للسياحة في الإسلام أبعاد تعبدية وتأملية وإنسانية
  تستهدف السياحة في نظر الإسلام أبعادا تعبدية وتأملية وترفيهية وإنسانية عظيمة تحقق مصالحا للأمم والأفراد وتسهم في تجديد حياتهم وتنميتها وتغذية نفوسهم وتزكيتها إيمانيا وترقيتها وجدانيا. حين تسيح في ملكوت الله أرضا وسماء وتقف على عظيم خلقه وتنوع بشره لسانا ولونا وجنسا وموطنا. فلم يكتف الإسلام بالأمر بها بل فرض بعض صورها لأن النفس تحتاج إليها فإذا تركت وشانها فقد تركن للانزواء والتوحد بما يفقدها تدريجيا إنسانيتها وطبعها المدني الاجتماعي.
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
فقد جاء ذكر السياحة ومشتقاتها في مواضع كثيرة من القران الكريم منها قوله تعالى ((التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ  وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112))). وكل المعاني التي حمل عليها لفظ (السائحون) هنا ومنها الصيام والهجرة والجهاد وطلب العلم تتقاطع في معناها مع معنى السياحة المعهود عند العرب لذلك قال القرطبي بعد أن أورد هذه المعاني (يدل على صحة هذه الأقوال فإن السياحة أصلها الذهاب على وجه الأرض كما يسيح الماء; فالصائم مستمر على الطاعة في ترك ما يتركه من الطعام وغيره فهو بمنزلة السائح. والمتفكرون تجول قلوبهم فيما ذكروا... )
ومن صور السياحة التعبدية شعيرة الحج والعمرة التي بين الله تعالى بعض حكمها فقال ((وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَ عَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ)). فالحج شعيرة سياحية عظيمة يعبر الكثير من المسلمين مئات القرى والمدائن قبل أن يصلوا إلى مكان أدائها. وفي مكة حيث تؤدى يشاهد الحاج آثارا دينية كثيرة من عهد إبراهيم الخليل ويستحضر مشاهد حوادث تاريخية غيرت مجرى التاريخ كما يلتقي مع مختلف الشعوب والأمم ويقف على عظمة الخالق وآياته وهو يرى بشرا مختلفي الألسن والألوان والأوطان مصداق قوله تعالى ((مِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (22)).
ومن أبعادها الفكرية أنها رحلة علمية في طلب العلم الشرعي والدنيوي الكوني ورحلة تأملية في ملكوت الله وخلقه المادي والحيواني. حيث يستطيع العالم الباحث السائح من خلالها اكتشاف قوانين الله في الكون جيولوجيا وفيزيائيا وبيولوجيا. ليصل بفكره وتأمله إلى حقيقة وجود خالق واحد للكون بل سيصل إلى اكتشاف طريقة بدء الخلق وانبعاثه منذ القدم. لذلك قال الله تعالى ((قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَة  إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20))). فالسياحة في الأرض تدفع إلى إعمال العقل والتجارب والبحث والاكتشاف مصداق قوله تعالى (( أَفَلَمْ  يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)). وقوله تعالى (( أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) )).
علاوة على أن هذه السياحة تحقق تعارفا والتقاء بين بني البشر مما يحقق التثاقف بين الأمم واكتشاف عادات الشعوب في الحياة المعيشية مأكلا وملبسا ومسكنا. والاقتناع بضرورة العيش بسلام لان الذي يخالفه ستقبله معك عندما تقترب منه وتدرك أن الاختلاف جبلي في معظم حالاته وانه رحمة ودليل عظمة الخالق. وقبل هذا الوقوف على آثار الأمم البائدة وكيف مضت فيها سنة الله تعالى والاعتبار بها حتى لا تغتر أي دولة أو شعب أو فرد بقوته مهما بلغت قوته لذلك قال الله تعالى ((أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)) وقال تعالى (( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21)).
وفي ثنايا هذه السياحة يلتقي المسلمون بغيرهم من الشعوب فيعرضون عليهم الإسلام ويعرفونهم به ويدعونهم للدخول فيه وهذا من الجهاد الذي يطالب به المسلم في حياته. قال الله تعالى ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) )). وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبعث سفرائه ودعاته بالإسلام للقبائل المجاورة فعن ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُما أنَّ رَسُولَ الله- صلى الله عليه وسلم- لَمّا بَعَثَ مُعاذاً رَضِيَ الله عَنْهُ عَلَى اليَمَنِ، قال: «إنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أهْلِ كِتابٍ، فَلْيَكُنْ أوَّلَ ما تَدْعُوهُمْ إلَيْهِ عِبَادَةُ الله، فَإذاَ عَرَفُوا الله، فَأخْبِرْهُمْ أنَّ الله قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإذَا فَعَلُوا، فَأخْبِرْهُمْ أنَّ الله فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكاةً مِنْ أمْوَالِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرائِهِمْ، فَإذَا أطاعُوا بِهَا، فَخُذْ مِنْهُمْ، وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أمْوَالِ النَّاسِ». متفق عليه.  
وبعد هذا كله فإن السياحة ترويح عن النفس وتوطينها على الخير والجمال والتواصل. وجعلها بمنأى عن الكآبة والملل والتوحد. فعندما يضرب المسلم في الأرض سائحا سيقف على مناظر ومشاهد تنطق بجمال الكون وتناسقه وروعة الظواهر الطبيعية وانسجامها في البر والبحر والجو. في أفق مدى الأنظار شروق ياسر وغروب يبهر وبين الشروق والغروب فسحة كونية من آيات الله يقف عليها السائح وهو يؤدي كل أنواع السياحة البيئية والبحرية والغابية والصحراوية.
 ع/خ

لأول مرة منذ 40 عاما
مسابقة دولية لحفظ القر آن الكريم بالمسجد النبوي
يحتضن المسجد النبوي في المدينة المنورة في الفترة من 6 أكتوبر القادم وحتى الـ11 من الشهر ذاته، وللمرة الأولى منذ 40 عاما مسابقة دولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره بمشاركة 115 متسابقا يمثلون 82 دولة حول العالم. وقالت وكالة «واس» الرسمية، نقلا عن وسائل إعلام إن المسجد النبوي سيستضيف مسابقة الملك عبد العزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره، ومن المقرر أن يتولى خمسة محكمين دوليين مختصين في القرآن الكريم والقراءات والدراسات القرآنية إدارة المسابقة.

فضل القراءة التأملية للقرآن الكريم
القرآن يعيد الوعي إلى الغافلين، والصواب إلى المخطئين، والحقيقة إلى المغرورين، والرشاد إلى المحتارين، والبوصلة إلى التائهين، والطمأنينة إلى المرجفين، القرآن حفظه اصطفاء رباني، وفهمه فتح إلهي! كثير من الناس يقرأون القرآن من الفاتحة إلى الناس لكنهم لا يعوا ما يقرأون! وكثير من الحفاظ يحفظونه من الحمد إلى الناس لكنهم لا يتدبرون ما يحفظون! وكثير من المفسرين يفسرونه لغويا وأثريا وموضوعيا وعلميا لكنهم قل ما يقفون ليخرجوا العقول من حيرتها والقلوب من غفلتها! ويبقى المصطفون هم وحدهم يمضون الأيام والليالي يكررون الآية الواحدة عسى أن تحرك نفوسهم وتفتح أقفال قلوبهم، لا يتمنون ختم القرآن ولا السورة ولا التراويح وإنما يتمنون فتح الأقفال التي منعت العباد من الوقوف عند رسالة ربهم!، رأيت أحد العلماء يجيب في أكثر فتاويه بآية واحدة «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر»! ويمرض سيدنا عمر رضي الله عنه شهرا لسماعه آية « إن عذاب ربك لواقع»! ويمكث رسولنا صلى الله عليه وسلم ليلة كاملة عند باب عجوز تقرأ « هل أتاك حديث الغاشية» فيقول: نعم أتاني، نعم أتاني،! وأحد من عرفتهم يجهش بالبكاء أثناء سماعه لقراءة: «إن ربك هو القوي العزيز»!، ووصف الله أهل العلم بأنهم يبكون خاشعين عند سماع القرآن لأن الله أنار قلوبهم بحكمته! واستثنى الله أمة من أهل الكتاب ...من أوصافهم: «يتلون ءايات الله ءاناء الليل». هذا هو القرآن يفعل في القلوب التي تذوق حلاوته وتستأنس بتلاوته، هذا القرآن مفتاح العلوم، يذهب الله به الهموم و الغموم، فيه سر الأسرار التي ترجع أمتنا إلى القيادة والريادة والسيادة وتخرج المجتمع الإنساني من أزماته ومشاكله، فالحروب والإرهاب وصدام الحضارات وغير ذلك من أزمات العالم ومشاكله سوف يعيد هذا الكتاب الخالد الأمور إلى نصابها والمياه إلى مجاريها بفضل «المصطفين» الذين أمنهم الله على أسرار كتابه!، قال سبحانه: «ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا «.

فتاوى
هل تجب الزكاة على منزل عائلي له قيمة مادية (قابل للبيع)؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ الزكاة لا تجب شرعا في الدور والمنازل المعدة للاستغلال مهما بلغت قيمتها وإن نوى صاحبها بيعها مستقبلا لأنه لا زكاة في عينها. أما إذا بيع المنزل وتحصل صاحبه على مبلغ من المال فإذا حال عليه الحول من تاريخ القبض وبلغ النصاب وكان فاضلا عن الحوائج الأصلية وجب عليه إخراج حق الزكاة وهو ربع العشر. أمّا إذا كان المقصود من اتخاذ وإنجاز المنازل هو إعادة بيعها بمعنى أنه يتاجر في الدور والمنازل بيعا وشراء فإن هذه المنازل تكون حينها عروض تجارةٍ تجب فيها الزكاة بنفس القيمة بحولان الحول عن تاريخ امتلاكها.
هل استطيع أن أُخرج زكاتي بدل  المال  تجهيزات؟
  بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ 
    الزكاة عبادة مالية وطهرة وتزكية للنفس، وضرورة اجتماعية واقتصادية تحقق التكافل المادي في المجتمع بدفع السؤال عن الفقير.
   ولأنها عبادة فلا ينبغي لمن وجبت عليه إخراجها نقودا أن يستبدلها بغيرها، إذ ليس له أن يتصرف فيما أصبح حقا لغيره، وأن يوكل نفسه عمن لم يوكله عن نفسه، إلا أن تتحقق مصلحة المستحق للزكاة في غير المال كأن كان سفيها لا يحسن التصرف.
   والمتعين عليك أيها الأخ الكريم أن تدفع زكاة مالك لمستحقيها من الأصناف الثمانية التي ذكرتهم الآية الكريمة من سورة التوبة: ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل) .
   كما لا يجوز لك التصرف في زكاة مالك ببناء قاعة للرياضة أو بنوع من أنواع التجهيز الأخرى إذ ليس هذا بابًا من أبواب صرف الزكاة.
 وزارة الشؤون الدينية.

انتداب خمسة أئمة من الجزائر لمسجد باريس
أعلنت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف عبر موقعها نهار أمس الأول عن انتداب خمسة أئمة لمسجد باريس بعد إجراء امتحان كتابي قبل أيام شارك فيه مئات الائمة من مختلف أرجاء الوطن. وسيمثل هؤلاء الخطاب الجزائري المعتدل الوسطي في ظروف تسودها ظاهرة الاسلاموفوبيا.

الرجوع إلى الأعلى