الأربعاء 30 جويلية 2025 الموافق لـ 4 صفر 1447
Accueil Top Pub

تسجيل إقبال معتبر والتونسيون في مقدمة الزوّار: تليفريك عنابة يحلق مجدّدا بين جبال الإيدوغ

* إحصاء 3 ألاف راكب في اليوم الأول
عادت الحياة إلى المصعد الهوائي بعنابة، وعاد معها شغف استكشاف أجواء النقل عبر الكوابل في المرتفعات وسط الغابات والجبال والأدغال، عبر عربات مُعلقة تسير دون توقف وتشق طريقها، في العلو بين تضاريس جبال الإيذوغ، يستكشف فيها الركاب معالم الطبيعة في الأسفل، رغم أنهم مُعلقون، كأنهم في رحلة عبر الطائرة، وقد وقفنا على المرح و السعادة التي تغمر الركاب، خاصة بين أولئك الذين يستخدمون المصعد الهوائي لأول مرة.

روبورتاج : حسين دريدح

عودة التليفيريك بعنابة، أعاد الأمل أيضا لسكان سرايدي والمنطقة، ليودعوا متاعب النقل، بعد معاناة لازمتهم مند توقف المصعد سنة 2019 بسبب سقوط أعمدة جراء التقلبات الجوية. وذلك بسبب عدم توفر وسائل النقل في أوقات الذروة، وغلق الطريق في حال اضطراب أحوال الطقس وتساقط الثلوج. النصر طارت مع الطائرين، وتنقل ما عايشته في رحلة من محطة بوحديد إلى غاية سرايدي، وكيف كان الإقبال والانطباعات، والأرقام الهائلة التي حققها المصعد منذ افتتاحه يوم الجمعة الماضي.
أسراب العربات المُلعقة تنقلك في عالم التضاريس غير المرئي
وصلنا إلى المصعد الهوائي بمحطة بوحديد بعنابة، في حدود الساعة العاشرة صباحا، كان الإقبال ملفتا رغم أن الوقت مبكر، الأعوان والمسيرون مُجنّدون للتوجيه والاستقبال، بعد الحصول على تذكرة بقيمة60 دج بالطابق الأرضي، صعدنا للمحطة الرئيسية في المستوى الأول، وجدنا طابورا يتكون من نحو 30 شخصا، يضم عائلات بأطفالها، أزواج شباب، كان التنظيم محكما لانتظار الدور، لم يتوقف الركاب عن التوافد والأعداد تزداد شيئا فشيئا، كان العون المكلف بتسيير العربات، ينظم عملية الركوب، حسب رغبة المجموعة أو العائلة التي تريد الركوب بمفردها لاكتشاف أجواء الرحلة وسط المزاح والضحك وربما الخوف أيضا في المرتفعات، فيما يتم جمع الركاب القادمين بمفردهم في عربة أخرى، وسط تفاهم وابتسامات عريضة وشغف في وجوه الركاب التواقين لاستخدام المصعد بعد انقطاع دام لسنوات، وبعضهم كانوا يعيشون تجربتهم الأولى خاصة الأطفال.
النصر استقلت عربة رفقة شخص، اكتشفنا بعد تبادل أطراف الحديث بأنه إطار بمستشفى سرايدي المتخصص في التأهيل الوظيفي، شعرنا باهتزاز العربة عند الانطلاق، كان الاندفاع قويا نحو الأعلى وبسرعة محسوسة، لتبدأ بالانخفاض شيئا فشيئا، أكملنا الرحلة برتم متوسط، نشعر بالاهتزاز عند المرور عبر الأسطوانات المثبتة في الأعمدة، بمجرد الصعود مسافة أكبر، تبدأ مشاهدة المناظر الخلابة في جميع الاتجاهات من الخلف مدينة عنابة، وفي الجهتين الغابات الخضراء المكسوة بالأحراش، ومن الأسفل الشعاب والمجاري المائية التي جفت بفعل ارتفاع درجة الحرارة، وسط الهواء المنعش المتدفق عبر فتحات العربة، تقابلك العربات النازلة كأنها أسراب من محطات سرايدي، والركاب يوثقون رحلتهم عبر الصور والفيديوهات، حيث لا تشعر بالوقت، فهو ينقضي بسرعة، وأنت تستكشف الطبيعة وتستمتع برحلة التحليق عبر الكوابل، رغم أن الرحلة تدوم 20 دقيقة، لكن من يُعايشها بمتعة وسط تبادل أطراف الحديث يظن بأنها 5 دقائق فقط، وبمجرب الاقتراب من المحطة يقل الارتفاع، وتظن بأن العربة تقترب من الأرض، وتزيد المنظر جمالا، في مشهد مفتوح تشاهد منه جمال مدينة سرايدي وسحرها وبناياتها وفيلاتها الجميلة، تبدأ رحلة الذهاب في الاقتراب من المحطة، حيث تشعر بأن العربة تدخل نفق المحطة، كان التوقف بسرعة ليفتح الباب آليا للنزول، لتصل عربة أخرى وراءنا مباشرة، بها عائلة مكونة من 3 نسوة، كن في حالة ابتهاج يترجمه الضحك، وثقن لحظة نزول والدتهن من العربة، كأنهن يجربن ركوب المصعد لأول مرة.
أثناء الرحلة قال مرافقنا العامل بمستشفى سرايدي، بأن عودة التليفريك خففت عنه عبأ كبيرا في التنقل، كونه يقطن بجوار محطة بوحديد، ما يسهل عليه التنقل بين البيت والعمل في ظرف وجيز، وبأقل التكاليف، كان يستخدم خلال 6 سنوات الماضية سيارته التي أصبحت الآن كثيرة الأعطاب لصعوبة الطريق، كان قبل تعطل المصعد يعمل بدون عائق في التنقل، يتمنى مع عودته عدم التوقف من جديد، لأنه مكسب هام سواء لسكان المنطقة أو العاملين بمختلف المؤسسات بسرايدي، فضلا التنشيط السياحي.
الوصول للمحطة يكشف إعجاب الركاب بالرحلة
اختلفت الأجواء بمحطة سرايدي، كانت الأعداد أكبر من محطة عنابة، وبدا أن عدد الزوار أكبر من عدد سكان المنطقة بقليل، في الخارج الجميع يوثق الوصول بفيديوهات وصور، كون المنظر جميل جدا، وسط الطبيعة والطابع العمراني الفريد، تتوسط المحطة مدينة سرايدي، يمكن الوصول للمرافق المجاورة بسهولة، اقتربنا من ركاب كانوا بصدد التوجه إلى عنابة، أغلبهم من الزوار كانوا في رحلة العودة، عبروا عن سعاتهم بتجربة ركوب المصعد، خاصة الأطفال الذين كانوا مع أوليائهم، قال لنا شخص في السبعين، بأنه اصطحب حفيده من ابنته المقيمة بالقطب العمراني الجديد بالقنطرة، لركوب المصعد لأول مرة، رغم أنه لا يخرج من البيت كثيرا، وأراد تحقيق حلمه باستخدام التليفريك، صادفنا أيضا شابين من سرايدي، اكتشفنا بأنهما حصلا على شهادة البكالوريا هذا العام، واعتبرا عودة المصعد فأل خير عليهم، كونه سيسهل الدراسة الجامعية، ويخفف عنهم عناء التنقل.
بداية لرحلة مغامرات فريدة بسرايدي
وصول الرحلة إلى محطة سرايدي هي بداية لمغامرة أخرى، لاكتشاف مدينة سرايدي الجميلة، فالمحطة قريبة من أهم المعالم السياحية، تستطيع ماشيا الوصول إليها في بضع دقائق، أو استخدام وسيلة نقل، ففندق المنتزه الذي يعد من أشهر الفنادق في الجزائر بتصميمه المعماري الفريد، على مسافة قريبة حيث يتيح الاستمتاع بالمناظر وجلسات الاسترخاء، و يتوفر على دراجات نارية رباعية الدفع، لنادي خاص مختص بمغامرات اكتشاف أدغال سرايدي، ناهيك على تواجد نادي الطيران الشراعي الناشط بأعالي شاطئ جنان الباي التابع لسرايدي، أيضا المركز الرياضي للنخبة «كرابس» قريب من محطة المصعد و هو مفتوح للزوار، يتوفر على مقاه ومطاعم وصالات لعب وغيرها من المرافق، كما تشتهر سرايدي بمقاه ثقافية ومطاعم متخصصة في تقديم الأطباق التقليدية المحلية، من الشخشوخة والبوراك العنابي، وغلال البحر.
التونسيون أكثر السياح و الزوار توافدا
أفاد مدير المصعد الهوائي بعنابة داودي سيد علي في لقائنا بالمحطة، بأن المصعد حقق أرقام توافد قياسية وصلت إلى 3 ألاف راكب في اليوم الأول الجمعة الماضي، ليرتفع العدد إلى 4 ألاف في اليوم الثاني، وكان بالإمكان تحقيق أرقام أكبر، في حال تمديد وقت العمل المحدد بالتوقف في الثامنة مساء، لاحتياطات تتعلق بحماية وسلامة الركاب، مشيرا إلى أن نشاط المصعد يبدأ في الثامنة والنصف صباحا، و تسجل أوقات الذروة في الرابعة مساء، داعيا في هذه الفترة من تزايد الاقبال في فصل الصيف، إلى الالتزام بالوقت في الفترة المسائية، مع اقتراب موعد التوقف.
وذكر دوادي، بأن إدارة المحطة تسجل انطباعات جيدة يوميا، خاصة مع تسجيل إقبال هائل للزوار من مختلف ولايات الوطن، كما يسجل السياح التونسيون حضورهم بقوة، حيث يفضلون عيش تجربة ركوب التليفريك، لعدم توفر هذه الوسيلة بتونس. وأضاف محدثنا بأن وكالات سياحية اتصلت بهم من أجل تنظيم رحلات انطلاقا من المصعد، وإدخالها ضمن المسارات السياحية باتجاه سرايدي، حيث سيتم عقد اتفاقيات في هذا الشأن.
وحسب ذات المسؤول، فإن الخط يتوفر على 33 عربة تعمل من عنابة إلى سرايدي على مسافة 4 كلم، كما خصص يوم الأحد للصيانة، أين يتوقف المصعد عن العمل، بهدف ضمان استمراريته في النشاط. ويرتقب أيضا تغيير توقيت العمل بمناسبة الدخول الاجتماعي، للتكيف مع حركية الطلبة في الجامعة وكذا الموظفين لتسهيل تنقلهم.
التركيز على تعزيز سلامة المصعد الذي دشن سنة 1986
وتابعت مصالح ولاية عنابة، أشغال إصلاح المصعد المتوقف منذ تاريخ 24 جانفي 2019 بسبب الانهيار الذي وقع على مستوى الأعمدة بمرتفع سرايدي، كونه وسيلة نقل حيوية، تعد المنفذ الوحيد لسكان سرايدي، خلال الاضطرابات الجوية في فصل الشتاء، بالإضافة إلى أنها سريعة وأقل تكلفة مقارنة بوسائل النقل شبه الحضري، مع وجود أزمة نقل من وإلى سرايدي في أوقات الذروة، كما قدمت ولاية عنابة إعانة مالية بقيمة 54 مليار سنتيم لإعادة تأهيل و صيانة المصعد.
و وفقا لمصادرنا فإن أشغال إصلاح خط سير عربات التليفريك الرابط بين بلديتي عنابة و سرايدي، شملت التركيز على تعزيز سلامة المصعد عبر طول مسار الأعمدة المثبتة على مسافة 4 كلم، حيث سقطت بعض الأعمدة جراء اضطراب الجوي، كان سببا في توقف المصعد.
وحسب مديرية النقل، فإن تأخر عملية إنهاء أشغال الإصلاح، يعود إلى إعادة النظر في جميع المعدات وكذا المسار، وتجديد الأعمدة، بهدف إصلاحه بشكل شامل ونهائي، وعدم التركيز على إصلاح الأضرار الناجمة على الانهيار الذي وقع، كون العمر الافتراضي للمصعد انتهى، حيث دشن في سنة 1986.
ح. د

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com