عبرت الفنانة التونسية هند زواري، عن سعادتها الكبيرة بزيارة قسنطينة في إطار مشاركتها في المهرجان الدولي للمالوف الذي اختتم مؤخرا مؤكدة أنها حظيت باستقبال حار من أهل المدينة الذين أحبتهم كثيرا وقالت إنها أعجبت بشعار التظاهرة «من المدرسة إلى العالمية»، معتبرة أنه يعكس رؤية جديدة للموسيقى الكلاسيكية في الجزائر.
وشكرت الفنانة في حوار خصت به النصر، محافظة المهرجان على إعطائها فرصة زيارة الجزائر مجددا، ولقاء جمهور قسنطينة الذواق للموسيقى الكلاسيكية، وعبرت قائلة «أتمنى أن تجمعني قريبا برامج وعروض أخرى بمبدعي هذه المدينة العريقة شكرا من القلب.»
وأشارت، إلى أن الجزائر كانت محطة مهمة في مسارها الفني، ففي سنة 2001 شاركت في المهرجان الدولي للعزف على آلة القانون بالجزائر العاصمة، وتحصلت على المرتبة الثالثة آنذاك وهي بعمر 19 سنة.
الفنانة وهي واحدة من أبرز الأصوات النسائية في المشهد الموسيقي المعاصر، قالت إن مشاركتها الأخيرة في قسنطينة، سمحت لها بأن تعرض تجربتها في المزج بين الأصالة الشرقية والانفتاح على التجارب العالمية، لتقدم هوية موسيقية فريدة تنبض بالعمق التونسي و الروح المغاربية في آن واحد.
مضيفة، أن الجانب الجميل للمشاركة في الفعاليات الفنية الدولية هو التعرف على ثقافات جديدة، وهذا الأمر الذي يكون شخصية الفنان ويثري رؤيته ونظرته، فتتشكل لديه نظرة فنية جديدة تخرج عن إطارها التقليدي وتفتح له أبواب العالمية، كما لا يجب أن ينسى الفنان أيضا حسبها، المحافظة على تراثه والتمسك بجذوره الثقافية، ومحاولة تقديم الإضافة لتراث بلاده، وهو تحديدا ما اكتسبته من احتكاكها بالأصوات والمبدعين الذين شاركوها التجربة القسنطينية في مهرجان المالوف مؤخرا.
قدمت ألحانا عالمية في حفل سيرتا
وقد رافقت الفنانة هند زواري، في حفلها بمدينة قسنطينة كما أوضحت فرقة موسيقية ضمت أسماء من جنسيات مختلفة، حيث شاركتها العزف السويدية ميمي سينارستان، عازفة الفيولونسيل المتميزة والمعروفة في باريس والمتمكنة من الموسيقى الأندلسية العربية، إلى جانب عازفة الكمان النمساوية إيرين بيسون، والتونسية آمنة خالدي عازفة الإيقاع.
وبحكم اختلاف المدارس الموسيقية، دونت زواري كامل البرنامج بالتوزيع الذي أرادته، حتى يتمكن أفراد الفرقة من أدائه بدقة كما قالت خاصة وأنهم يعتمدون على النوتة الموسيقية فقط، خلافا للتقاليد المغاربية التي تقوم على الحفظ الشفهي، وأكدت أن أعضاء الفرقة بذلوا جهدا كبيرا خلال التدريبات والتحضيرات لتقديم العرض بأفضل صورة.
من جهة ثانية، قالت الفنانة، إنها ممن يؤمنون بأهمية التجديد في التراث لأجل حمايته من الاندثار، وقد سبق لها أن قدمت عرضا بعنوان «صوت المهاجر» وظفت فيه تقنيات حديثة، ونوعا من الارتجال يعبر عن صوت المهاجر، وذلك خلال تجربتها في الخارج.
كما ابتكرت معزوفة «نوبة الإصبع» التي حملت تأثيرا إسبانيا واضحا، بالنظر للروابط الكبيرة بين الموسيقى الأندلسية والإسبانية، كما استعملت تقنية جديدة وهي الضرب على آلة القيتار، ما أتاح لها المزج بين المالوف المغاربي بروحه الأندلسية والمشرقية من جهة، وإيقاعات الفلامينكو الإسبانية من جهة أخرى، فاتحة بذلك أفقا جديدا يقرب هذا التراث العريق من العالمية.
و تمنت الفنانة، أن يكون جمهور قسنطينة قد استمتع بما قدمته من توليفة إبداعية خلال عرضها الذي حمل بعضا من التجديد، وحاول أن يمد جسرا بين موسيقاها والمالوف، أوالموسيقى الكلاسيكية الجزائرية بمختلف مدارسها.
وأوضحت عازفة القانون، أنها لطالما عشقت هذا التزاوج بين الثقافات والطبوع، وهو ما ظهر في أعمالها عموما منذ ألبومها الأول سنة 2009 مشيرة، إلى أنها تعاونت أيضا في هذا الإطار مع عدد من الفنانين الجزائريين، على غرار سعاد ماسي التي جمعتها بها السينما، بعدما شاركتها تسجيل موسيقى فيلمي «أزور» و«أسمر» للمخرج ميشيل أوسلوت.
كما لحنت لنسيمة شعبان، مقطوعة «يا سيدي يا رسول الله» في ألبومها الصوفي الذي سجل في باريس، إضافة إلى تعاملها مع الأستاذ سليم الفرقاني، والفنانة بهجة رحال في عرض بالأوبرا بمدينة مونبولييه.
وتتنقل زواري بقانونها بين ضفاف المشرق والمغرب العربي كما قالت، وذلك فقد اختارت أن تأخذ جمهور قسنطينة خلال مشاركتها الأخيرة في رحلة موسيقية ثرية هي مزيج نادر بين التراث والتجديد، حيث جمعت بين ألحانها الخاصة مثل «صوت المهاجر»، وبين أعذب ما في الذاكرة الجماعية من روائع كالأغنية التراثية «لما بدا يتثنى»، و«سلام إلي»، وصولا إلى الأغاني الصوفية العميقة التي تمنح قانونها بعدا مختلفا حين تطعم أداءها بأعمال خالدة مثل «لاموني اللي غاروا مني»، و«سيج قلبك»، «والله العظيم أوحشوني»، و«سيدي منصور».
رضا حلاس