يعتبر الفنان القسنطيني زين الدين بن عبد الله، فترة الحجر الصحي فرصة لإحياء التراث القسنطيني القديم و توثيقه لتستفيد منه الأجيال الصاعدة، مشيرا إلى أنه يسعى لوضع و تهيئة أرضية خصبة للجيل القادم من الفنانين في مجال المالوف، للحفاظ على هذا الفن و العمل على ازدهاره على مر السنين، مؤكدا بأنه كان يخطط لعملية التدوين مدة طويلة غير أن انشغاله الدائم بعمله جعله يتماطل في تجسيد ذلك .
ابن مدينة قسنطينة مغني المالوف زين الدين بن عبد الله تحدث للنصر عن يومياته في هذا الظرف الاستثنائي ، قائلا بأن ظروف الحجر ليس بالجديدة عليه ، لكونه تعود على ذلك منذ مدة طويلة عندما فتح أستوديو للتسجيل أمام منزله، و أصبح مقيدا بين مكان عمله و بيته، ما جعله يتكيف مع الوضع الحالي بسهولة، غير أنه حاليا و بحكم توقف عديد الأنشطة من بينها الفنية، أصبح بحوزته الوقت الكافي للقيام بعديد الأشياء التي لم يتمكن من القيام بها من قبل، موضحا بأنه و بحكم انشغالاته اليومية تماطل نوعا ما في تجسيد مخططاته، في مقدمة ذلك تدوين التراث القسنطيني المنسي منذ أزيد من 30 سنة، حيث أن هناك عديد الأغاني القسنطينية التي لم تعد تغنى في الحفلات و المناسبات العائلية و غيرهما و طالها النسيان و هي في طريقها للاندثار.
محدثنا قال بأنه وجد في الالتزام بالبقاء في البيت و عدم الاحتكاك بالآخرين فرصة ثمينة جدا، لتجسيد ما عجز عن القيام به في وقت سابق، حيث بدأ منذ تفشي وباء كورونا في العمل على إحياء أغاني تراثية قديمة جدا، مشيرا أن هناك قصائد لكبار مشايخ المدينة طالها النسيان و لم تعد تغنى، وهو يحرص على توثيق الألحان و الطبوع القسنطينية التي تم اعتمادها في أداء كل أغنية، و كذا كتابة طريقة الأداء لتستفيد منها الأجيال الصاعدة و تصبح تعتمد في تكوينهم الفني و الموسيقي، و يمكن للفنانين الشباب إعادتها كل بطريقته الخاصة، مشيرا إلى أن الفنانين بحاجة ماسة لذلك.
البحث في تاريخ القصائد أبرز ما أقوم به في الحجر
لا تقتصر يوميات الفنان زين الدين بوعبد الله على التدوين و إنما يتعداها بذلك، إلى البحث في تاريخ القصائد و الشعراء الذين قاموا بكتابتها، و ظروف تناقلها من جيل لآخر، كما يحاول تقديم قراءة نقدية في مكامن الصواب و الخطأ، مع وضع لمسته الخاصة ، مشيرا إلى أنه يقضي وقتا طويلا في البحث عبر شبكة الأنترنت و في الكتب، حيث لا يشعر اطلاقا بالقلق و الملل الذي يشكو منه الكثير. كما تأخذ المطالعة حيزا كبيرا من وقت محدثنا و يعتبرها غذاء للعقل و الروح، حيث يطالع مختلف العناوين سواء المتعلقة بالموسيقى و التي يعطيها الوقت الأكبر ، و بمختلف المجالات سواء الأدبية و التاريخية ، موضحا بأنه يحبذ الاطلاع و اكتساب المعارف في شتى المجالات. محدثنا قال بأن الحجر الصحي أمر مفروض على الجميع و لذا وجب علينا التعاطي مع ظروفه بإيجابية و التحلي بالتفاؤل ، و استغلال الوقت الذي كنا في وقت ليس ببعيد نشتكي منه، في مراجعة أنفسنا ، خاصة من ناحية الدين و العقيدة، قائلا بأنها فرصة للتقرب أكثر من المولى عز وجل و قراءة القرآن لما له ، كما قال، من أثر ايجابي على النفس في هذا الوضع العصيب.كما يعتبر الظرف الاستثنائي الحالي الذي نعيشه فرصة للتقرب من العائلة و إعطائها حقها، بأخذ متسع من الوقت في تبادل أطراف الحديث معهم و تناول الوجبات اليومية رفقتهم، مشيرا في بأنه يخصص جزءا آخر من وقته للقيام ببعض الأنشطة الرياضية المنزلية و ذلك بالمشي في فناء البيت أو باستعمال دراجة رياضية، اذ يحرص حاليا على القيام بذلك في البيت لكونه اعتاد على ممارسة رياضة المشي في الأيام العادية . و في ما تعلق بمتابعة مستجدات الأزمة الوبائية ، أكد محدثنا بأنه يتابع كل يوم آخر الأخبار خاصة المتعلقة ببلدنا و الحصيلة التي تسجل يوميا، لكنه لا يخصص لها وقتا كبيرا، و دعا في ختام حديثه إلى ضرورة توخي الحيطة و الحذر و التقيد بالإجراءات و الوقائية و بالأخص التزام البيوت و الخروج إلا للضرورة القصوى.
أ بوقرن