باشرت المؤسسة الوطنية للصناعات الإلكترونية «أوني» بسيدي بلعباس، توجها جديدا بداية من العام الجاري لاستعادة الريادة وطنيا واقتحام الأسواق الخارجية، بناء على تاريخها المشرف الذي جعلها تسمى في ثمانينيات القرن الماضي ب «سيليكون فالي إفريقيا»، حيث يعمل الطاقم الحالي للمؤسسة على تطوير وتوفير حلول رقمية وإلكترونية لمتطلبات السوق الوطنية، والتطلع لآفاق التصدير، وفق ما وقفت عليه النصر التي زارت المؤسسة وطافت بمختلف وحدات الإنتاج التي تحركت من جديد وسط حالة من الطموح، ولعل أكبر تحدي الآن، هو رفع نسبة الإدماج التي تتراوح حاليا ما بين 35 و40 بالمائة.
بن ودان خيرة
إنتاج اللوحات الذكية للتلاميذ عزز الثقة في قدرات «أوني»
أعطى تصريح رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون المتعلق بإنتاج اللوحات الذكية لصالح التلاميذ والذي أشار فيه لإشراك «أوني» في هذا البرنامج، وهذا خلال افتتاحه وزيارته لأجنحة معرض الجزائر الدولي مؤخرا، دفعا جديدا وعزز الثقة لدعم الديناميكية التي انطلقت فيها المؤسسة الوطنية للصناعات الإلكترونية «أوني» بسيدي بلعباس منذ بداية السنة الجارية، وبالمناسبة فقد أشاد الرئيس المدير العام ل «أوني» بوراسي محمد عباس بالثقة التي وضعت في المؤسسة وفي منتوجها الذي سبق وأن دخل بعض المدارس، حيث أصبحت اللوحات الذكية من أولويات ومتطلبات السوق الوطنية حاليا في إطار برنامج رقمنة المدرسة الجزائرية، و في هذا الصدد، ستحصل «أوني» على حصة من البرنامج الوطني المقدر بإنتاج 5 ملايين لوحة، ينتج منها الشطر الأول المقدر ب 2 مليون لوحة ما بين 2025 و2026 يشمل 8810 مؤسسة تربوية، والشطر الثاني يمتد من 2027 إلى 2029 لتوفير 3 ملايين لوحة، علما أنه سبق وأن وفرت «أوني» 150 ألف لوحة ذكية للتلاميذ في عملية نموذجية أنجزت ما بين 2022 و2023.
خبرة جزائرية بمعايير عالمية في خدمة البرنامج الوطني للطاقات المتجددة
وتركز المؤسسة العمومية «أوني»، أيضا على الطاقات المتجددة في إستراتيجيتها وعلى رأسها الطاقة الشمسية التي لها فيها تجربة وخبرة، واليوم تسعى للمساهمة في البرنامج الوطني للطاقات المتجددة والمتمثل في إنتاج 15 ألف ميغا واط في آفاق 2035، ومن أجل المشاركة في هذا البرنامج الذي يتبقى منه 12 ألف ميغاواط، تقوم المؤسسة بدراسة مدققة، وقال الرئيس المدير العام للمؤسسة والذي شغل منصب مدير وحدة الطاقات المتجددة بذات المؤسسة لمدة 7 سنوات، للنصر إنه من المنتظر على المدى البعيد أن يكون لدى «أوني» مصنع جديد ضخم لإنتاج المحطات المركزية الشمسية والألواح الشمسية الضخمة، ما من شأنه المساهمة في تلبية متطلبات البرنامج الوطني للطاقات المتجددة، علما أن مصنع المؤسسة الحالي الذي بدأ التحضير له سنة 2011 وتم فتحه في جوان 2015، يعد ركيزة أساسية وقيمة مضافة بالنظر لأهمية الطاقات البديلة سواء في الظرف الحالي مع تراجع الطاقات التقليدية، أو مستقبلا.و فيما يتعلق بالطاقات المتجددة عموما، فإن «أوني» أنتجت أول خلية للوحات الشمسية سنة 1983، وكانت السباقة لتبني التكنولوجيات العصرية، ولكن الظروف التي مرت بها البلاد في العشرية السوداء حالت دون تحقيق هذا الطموح الذي تجدد وبتكنولوجيا أرقى وأكثر عصرنة، وهذا ما سمح للمؤسسة بأن تكون حاضرة منذ 2016 في المدينة الجديدة سيدي عبد الله بالعاصمة، حيث أنجزت بها أكثر من 10 آلاف نقطة ضوئية للإنارة العمومية تشتغل بالطاقة الشمسية وهذا بقرار من وزير السكن والتهيئة العمرانية آنذاك ورئيس الجمهورية حاليا عبد المجيد تبون، كما أن «أوني» بصدد إنجاز 3 آلاف نقطة ضوئية أخرى بذات المدينة الجديدة، وذكر بوراسي أن بلدية سيدي بلعباس كانت رائدة في هذا المجال وتمكنت من وضع 914 نقطة ضوئية تشتغل بالطاقة الشمسية منها 750 في المرحلة الأولى وكانت تشتغل بالبطارية ولكن تعرضت بعض نقاط الإنارة العمومية لسرقة البطاريات الخاصة بها مما أثر على فاعلية الألواح، مردفا أنه تم تطوير تقنية جديدة بتكنولوجيا عالية من طرف الكفاءات الوطنية بالمؤسسة وهي قيد التجربة بحيث لا يمكن الاعتداء عليها أو تعطيل الألواح مستقبلا، بينما 164 نقطة ضوئية تم إنجازها بتتقنيات تسمح بحمايتها، وأيضا تم تزويد 41 مدرسة ابتدائية بالألواح الشمسية في سيدي بلعباس و3 مدارس في سعيدة ومدرستين في تيارت وهذا ما بين 2018 و2019.
مشروع «رقاقات بطاقة الشفاء» و«الترونزيستورات» في الأفق
وبخصوص مشروع صناعة الرقاقات والترونزيستور، أوضح بوراسي أنه سيكون على المدى البعيد، ويندرج هذا المشروع في إطار الاتفاقية التي أبرمت في أفريل 2025 مع مركز تطوير التكنولوجيات المتقدمة الذي هو الوصي على هذا المشروع، فبالنسبة للرقاقات وفق محدثنا، يندرج في سياق «تأمين المعلومات» وينتظر أن يتجسد في بطاقة الشفاء للحفاظ على المعطيات الشخصية للمؤمنين اجتماعيا، والهدف من الاتفاقية هو أن يشرف على تصنيع هذه الرقاقات مهندسون من مركز التطوير ونظرائهم من «أوني» خاصة وأن المؤسسة كانت قبل سنوات تنتج مكونات الرقاقات والترونزيستورات ولها تجربة وخبرة، مبرزا أن ميدان التكنولوجيات المتقدمة ليس سهلا كونه يتعلق ب «السيادة التكنولوجية» ولكن «اوني» سترفع التحدي.
مشروع معالجة النفايات الإلكترونية سيبعث متكاملا
وأضاف الرئيس المدير العام بوراسي، أن مشروع معالجة النفايات الإلكترونية تم تسجيله في المؤسسة منذ 2021 على أن يبدأ الإنتاج في مصنع تلاغ، وأنه هو شخصيا أنجز في 2023 دراسة معمقة لهذا المشروع والمتضمنة استرجاع كل مكونات الأجهزة الإلكترونية وليس فقط مادة البلاستيك، ولكن تبين أن هذا المشروع يتطلب شراكة أيضا، وبالتالي تم تعليقه حاليا لغاية استكمال كل المتطلبات لإعادة بعثه متكاملا، مشيرا إلى أن خطورة هذه النفايات على البيئة والصحة العمومية كبير جدا خاصة عند حرقها مثلما يحدث في بعض الدول، وأنه حتى في التشريعات القانونية فإن النفايات الإلكترونية مصنفة في خانة «النفايات الخاصة الخطيرة».
أجهزة الدفع الإلكتروني .. من تلبية الطلب الوطني إلى التصدير
وفي إطار العودة المثمرة للساحة، أشار الرئيس المدير العام ل «أوني»، أنه يتوقع أن ينتقل إنتاج أجهزة الدفع الإلكتروني، من تلبية الطلب الوطني إلى التصدير في آفاق 2026، ويتم هذا في ظل تطوير هذه الأجهزة ورفع إنتاجها وإيجاد حلول صرفية بالشراكة مع جامعة سيدي بلعباس التي تتوفر على تخصصات الإعلام الآلي والعلوم الدقيقة و الإلكترونيات ويتخرج منها سنويا عدة كفاءات، علما أن «أوني» منذ 2017 تاريخ بداية عمليات الدفع الإلكتروني، تمكنت من إنتاج 70 ألف جهاز بنوعيه الكلاسيكي والذكي وفق متطلبات السوق الوطنية، ومن الحلول التقنية الذكية التي تم تطويرها مؤخرا، إنتاج أجهزة دفع تسمح للسائقين الذين يرتكبون مخالفات مرورية ويلزمون بدفع غرامات مالية عبر الطرقات، بإمكانية الدفع الفوري للغرامة المالية في عين المكان بإستعمال البطاقة الإلكترونية للمعني«بريدية أو بنكية»، وتم تزويد المصالح الأمنية وخاصة الدرك الوطني بهذه الأجهزة.
تلفزيون «أوني» يعود لزبائنه بتكنولوجيات عالية وأسعار تنافسية
ومن القرارات الإستراتيجية التي تم اتخاذها والشروع في تجسيدها، هي إعادة بعث إنتاج تلفاز «أوني» الذي توقف منذ 4 سنوات وفعلا سيتم تسويق هذا الجهاز قريبا، حيث تم إعادة فتح أول نقطة بيع بشارع حسيبة بن بوعلي بالعاصمة وستليها عمليات مماثلة تدريجيا، لعرض وبيع الجهاز بموديلات وأحجام مختلفة منها 32 بوصة، 43 بوصة و55 بوصة وسيسوق المنتوج بأسعار تنافسية، وهذا في انتظار إنتاج أنواع أخرى من التلفاز بتكنولوجيات من آخر طراز قبل نهاية السنة الحالية، علما أن مؤسسة «أوني» تتوفر على عدة نقاط بيع على المستوى الوطني تضمها وحدات تجارية وهي وحدة سيدي بلعباس للغرب والجنوب الغربي، وحدة سطيف للشرق والجنوب الشرقي، وحدة البليدة للوسط ووحدة الأغواط للجنوب.
إنتاج أجهزة ومعدات طبية بعد فتح مصانع أغلقت منذ عقود
كما سيتم إعادة تأهيل وتشغيل مصنع عين وسارة بالجلفة التابع ل «أوني» والذي كان متوقفا عن النشاط منذ 2008، بعدما كان يصنع الأجهزة الطبية منها الكراسي الخاصة بجراحة الأسنان معدات الأشعة، وينتظر أن يعود للنشاط بأجهزة طبية جديدة بتكنولوجيا عالية مما يتطلب الشراكة الأجنبية، وفي هذا الصدد أوضح بوراسي أنه حاليا يوجد بعض الاتصالات ويتم دراسة الخيارات للتعاقد مع الشريك المناسب.كما تستعد المؤسسة لتصنيع آلات الغسيل بمصنع تلاغ جنوب سيدي بلعباس، والذي أعيد بعث نشاطه بعد غلقه منذ العشرية السوداء، وينتظر أن يتم تسويق «الغسالات» مع بداية الدخول الاجتماعي المقبل، بينما سيخصص مصنع رأس الماء لصناعة الميزان الإلكتروني وهو نشاط كان رائجا بالنسبة للمؤسسة خلال العقود الماضية، ويتوقع القائمون على العملية أن يتم التسويق قبل نهاية السنة الجارية.
الرئيس المدير العام للمؤسسة الوطنية للصناعات الإلكترونية للنصر
«نقبل المنافسة و نرفع التحدي ونفتح أبواب التصدير»
أكد الرئيس المدير العام للمؤسسة الوطنية للصناعات الإلكترونية «أوني» بوراسي محمد عباس في لقاء مع النصر، أنه منذ توليه مهام الرئيس المدير العام للمؤسسة في جانفي 2025، باشر عملية تشخيص الوضع العام للمؤسسة من جميع النواحي، لأن «أوني» في 2024 كانت في وضع مقلق، وعليه تم ضبط رؤية استراتيجية ورفع التحدي ورسم خريطة طريق نحو بعث وتجديد وتطوير المؤسسة لمواكبة التحول التكنولوجي السريع في العالم، مضيفا أنه تم اتخاذ عدة قرارات لإعادة بعث النشاطات التي كانت المؤسسة رائدة فيها إلى وقت قريب، خاصة وأن محدثنا من إطارت «أوني» الذين يكتسبون خبرة كبيرة و سبق له أن تقلد عدة مناصب مرتبطة بالبحث والتطوير وضبط الاسترايتجيات والإنتاج وغيرها، علاوة على تقلده لمنصب مدير وحدة الطاقة الشمسية بالمؤسسة.
وأفاد بوراسي أن المؤسسة في وضع مالي مقبول، في الوقت الحالي، ولكن يجب بذل المزيد من الجهود لبلوغ مستوى التوازن المالي الذي بفضله يمكن تنفيذ البرامج وتجسيد المشاريع بكل أريحية، مبرزا أنه في ظرف أشهر تمت إعادة تأهيل كل وحدات المؤسسة الوطنية للصناعات الإلكترونية وهي اليوم تعمل بطريقة عادية، فبالنسبة لوحدة إنتاج كاميرات المراقبة والشاشات العملاقة، يوجد اتفاقيات و طلبيات يجب تلبيتها مع عدة هيئات ومؤسسات وطنية، مشيرا إلى أن «أوني» أيضا تتقبل المنافسة في السوق لأنه أمر إيجابي ويسمح بتدارك بعض النقائص وتطوير المنتوج، ولكن المؤسسة العمومية تبقى في تسييرها الداخلي تخضع لبعض الضوابط التي تلزمها بإجراءات تثبط في بعض الأحيان الإنجازات والمشاريع، ورغم هذا «أوني» تدرس حاليا في إطار إستراتيجيتها والتحدي المرفوع، التوجه لتصدير بعض المنتجات، وزاد الحافز بعد مشاركتها في معرض الجزائر الدولي الذي نظم مؤخرا بالعاصمة وكذا مشاركتها في معرضين دوليين أحدهما في تونس والثاني في موريتانيا، حيث أن هذه الأخيرة أبدت اهتمامها وإعجابها بعدة منتجات خاصة الألواح الشمسية وأجهزة الدفع الإلكتروني، وينتظر أن يتم استقبال وفد موريتاني ب«أوني» في سبتمبر المقبل للتباحث وتعميق النقاشات من أجل إبرام صفقات لتصدير المنتجات التي يطلبها الموريتانيون، لتشرع «أوني» في التصدير وفتح أبواب إفريقية أخرى، خاصة وأن وزارتي الخارجية والتجارة الخارجية تدعمان هذه الديناميكية وفق
محدثنا. ب. خ