تسعى الجزائر لتحقيق وثبة اقتصادية في غضون عامين، وهو الهدف الذي يعمل الرئيس تبون على تجسيده عبر سلسلة من التدابير والتسهيلات لصالح رجال الأعمال والمستثمرين لوضع الجزائر على سكة التنافسية الاقتصادية قاريا وإقليميا، حيث تطمح الجزائر لان تصبح، في غضون سنتين إلى سنتين ونصف، ثاني أو أول اقتصاد في القارة الإفريقية، وهو ما أكده الرئيس تبون خلال اللقاء الأخير الذي جمعه برجال الأعمال.
وأكد الرئيس تبون بأن الاقتصاد الجزائري يمضي في طريق التطور بفضل استمرار الحركية الاقتصادية والاستثمارية في عدد من القطاعات لا سيما الصناعة التي تشكل نحو 50 بالمائة من الاستثمارات الجديدة المسجلة، والتي ستمكن الجزائر في غضون عامين من جني ثمار التطور الاقتصادي وسياسية تشجيع المؤسسات الناشئة، وإتمام مشروع رقمنة الاقتصاد.
ومع التغيرات التي يعيشها العالم والتحالفات الاقتصادية، ترفض الجزائر أن تكون على هامش التجمعات الإقليمية التي فرضت نفسها على أرض واقع العلاقات الدولية، فمنذ 2023، برز توجه لافت ومبرمج، لتعزيز التعاون مع التجمعات الإقليمية وبالأخص مع دول منطقة جنوب شرق أسيا، حيث تعمل الجزائر تعمل على «تحويل محور من محاور السياسة الخارجية نحو آسيا الوسطى وآسيا»، حيث أن «المستقبل هناك». وهو ما تأكد مع انضمام الجزائر إلى معاهدة دول آسيان، وقبلها
الالتحاق بالتكتلات الاقتصادية
وضعت الجزائر، منذ عدة سنوات هدفاً استراتيجياً وعملت بقوة على تحقيقه، يتمثل في الالتحاق بالتكتلات الإقليمية والدولية الناشئة، سعياً لأدوار دبلوماسية فاعلة. امتد ليشمل تكتلات صاعدة كـ»آسيان»، ومبادرات عملاقة كـ»الحزام والطريق»، وتحالفات إستراتيجية كبنك «البريكس»، مرورًا بالعمق الإفريقي والعربي ووصولًا إلى تقاطعات المصالح مع الولايات المتحدة الأمريكية.
ويعد انضمام الجزائر إلى معاهدة دول «اَسيان» بمثابة خطوة دبلوماسية جديدة لتعزيز وجودها في الفضاءات الإقليمية الدولية البارزة، وستشكل منبراً لها للتنسيق مع دول (آسيان) لبناء مستقبل يسوده السلام والازدهار لجميع شعوب العالم، انطلاقاً من الاهتمام الكبير الذي توليه لتطبيق القانون الدولي ولتعزيز مبادئه، وأيضاً بالنظر إلى التزامها بعلاقات الصداقة والتعاون التي تجمعها بالدول الأعضاء في المنظمة.
كما يعكس هذا الانضمام تحولاً نوعياً في الرؤية الاستراتيجية للدولة، ويمثل انفتاحاً على فضاءات اقتصادية واعدة ذات قيمة مضافة. ويكرس رغبة في بناء اقتصاد قوي ومنفتح على شراكات متينة ومثمرة، في ظل عالم يشهد تحولات متسارعة في موازين القوى، وتزايد التوجّه نحو تعدّد الأقطاب وتوسيع دوائر الشراكات والتحالفات. كما أشار إلى أنّ هذه الخطوة تعزّز الجهود الرامية إلى تنويع الشراكات التجارية والاستثمارية، وتدعم التعاون الاقتصادي، وتساهم في تطوير البنية التحتية، وضمان الأمن الغذائي والطاقوي، ممّا يمهّد الطريق لتجسيد نموذج متكامل للتنمية الاقتصادية.
إعادة رسم خارطة التحالفات الاقتصادية
وتعمل الجزائر على إعادة رسم خارطة تحالفاتها الاقتصادية خارج الدوائر التقليدية، مع السعي لتنويع الشركاء تماشيا مع تحديات تمليها التحولات الدولية المتسارعة، والحاجة إلى أسواق جديدة، ومصادر للتكنولوجيا أكثر انفتاحا وعدالة»، وجاء هذا التحول بالتزامن مع قرار بمراجعة الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وعقد اتفاقيات مع الولايات المتحدة الأمريكية، مع التركيز على العمق الإفريقي.
فتحركات الجزائر نحو التكتلات الإقليمية، وتفعيلها لاتفاقيات الحزام والطريق، يؤكد الانفتاح الذي تنتهجه الجزائر على فضاءات لم تكن جزءًا من استراتيجيتها الكلاسيكية، لكنّها واعدة بما يكفي لتكون بدائل متقدمة عن الشركاء التاريخيين. وهو ما يمنحها قوة تفاوضية أكبر لمراجهة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
وبهذا الخصوص تراهن الجزائر على تفعيل الآلية الأساسية التي تُعنى بتنظيم الشراكة الجزائرية-الأوروبية، ألا وهي مجلس الشراكة، الذي يظل الإطار الأمثل لمعالجة كافة المسائل ذات الاهتمام المشترك، السياسية منها والاقتصادية، مع مواصلة وتكثيف الجهود الرامية لإضفاء التوازن المطلوب على الشراكة الاقتصادية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، بما يحفظ مصالح الجانبين، ويساهم في تعزيز السلم والأمن والتنمية المستدامة في الفضاء الأورو-متوسطي.
وتصر الجزائر في علاقاتها الدولية خاصة في شقها الاقتصادي على بناء شراكات قائمة على الندية، واحترام السيادة، وتنوع أدوات التمويل من الشرق والجنوب بدل الالتصاق بالغرب وحده، ويتيح هذا التحول بناء علاقات مع اقتصادات صاعدة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، مما يعزز فرص التصدير خارج المواد الخام، ويفتح الباب أمام تصنيع مشترك ونقل تكنولوجيا بتكاليف معقولة، دون شروط مجحفة كتلك التي تفرضها المؤسسات المالية الغربية.
ع سمير