تعيش العائلة الرياضية بولاية قالمة هذه الأيام على وقع حدث كروي بارز، يتمثل في «دوري متميزون»، والذي يعد من النشاطات التي تنظمها الجمعية الولائية الشبانية متميزون، لكنه أصبح من «تقاليد» الولاية، إلى درجة أنه تحول من نشاط رياضي «جواري» إلى منافسة شبه «رسمية» بطابع «ولائي»، لما يستقطبه من متابعة جماهيرية، فضلا عن المشاركة المميزة للاعبين من مختلف الأقسام، من بينهم حتى من يلعب في الرابطة المحترفة، دون تجاهل الجانب التنظيمي، والنجاح الكبير الذي تعرفه هذه المنافسة، مع احتفاظها بالكثير من «الخصوصيات»، والتي ساهمت في وضع بصمات اللجنة المنظمة بصورة جلية، لأن المتابعة المستمرة لهذه التظاهرة كانت كافية لتوثيق لائحة أبطال «الدوري»، مع التكريمات الفردية لكل طبعة، من هدافين وأحسن لاعب.
وصنعت النسخة السابعة من «دوري متميزون» الاستثناء من حيث التنظيم، لأنها المرة الأولى التي قرر طاقم الجمعية الخروج من عاصمة الولاية، واختيار ملعب جواري على مستوى إحدى البلديات لاستضافة الحدث، مادامت المشاركة أصبحت ولائية، وعليه فقد قامت الجمعية بتشكيل لجنة تكفلت بمعاينة الملاعب الجوارية لبعض البلديات، ليقع الاختيار في نهاية المطاف على بلدية مجاز عمار، التي تبعد عن مدينة قالمة بنحو 14 كيلومترا، والتي نالت شرف استضافة الطبعة السابعة، لما تتوفر عليه من شروط، انطلاقا من الملعب الجواري المحاذي للطريق الوطني رقم 20، والذي به مدرجات، كما أن أرضية الميدان جد رائعة، دون تجاهل الفضاءات التي تسمح للمتفرجين بالاستفادة من كل الخدمات المقترنة بالإطعام والراحة، وهي معايير كانت كلها وراء هذا الاختيار.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس الجمعية محمد الصالح ظافري، الحكم الفيدرالي السابق، والرئيس الحالي للجنة الجهوية للتحكيم على مستوى الرابطة الجهوية لكرة القدم عنابة، بصفته عضوا في المكتب التنفيذي لذات الهيئة، بأن احتواء سلطات بلدية مجاز عمار وكل ساكنة المنطقة مشروع استضافة الطبعة السابعة من «دوري متميزون» تجلى في الترتيبات التي سبقت موعد إعطاء إشارة انطلاق المنافسة، لأن المساهمة الكبيرة في حملة التنظيف التي كانت في محيط الملعب كانت ـ حسبه ـ «بمثابة المؤشر الأولي على أن الدورة ستكون ناجحة، لأن فكرة نقل الدورة إلى إحدى البلديات كانت قد طرحت قبل سنوات من طرف رئيس نادي جيل مجاز عمار قدور صوادقية، الذي عرضها علينا، لكن تجسيدها ميدانيا تأخر إلى غاية سنة 2025، لأننا كمنظمين سعينا إلى كسر قاعدة «مركزية» التنظيم، وحصره في مدينة قالمة فقط، مادامت دائرة المشاركة قد اتسعت، والجمعية بطابعها الولائي أصبحت قبلة الشريحة الشبانية من كل بلديات الولاية».
وما أن دقت ساعة الحقيقة، حتى اتضحت معالم المكانة الكبيرة التي تحظى بها هذه المنافسة في الساحة الرياضية القالمية، لأن «الاحترافية» كانت في مراسيم عملية سحب القرعة، في وجود مدير فني يسهر على متابعة وتنظيم المنافسة منذ النسخة الأولى، ويتعلق الأمر بالتقني نور الإسلام حسني، الذي يقف على كل الجزئيات المقترنة بالمباريات، من اختيار أحسن لاعب في اللقاء، إلى تتبع لائحة الهدافين، وهي التفاصيل التي تشرف خلية الإعلام على توثيقها عبر الصفحة الرسمية، من خلال متابعة آنية، بالصور و«الفيديوهات»، كما أن المتابعة الجماهيرية تبقى «قياسية»، لأن الملعب الجواري لمجاز عمار، أصبح القبلة التي تحج إليها العائلة الرياضية القالمية كل مساء، من أجل متابعة 3 لقاءات يوميا، وهذا تحت الأضواء الكاشفة، الأمر الذي يزيد من «جمالية» المشهد، بصرف النظر عن المستوى الفني للمنافسة، في وجود العديد من الأسماء المعروفة وطنيا ضمن قوائم الفرق، لأن زعلاني، خمايسية، بن يحي، بن عبدة، قايدي، بوعافية، برباش، هضام، سياب، مخالفة وهديبلي، من منشطي المنافسة في هذه الطبعة، إضافة إلى أغلب لاعبي أندية ولاية قالمة، سواء من الترجي أو نصر الفجوج وحتى من اتحاد سدراتة، والذين سجلوا انخراطهم في كل الفرق، سيما وأن أولمبي بومهرة، اتحاد بلخير، جيل مجاز عمار، شباب هيليوبوليس، نجم تاملوكة ونصر الفجوج فضلت المشاركة في هذه الطبعة بتعداد يشكل نواتها الأساسية في المنافسة الرسمية، مما ساهم بشكل مباشر في الرفع من مستوى البطولة، كما أن «نادي أدرينالين»، والذي يعتبر من المنشطين التقليدي لدوري «متميزون» حافظ على نفس تركيبته، والتي تتشكل بالأساس من لاعبي ترجي قالمة للموسم المنقضي، ولو أن لجنة التنظيم ظلت وفية لعادتها، في الشق المتعلق بالتحكيم، وذلك بالاعتماد على حكام مهيكلين، على اختلاف درجاتهم في السلك، الأمر الذي أفضى إلى دوري مميز طبعا، لا يختلف كثيرا عن المنافسة الرسمية.
واللافت للانتباه أن «دوري متميزون 2025»، يجرى بمشاركة 32 فريقا، يمثلون 11 بلدية من إقليم ولاية قالمة، وهي مجاز عمار، بومهرة، عين حساينية، هيليوبوليس، الفجوج، بوعاتي محمود، لخزارة، بلخير، حمام دباغ وتاملوكة، إضافة إلى عاصمة الولاية، لكن المتابعة الجماهيرية تبقى بنطاق أوسع، لأن هذه المنافسة تحظى بإقبال جماهيري قياسي، جعلها تسرق الأضواء، وتساهم بشكل كبير في كسر الروتين في فترة ركون البطولة الرسمية إلى الراحة، في ولاية تبقى تتنفس برئة كرة القدم، لكن النسخة السابعة من هذا الدوري ستبقى تحتفظ بكل أسرارها إلى غاية المشهد الختامي المقرر في نهاية جويلية الجاري، سيما وأن رحلة بطل الطبعة الماضية، فريق «السرب الأسود» في الاحتفاظ بلقبه لن تكون سهلة، في وجود فرق كانت قد قدمت أوراق اعتمادها مبكرا للتتويج باللقب، كما أن هذه المنافسة تبقى منذ نسختها الأولى، والتي كانت في سنة 2018، تحتفظ بميزة ظفر فريق جديد بالتاج، ولائحة الأبطال تضم حاليا 6 فرق، ويتعلق الأمر بكل من بومهرة أحمد، أدرينالين قالمة، وادي المعيز سيتي، أولمبي قلعة بوصبع، مشعل قالمة والسرب الأسود، وهذا بعد المرور عبر 5 ملاعب جوارية، ومحطة مجاز عمار هي السادسة من حيث الملاعب في مشوار «دوري» يبقى بطابع «جواري»، إلا أنه ميدانيا أصبح ببعد «ولائي».
صالح فرطاس