمد لخضر حمينة الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان كان و أحمد راشدي ومرزاق علواش وعمار العسكري، من خلال إنتاج أفلام كانت تدرس في المعاهد الفنية في المشرق العربي، من حيث التقنيات المستعملة في الإخراج، وهو ما جعل السينما الجزائرية حينها، مدرسة خاصة قبل أن ينحدر المستوى، خصوصا سنوات العشرية السوداء التي كانت سببا رئيسيا في توقف عجلة الإنتاج و انقلاب واقع السينما رأسا على عقب، و حدوث انفصال بين الجيل السابق واللاحق.
. ماذا تقصد بحدوث انفصال بين الجيل السابق و اللاحق ؟
ـ الظروف الأمنية التي عاشتها الجزائر عجلت بصورة مباشرة في هجرة العديد من المبدعين من الفنانين والمخرجين إلى خارج البلاد وتحديدا إلى أوروبا، و منهم من لم يسعفه الحظ، فتوقف عن النشاط الفني، حيث تسبب هذا الانفصال في حدوث فجوة اتسعت رقعتها مع مرور الأيام و السنين، إلا أن المسؤولين عن قطاع الثقافة وميدان السينما، يحاولون حاليا بعث الروح في السينما الجزائرية مجددا، من خلال تنظيم العديد من المهرجانات والورشات التكوينية لتشجيع الهواة و الأمل معقود على هذه السياسة الجديدة للنهوض بالإنتاج السينمائي، وهنا أفتح قوس للتأكيد على ضرورة تشجيع المواهب الشابة التي يمكنها أن تلعب دورا مشرقا في استعادة بريق السينما الجزائرية مستقبلا، على غرار آبائها الرواد .
. هناك من يعتبر هذه المهرجانات السينمائية التي تنظم من حين لآخر مجرد مواعيد للقاءات و تجمعات لا تعود بالنفع على الصناعة السينمائية. ما رأيك ؟
ـ في الحقيقة المهرجانات السينمائية الجزائرية أصبحت أشبه بالأفراح التي تقوم على توفير الإقامة،  على منظميها  في رأيي، أن يحصلوا الفائدة من تنظيم هذا النوع من المهرجانات التي يحضرها ضيوف أجانب، من خلال الحرص على «عصر الليمونة» . أوضح أكثر وجهة نظري، لابد أن تستفيد المواهب الشابة من التجربة الفكرية في المجالين الفني والسينمائي عند حضورهم الورشات والندوات التي يقيمها الضيوف الأجانب أو المختصين في الإخراج والإنتاج السينمائي، و يجب ألا يقتصر تأطير الورشات فقط على المؤطرين المحليين، وما يحدث حاليا لا يفيد كثيرا الشباب الواعد ، خاصة من خريجي المعاهد الفنية الذين بات الكثير منهم يبحثون عن فرص للتألق، لكنها لا تتاح إلا لفئة قليلة.
وهنا يمكن ذكر بعض الأمثلة التي استطاعت البروز بعد ان أتيحت لهم الفرصة، مثل الممثل يوسف صغيري مع المخرج أحمد راشدي وهي الفرصة التي لم تتح لبقية زملائه في الدفعة من خريجي معهد الدراما الذين دفعوا بسبب المتطلبات المعيشية الى التوجه نحو الوظيفة، وهو ما حال دون بروز أسماء جديدة على الساحة الفنية، وهذا لأن العديد من المخرجين يتعاملون مع فئة معينة ولا يجرؤون على المغامرة بطاقات شابة يمكنها أن تفشل، كما يمكنها أن تنجح وهذا راجع الى انعدام مؤسسة تعنى بصناعة النجم في الجزائر.
. ماذا تقصد بانعدام مؤسسة لصناعة النجم في الجزائر و ما علاقتها بالصناعة السينمائية؟
ـ المشكلة الأخرى التي تعاني منها السينما الجزائرية والتي تعطل انطلاقتها وتمنعها من مواكبة مثيلاتها في المشرق، ليس لعدم توفر الإمكانيات وانما هناك عوامل أخرى لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار ومنها معضلة التوزيع، وهي عقبة كبيرة،  فضلا عن اللهجة فهي عائق يطول شرحه.  وفي الجزائر لا توجد صناعة نجم، حيث توجد في المشرق منظومة كاملة تدور حول النجم و الإنفاق عليه وتدريسه وتلميعه، وفي حالة الفنان الجزائري، فإنه مغبون كثيرا من حيث عدم استفادته من هذا العلم . و على وزارة الثقافة أن تقوم بإرسال طلاب للخارج وإلى هوليوود للتكوين في صناعة النجوم، وكذا إنشاء هيئة بالوزارة تتولى مهمة صناعة النجوم، على اعتبار أن لإعطاء أهمية لهذه النقطة فائدة لا يستهان بها.
كما أن الشيء الإيجابي الذي يعتبر إحدى الحسنات التي تحسب للقائمين على قطاع الثقافة، بعد أن بدأت تهتم بصيانة وفتح دور السينما التي تقلصت إلى 07 دور سينما بالجزائر العاصمة، بعد أن كانت تتعدى 77 دار سينما في سنوات مضت، حيث ليس هناك متعة تضاهي متعة الجلوس في السينما والتي لها سحرها الخاص. وهنا لابد من الحرص على أن يكون هناك أمل قائم لاستعادة مستوى الذائقة الجمالية لدى الجمهور، شريطة تقديم سلعة أو منتج راق وجيد له، قادر على استهلاكه وتذوقه.                                             
حاوره فارس قريشي

الرجوع إلى الأعلى