تتزايد ظاهرة التضليل البيئي من طرف الشركات والمؤسسات للمستهلكين، وذلك استجابة لضغوط بشأن معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وتقديم تقارير الاستدامة بشكل مستمر من قبل الحكومات. و يبقى الأمل في خفض الانبعاثات الكربونية مرهونا بمدى صدق نوايا فاعلين يشكلون السبب الرئيسي في زيادة الاحتباس الحراري.
إعداد: إيمان زياري
التضليل البيئي في وجه معالجة تغير المناخ
وتصنف هيئة الأمم المتحدة التمويه الأخضر كأحد أكبر العقبات أمام معالجة تغير المناخ، إذ يروج لحلول زائفة لأزمة المناخ، تصرف الانتباه عن اتخاذ إجراءات ملموسة وذات مصداقية، وذلك من خلال تضليل الجمهور للاعتقاد بأن شركة أو كيانا آخر يجتهد أكثر لحماية البيئة، بينما يقوض أو يعيق الغسل الأخضر الجهود الجديرة بالثقة للحد من الانبعاثات ومعالجة أزمة المناخ.
واستجابة لتزايد التمويه الأخضر في التعهدات بتحقيق صافي الانبعاثات الصفري، أنشأ الأمين العام للأمم المتحدة فريقا من الخبراء كلف بوضع معايير أقوى وأكثر وضوحا بشأن تعهدات الشركات والمؤسسات المالية والمدن والمناطق، أين حدد فريق الخبراء في تقريره "النزاهة مهمة" عبر 10 توصيات بشأن تقديم تعهدات موثوقة وخاضعة للمساءلة.
من جانبها أصدرت محكمة العدل الدولية بداية الأسبوع الجاري رأيا صنف بالتاريخي، حيث ألزمت الدول بالعمل من أجل التصدي لتغير المناخ، عبر تنظيم الشركات التي تنبعث منها غازات الاحتباس الحراري، وهو رأي صدر بالإجماع في المحكمة مما منحه أقصى سلطة.
وقد تم الاتفاق على ضرورة خفض الانبعاثات بأسرع وقت ممكن وبأكبر قدر ممكن، والتكيف مع آثار تغير المناخ، وكذا دعم الدول النامية من خلال التمويل والالتزامات بالتعويض والتوقف في حال وقوع انتهاكات، والحق في بيئة صحية والاعتراف بالأجيال القادمة.
خضرة زائفة بأوجه متعددة
وتتعدد أوجه الغسل الأخضر، بحيث نجده في السيارات الخضراء التي تعتمد في الحقيقة على الوقود الأحفوري، والتقنيات الخضراء التي تستهلك مراكز بياناتها أضعافا من الطاقة، ليزيد بذلك خطر التوظيف المفرط للخطاب الأخضر دون مساءلة أو نتائج فعلية، ما يضعف ثقة المستهلك في المصطلحات البيئية، ويفرغ بعض المفاهيم من معانيها مثل مفهوم "المسؤولية البيئية للشركات"، كما يعيق قدرة السوق على التحول نحو خيارات أكثر استدامة.
الخبيرة البيئية صليحة زردوم
الجهات الرقابية مطالبة بالعمل أكثر لكشف الدعاية الكاذبة
قالت المهندسة البيئية والمفتشة المحلية المتخصصة في التنمية المستدامة، صليحة زردوم، إن التضليل البيئي أو الغسل الأخضر يعتبر سياسة تلجأ إليها الشركات من أجل الترويج و التسويق لمنتجاتها عبر الإدعاء، كالاعتماد على عبارة "صديق للبيئة"، "طبيعية 100 بالمائة" أو "خالية من مواد كيميائية".
والهدف حسبها، تضليل المستهلكين والإدعاء لزيادة المبيعات وتحقيق أرباح مالية، ما يعني تجميل صورة الشركات الملوثة بطريقة مزيفة ومبالغ فيها، دون الالتزام بالأهداف المناخية أو المعايير البيئية.
كما أوضحت الخبيرة، أن اتفاقية باريس التي تعد الإطار الدولي للقانون الخاص بالحد من انبعاثات الغازات الحرارية وتحقيق الأهداف المناخية، طالبت الدول بالحفاظ على درجة حرارة الأرض أقل من 2 درجة مئوية. إلا أن العديد من الشركات تختبئ خلف شعارات كاذبة دون أن تلتزم بمحتوى الاتفاقية.
وعكس ذلك، ترى الخبيرة أن هذه الشركات تعرقل تنفيذ الاتفاق، معتبرة أن الالتزام به يتأرجح بين الوعود الإعلامية والواقع غير المطابق، وهو ما كشفته تدقيقات بيئية خاصة أثبتت التزام قلة قليلة من الشركات، بينما تبين أن خطاب الغالبية مجرد خدعة تجارية هدفها ربحي، وأن نشاط هؤلاء المتعاملين بعيد كل البعد عن الأهداف المناخية خاصة بالنسبة للشركات العالمية كثيرة الانبعاثات، وذلك رغم توظيفها لمصطلحات مثل "الكربون المحايد" أو "صفرية الانبعاثات" للتملص من ضغوطات هيئات الدولية.
تلاعب بالمصطلحات
وفيما يتعلق بمدى مصداقية المنتجات الصديقة للبيئة، ترى الأستاذة زردون، أن استعمال مصطلحات "عضوي"، "صديق للبيئة"، "قابل للرسلكة" أو "مستدام" وغيرها من المفاهيم البيئية، مغر بالنسبة للمهتمين بالبيئة لكن هذه الكلمات غالبا ما تستعمل في الدعاية فقط ولا تخضع عادة للتدقيق الحقيقي.
من جانب آخر، انتقدت المتحدثة، نقص أو غياب عملية التفتيش البيئي من طرف الجهات المعنية على مستوى الشركات المنتجة، وقالت إن العديد من المؤسسات تخضع لتفتيش بيئي وفق برامج أو حتى زيارات فجائية مما يسهل الوقوف على مدى التزامها بالتوصيات البيئية، مثل ترشيد استهلاك الماء وتحديد طبيعة المواد الأولية أو الصناعية الأخرى، وخفض انبعاث الغازات.
وقالت، إن الرقابة الجادة تشكل ضغطا يجبر المؤسسات على الالتزام بالمعايير البيئية، مشيرة إلى إحدى الشركات الدولية التي حاولت الادعاء بأن سيارتها صديقة للبيئة ومنخفضة الانبعاثات، ليكشف تقرير بيئي لاحق أنها تصدر ملوثات عالية، وقد تمت متابعتها قضائيا على مستوى العديد من الدول.
كما تحدثت عن كبسولات القهوة التي تسوق على أنها قابلة للتدوير، لكن الكثير من الدول التي تستهلكها لا تتوفر على مراكز خاصة برسكلتها.
المعايير والشهادات الدولية كفيلة بكشف التضليل البيئي
وللتقليل من الإدعاءات الكاذبة والتضليل البيئي، تتحدث الخبيرة عن جملة من المعايير والشهادات الدولية المعتمدة للمنتوجات والشركات، منها شهادة "إيزو 14000"، وهي برامج التأثير البيئي للمنتوج منذ تاريخ إنتاجه إلى غاية نهاية صلاحيته، وكذا معيار الملصقات "إيزو 14024" و"إيكولابل" وهي شهادات بيئية دولية معتمدة، تساهم في الحد من الإدعاءات الكاذبة والمضللة.
وتحدثت الأخصائية عن وجود برامج في الجزائر يشرف عليها المعهد الوطني للتقييس، الذي يضمن هذه الشهادات لكون الجزائر عضوا في المنظمة الدولية "إيزو". مؤكدة أنه ليس من الصعب على الجزائر كشف الإدعاءات الكاذبة، كما أن الأمر يتيح فرصة لتشجيع الشركات الوطنية والخاصة على تحسين أدائها البيئي في جميع المراحل سواء كانت على المستوى المحلي أو عند تصديرها.
القطاع الصناعي والانبعاثات الصفرية
وترى المهندسة، أن القطاع الصناعي يواجه تحديا كبيرا لتحقيق الانبعاثات الصفرية، واصفة إياه بالمثقل بالأهداف الخاصة والأهداف الإنمائية المستدامة، إلا أن الحلول تتطلب حسبها استثمارات كبرى وتكنولوجيات متطورة منها المتاح والصعب، فضلا عن معايير المحاسبة التي تطورت بشكل كبير.
موضحة أن 29 بالمائة من الانبعاثات العالمية ناتجة عن القطاع الصناعي، مع ذلك يسجل توجه كبير لإيجاد حلول من قبل شركات سلكت طريق البحث العلمي لطلب البدائل، والتحول إلى الطاقات النظيفة، وهو مسار الاقتصاد الأخضر وفق تقنيات الاستدامة.
وأكدت الخبيرة، أن تحقيق الاستدامة على مستوى الشركات يعتبر أمرا ممكنا جدا وحلا للكثير من المشاكل التي تعاني منها الشركات، إلا أنه يتطلب مجهودات واستثمارات لتحسين أداء الشركات وفق مبادئ وطنية تحترم فيها القوانين الداخلية وكذا الاتفاقيات الدولية العالمية، على غرار الالتزام بالشفافية والاستدامة البيئية، وهي مبادرات طوعية تحترم فيها معايير العمل ومعايير مكافحة الفساد على غرار "الغلوبل كومباكت" وهو ميثاق الشركات العالمية.
دور جمعيات حماية المستهلك في كشف التضليل البيئي
وأكدت المتحدثة، أن جمعيات حماية المستهلك تلعب دورا مهما وحيويا في كشف التضليل البيئي وحماية صحة المستهلك، وتقع عليها مهمة التحقق من مطابقة المنتوجات المعلن عنها للمعايير، وبالتالي يمكنها التصدي لهذه المخالفات وكشف الإعلانات البيئية الكاذبة، فضلا عن توعية المستهلك بحقوقه. مضيفة أنها تضمن حق المستهلك في المعلومات الصحيحة لاختيار المنتوج الأكثر استدامة فعليا.
ودعت الخبيرة، للالتزام البيئي الحقيقي والمستدام للجميع، من خلال المطالبة بالشفافية والمساءلة للشركات، ودفعها لاحترام مسؤوليتها البيئية والصحية، وكذا تعزيز الوعي وتشجيع الشفافية، وفرض التشريعات الصارمة، ومحاسبة الشركات التي تمارس التضليل البيئي، ما يساهم في حماية المستهلك ويعزز الجهود العالمية لتحقيق أهداف الاستدامة البيئية والاجتماعية.
مديرة المعهد الوطني للتكوينات البيئية حياة عاشور
العلامة البيئية فاصل في قضية الغسل الأخضر
أكدت مديرة المعهد الوطني للتكوينات البيئية، الأستاذة حياة عاشور، أن الجزائر تتجه نحو تبني سياسة بيئية جادة في التعامل مع مختلف الشركات والمؤسسات، سواء على المستوى المحلي، أو تلك المتجهة نحو التصدير من خلال فرض ما يعرف بالعلامة البيئية، وكذا عقوبات صارمة على كل منتج يضر بالبيئية.
وقالت إن مواجهة التلوث البيئي والتهديدات المناخية التي حددتها اتفاقية باريس، تشكل أساسا لبناء توجه جديد في التعامل مع مختلف الشركات، موضحة أن هنالك لجانا ولائية متخصصة مشكلة من ممثلين عن وزارة البيئة، والتجارة، والصناعة، والصحة، مهمتها تكمن في دراسة مختلف المشاريع المقترحة قبل منح رخص الاستغلال.
وأكدت عاشوري أنه تم تنصيب لجان خاصة تعمل وبشكل مكثف خلال فصل الصيف لمراقبة مدى احترام المعايير البيئية في المنتجات، مشيرة في ذلك إلى قضية النفايات التي يجب معالجتها داخل المؤسسة قبل طرحها في الطبيعة أو إعادة استغلالها، وإلا يواجه المسؤولون عقوبات صارمة تصل إلى حد الغلق، وهي خطوة أثمرت نتائج جيدة فيما يتعلق بالنفايات الناتجة عن المؤسسات والشركات الصناعية، خاصة في ظل حالة التلوث التي تطال الوديان والبحر.
لا نشاط صناعي دون العلامة البيئية
وأوضحت المتحدثة، أن وزارة الصناعة دخلت في شراكة مع وزارة البيئة، بهدف ضبط طريقة عمل لتسهيل عملية التصدير، من خلال فرض العلامة البيئية على كافة المؤسسات، واحترام المعايير البيئية الدولية لضمان تصدير المنتجات نحو الخارج. و أكدت أن أي مؤسسة ترغب في التصدير تكون ملزمة باحترام المعايير البيئية وتطبيق ما جاء في اتفاقية باريس.
وأكدت عاشوري، أن الالتزام بالبيئة لم يعد خيارا بالنسبة للمؤسسات، بل حتمية تفرضها قوانين صارمة وعقوبات على كل من يتعداها في شكل إعذارات بالغلق أو غرامات مالية.
وأضافت أن أي تضليل من شأنه أن يلحق أضرارا كبيرة بالبيئة والكوكب، وعلى كل مؤسسة ترغب في دخول السوق الدولية أن تكون سباقة في احترام المعايير البيئية، متحدثة عن عدة شركات ظلت منتجاتها في المخازن بسبب عدم احترامها للمعايير البيئية، بداية بالمادة الأولية وصولا إلى مواد التغليف التي يشترط أن تكون قابلة للتحلل خلال وقت محدد.
وعلى الرغم من اعترافها أن إلزام الشركات باحترام الشق البيئي من حيث منتجاتها يعتبر أمرا جديدا، إلا أن عدة مؤسسات كبرى في الجزائر تساهم حسبها، في التقليل من آثار التلوث بطرق مختلفة، من خلال دعم المشاريع البيئية الكبرى كالسد الأخضر.
كما أشارت إلى مادة الزجاج التي يتم إعادة تدويرها كليا في الجزائر والبلاستيك كذلك.
إ.ز
بطل أولمبياد نشاطات الشباب منصف صحراوي
هكذا سنحول البلاستيك إلى مادة نفعية صالحة للطباعة الثلاثية
اختير مشروع الطالب بجامعة سطيف منصف صحراوي، كأحسن فكرة بيئية مبتكرة ضمن منافسات أولمبياد نشاطات الشباب بسطيف، ذلك لأنه يساعد على حل معضلة الرمي العشوائي للقارورات البلاستيكية في المحيط الطبيعي والتي باتت اليوم من المشاكل الرئيسية المؤذية للبيئة، خصوصا في فصل الصيف أين يكثر استهلاك المياه والتخلص منها في المناطق الغابية أو التي تحتوي على حشائش، ما يشكل سببا في اندلاع حرائق تضر الغطاء الأخضر، كما تعتبر القارورات عنصرا ملوثا لشواطئ البحر والأماكن العامة.
يقف شباب أصحاب مشاريع مبتكرة في وجه آفة الرمي العشوائي للنفايات البلاستيكية محاولين السيطرة عليها وتنظيم التعامل معها، مقترحين أفكارا تعود بالفائدة على البيئة فضلا عن قيمتها المجتمعية والاقتصادية، وهو الحال مع منصف غلام الله علي صحراوي رئيس النادي العلمي "فيوتر سبايس" بجامعة فرحات عباس سطيف 01.
منصف صاحب مشروع ورشة مصغرة لرسكلة القارورات البلاستيكية وتحويلها إلى خيوط للطباعة الثلاثية، توج مؤخرا بالمرتبة الأولى في أولمبياد نشاطات الشباب ضمن محور العلم والابتكار، فرع المجال البيئي والتنمية، المنظم بولاية سطيف، وقد أوضح للنصر، أن اهتمامه بحل مشكل الرمي العشوائي للنفايات البلاستيكية، نابع من وعيه بأن البيئة مسؤولية الجميع، وأنه على الطلبة تحديدا البحث عن سبل لمجابهة الظاهرة، وسلوكيات أخرى سلبية مثل النشاط الفوضوي لجمع القارورات البلاستيكية في الأحياء والشوارع، وما ينجر عن ذلك من إفراغ متعمد لحاويات القمامة بحثا عن البلاستيك، لتتحول طرقات وأرصفة إلى مكبات تنتشر فيها القمامة و الحشرات.
من قارورة مهملة إلى منتج نفعي
قال منصف غلام الله علي صحراوي، خريج معهد الهندسة المعمارية وعلوم الأرض، تخصص تهيئة الإقليم، بجامعة فرحات عباس، سطيف 01، إن المشروع عبارة عن ورشة مصغرة لرسكلة القارورات البلاستيكية وتحويلها إلى خيوط، من خلال جهاز بسيط وفعال يعمل على قطع وإذابة البلاستيك، ثم طباعة وإنشاء منتجات جديدة ذات قيمة، ويضيف، أنه يعتمد على تقنيات منخفضة التكلفة وسهلة التنفيذ، وذكر صحراوي، بعض المنتجات المستخرجة من هذه الخيوط مثل ألعاب تعليمية للأطفال، أصص نباتات، هدايا تذكارية، حامل مفاتيح، إلى جانب أدوات مدرسية، وقطع غيار بلاستيكية خفيفة، موضحا أن حجم المنتج يختلف باختلاف المقاييس.
ووفقا لصاحب المشروع، فإنه توصل إلى الفكرة بعد أن لاحظ الانتشار الكبير للقارورات البلاستيكية الفارغة في محيط الجامعة وببلديته كذلك، مردفا أن أغلبها تُرمى بطريقة عشوائية بالرغم من أنها تعد مادة قابلة للتدوير وإعادة التوظيف في صناعات أخرى. ولفت في هذا السياق، إلى أن الفكرة التي جاء بها تعد حلا عمليا يساهم في الحد من الرمي العشوائي لهذا النوع من النفايات، واسترجاع البلاستيك وتحويله إلى مادة ومنتوج جديد، ونشر ثقافة إعادة التدوير لدى الأفراد وفي المجتمع عموما.
ومن أجل التعاون المجتمعي خدمة للبيئة اقترح صحراوي، العمل على نشر عدد أكبر من الصناديق المخصصة لجمع القارورات البلاستيكية في الأحياء والمدارس، وتحفيز المواطن عبر حملات أين يشارك أطفال وطلبة في عملية الجمع، ناهيك عن تفعيل دور وسائل الاعلام في هذا الجانب، وربط المشروع بجمعيات بيئية لضمان ديمومة الجمع والتوجيه. كما نوه إلى وضع آلات تسمح للمواطن ببيع القارورات القابلة للتدوير بمبلغ رمزي كخطوة تحفيزية له.
قيمة بيئية واقتصادية
وبخصوص المعايير الصحية لألعاب الأطفال التي تخرج من الورشة أوضح المتحدث، أنهم يستخدمون قارورات ذات جودة معروفة بسلامتها النسبية، مثل المخصصة للمياه المعدنية، والمشروبات الغازية، والعصائر الموجهة للاستهلاك، تُسخن قبل التقطيع ثم تُعالج الخيوط الناتجة عنها بحرارة كافية تفوق 200 درجة مئوية للقضاء على البكتيريا، معقبا أنه في حالة تطوير المشروع مستقبلا، فإنهم سيعتمدون معايير أخرى في التعقيم والتغليف الصحي.
ويحمل المشروع وفقا لصاحبه، رؤية اقتصادية أيضا، حيث ذكر أنه درس عدة نقاط تخدم جوانب تقليل شراء خيوط الطباعة الصناعية مرتفعة الثمن، وتوفير مصدر دخل محلي من خلال بيع الخيوط أو المنتجات المطبوعة، زيادة على تقليل تكاليف المواد الأولية في الورش التكوينية والمدارس والمعاهد.
ويضيف، أنه عندما وضع أسس المشروع فكر في مشكلة البطالة أيضا وعقب أن الورشة بإمكانها استقطاب يد عاملة شابة لتشغيل الآلات والعمل في الصيانة والجمع و التعليب، وبالتالي توفير مناصب شغل في التصنيع، والتسويق والتوزيع. مشيرا إلى أن المشروع قابل للتوسيع مستقبلا ليتحول إلى نظام بيئي محلي للتدوير، يعمل به شباب من مختلف المستويات خصوصا في المناطق النائية. وعن مشاركته في أولمبياد نشاطات الشباب، قال المتوج بالمرتبة الأولى إنهم قيموا المشروع من ناحية الفكرة المبتكرة، وقدرته على الربط بين الجانب البيئي، والصناعي، والتربوي، والمنفعة العامة وسهولة التنفيذ، مع إمكانية التوسيع، وتقديم المشروع كحل حقيقي قابل للتطبيق وليس مجرد نموذج نظري.
وعبر أن التوجه نحو الابتكار يعد ضرورة لحماية البيئة و تحقيق التنمية المستدامة، ويرى أن المجال بحاجة إلى أفكار قابلة للتطبيق من أجل تغيير الواقع فضلا عن تحسين سلوكيات أفراد المجتمع تجاه البيئة. وعرج الشاب للحديث عن تحويل ريادة الأعمال الخضراء إلى فرصة ربح خصوصا لدى الشباب، حيث اعتبر بأن الربح لا يتعارض مع حماية البيئة إذا حُولت النفايات إلى منتج تطلبه السوق خصوصا في ظل انتشار الطباعة ثلاثية الأبعاد، وارتفاع ثمن المادة الاولية الخاصة بها.
وأفاد أن صاحب المشروع في هذه الحالة سيربح ماديا، ويؤثر إيجابيا كذلك، كما سيبني علامة تجارية خضراء تكسب ثقة العملاء مستقبلا، وهو ما يهدف من خلال فكرته، خصوصا في جانب تطوير الورشة وتحويلها إلى مشروع دائم ومستقر، وتوسيع دائرة الجمع، التدوير، ولما لا إنشاء فروع في ولايات الوطن، والسعي وراء بناء علاقات مع مؤسسات تابعة لقطاع البيئة والتنمية المستدامة، وتحفيز فرق عمل شبابية لاستحداث مشاريع مشابهة، وإطلاق مبادرة وحملات لنشر هذا الفكر وتغيير النظرة نحو النفايات وجعلها مصدر أمل لا خطر.
إ.ك
بعدما سجل العالم موجة حر ثالثة
منظمات دولية تطلق مبادرة “دعم حوكمة مخاطر الحرارة الشديدة”
أطلقت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، والشبكة العالمية لمعلومات الصحة والحرارة، موارد جديدة من خلال مبادرة مشتركة باسم "دعم حوكمة مخاطر الحرارة الشديدة"، لتعزيز التنسيق بشأن الحد من مخاطر الحرارة ومساعدة البلدان والمجتمعات على الاستعداد بشكل أفضل لارتفاع درجات الحرارة.
وتأتي المبادرة في الذكرى السنوية الأولى لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى العمل بشأن الحرارة الشديدة، والاستعداد للتعامل مع موجات الحر الشديدة التي تؤثر على العديد من البلدان من جميع أنحاء العالم، مما يؤكد أهمية التحذيرات المبكرة وخطط العمل المتعلقة بالصحة والحرارة.
الحرارة الشديدة تربك العالم
وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في بيان لها، إنه واعتبارا من تاريخ جويلية الجاري، تضرب الحرارة الشديدة أجزاء كبيرة من شمال إفريقيا والشرق الأوسط، كما شهدت منطقة البحر الأبيض المتوسط والبلقان موجة حر صيفية، أدت إلى إغلاق معالم سياحية شهيرة، وتعطيل الأنشطة الخارجية والزراعية والعمالية، وضربت الموجة أيضا أوروبا وأمريكا، كما كان لها تأثير كبير على الصحة، وتسببت في تأجيج حرائق الغابات التي أوقعت ضحايا وتسببت في تدهور جودة الهواء.
وعلى المستوى العالمي، كان الشهر الحالي ثالث أكثر شهور جويلية الماضية دفئا على الإطلاق، وفقا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة الأمريكية، وخدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للإتحاد الأوروبي.
وقال نائب الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية "كو باريت" "يطلق أحيانا على الحرارة الشديدة اسم القاتل الصامت، ولكن مع تطور العلوم والبيانات والتقنيات الحديثة، لم يعد الصمت عذرا، فكل حالة وفاة ناجمة عن الحرارة الشديدة يمكن الوقاية منها".
تعاون دولي لإنجاح العمل
وبحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإن المبادرة تسعى إلى تعزيز التعاون الدولي للحد من آثار ارتفاع درجات الحرارة، من خلال سياسات اقتصادية واجتماعية محددة وإجراءات ملموسة، بما في ذلك حملات التوعية العامة، بينما تم تحديد 4 مجالات أساسية للعمل، تتمثل في رعاية الفئات الضعيفة، حماية العمال، تعزيز مرونة الاقتصاديات والمجتمعات باستخدام البيانات، وكذا الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.
وتشمل الموارد الجديدة التي أطلقها تعاون المنظمات الدولية، مجموعة من الإجراءات المتخذة بشأن الحرارة عبر كيانات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بحيث يتم تحديد التحديات والفرص والإستراتيجيات اللازمة لتحسين التعاون والحوكمة لدعم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى العمل بشأن الحرارة الشديدة، وذلك من خلال مرحلتين.
تتمثل الأولى في تقييم خطط العمل المتعلقة بالحرارة وفق المعايير العالمية والممارسات الجديدة للشراكة، والثانية عبارة عن دراسة حالة في مجال مقاومة الحرارة، من خلال التركيز على كيفية مواجهة 12 دولة لواقع الحرارة الشديدة من خلال نماذج حوكمة وشراكات وابتكارات متنوعة.
واستجابة لذات الدعوة، تعمل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية على تعزيز أنظمة الإنذار المبكر بالحرارة، تماشيا مع مبادرة "الإنذارات المبكرة للجميع"، بحيث يهدف ذلك لضمان تلقي الفئات المعرضة للخطر تنبيهات في الوقت المناسب. كما تتضمن معلومات الإجراءات الوقائية الواجب اتخاذها ومصادر المساعدة، وتشير ذات المنظمة إلى أن التوسيع العالمي في أنظمة الإنذار الصحي بالحرارة على مستوى 57 دولة، يمكن من إنقاذ ما يقدر بـ98.314 حياة.
وتشير التقديرات النموذجية إلى تسجيل حوالي 489000 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة سنويا خلال الفترة الممتدة ما بين سنتي 2000 و2019، 45 بالمائة منها في آسيا، و36 بالمائة في أوروبا، علما أن التشخيص والإبلاغ الرسمي عن الأمراض والإصابات والوفيات المرتبطة بالحرارة عالميا، لا يتم التبليغ عنها بالشكل الكافي، كما تظهر معظم دراسات الإسناد وجود رابط واضح بين الحرارة الشديدة وتغير المناخ الناجم عن الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
إيمان زياري