السبت 26 جويلية 2025 الموافق لـ 30 محرم 1447
Accueil Top Pub

عناق الطبيعة الساحرة والبحر يستقطب الباحثين عن الهدوء: شاطئ "تمنارت".. يستعيد عشاقه من مختلف الولايات


تعتبر شواطئ القل بولاية سكيكدة، قبلة مفضلة لعشاق المغامرة والباحثين عن هدوء المناطق العذراء، والمناظر الطبيعية الخلابة، فالمزيج بين الجبل و البحر الذي تتمتع به هذه الشواطئ على غرار شاطئ " تمنارت" الشهير يجعلها مميزة جدا، لأنها توليفة ترسم لوحة تجمع بين الزرقة والخضار، ناهيك عن نقاء الهواء في المنطقة التي تستقطب العديد من الزوار اليوم، طلبا للعزلة الجميلة بين أحضان الصخور، للتمتع بدفء الرمال النقية، وانعكاس أشعة الشمس على المياه التي تتلألأ صفاء.

روبورتاج: حاتم بن كحول

مسابح كبيرة تتوزع على الخريطة بين المدينة وحدود جيجل
تشتهر مدينة القل، بشواطئها الهادئة المتميزة بجمالها الطبيعي والتي تتخفى بين الجبال في شكل مسابح كبيرة متفرقة على طول الشريط الساحلي، ومن أشهرها شواطئ "بن زويت"، و"تلزة"، و"عين الدولة"، و"تمنارت"، و"مرسى زيتون"، و"الخرايف" وصولا إلى شواطئ ولاية جيجل الحدودية.
وتعتبر هذه المناطق قبلة للعديد من العائلات التي تفضل الهدوء على صخب الشواطئ المعروفة بالإقبال الكبير للمصطافين، خصوصا في فصل الصيف، فرغم صعوبة الوصول إلى الأماكن المذكورة إلا أنها تنجح دائما في إغراء الزوار.
زارت "النصر" شاطئ "تمنارت" الهادئ، وقد انطلقت رحلة إليه من وسط مدينة القل، مرورا بشاطئ "عين الدولة" أو كما يسمى بالنسبة للسكان المحليين "بحر النساء"، لأنه كان قبلة لنساء المنطقة.
يعرف هذا الشاطئ بالإقبال الكبير للمصطافين سواء من خارج المدينة أو من سكانها، خاصة وأنه يقع في وسط المدينة، ويسهل بلوغه.
لاحظنا عند توقفنا في المنطقة، أن محيط الشاطئ رغم تواجده في وسط المدينة، إلا أنه لا يعرف اكتظاظا كبيرا سواء بالنسبة لحظائر المركبات القريبة منه، أو عدد الأشخاص المتواجدين على الرمال. وقد بدت مساحته موزعة على مناطق خاصة في شكل شواطئ متفرقة يشترط مسيروها استئجار المظلات والكراسي، إلى جانب مساحات أخرى عمومية للعائلات التي تفضل جلب معداتها و اختيار المكان المناسب للجلوس.
يوفر شباب المنطقة كذلك، بعض وسائل ترفيه موجهة للمصطافين على غرار القوارب ذات محرك، أو قوارب بدواسة "بيدالو"، مع وجود أكشاك قريبة ومحلات للإطعام، ومرافق خدماتية مختلفة كالمراحيض والحمامات.
عزلة مقصودة بين أحضان الجبال
توجهنا بعدها إلى شاطئ "تمنارت" الواقع أعلى جبل شاهق، ويتطلب الوصول إليه السير عبر طريق ضيق يستعمل في الاتجاهين ذهابا وإيابا، بداية من مخرج وسط المدينة شمالا، عبر مسلك يمر وسط سكنات فردية.
لن يتوقع المار بمحاذاة هذا الطريق الصغير أنه يوصل إلى عدة شواطئ أخرى، فلولا العشرات من المركبات التي تسلكه سيكون من الصعب التكهن أن هناك جنة سياحية على بعد كيلومترات قليلة.
شد انتباهنا العدد الكبير من السيارات التي تتزاحم عند المدخل الضيق، تحمل ترقيم عدد من الولايات الشرقية على غرار قسنطينة، ميلة، أم البواقي، باتنة، بسكرة، قالمة وحتى من العاصمة.
كانت المناظر تزداد جمالا كلما توغلنا في الجبل، وكلما زاد ارتفاع المكان أكثر، كما بات الهواء أنقى وأخف وزادت قدرتنا على استنشاق الأكسجين بشكل أفضل، أما عند القمة فقد كان المشهد بانوراميا، بدت شواطئ القل في شكل حلقات مترابطة زاهية الألوان زادتها الجبال الخضراء المحيطة بها جمالا.
كانت الرحلة ممتعة جدا رغم أن الطريق ضيق جدا ولا يستوعب في كثير من الأحيان مرور مركبتين في نفس الوقت، إذ غالبا ما يضطر أحد السائقين للتوقف كي تمر المركبة التي في مواجهته وبعد السير لمدة تقارب 25 دقيقة صعودا، وصلنا إلى وجهتنا مع أننا ضيعنا فرصة التوجه نحو الشاطئ الأول، لانعدام لافتات تشير لمكانه.
على بعد أمتار من الشاطئ "تمنارت 02"، مررنا على جسر صغير يمر على مياه عذبة قادمة من الشرق، كان الوادي مكتظا بالناس، حيث جلست النساء على الكراسي وانشغل الصغار باللعب بين الجري في الغابة و السباحة في المياه المنعشة.
علمنا من أحد السكان، أن مياه الوادي عذبة تصب من شلال صغير يقصده المئات من المصطافين يوميا.
لوحة رسام
في طريقنا إلى شاطئ "تمنارت"، واجهنا صعوبة في إيجاد حظيرة لركن المركبة، ذلك لأن المنطقة لا تتوفر سوى على حظيرة صغيرة بالكاد تستوعب 10 سيارات، فاضطررنا للركن على حافة الطريق حالنا حال العشرات من المركبات الأخرى.
بعد المشي لأمتار قليلة وصلنا إلى شاطئ شدنا جماله من أول نظرة، فتواجده بين جبلين كبيرين صنع مشهدا طبيعيا نادر الحدوث، امتزج فيه جمال الجبال الخضراء وأشجارها الكثيفة بزرقة المياه العذبة، و اللون الذهبي للرمال فيما يشبه لوحة رسام.
وطئنا الشاطئ الذي كان منظما من خلال اعتماد أماكن خاصة وأخرى عامة، توفر الفضاء القريب على مطعمين لتقديم الوجبات السريعة ومرحاض مجاني، مع ذلك كانت الخدمات الأخرى منعدمة وهي نقطة سلبية في التجربة ككل، خصوصا وأن التغطية بشبكة الهاتف منقطعة كليا.
ولكن في المقابل لاحظنا أن الشاطئ منظم ونظيف، مقسم بشكل آلي بين العائلات التي اختارت الرمال، و الشباب الذين فضلوا التوجه إلى جانبيه للسباحة بين الصخور.
يتميز هذا الشاطئ الجميل الهادئ بمياه صافية، حتى إن الواقف وسط مياهه يمكنه رؤية قدميه بكل سهولة وكأنها مرآة عاكسة.
يوفر شباب من المنطقة قوارب ذات محرك تنقل بعض المصطافين إلى شواطئ محاذية معزولة نوعا ما قيل لنا إنها قبلة مفضلة لمحبي المغامرة، كما يمكن للزوار الاستمتاع فقط بجولة في القارب واكتشاف المنطقة الطبيعية الخلابة التي يحفها الجبل من كل صوب ما يوفر مساحات ظل كثيرة تغني المصطافين عن الشمسيات وتغريهم بالبقاء في الماء طويلا.
يربط بين الشاطئ رقم 02 و الشاطئ الأول، كهف صغير وسط الجبل تحيط به صخور يجتازها كل سباح راغب في الانتقال إلى الجهة الأخرى، وهي تحفة سياحية نادرة كان العديد من الشباب يستمتعون بتوثيق روعتها من خلال التقاط الصور، السباحة في مياه الكهف الباردة والصافية.
منطقة خلاّبة بحاجة إلى تهيئة و خدمات
أخبرنا مصطافون تحدثنا إليهم، أن الشاطئ من أجمل الشواطئ في مدينة القل وحتى سكيكدة، حيث علق شاب من قسنطينة بأنه يقصد المكان منذ أزيد من 15 سنة، كونه متعلقا به ولا يمكنه تغيير وجهته في الصيف، رغم اعترافه بتدهور المنطقة من سنة إلى أخرى، بسبب انعدام مشاريع التهيئة على غرار شبكة الطرقات المهترئة والضيقة، وعدم وجود الإشارات التوجيهية، إضافة إلى غياب تام لحظائر الركن.
قال واحد من أبناء المدينة، إنه يعتبر "تمنارت" أفضل شاطئ على المستوى الوطني، بفضل جماله الكبير وموقعه الرائع وسط الجبال، معترفا أن الخدمات محدودة جدا، خاصة من ناحية توفر المطاعم والمراحيض وبقية المرافق الضرورية، متحدثا كذلك عن انقطاع شبكة الهاتف ما قد يكون مزعجا للبعض خصوصا العائلات.
كما أكد رب عائلة، مقيم في إحدى الشقق المطلة على هذا الشاطئ، أنه تعود على الاستمتاع بتلك المناظر الساحرة، خاصة وأن سكنه يقع أعلى الجبل المقابل، لكن المتعة تخف ليلا حسبه لانعدام الإنارة العمومية وأماكن الترفيه، موضحا أنه يضطر في الكثير من الأحيان إلى التنقل إلى وسط المدينة لقضاء وقت ممتع مع عائلته رغم خطورة الطريق الضيق المعروف بالمنحدرات الحادة.
مشاريع مستقبلية لتهيئة الشواطئ البعيدة
وأكد مدير السياحة والصناعات التقليدية بولاية سكيكدة، زوبير بوكعباش، أن الفترة الحالية تعتبر فترة الذروة من حيث توافد عدد السياح، موضحا أن ولاية سكيكدة حضرت لها من حيث التموين والمسالك والوسائل الإلكترونية والمسارات السياحية.
وقال، إن الهدف الأول هو تحسين الخدمات السياحية، خصوصا في ظل عزلة بعض الشواطئ البعيدة الخلابة والساحرة، مشيرا إلى وجوب برمجة مشاريع تهيئة تمس الطرقات، وكذا إنشاء مرافق خدماتية لفائدة المصطافين والزوار.
وأوضح، أنه تمت برمجة عدة مشاريع مستقبلية ستمكن من تحسين التجربة السياحية حتى بالنسبة لبعض الشواطئ المعزولة كليا و التي يتطلب بلوغها ركوب القوارب، خصوصا وأن التوافد عليها سيتواصل إلى غاية شهر أكتوبر كما جرت العادة، لأنها عبارة عن خليج بمياه صافية ونظيفة، ناهيك عن الهدوء الذي تتمتع به.

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com